• الموقع : مؤسسة التقى الثقافية .
        • القسم : الاجتهاد والتقليد(1432-1435هـ) .
              • الموضوع : 424- الجواب عن الدليل السابع : الاجماع على جواز التقليد في اصول الفقه : اولاً : اخص من المدعى ثانياً : لا اجماع ثالثاً : الاجماع اما حدسي او تقريري او لطفي او كشفي او دخولي او تشرفي ، وتفصيل النتيجة على ضوئها .

424- الجواب عن الدليل السابع : الاجماع على جواز التقليد في اصول الفقه : اولاً : اخص من المدعى ثانياً : لا اجماع ثالثاً : الاجماع اما حدسي او تقريري او لطفي او كشفي او دخولي او تشرفي ، وتفصيل النتيجة على ضوئها

بسم الله الرحمن الرحيم 
 
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين سيما خليفة الله في الأرضين، واللعنة الدائمة الأبدية على أعدائهم أجمعين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم 
 
مبادئ الاستنباط 
 
مناقشة الدليل السابع 
 
سبق (الدليل السابع: الاجماع المدعى، فقد نقل عن صاحب العروة انه ادعى الاجماع في كتابه في التعادل والتراجيح (كتاب التعارض)، على عدم جواز التقليد في مسائل اصول الفقه)([1]). 
 
أربعة أجوبة صغروية وكبروية عن دعوى الإجماع 
 
ويرد عليه: 
 
أولاً: بعد توجيه إدعائه للإجماع، مع ان هذه المسألة لم يطرحها الكثيرون، بان مراده الإجماع السكوتي إذ يُحدس من فتوى جمع كبير بالحرمة مع سكوت الباقين قبولهم ورضاهم، انه يرد عليه: 
 
ان السكوت لا يكون كاشفاً عن القبول والرضا والفتوى إلا مع توفر شروط ليست محرزة بأجمعها في المقام، ومن الشروط كون المسألة محل الابتلاء([2]) ومنها: إلتفات الفقيه للمسألة([3]) ومنها: عدم وجود مزاحم أهم أو مانع يشغله أو يمنعه عن التصدي للاجتهاد واستنباط الحكم الشرعي منها، ومنها: تشخيصه لزوم ان يتصدى لإبداء النظر فيها، ومنها إذعانه بان سكوته يعد تقريراً ورضى. 
 
ثانياً: انه لا إجماع، بل هنالك العديد من الفقهاء الذين صرحوا بجواز التقليد في مسائل أصول الفقه ومنهم: المحقق العراقي إذ يقول: 
 
(لا فرق في مرجعية العالم للجاهل بالأحكام الشرعية بين الفرعية والأصولية بمقتضى الارتكاز). 
 
ومنهم السيد محمد رضا الكلبايكاني إذ يقول: (الفرق بينها وبين الفرعية مشكل). 
 
ومنهم السيد الوالد إذ يقول: (لا يبعد جريان التقليد فيها([4]) وفيما ذكر بعدها). 
 
ومنهم السيد الروحاني إذ قال: (الأظهر جواز التقليد فيها وفي الموضوعات المستنبطة، عرفيّة كانت أم شرعية؛ لرجوعه إلى التقليد في الحكم). 
 
كما ذهب العديد منهم إلى التفصيل([5]) 
 
ثالثاً: ان هذا الدليل أخص من المدعى إذ هو خاص بأصول الفقه، فلا ينهض دليلاً على حرمة التقليد في سائر مبادئ الاستنباط. 
 
رابعاً: ان الإجماع محتمل الاستناد بل معلوم الاستناد إلى الأدلة التي ذكروها([6]) والاجماع المستند أو معلوم الاستناد ليس بحجة. 
 
التفصيل بين أنواع الإجماع وكونه حجة في بعضها فقط 
 
لكن المستظهر هو التفصيل في حجية الإجماع المستند أو محتمل الاستناد، على حسب مبنى القول بحجية الإجماع، وتوضيحه: 
 
1-2- الإجماع الدخولي والتشرفي 
 
إن الإجماع على أقسام ستة: دخولي وتشرفي وحدسي ولطفي وتقريري وكشفي. 
 
اما الاولان فانهما وإن أمكنا ثبوتاً ولكن لا دليل عليهما إثباتاً، كما لم يدعّه أحد في المقام ولا أحتمل في حقه ذلك. 
 
3- الإجماع الحدسي 
 
اما الاجماع الحدسي فغير متحقق صغرى رغم حجيته لو تحقق، إذ معناه: إتفاق كلمة الفقهاء في زمن المعصوم ( عليه السلام ) أو في كافة الأزمنة([7]) على أمر فانه يحدس منه بالملازمة العادية قطعاً موافقة رأيهم لقوله عليه السلام؛ إذ لا يعقل توافق كافة الفقهاء على أمر رغم اختلافهم الشديد في الاجتهادات والأذواق والمدارك([8])، إلا لو كان ناشئاً عن رأيه ( عليه السلام ) ويدل على ذلك انه لا شك في اكتشاف رضى السلطان أو المرجع بأمرٍ وقبوله له فيما لو وجدنا كافة من يحيط به من زوجته وأولاده وأقربائه وكتّابه وحراسه ومستشاريه ومعاونيه وأصدقائه، على قول أو فعل أو ملبس خاص. 
 
لكن الإجماع الحدسي وإن كان حجة لإفادته القطع، لكنه غير متحقق في المقام إذ لم تطرح هذه المسألة زمن المعصومين (عليهم السلام) ولا وجدنا أتفاقاً للفقهاء في زمنهم، بل لم نعهد طرحها على أحد الأئمة الأطهار (عليهم السلام) أو الفقهاء في زمنهم، بل انها طرحت في الأزمنة المتأخرة فقط. 
 
4- الإجماع اللطفي 
 
واما الاجماع اللطفي فلا يشترط فيه اتفاق الفقهاء في زمن المعصوم ولا حتى طرح هذه المسألة حتى مرة واحدة في زمنهم، بل يكفي فيه اتفاق الفقهاء ولو في عصر متأخر من العصور – لو ثبت هذا الاتفاق([9]) حتى في زمن واحد. 
 
وذلك لأن الإجماع اللطفي مدركه اللطف المستند إلى الحكمة([10]) ولا ريب انه لو قُبلت الكبرى لما كان فرق بين الاتفاق زمن الأئمة (عليهم السلام) أو بعدهم، في اقتضاء الحكمة الربانية ان لا تتفق الأمة على الضلالة إذ ان حكمته اقتضت ان لا يُطمس الحق بالمرة بل ان يبقى خط الحق في مقابل خط الضلال سواء قوياً أو ضعيفاً، واما الابتلاء والامتحان فانه لا يخرج عن دائرة ذلك، بمعنى ان الابتلاء والامتحان يقتضي وجود الباطل والفتن إلى جواز الحق والهدى فقد يَغلب عليه وقد يُغلب، لكنه لا يقتضي أبداً محو الحق كاملاً وإفناء نوره وعدم وجود بصيص منه لو كان ضعيفاً ((...لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ...))([11]) 
 
وعليه فلو اجتمع الفقهاء على أمر كشف بقاعدة اللطف كونه مطابقاً للواقع وإلا لردع عنه الإمام ( عليه السلام ) ولأظهر الحق ولو على لسان بعضهم. فتامل 
 
5- الإجماع التقريري 
 
واما الإجماع التقريري فهو ان يقال: ان اتفاق الفقهاء ولو في عصر يُكشف منه موافقة المعصوم ( عليه السلام ) له، استناداً إلى ان إرشاد الجاهل وتنبيه الغافل واجبان شرعاً فكيف يَترُك الشارع كل الفقهاء يضلون ولا يُظهر الرأي الحق ولو على لسان أحدهم([12]) ليبقى طريق الحق والباطل كلاهما مشرعين وكي لا يتمحض حال الشيعة والفقهاء كلهم في الخطأ أو الضلال؟ 
 
وقد ظهر بهذا البيان فرق اللطفي عن التقريري إذ الأول مستنده والحاكم فيه هو العقل استناداً إلى الحكمة أو الرحمة أو العدل والثاني مستنده والحاكم فيه هو الشرع استناداً إلى حكمه بوجوب إرشاد الجاهل. 
 
كما ان كليهما من مدركات العقل العملي عكس الحدسي الذي هو من مدركات العقل النظري. 
 
ثم ان هذا الوجه لو تم صغرى، لما اختص بالإجماع زمن المعصوم ( عليه السلام ) الحاضر بل شمل زمان الغيبة أيضاً. فتأمل 
 
6- الإجماع الكشفي 
 
واما الاجماع الكشفي فهو ان يقال: انه يُكشف من اتفاق الفقهاء ولو في عصر وجودُ دليل معتبر. 
 
وفرقه عن الحدسي: انه من الحدسي يكشف قول الإمام ( عليه السلام ) أي الثبوت والواقع واما الكشفي فيكشف منه وجود الدليل على قول الإمام أي الإثبات، ثم ان الأول لو حصل فانه لا يحتمل فيه الخطأ إذ قول الإمام ( عليه السلام ) لا خطأ فيه أبداً اما الثاني فيحتمل فيه الخطأ رغم حجيته إذ الأدلة حجج ظنية وإن كانت معتبرة فقد لا تطابِق الواقع وإن كانت غالبة المطابقة. 
 
وهذا الوجه كسابقه غير خاص بالإجماع في زمن المعصوم ( عليه السلام ) فتأمل([13]) 
 
وصلى الله على محمد وآله الطاهرين 
 
 
([1]) الدرس الواحد والثمانون. 
 
([2]) لنفس الفقيه أو لمن يرجع إليه من مقلديه. 
 
([3]) أو لفتوى بعض الفقهاء فيها. 
 
([4]) أي أصول الفقه. 
 
([5]) وإليك بعضهم حسب العروة المحشاة. 
 
(الظاهر جواز التقليد في المسألة الأصولية في الجملة). (محمد تقي الخونساري). 
 
(فيه وفيما بعده تفصيل) (السيد محسن الحكيم). 
 
(في إطلاق عدم كونها محل التقليد تأمل). (السيد المرعشي). 
 
(لا شبهة في صحة التقليد فيما يكون مورداً لابتلاء العوامّ، كمسألة تقليد الأعلم). (الشيخ الآملي). 
 
(لا وجه لعدم جواز التقليد في جملة من الموارد المذكورة، وعليه لا بد من التفصيل، ويتفرّع عليه جواز التقليد في الأصول والاجتهاد في الفروع في أعمال نفسه، وأمّا غيره فلا يجوز أن يقلّده؛ إذ المفروض أن النتيجة تابعة لأخسّ المقدّمات). (السيد تقي القمي) 
 
(قد يتفق كما في مورد تعارض الخبرين وفتوى المقلِّد بجواز أخذه بأي الخبرين شاء). (السيد أحمد الخونساري). 
 
(الأظهر جواز التقليد فيها في الجملة). (السيد السيستاني). 
 
ملاحظة: هذه التعليقات كلها نقلناها من العروة الوثقى المحشاة بحواشي واحد وأربعين من الفقهاء – إعداد مؤسسة السبطين العالمية تعليقاً على المسألة 67 من العروة الوثقى. كما سنناقش اشتراط كون المسألة مورد ابتلاء العوام، لاحقاً بإذن الله تعالى. 
 
([6]) وهي أكثر الوجوه الستة السابقة التي ذكرناها وبعض الوجوه السبعة الآتية. 
 
([7]) بما فيها زمانه. 
 
([8]) واختلافهم في كل ما يمكن ان يختلف فيه. 
 
([9]) وقد ناقشناه. 
 
([10]) أو الرحمة أو العدل – فهذه وجوه ثلاثة للطف، وقد فصلنا الحديث عنها في (فقه التعاون على البر والتقوى) فراجع. 
 
([11]) الكافي الشريف ج8 ص173. 
 
([12]) أي ولا يرشد حتى أحدهم. 
 
([13]) إذ يمتنع عادة خفاء الدليل لو كان الإجماع في أزمنتنا والأزمنة المقاربة، نعم يحتمل في ما سبق أزمنةَ إحراقِ كتب الحديث أو رميها في النهر أو ضياعها فتأمل

  • المصدر : http://www.m-alshirazi.com/subject.php?id=684
  • تاريخ إضافة الموضوع : الاثنين 3 شعبان 1435هـ
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 02 / 23