• الموقع : مؤسسة التقى الثقافية .
        • القسم : قاعدة الالزام(1432-1433هـ) .
              • الموضوع : 37- تتمة الجواب السابق - ادلة الحر العاملي على حجية مراسيل الشيخ الطوسي ، و المناقشة فيها .

37- تتمة الجواب السابق - ادلة الحر العاملي على حجية مراسيل الشيخ الطوسي ، و المناقشة فيها

 بسم الله الرحمن الرحيم 

الحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله الطاهرين واللعنة الدائمة على اعدائهم اجمعين ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. 
كان الحديث حول حجية مراسيل الشيخ الطوسي في التهذيب والاستبصار, وذكرنا ان بعض الأعلام كالفاضل المقداد رأى حجية هذه المراسيل، كما ذكرنا ان البعض قد استشكل عليه بأنه لا يمكننا الاعتماد على هذه المراسيل وان وثق بها واعتمد عليها الشيخ؛ إذ يجوز ويحتمل اننا لو راجعنا ذلك السند الذي لم يصل الينا، يحتمل ان نصل الى اجتهاد وقناعة مغايرة لقناعة واجتهاد الشيخ الطوسي مثلا فلا يكون رأيه حجة في حقنا، إذ مع الاحتمال تبطل الحجية والاستدلال. 
واجبنا عن هذا الإشكال بان هناك فرقا بين الأدلة البرهانية والحجج الظاهرية، وقلنا ان الحجج الظاهرة لا يخل بحجيتها احتمال الخلاف فان هذا الاحتمال ملغى في نظر العقلاء، ومنه المقام. 
تقوية النقض الثالث: المشهور: يكفي الاجتهاد السابق وكذلك في مقام جواب الإشكال ذكرنا عدة نقوض ، ويمكن تقوية النقض الثالث وذلك بالاستناد الى رأي المشهور في مسألة أخرى - وهنا نشير الى هذه التقوية بنحو الإشارة فقط , - فاننا قد نقضنا، بالمجتهد نفسه من خلال احتمال تغير رأيه لاحقاً وإن هذا الاحتمال لا يلغي حجية ارائه، ولذا فإشكال السيد فيض الله غير وارد في المقام. 
وذلك ان المشهور ذهبوا الى ان المجتهد الذي اجتهد في حكم شرعي ثم تجددت له الواقعة فليس عليه ان يعيد النظر في ذلك الأمر ويكرر اجتهاده، فلو ان المجتهد قبل عشرين سنة مثلاً حقق ووجد ان الرضاعة التي تنشر الحرمة هي عشر رضعات لا خمس عشرة رضعة مثلاً، ثم انه سئل المسالة من جديد بعد سنين طويلة، فانه لا يجب عليه ان يعيد النظر – وهذا على المشهور وهو ما ننتصر به -، وفي مقابل رأي المشهور توجد ثلاثة آراء: 
آراء ثلاثة أخرى:1: الرأي الأول: وهو وجوب تجديد النظر مطلقا ولنفس الدليل؛ اذ يحتمل ان رأيه سيتغير بالمراجعة المجددة والاجتهاد المستأنف، ويجيب المشهور على ذلك بان هذا الاحتمال وان كان موجودا، الا انه لا يلغي الحجج الفعلية الظاهرية بنظر العقلاء، لأن هذا الاحتمال ملغى في نظرهم. 
2- الرأي الثاني: وهو يذهب إلى التفصيل بين صورة نسيان الأدلة وغيرها 
وهذا التفصيل هو للمحقق الحلي وللعلامة الحلي ايضا في المعتبر، حيث يقول المحقق: ان الفقيه لو نسي ادلته التي استند اليها فلا يجوز له ان يفتي على حسب فتواه السابقة، بل عليه ان يستحضر الأدلة من جديد ويراجعها مع مبانيها، إلا ان المشهور لا يقبلون ذلك. 
3- الرأي الثالث: وهو تفصيل آخر وقد ذهب اليه الفاضل الجواد في شرحه على الزبدة كما ان صاحب الزبدة مال اليه وهو: 
ان مرجع التقليد لو قويت ملكته بالممارسة والاطلاع الأكبر على الأشباه والنظائر وبملاحظة مختلف ابواب الفقه وغيرها، فيجب عليه ان يعيد الاجتهاد في البحوث الماضية كلها لوجود احتمال عقلائي انه لو اجتهد مرة أخرى لتبدل وتغير رأيه، وارتأى الفاضل الجواد انه يحرم عليه الفتيا الآن بما اجتهد به سابقا، ولكن المشهور لا يقبلون ذلك، نعم لو ان الاحتمال كان قوياً جدا بحيث ألغى كون الاجتهاد السابق ظنا نوعيا، فهنا والحال هذه قد يتأمل في المسألة.وكما كان الأمر كذلك هنالك فانه كذلك في المقام فلو ان الشيخ الطوسي وثَّق مرسلة ولم يذكر السند، فان المجتهد اللاحق مع انه يحتمل انه لو راجع سلسلة السند لما وافق الشيخ في رأيه، الا ان ذلك لا ينفي الحجية . 
وبعد هذا البحث الكبروي، لا بد من ملاحظة الصغرى، ومدى دلالة تصريحات الشيخ الطوسي على توثيق مرسلاته فنقول: 
هل الشيخ الطوسي وثّق مراسيله؟ :جرى كلام طويل بين الاعلام حول حجية الكتب الأربعة، استناداً إلى عبارات المحمدين الثلاثة، حولها، فان للشيخ الطوسي في كتاب العدة عبارات وكلمات قد يستدل بها على حجية مراسيله في التهذيبين، وقد ذكرنا سابقا عبارة الشيخ الصدوق وتصريحه و انها تدل على حجية مرسلاته في (الفقيه)، واما عبارة صاحب الكافي الشريف فان كثيرا من العلماء ذهبوا الى حجية الكافي استناداً إلى بعض عباراته وحتى من الاصولين هنالك من ذهب الى ذلك ، ولكن الكلام الآن في التهذيبين. 
استدلال (الحرّ) بكلام الطوسيان الشيخ الحر العاملي استند الى عدد من عبارات الشيخ الطوسي لإثبات حجية رواياته ومرسلاته وقد ذكرها في خاتمة وسائله , حيث يقول الشيخ الحر :" قول الشيخ الطوسي في مواضع من كلامه "ان كل حديث عمل به فهو ما خوذ من الاصول والكتب المعتمدة " ثم يقول الحر: " وقد صرح الشيخ في كتاب العدة بانه لا يجوز العمل بالاجتهاد ولا بالظنون في الشريعة ", ولكن هذه العبارات والتي نقلها شيخنا الحر هل هي كافية في اثبات حجية مراسيل الشيخ الطوسي ؟ 
مناقشة الاستدلال أقول: قد يتأمل في كفاية ما نقله الشيخ الحر كدليل على توثيق الطوسي لكافة الرواة الذين وقعوا في سلسلة سند رواياته. 
أما الفقرة الاولى: "ان كل حديث عمل به. ...." هذه الفقرة والعبارة شهادة واخبار من الشيخ الطوسي بأخذ رواياته من الأصول المعتمدة، وخبر الثقة حجة، ولكن هذا المقدار من الكلام لا يكفي؛ لان الشيخ الطوسي بهذه الشهادة والخبر اثبت ان ما أدرجه في كتابيه مأخوذ من الكتب والأصول المعتبرة والمعتمدة، ولكن الاشكال ياتي من جهة اتصال ذلك الأصل بالامام (عليه السلام) وحال السند فيه، وعبارته قاصرة عن الدلالة على ذلك؛ لان الشيخ بعبارته قد اثبت ان المصدر الذي اخذ منه الحديث، معتمد في حد ذاته لكن هذا لا يكفي؛ اذ لعل المصدر لا يروي عن الامام (عليه السلام) بصورة مباشرة، ولعله توجد عدة وسائط في البين ولعل فيهم الضعاف أو المهملين، والعبارة لا تدل على توثيق هذه الوسائط، ولذا فان كلامه يحتاج الى ضمائم اخرى. 
واما الفقرة الاخرى :"وقد صرح في كتاب العدة بانه لا يجوز العمل. ....." فان الشيخ الحر العاملي يريد ان يستفيد من هذه العبارة ان الشيخ الطوسي عمل في كل هذه الأخبار وفي فتاواه المستندة اليها، بالقطع لا بالظن لأنه لا يجوِّز العمل بالظن، أي: ان الشيخ الطوسي قاطع بان هذه الروايات صحيحة وهذا القطع حجة في حقنا، 
ولكن هذا الكلام يمكن ان يتأمل فيه ايضا – والكلام بحسب مبنى المشهور – وذلك ان قطع المجتهد ليس بحجة في حق المجتهد الآخر، فاجتهاده حجة عليه سواء أكان اجتهادا ظنيا او قطعيا، لا على غيره من المجتهدين. 
استدراك ودفاع عن الشيخ الحر "قده"ولكن يمكن أن يدافع عن كلام الشيخ الحر بانه يمكن ان يقال بالتفصيل ، وهو ان هناك فرقا بين الاجتهاد الظني للفقيه وبين الاجتهاد القطعي له، فان الاول ليس بحجة على المجتهد الآخر، و لا يصح الأخذ به، هذا بخلافه في الاجتهاد القطعي للفقيه فانه يمكن ان يقال انه في بناء العقلاء و اهل الخيرة هو حجة في حق الفقيه الآخر ان لم يكن الفقيه قطاعا – وقطع اهل الخبرة قليل -، والشيخ الطوسي ليس كذلك، فلو ان طبيبا رأى زميلا له من الأطباء قد قطع بان فايروسا معينا هو سبب المرض الكذائي فانه أي :الطبيب الاول له ياخذ بذلك القطع والرأي ويبني عليه، وسيأتي تفصيل أكثر حول ذلك. 
دليل اخر للشيخ الحر العاملي : 
واما الدليل الاخر للشيخ الحر فهو ما أشار إليه بقوله: 
"وكثيرا ما يقول في التهذيب في الاخبار التي يتعرض لتأويلها و لا يعمل بها,وهذا من اخبار الاحاد التي لاتفيد علما و لا عملا "، ثم يعقب الشيخ الحر فيقول: "فعلم ان كل حديث عمل به فهو محفوف بقرائن تفيد العلم او توجب العمل " انتهت عبارته. 
المناقشة: 
لكن الكلام هو الكلام في قصور هذه العبارة للدلالة على المراد بحسب تفسيره ، وسيأتي النقاش حول ذلك لاحقاً بإذن الله تعالى، كما مضى ما ينفع أيضاً. 
وبإيجاز فان عبارة الشيخ الطوسي:".....وهو من اخبار الاحاد التي لا تفيد علما و لا عملا " تفيد ان الخبر الذي لا يفيد العلم فان الشيخ الطوسي لا يعمل به، ولكن الإشكال السابق يأتي هنا وهو ان ما علم بحجيته الشيخ، ليس بحجه على الفقيه الآخر، إضافة إلى أن وجود القرائن القطعية لا يكفي إذ لعلها حدسية والاجتهاد الحدسي ليس بحجة في حق المجتهد الاخر 
وللكلام تتمة 
وصلى الله على محمد وآله الطاهرين

  • المصدر : http://www.m-alshirazi.com/subject.php?id=817
  • تاريخ إضافة الموضوع : السبت 28 محرم الحرام 1433هـ
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 02 / 23