• الموقع : مؤسسة التقى الثقافية .
        • القسم : الاجتهاد والتقليد(1432-1435هـ) .
              • الموضوع : 318- بحث مع الطلبة الكرام حول المسألتين السابقتين 23ـ علم الأديان والمذاهب الفقهي والأصولي والعرفي المقارن ، وذلك في دوائر: 1ـ تنقيح موضوعات الأحكام ، كـ(لارهبانية) ولا نجش ولا قياس .

318- بحث مع الطلبة الكرام حول المسألتين السابقتين 23ـ علم الأديان والمذاهب الفقهي والأصولي والعرفي المقارن ، وذلك في دوائر: 1ـ تنقيح موضوعات الأحكام ، كـ(لارهبانية) ولا نجش ولا قياس

 بسم الله الرحمن الرحيم 

 
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين سيما خليفة الله في الأرضين، واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم 
 
مبادئ الاستنباط 
 
22- مبادئ التشريع ومقاصد الشريعة 
 
1- ( كَيْ لا يَكُونَ دُولَةً )حكمة أو علة؟ 
 
قد يستدل على كونها علة – أو يؤيد – بـ: 
 
أ- ظهور التعليل في ذلك وانه الأصل فيه. 
 
ب- ويؤيد بمطابقته لفلسفة تفتيت (تقسيم وتوزيع الثروة) في الإسلام مما يظهر بملاحظة تشريع الخمس والزكاة والجزية والكفارات، وتقسيم الإرث على الطبقة الأولى فالثانية فالثالثة بعد ان كان بعض الأقوام زمن الإسلام يورثون الابن الأكبر فقط([1]) أو يورثون من عدا النساء أو الأقوياء من الأرحام فقط، وقد يؤيد ببعض الروايات المحددة للثروة بعشرة آلاف. 
 
ج- ان كون المال دولة من مصاديق الظلم والظلم علة للحكم بالحرمة. 
 
د- ومناسبات الحكم والموضوع (الأغنياء كموضوع وعدم كونه دُولة هو الحكم)([2]) 
 
لكن قد يستدل على كونها حكمة – أو يؤيد – بـ: 
 
أ- الأصل الثانوي في علل الشارع انها حِكَم، كما فصلناه سابقاً. 
 
ب- ان تفتيت الثروة مما لم يُوكِل الشارع أمره إلى الناس، بل حدده أصلاً وحدوداً كما في الأمثلة السابقة، فيبقى الباقي على الأصل (المستفاد من خلق لكم والناس مسلطون ومن حاز وغير ذلك). 
 
ثم ان أدلة تلك التحديدات أخص مطلقاً من ( كَيْ لا يَكُونَ دُولَةً) أو هي مفسرة لها([3]) حاكمة عليها فتأمل([4]). 
 
ج- والظلم قد يقال بانه في حرمان الفرد من سعيه وإعطاء حاصل جهده لغيره، إضافة إلى منافاة هذه الدعوى لإطلاق ( فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ) و( وَأَنْ لَيْسَ لِلإِنسَانِ إِلاَّ مَا سَعَى) ونظائرها. 
 
إضافة ان لذلك تالياً فاسداً هو لزوم القول بتوزيع حتى ثروات الطبقة المتوسطة([5])، وتالياً فاسداً آخر وهو: 
 
القول: بجعل ضرائب إضافية على الأموال كالجمارك والمكوس وغيرها؛ إذ لا تتكفل الزكاة والخمس ونظائرهما بإزالة (الدُّولة) مع ان الروايات الصحيحة الصريحة دلت على حرمة المكوس والجمارك ونظائرهما كما انه لا ريب في انه لا ضريبة على الإرث. 
 
والحاصل: ان الإجماع وظاهر الآيات والروايات بل وبناء العقلاء على عدم تحديد الثروة بغير الحقوق المالية أو الضرائب المعهودة، واما روايات العشرة آلاف فمعرض عنها إضافة إلى احتمال اخلاقيتها أو كونها قضية خارجية([6]). 
 
 
 
2- المدار على حجم النقد أو القوة الشرائية؟ 
 
فقد يقال: ان القول بحجم النقد يتضمن ظلماً على الدائن أو الزوجة الواجب إعطاء مهرها الغائب في حينه، فيما إذا انخفضت قيمة العملة وقد قال تعالى (لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ) بل هو أكل مال بالباطل (لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ) وان العقد قد صب على حجم النقد، فاللازم الوفاء به لا الأكثر منه. 
 
وقد يجاب: بان ذلك من التمسك بالعام في الشبهة المصداقية، إذ مورد النقاش والبحث هو ان إرجاع النقد بحجمه ظلم على الدائن، أو إرجاعه بقوته الشرائية ظلم على المديون؟ لأن المديون اقترض ألفاً فمن الظلم أن نجبره على إرجاع ألفين!([7]) 
 
إضافة إلى استلزام ايكال الأمر إلى القوة الشرائية، العسر والحرج لعدم انضباطها وترجرجها الدائم، بل في تشريع ذلك فتح الباب للاختلاف والنزاع الشديد إذ لا تنضبط القوة الشرائية زمناً كما لا تنضبط من حيث ما يشترى به المال من دار وطعام وأرض وغيرها.. لتخالفها صعوداً وهبوطاً. 
 
لا يقال: المقياس الذهب لكونه الغطاء للمال؟ 
 
إذ يقال: بعد اختلاف (الغطاء) في الاعراف([8]) وبعد كونه في حد ذاته متأرجحاً صعوداً وهبوطاً، فان ارتكاز الناس في البيع والشراء اما على حجم النقد أو على القوة الشرائية لما يتبادلون به الأموال عادة من أرض وألبسة وأطعمة وأجهزة وشبهها، وليس الذهب أو النفط أو اليد العاملة. 
 
هذا إضافة إلى الالتزام بمدارية القوة الشرائية يلزمه القول بمداريتها عند ارتفاع القيمة أيضاً([9]) 
 
وقد يقال بالتفصيل: وان هامش التغيير في القيمة لو كان قليلاً متعارفاً فالمدار حجم النقد وإلا فالقوة الشرائية([10]) 
 
وذلك لأن الظاهر ان مصب العقد هو على حجم النقد في حدود التأرجح المتعارف لقوته الشرائية، فيجعلونه هو ما وقع عليه العقد([11])، عكس الانخفاض والارتفاع غير الطبيعي وغير المتعارف لطارئ خارجي او داخلي، فان مصب العقد لا يعلم انه على حجم النقد حينئذٍ أيضاً، وحينئذٍ فان أحرز ان الارتكاز على القوة الشرائية فبها([12])، وإلا فلا مناص من التصالح كما ذهب إليه السيد الوالد وبعض أعلام العصر، ولو رفضا التصالح أجبرهما الحاكم الشرعي فانه المنصوب لحسم مادة النزاع.
 
23- علم الأديان الفقهي والأصولي المقارن 
 
لا يخفى ان علم المذاهب الكلامي والفقهي المقارن، علم قائم مطروق، وكذلك علم الأديان الكلامي المقارن، اما علم الأديان الفقهي والأصولي المقارن فلم أجد من بحثه. 
 
وعلى أية حال فان مسائل هذا العلم التي تعد من مبادئ الاستنباط، عديدة ويمكن تصنيفها في دوائر: 
 
الدائرة الأولى: موضوعات الأحكام، هي كافة الموضوعات المأخوذة في لسان الشارع مما كانت مستعملة وكانت ذات حكم حقيقي أو متوهم في الشرائع السابقة أو الأديان المعاصرة للإسلام أو العرف أو لدى المذاهب الأخرى، ومن ذلك الكثير مما وردت عليه لا النافية للجنس وذلك مثل: 
 
(لا رهبانية في الإسلام) فلا بد من معرفة حقيقة الرهبانية في الدين المسيحي والمراد منها فانها التي نفيت في الدين الإسلامي. 
 
و(لا مناجشة) فلا بد من معرفة معناه العرفي ليُعرف المنفي. 
 
و(لا قياس) فلا بد من معرفة معنى القياس لدى العامة، فانه المنفي، ثم ما هو فرقه عن الاستحسان والمصالح المرسلة وغيرها لديهم؟ وهل يشملها الردع عن القياس أو لا بد من أدلة أخرى؟. وللحديث صلة. 
 
وصلى الله على محمد وآله الطاهرين 
 
 
([1]) ولذلك ولدت الاقطاعية في الكثير من الدول حيث كانت الثروة كلها أو معظمها تنتقل إلى الولد الأكبر. 
 
([2]) ذكر هذين الوجهين بعض الطلاب الكرام. 
 
([3]) أي فسرت ( كَيْ لا يَكُونَ دُولَةً) بما حدده الشارع من أنواع التقسيم (من خمس وارث) لا غير أي انها مصدَقَت اللادُولة في الخمس والزكاة وشبهها فقط. 
 
([4]) إذ قد يقال: أدلة تلك التحديدات (الخمس والزكاة...) لا تنفي حرمة (الدُّولة) في غيرها لأنهما مثبتان، وفيه: ان ظاهر أدلتها الحصر ونفي ما سواها، كما ان على النفي الفتوى والإجماع والسيرة. فتأمل 
 
([5]) فان أكثر ثروات البلد هي بأيدي الطبقة المتوسطة من الأطباء والمحامين والمهندسين.. الخ. فإذا كان الملاك (الدُّولة) كان (الأغنياء) هم المورد لا غير، فوجب تقسيم فائض ما يحتاجه الأطباء والصحفيون والمحامون و... على عامة الفقراء! 
 
([6]) لا يخفى ان البحث عن هذه المسألة والمسألة الآتية بحاجة إلى بسط وأخذ ورد واستعراض أكثر وأوسع للأدلة لكننا اكتفينا بإشارات سريعة فقط إذ ليس المقصود إلا ذكر الشاهد على مبحث المقاصد وليس تنقيح المسألتين بكافة أبعادهما فانه بحاجة إلى دراسة مستوعبة. 
 
([7]) أو فقل ان ذلك من موارد تعارض الظلمين. 
 
([8]) إذ قد يكون الغطاء الذهب، أو النفط أو اليد العاملة، أو سلّة مكونة من كل ذلك وغيرها أيضاً. 
 
([9]) فمن اقترض ألفاً فارتفعت القوة الشرائية للعملة 100% فعليه أن يرجع 500 دينار فقط، على هذا! 
 
([10]) أشار إلى هذا التفصيل بعض الطلاب الكرام أيضاً. 
 
([11]) أي (الحجم) يرونه لجامع بين تلك الحدود وانه الملاك. 
 
([12]) اي هي الملاك.

  • المصدر : http://www.m-alshirazi.com/subject.php?id=578
  • تاريخ إضافة الموضوع : الثلاثاء 16 ذي الحجة 1434هـ
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 02 / 23