بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين سيما خليفة الله في الأرضين، واللعنة الدائمة الأبدية على أعدائهم أجمعين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
مبادئ الاستنباط
محاور البحث ومسائله
المحور الأول: يتعلق بتنقيح موضوع المسالة ومتعلَّقها
ومن مسائله:
هل الاجتهاد (أو التفقه) في مبادئ الاستنباط مقوِّم لأصل الاجتهاد (والتفقه)؟ أو هو مقوم لإطلاقه؟ أو هو من ملاكات الأعلمية ومن مقوماتها؟ أو انه شرط كمال وليس دخيلاً في الاجتهاد بوجه؟
فالاحتمالات أربعة:
أولها: مقومية التفقه في مبادئ الاستنباط لأصل الاجتهاد. وهنا احتمالان:
أ- توقف تحقق الاجتهاد في أصول الفقه وفروعه، على امتلاك الفقيه ملكة الاجتهاد في مبادئ الاستبناط، ففاقدها ليس بمجتهد.
ب- توقف تحققه على فعلية اجتهاده في مبادئ الاستنباط، فلا يكفي صِرف امتلاكه للملكة.
ثانيها: مقومّيته لإطلاق الاجتهاد، بمعنى ان فاقده – بإحدى المحتملين السابقين: ملكةً أو فعليةً – متجزئ وإن كان مجتهداً، فكما يتحقق التجزؤ في الاجتهاد أفقياً وعرضياً، يتحقق طولياً.
ثالثها: مقوميته للأعلمية، فالأعلم هو المجتهد الأعلم في مبادئ الاستنباط أيضاً إضافة إلى أعلميته في (الفقه والأصول)، وذلك بناءاً على بعض المباني في تعريف الأعلمية مثل كون ملاك الأعلمية: الا عرفية بالمدارك والقواعد وأدلة المسائل، فيُعمَّم للطوليِّ منها، دون ما لو عرفناها بالأدق أو الأجود فهماً والذي يمتلك ذوقاً عرفياً أسلم من الآخرين أو الأكثر إطلاعاً على الأشباه والنظائر. فتأمل([1])
رابعها: كونه – أي الاجتهاد في مبادئ الاستنباط – صفة كمال، من غير مدخلية له في الاجتهاد ولا في إطلاقه ولا في الأعلمية([2]).
ثم انه بناء على كونه مجتهداً وإن لم يمتلك الملكة في مبادئ الاستنباط، أو فيما إذا امتلكها لكنه لم يُعمِلها، فهل الرجوع إليه فيما استنبطه مما تفرّع على ما قلّد فيه، رجوع له؟ أم هو رجوع لمن اعتمد عليه نظراً لأن النتيجة تتبع أخس المقدمات؟ أم هو رجوع لكليهما؟ بعبارة أخرى: هل الرجوع إليه آلي أو استقلالي أو بالتشريك؟ موضوعي أو طريقي أو بالتشريك؟
وتظهر الثمرة في اعتبار شرائط مرجع التقليد في من اعتمد عليه ككونه حياً ذكراً حراً عادلاً؟ أو فيه؟ أو فيهما معاً على الاحتمالات الثلاثة!
ثم انه بناءاً على كونه مقلِّداً، لكونه مقلداً في المبادئ، فهل يجوز تقليده بناءاً على عَوْده لتقليد المعتمد عليه وكونه آلياً طريقياً أم لا؟
المحور الثاني: ما يتعلق بالمجتهد في الفروع المقلِّد في المبادئ
ومن مسائله:
هل يصح له التقليد في مبادئ الاستنباط ثم يبني على مجموع ما قلد وما اجتهد([3]) في عمله؟ وهل لغيره تقليده في ذلك؟([4]) وهل يصح له الاعتقاد بذلك؟ وهل يجوز له الاخبار عن ذلك أو نسبته إلى الشارع؟
فهل له مثلاً في توثيق المعلى بن خنيس أو المفضل بن عمر أن يأخذ حاصل تحقيقات رجالي آخر فيؤمن بحسن حاله أو بانحرافه وغلوه مثلاً ويخبر بذلك أو ينسب توثيقه وكونه من سادات العارفين أو العكس إلى المعصوم نظراً لاعتماد من اعتمد عليه على استظهارٍ من رواية وتوثيقه لسندها أو تضعيفه؟ وكذلك الأمر في اعتقاده (العصمة) وغيرها.
وهل له تفسير القرآن أو بعض آياته اعتماداً على ذلك الغير؟ كتفسيره (الأحد) بانه الذي لا أجزاء له قبال الواحد الذي لا ثاني له وان الأحد واحد بالبداهة([5]) وليس كل واحد أحداً؟([6])
وقد يفصل بين أصول الدين وغيرها من مبادئ الاستنباط بعدم الجواز فيها دونها كما قد يفصّل بين ما يتعلق بالدين بشكل عام بما يشمل الكلام والتفسير وفقه الحديث ونظائر ذلك، دون غيره كالمنطق والنحو والصرف والبلاغة
المحور الثالث: ما يتعلق بالعامي
ومن مسائله:
هل للعامي ان يقلِّد المجتهد في نفس مبادئ الاستنباط؟ كمسألة رجالية أو درائية أو تاريخية أو بلاغية أو غيرها؟ أو هو رجوع له بما هو أهل خبرة فقط؟([7])
وهل له تقليده فيما فرّعه عليه من الأحكام أي في المسألة الفقهية؟ وللحديث صلة
وصلى الله على محمد وآله الطاهرين
([1]) إذ لبعض المبادئ المدخلية في أجودية الفهم والأدقية.
([2]) فهو ككونه طبيباً أو محامياً أو ما أشبه مما لا مدخلية له في الاستنباط.
([3]) قلد في المبادئ – مبادئ الاستنباط – واجتهد في الفروع – الفرع الفقهي-
([4]) إذ يمكن التفكيك بينهما فانه يجوز للفاسق المجتهد أن يعمل برأيه، وكذا العبد والمرأة، لكن لا يجوز رجوع الغير إليه أو إليها.
([5]) إذ ما لا جزء له، أي البسيط الحقيقي من كل الجهات لا يتثنى ولا يتكرر
([6]) وهناك تفسيرات أخرى لـ(احد) كـ(احدي النعت) وغير ذلك.
([7]) مثلاً (عرس القاسم عليه السلام)، هل للعامي ان يرجع فيه إلى الفقيه بما هو فقيه أو بما هو أهل خبرة؟
فعلى الأول: قد يقال انه يشمله (الراد عليهم الراد علينا) إذ يكون صادراً مِن مَن نصبه الشارع حجة علينا بما هو شارع، دون الثاني، كما انه على الأول يشترط جامعية الفقيه لشرائط التقليد التسعة – فتوى او احتياطاً – دون الثاني
وقد يفرّع على ثبوته: ان ذلك يعد دليلاً على استحباب تزويج غير البالغ، بناءاً على كون (القاسم) في الثانية أو الثالثة عشرة من العمر وبناء على استصحاب عدم بلوغه وعدم كونه أصلاً مثبتاً أو بناء على حجية مثبتات الأصول. فتأمل |