• الموقع : مؤسسة التقى الثقافية .
        • القسم : الاجتهاد والتقليد(1432-1435هـ) .
              • الموضوع : 354- 5ـ دلالة التنبيه وانواعها واهميتها الفائقة أ ـ ان يفيد اقتران امرٍ بأمرٍ عليته له ب ـ او يفيد اصل حدوثه ج ـ او وجهه د ـ او مطبقاً جديداً وامثلة فقهية عديدة هامة .

354- 5ـ دلالة التنبيه وانواعها واهميتها الفائقة أ ـ ان يفيد اقتران امرٍ بأمرٍ عليته له ب ـ او يفيد اصل حدوثه ج ـ او وجهه د ـ او مطبقاً جديداً وامثلة فقهية عديدة هامة

 بسم الله الرحمن الرحيم 

 
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين سيما خليفة الله في الأرضين، واللعنة الدائمة الأبدية على أعدائهم أجمعين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم 
 
مبادئ الاستنباط 
 
5- من المعاريض: دلالة التنبيه 
 
كما ان دلالة التنبيه – وقد تسمى بدلالة الإيماء – هي من أقسام (معاريض الكلام) 
 
وقد عرف بعضهم دلالة التنبيه بـ(ان يفيد اقترانُ شيءٍ بشيء عِلّيته له) 
 
أقول: هذا التعريف غير مطرد ولا منعكس، والأصح ان تعرف دلالة التنبيه بـ(ان يفيد اقتران شيء بشيء عِلّيته له أو أصل حدوثه أو وجهَهُ أو مطلباً آخر جديداً، على ان تكون الدلالة مقصودة للمتكلم بحسب المتفاهم عرفاً من اللفظ)([1]). 
 
فاخرجنا بقيد (على ان تكون...) دلالة الإشارة، فانها يشترط فيها ان تكون غير مقصودة أو ان لا يظهر من حال الشخص واللفظ انها مقصودة، وهذا هو الفارق بين هاتين الدلالتين([2]). 
 
أنواع دلالة التنبيه 
 
كما ادخلنا بالشقوق الثلاثة الأخيرة، سائر أصناف دلالة التنبيه. وتوضيح الصور الأربعة: 
 
أ- ان يفيد الاقتران العِلّية 
 
1- ان يفيد اقتران شيء بشيء عِلّيته له وذلك مثل: 
 
أ- قوله (اعد الصلاة) بعد السؤال عن (شككت بين الواحدة والاثنتين) فانه يفيد علِّية الشك لبطلان الصلاة. 
 
ب- ما لو ورد السؤال عن جواز بيع الرطب بالتمر فقال الإمام ( عليه السلام ) ((أينقص إذا جف))؟ قال السائل: نعم فقال ((لا)) فانه يفيد ان عِلّة المنع هي الجفاف([3]). 
 
ج- قوله (لا يقضي القاضي وهو غضبان) إذ يفيد عِلّية الغضب لنهيه عن القضاء. 
 
د- قوله (كفّر) بعد قول السائل (واقعت أهلي في شهر رمضان) فانه يفيد عِلّية المواقعة لوجوب دفع الكفارة وثبوتها. 
 
هـ- وفي العرف لو قال جاء زيد فقال ظهر الفساد في البر والبحر، أفاد عِلِّية مجيئه، بنظره، للفساد. 
 
ب- ان يفيد الاقترانُ أصلَ حدوث أمر 
 
2- ان يفيد اقتران شيء بشيء أصل حدوث أمر آخر، كما لو أخبر عنه انه كذب في قضية، ثم اخبر عن كِذبةٍ أخرى فثالثة... فان ذلك الاقتران – أي اقتران الإخبارات – يفيد انه فاسق، وحينئذٍ فان كان قاصداً لذلك من كلامه، بحيث يفهمه العرف عادة، فهو دلالة التنبيه وإلا فدلالة الإشارة. 
 
ج- ان يفيد الاقترانُ وجهَهُ 
 
3- ان يفيد ذلك وجهَهُ، وذلك كاقتران الأمر بكونه عقيب الحظر في (إذا حللتم فاصطادوا) فانه يفيد الإباحة. 
 
ومنه يظهر انه لا ينحصر الاقتران باقتران لفظٍ بلفظ، بل هو أعم من اقتران لفظ بحالةٍ أو سياق أو مطلق القرائن الحالية والمقامية. 
 
د- ان يفيد الاقتران مطلباً جديداً 
 
4- ان يفيد مطلباً آخر جديداً، وذلك له أصناف عديدة يطول بذكرها المقام ومنها: إفادة ضم حديثين: الإجزاء التخييري أو الوجوب التخييري. 
 
فمن الأول: ضم روايات ان الكر ألف ومائتا رطل بالعراقي إلى روايات ان الكر ثلاثة أشبار مضروبة في ثلاثة ثم في ثلاثة (أو ثلاثة ونصف مضروبة كذلك) فان ذلك يفيد الاجزاء التخييري وإن أيا منهما تحقق فهو كافٍ في الاعتصام. 
 
وبذلك يندفع توهم التضارب بين التحديدين لأن ذلك الحجم (الأشبار مضروبة في الأشبار) لا يتوافق مع ذلك الوزن، بل يزيد عليه وينقص حسب ثقل المياه وخفتها لكثرة الأملاح والمعادن وغيرها فيها أو قِلَّتها. 
 
والسبب ان الشارع أراد التيسير على المكلف بتحقق أي منهما([4]) 
 
ونظيره: تخيير الشارع دية القتل بين مائة من الإبل ومائتين من البقر وألف شاة وألف دينار وعشرة آلاف درهم ومائتا حلة. فإن قِيمَ أكثرها قد لا تتطابق([5]). 
 
والحاصل: ان ما سبق كله من (المعاريض) بتفسيرها بـ(الإشارات الخفية) كما فسرها بها بعض الفقهاء، وبحسب عدد من التفاسير التي أسلفناها([6]) فراجع. 
 
فائدة: تعدد مفاد الجملة الواحدة بتعدد سياقاتها 
 
حيث ان المعاريض، هي الحجج الخفية، أو الدلالات الخفية، لذا كان لا بد لمعرفتها من معرفة جملة أمور: منها العهد الذهني بين الطرفين أو أحدهما، ومنها الظروف المكتنفة بالطرفين ومنها شخصيتهما وخصوصياتهما وغير ذلك. 
 
فمثلاً لو قال الأب لابنه الطالب في الثانوية (اقتربت نهاية السنة) أفاد ذلك – بدلالة التنبيه -: أي إستعدَّ للامتحانات. 
 
ولو قال الجملة هذه بنفسها زميل هذا الطالب في الموكب والهيئة أفاد – بدلالة التنبيه -: أي استعد لموسم محرم والعزاء ونصب الرايات السوداء.. الخ مع ان الجملة واحدة في الصورتين، إلا ان جهة الكلام وما يفيده عَرَضاً وبمعاريضه يختلف، بملاحظة شخصية الطرفين وعهدهما الذهني وما جرت عليه السيرة في السنين السابقة. 
 
وكذلك الحال في الروايات فانه لا بد من معرفة كل ذلك لفهم المغزى المراد من (المعاريض). 
 
ولا يتوهم ان ذلك يفيد (تاريخية فهم الأحكام)([7]) إذ انهم يريدون تاريخية فهم حتى النصوص([8]) والظواهر ومختلف أنواع المنطوق والمفهوم، لكننا حصرنا التاريخية هنا في (المعاريض) وفي بعض أنواعها فقط([9]).. وسيتضح ذلك لاحقاً أكثر بإذن الله تعالى. وللحديث صلة 
 
وصلى الله على محمد وآله الطاهرين 
 
 
([1]) ولا يخفى ان مسلكنا العام، كما سبق بيانه في العام الماضي، ان الأعم الأغلب من العلل المذكورة في لسان الشارع هي حِكَم، وعبَّرنا ههنا بالعلية جريا على تعريف القوم، والأصح: ان يفيد الاقترانُ وجه الحكمة أو محتمل العلية... الخ. 
 
([2]) وعليه: فلو أراد المتكلم إفادة ان أدنى مدة الحمل هي ستة أشهر، فاستدل بالآيتين فانها تندرج في دلالة التنبيه، وذلك كما صنع أمير المؤمنين، واما لو أراد بـ(وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً..) بيان تعب الأم ونصبها وبـ(يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ...) بيان أقصى مدة الحمل فقط، فالدلالة على أدنى مدة الحمل تكون من دلالة الإشارة. 
 
([3]) وقد افتى بعض الفقهاء بالكراهة أي كراهة ان يبيع الرطب بالتمر إذا كانا متساوين وزنا واحتاط بعض وأشكل بعض (راجع مثلاً وسيلة النجاة للسيد الاصفهاني بحاشية السيد الكبايكاني بحث القول في الربا م5) واما مع التفاضل فانه ربا لا يجوز. 
 
([4]) كما يحتمل ان يكون له وجه واقعي علمي، إضافة لمصلحة التيسير، كأن يكون الأخف ذا خواص أقل فاحتاج إلى حجم أكبر، كي يصلح للاعتصام. وجعل الـ1200 رطل حتى للأثقل تنسيقاً للمقاييس وضرباً للقانون مثلاً رغم كفاية الأقل فرضاً. فتأمل 
 
([5]) إذ قد تكون قيمة مائة إبل أقل أو أكثر من قيمة الألف شاة وقد تكون قيمتها أقل أو أكثر من الألف دينار – حسب العرض والطلب في الأسواق.

  • المصدر : http://www.m-alshirazi.com/subject.php?id=614
  • تاريخ إضافة الموضوع : الاثنين 25 ربيع الأول 1435هـ
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 02 / 23