• الموقع : مؤسسة التقى الثقافية .
        • القسم : الاجتهاد والتقليد(1432-1435هـ) .
              • الموضوع : 353- تتمة البحث عن ( دلالة الإشارة ) وشمولها للدليل الواحد ــ ومنها دلالة الامر بالشيء على النهي عن ضده وغيره ـ انطباق بعض تفسيرات المعاريض على ( دلالة الاشارة ) 4ـ دلالة الاقتضاء وتعريفها وانواعها وكيفية انطباقها على قوله تعالى (لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ ) وكونها من ( المعاريض ) .

353- تتمة البحث عن ( دلالة الإشارة ) وشمولها للدليل الواحد ــ ومنها دلالة الامر بالشيء على النهي عن ضده وغيره ـ انطباق بعض تفسيرات المعاريض على ( دلالة الاشارة ) 4ـ دلالة الاقتضاء وتعريفها وانواعها وكيفية انطباقها على قوله تعالى (لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ ) وكونها من ( المعاريض )

 بسم الله الرحمن الرحيم 

 
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين سيما خليفة الله في الأرضين، واللعنة الدائمة الأبدية على أعدائهم أجمعين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم 
 
مبادئ الاستنباط 
 
دلالة الإشارة 
 
ثم ان دلالة الإشارة لا تقتصر على المعاني غير المقصودة – أو التي يظهر بدوا انها غير مقصوده – التي تلزم الكلام، فيما إذا ضم دليلان بعضهما إلى بعض كما سبق من مثال آيتي أدنى الحمل، بل انها تشمل لازم الدليل الواحد، غير المقصود أو الذي لا يظهر بدواً انه مقصود، وذلك مثل دلالة الأمر بالشيء على النهي عن ضده العام أو الخاص على القول به، وكدلالة إيجاب ذي المقدمة على إيجاب المقدمة عقلاً أو وشرعاً أيضاً، فان ذلك ونظائره من مصاديق دلالة الإشارة فانها لوازم ثبوتية للأمر بالشيء سواءً إلتفت إليها الآمر وقصدها أم لا، وهذا النوع من أنواع دلالة الإشارة هو الذي استفرد بحيَّز واسع من مباحث علم الأصول كسائر مباحث الاستلزامات، دون النوع الأول من أنواعها([1]).
 
انطباق جملة من تعاريف المعاريض على دلالة الإشارة 
 
واما كون دلالة الإشارة من مصاديق معاريض الكلام فانه منوط بتفسير المعاريض أو تعريفها([2]) 
 
فان فسرت بـ: 
 
1- (ما لم يبيَّن من المعاني) فمشمولةٌ، فانها غير مبينة عادة بل يقود إليها التدبر والتأمل. 
 
2- وكذا إن فسرت (ما هو في شق وناحية) فان النهي عن الضد مثلاً في شق وناحية من الأمر بالشيء. 
 
3- وكذا تفسيرها بـ(الذلول الصعب) فانه صعب في بادئ النظر – ذلول بعد تحقيق النظر. 
 
4- أو بـ(التورية) إذ قد وُرّي بالأمر بالشيء عن النهي عن ضده. 
 
5- أو بـ(ما سار حياله وحاذاه). 
 
6- أو (فحواه ومغزاه)([3]). 
 
دون ما لو فسر بـ(ما سد الآفاق) و(ما يعرض الكلام من حاكم ووارد ومخصص...) 
 
واما (يشبه بعضه بعضاً) فمنطبق على ما يفيد وجوب المقدمة مثلاً دون ما يفيد حرمة الضد، ان حملنا الشَّبَه على المعنى دون اللفظ. 
 
4- من المعاريض: دلالة الاقتضاء 
 
ومن المعاريض (دلالة الاقتضاء) في الجملة 
 
ودلالة الاقتضاء تعني: ما تتوقف([4]) صحة الكلام أو صدقه عقلاً أو شرعاً عليه: 
 
فتوقف الصحة كـ(وَاسْأَلْ الْقَرْيَةَ) إذ لولا تقدير (أهل) أو ما أشبه لما صح الكلام. 
 
اما توقف صدق الكلام عقلاً على أمر فكتوقف صدق (رفع عن أمتي تسع: الخطأ والنسيان و...) على تقدير (الحكم والحرمة) أو تقدير (المؤاخذة) ضرورة عدم صحة دعوى رفعها تكويناً وخارجاً عن أمته ( صل الله عليه وآله وسلم ) إذ الوجدان شاهد بالعدم. 
 
وكذلك (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ) المتوقفة صحته عقلاً على تقدير (العقد)([5]) أو (المباشرة) لوضوح امتناع تعلق التحريم أو الإيجاب بالأعيان والذات والجواهر بل انها تتعلق بالأفعال فقط. 
 
واما توقف صدق الكلام شرعاً على شيء فكتوقف صدق (قِف عني كتابك) على تمليكه له أولاً بهبة أو بيع أو صلح أو ما أشبه ثم كونه وكيلاً عنه في بيعه إذ لا بيع إلا في ملك، والتوقف شرعي كما لا يخفى إذ لا يمتنع عقلاً ان يقف عن غيره ما هو ملكه. 
 
(لا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ) وبرهان السبر والتقسيم، وكونه من المعاريض 
 
وفي المقام: فان من مصاديق دلالة الاقتضاء التي هي من مفردات (المعاريض) أيضاً قوله تعالى (لا ينال عهدي الظالمين) استدلالاً بها على عدم صحة خلافة أبي بكر وعمر للرسول ( صل الله عليه وآله وسلم ) احتجاجاً منا على العامة بهذه الآية مع إقرارهم بانهما كانا مشركين قبل إسلامهما([6]) 
 
وذلك استناداً إلى برهان السبر والتقسيم الذي هو من المعاريض أيضاً على حسب عدد من تفسيراته كما سيأتي. 
 
توضيحه: ان الصور المحتملة في الآية الشريفة أربعة: 
 
1- ان يكون مَن طلب إبراهيم ( عليه السلام ) مِن الله تعالى ان يمنحه عهد الإمامة، ظالماً سابقاً ولاحقاً أي حين منحه الإمامة. 
 
2- ان يكون عادلاً سابقاً ظالماً لاحقاً، بان يُقلَّد الإمامة حين ظلمه. 
 
3- ان يكون عادلاً سابقاً ولاحقاً 
 
4- ان يكون ظالماً سابقاً عادلاً لاحقاً 
 
أما الصورتان الأوليان: فلا يعقل ان يكون إبراهيم قد طلبهما من الله تعالى بالبداهة إذ كيف يعقل ان يطلب من الله ان يمنح الإمامة لبعض ذريته وهو ظالم مشرك([7]) الآن سواء أكان سابقاً ظالماً مشركاً([8]) أم كان عادلاً مؤمناً؟ 
 
أما الصورة الثالثة: فغير مراده قطعاً لأنها خارج منطوق قوله تعالى (لا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ) إذ كيف يطلب إبراهيم من الله أن يمنح الإمامة للعدول الصالحين من ذريته فيجيبه تعالى بانه لا يمنحها الظالمين؟ وبعبارة أخرى ان الصورة الثالثة هي التي يمنحها الله تعالى عهده بالإمامة فهي بالضد من الجواب. 
 
فانحصر الأمر في الصورة الرابعة، وبها يتم المطلوب إذ حتى لو فرض ان الأوَّلين كانا عدولاً لاحقاً([9]) فانهما لا يمكن ان يكونا خليفة لشركهما وظلمهما السابق باعتراف الخصم، وهذه هي الصورة الرابعة. 
 
انطباق جملة من تفسيرات (المعاريض) على دلالة الاقتضاء 
 
وهذا كله هو ما ذكرناه من دلالة الاقتضاء فان توقُّف صحةِ الكلام عقلاً على برهان السبر والتقسيم هو مصداق (المعاريض) على جملة من تعاريفهما وذلك لانه ينطبق عليه: 
 
1- (ما يُعرض الكلام عليه من قواعد عقلية أو نقلية = مبادئ الاستنباط: المنطق وقواعد الأصول والقواعد الفقهية والدرائية... الخ)، وهنا فاننا عرضنا الآية على قاعدة عقلية هي السبر والتقسيم وبها انحصرت دلالتها في الصورة الرابعة وإلا لما صحت 
 
2- (ما لم يبين) فانه غير مبين في بادئ النظر. 
 
3- (الذلول – الصعب) فانه كذلك إذ هو صعب في بادئ النظر ذلول بعد التدبر 
 
4- (فحوى الكلام ومغزاه) 
 
5- (التورية) إذ ورّي بـ(لا ينال عهدي الظالمين) المحتمل لثلاثة من الصور، عن خصوص الصورة الرابعة. 
 
ولكن لا يصدق عليه: (النظير) 
 
ولا: (يشبه بعضه بعضاً)([10]) 
 
ولا: (ما سد الأفق) 
 
ولا: (ما قابله)([11]) 
 
ولا: (ما يعرض الكلام من حاكم أو وارد... الخ) وللحديث صلة 
 
وصلى الله على محمد وآله الطاهرين 
 
 
([1]) وهو لازم مجموع الكلامين أو الكلمات، وهو مما يحتاج لدقة أكثر وإحاطة أوسع. 
 
([2]) التفسير كشف القناع ولو بتبديل لفظ بلفظ أوضح، والتعريف يكون بالحد أو بالرسم، وكلام اللغويين – حسب المستظهر – يمكن ان يكون من كلا القسمين لا خصوص الأول. فتدبر 
 
([3]) على تأمل في بعضها فتأمل. 
 
([4]) الأدق أن نقول: دلالة توقف صحة الكلام أو صدقه على أمر، عليه. 
 
([5]) والظاهر حرمة أصل إجراء العقد على الأم وإن لم يستتبعه شيء كما أشار إليه السيد الوالد في (الفقه / المحرمات). 
 
([6]) من غير توقف احتجاجنا عليهم على إثبات ان إسلامهما كان ظاهرياً فقط، بل يكفي إقرارهم بسجودهما للصنم قبل الإسلام وإن ادعوا انهما اسلما حقيقة فيما بعد، وذلك لأن إقرارهم بشركهما ولو للحظة قديماً كافٍ في إلزامهم ببطلان خلافتهما لقوله تعالى (لا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ) بالبيان الآتي في المتن. 
 
([7]) إذ (ان الظلم لشرك عظيم). 
 
([8]) وهي الصورة الأولى. 
 
([9]) أي في الزمن الذي يراد منحهما الإمامة – أي بعد شهادة الرسول ( صل الله عليه وآله وسلم ). 
 
([10]) إلا ان يقال بشبه بعض الصور ببعض. 
 
([11]) وإن أمكن بوجهٍ.

  • المصدر : http://www.m-alshirazi.com/subject.php?id=613
  • تاريخ إضافة الموضوع : الأحد 24 ربيع الأول 1435هـ
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 02 / 23