• الموقع : مؤسسة التقى الثقافية .
        • القسم : الاجتهاد والتقليد(1432-1435هـ) .
              • الموضوع : 295- الجواب 2: (من رآني ) وليس (من اعتقد انه رآني) التنويم المغناطيسي يخلق الاحلام او يوهم النائم بها! الجواب3: لاتلازم بين الصوت والصورة .

295- الجواب 2: (من رآني ) وليس (من اعتقد انه رآني) التنويم المغناطيسي يخلق الاحلام او يوهم النائم بها! الجواب3: لاتلازم بين الصوت والصورة

 بسم الله الرحمن الرحيم 

 
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين سيما خليفة الله في الأرضين، واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم 
 
الجواب الثاني: (من رآني) وليس (من اعتقد انه رآني) 
 
الجواب الثاني: ان الرواية علقت الحكم (فقد رآني) على ثبوت الموضوع ووجوده الحقيقي لا على الاعتقاد بثبوته؛ وذلك لظهور ان الأسماء موضوعة لمسمياتها الثبوتية، لا المسميات المتوهَّمة أو المعتقَدة، ولو كان اعتقاد الرؤية هو الموضوع لكان يقال (من اعتقد انه رآني فقد رآني) وليس (من رآني فقد رآني). 
 
وبعبارة أخرى: ان تمامية الاستدلال بالرؤيا وحجيتها استناداً إلى هذا الرواية، على تقدير تمامية سندها ودلالتها، متوقفة على تحقق متعلَّق الموضوع، وذلك ليس بمعلوم. 
 
توضيح ذلك: ان الموضوع هو (من رآني) ومتعلَّقه هو رؤية النبي في المنام، فإذا كان النبي (صلى الله عليه وآله) هو المرئي حقاً تحقَّق (من رآني). 
 
لكن: لا يوجد دليل على ان هذا الشخص – النائم - قد رآه صلى الله عليه وآله في المنام، إذ لعله اعتقد اعتقاداً غير مطابق للواقع انه رآه أي انه توهم انه قد رآه وخيَّل إليه ذلك ولم يكن قد رآه في المنام حقيقة، فكما ان القوة المتخيلة قد تُصَوِّر للشخص انه رأى في اليقظة أشياء لكنه لم يرها بعينه ولم يسمعها بأذنه بل أوهمته المتخيلة انه قد رآها أو سمعها[1]، فكذلك قد تُوهِمُه القوة المتخيلة أنه رأى في المنام أشياء، مع انه لم يرها في منامه بل اخترعتها القوة المتخيلة، وإن شئت قلت: كذبت عليه في إيهامه انه رأى ولم يرَ. 
 
التنويم المغناطيسي يخلق الأحلام أو يوهم النائم بها! 
 
وجه آخر: انه لا ريب في تحقق التنويم المغناطيسي، والظاهر ان أكثر من يقولون انهم رأوا النبي أو الإمام قد أوصى بفلان أو غيره، لم يروا في المنام النبي أبداً (كي يقال: انه ينطبق عليهم من رآني في منامه، فقد رآني) بل انهم وقعوا تحت تأثير تنويم مغناطيسي وأُوهِموا انهم رأوه في المنام. 
 
توضيح ذلك: ان التنويم المغناطيسي هو حالة شبيهة بالنوم تخضع فيها إرادة المنوَّم إلى إرادة المنوِّم، فيمكنه ان يوجِد في ذهنه صوراً وأفكاراً ومعتقدات على خلاف إرادته الأولية؛ إذ يصبح المنوَّم مستجيباً للإيحاء أو أكثر استجابة له، كما قد يمر المنوَّم بدرجات مختلفة من الخيال والتفكير والوعي والإدراك والتذكر لكنها كلها تحت سيطرة المنوِّم ورقابته وتعديله وتدخلاته من حذف وقصقصة أو إضافة ودبلجة، كما يمكنه ان يأمره بفعل فيسلب بذلك إرادته واختياراته. 
 
كما ان بإمكان المنوِّم إيجاد تغييرات في وظائف الجسم وأجهزته: كالتغيرات في ضغط الدم وجريانه ودورته ودورانه ومدى الإحساس بالبرودة والحرارة، وقد يكون التنويم المغناطيسي مسكناً للألم أو موجباً للنشوة أو سبباً لتأجيج الحقد والقوة الغضبية أو القوة الشهوية أو شبه ذلك، كما يستخدم بعض الأطباء التنويم المغناطيسي كمخدِّر فيبقى المريض مسترخياً مرتاحاً طوال العملية الجراحية[2] كما ساعد التنويم المغناطيسي أحياناً في معالجة مرضى كانوا يشتكون من آلام المفاصل أو الجلطة الدماغية أو حتى السرطان. 
 
وقد يتم التنويم عن قرب وقد يكون عن بُعد، كما قد تستخدم فيه العقاقير القريبة التأثير أو البعيدة وقد لا تستخدم، وقد يتم التنويم بأوامر مباشرة وقد يكون بطريقة غير مباشرة. 
 
وهناك نوع من التنويم المغناطيسي يسمى بالتنويم الذاتي حيث يقوم المرء فيه بتنويم نفسه لأجل هندسة مرحلة لاحقة من عمره[3] أو لغير ذلك. 
 
وبذلك يتضح ان المنوَّم مغناطيسياً، قد يلقنه ويوحي إليه المنوِّم بانه ذهب إلى الصين، ولم يذهب، أو انه رأى في يقظته أو منامه كذا، ولم ير، لكنه يعتقد جازماً أنه قد رأى في يقظته أو منامه، ذلك. 
 
والظاهر ان الذين يدعون انهم رأوا في المنام رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهو يأمرهم بإتّباع فلان أو يُعرِّفه على انه وصيه، واقعون تحت تأثير تنويم مغناطيسي أوهمهم ذلك فاعتقدوا انهم رأوه صلى الله عليه وآله في المنام، لكنهم لم يروه أبداً، فلا ينطبق عليهم قوله صلى الله عليه وآله (من رآني في منامه...) إذ انه لم يره في منامه أبداً. 
 
3- لا تلازم بين الصوت والصورة 
 
الجواب الثالث: 
 
انه لا تلازم بين كونه صلى الله عليه وآله هو المرئي والمشاهَد وان من رآه فقد رآه، وبين كون الكلام الذي يسمعه الرائي ويتصوره صادراً من الرسول صلى الله عليه وآله، صادراً بالفعل منه أي كونه كلامه، ولو كان المراد ان كل كلام يسمعه النائم ويتصور انه من الرسول، من الرسول حقاً لكان ينبغي ان يقال (من رآني فقد رآني ومن سمع كلامي فقد سمع كلامي) أو (ومن اعتقد انه سمع كلامي فقد سمع كلامي). 
 
ويدل على ذلك ما نشهده بالعيان في عالم الحس من انه قد يرى الشخص شيئاً، وكان كما رآه، ثم يسمع صوتاً فيظنه منه مع انه ليس منه، بل من مجاوره أو يكون صدى ما يقابله أو غير ذلك، والأمر في المنام كذلك، بل هو أظهر وأجلى. 
 
ولذا قال السيد المرتضى (فقد نجد كثيراً من النيام يسمعون حديث من يتحدث بالقرب منهم، فيعتقدون انهم يرون ذلك الحديث في منامهم)[4] 
 
والحاصل: ان رؤياه قد تكون مركبة من مجموع رؤيته صلى الله عليه وآله وسماع صوتٍ من شخصٍ قريب منه، أو صوت تُحدِثُه القوة المتخيلة أو صوت يوجده الشيطان أو المنوِّم مغناطيسياً، فتربط مخيلة النائم بين الأمرين فيظن الصوت صادراً من الرسول (صلى الله عليه وآله). 
 
وصلى الله على محمد واله الطيبين الطاهرين 
 
 
[1]- وذلك كمن يرى السراب فيحسبه ماءاً مع انه لم يرَ إلا انكسار اشعة الشمس بنحو خاص، وكبعض من يتوهم انه رأى أشباحاً ولم يكن إلا انعكاساً للظل على جانب عينه بطريقة خاصة، أو من يتوهم انه سمع صوت الميت أو البعيد النائي أو غير ذلك. 
 
[2]- فمثلاً أجرى الطبيب الاسكتلندي جيمس اسدايل والذي كان يعمل في الهند، مائتي عملية جراحية بما فيها عمليات بتر الساق باستخدام التنويم المغناطيسي بديلاً عن المخدر. 
 
كما قام بعض الأطباء بمعالجة أسنان مريض منوم مغناطيسياً دون شعوره بالألم. 
 
[3]- وقد اختلف الخبراء والأطباء في تفسير ظاهرة التنويم المغناطيسي: 
 
فقد ذهب ايفان بافلوف الروسي إلى ان حالة التنويم تعتمد على أساس اختصار أو تثبيط الاندفاعات العصبية في الدماغ. 
 
وذهب جيمس بريد البريطاني إلى ان التنويم المغنطيسي مجرد استجابة جديدة وليس وليد قوى جبرية وانه ظاهرة يمكن دراستها علمياً. 
 
فيما ارتأى انطوان مسمر وهو طبيب نمساوي أن هناك سوائل مغنطيسية خفية في الجسم قد يساء توزيعها أو تقطع، واستخدم عصيات مغناطيسية وحوض استحمام لتوجيه السؤال تلك. 
 
فيما فسره آخرون بربطه بـ(جريان الطاقة) في الجسم، وهي النظرية التي ولّدت علم العلاج بالأبر الصينية الشهيرة 
 
ولا يهمنا تحقيق ذلك الآن. 
 
[4] - عنه مرآة العقول ج25 ص211.

  • المصدر : http://www.m-alshirazi.com/subject.php?id=555
  • تاريخ إضافة الموضوع : الثلاثاء 8 شعبان 1434هـ
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 02 / 23