• الموقع : مؤسسة التقى الثقافية .
        • القسم : النقاش العلمي .
              • الموضوع : من الأمور التي أثيرت في الماضي وتثار اليوم : أنه لا توجد آية في القرآن تدل على الحجاب للمرآة ؟ .

من الأمور التي أثيرت في الماضي وتثار اليوم : أنه لا توجد آية في القرآن تدل على الحجاب للمرآة ؟

السؤال: من الأمور التي أثيرت في الماضي  وتثار اليوم : أنه لا توجد آية في القرآن تدل على  الحجاب للمرآة ؟
 
الجواب : بل توجد أكثر من آية كريمة:
منها : قوله تعالى :  (وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ) والضمير لا يكفي  بتخصيصها بنساء النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لأن الآيات الخاصة كلها عامة لضرورة اشتراك الأحكام والعكس هو ما يحتاج إلى دليل خاص وان العلة في الآية الكريمة عامة (ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ).
ومنها : قوله تعالى: (قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ * وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آَبَائِهِنَّ أَوْ آَبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)  ، فالكلام في الآية مطلق ويشمل حتى الوجه ، وليست خاصة بالعورة [1]؛ لأن هذا تخصيص بلا مخصص وغض البصر ظاهر في كف النظر عرفاً.
ثم إن الأحكام ليست كلها مبينة ومفصلة في القرآن بحيث يفهمها كل شخص؛ لذا قال تعالى: (وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ) (وَمَا آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) فالمعصوم (عليه السلام) هو من يبين ويفصل تلك الأحكام من خلال السنة المتمثلة بقوله وبفعله وتقريره وكفى بقوله حجة بعد تلك الآيات وبعد قوله (صلى الله عليه وآله وسلم): (إِنِّي تَارِكٌ فِيكُمُ الثَّقَلَيْنِ كِتَابَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ عِتْرَتِي أَهْلَ بَيْتِي أَلَا وَ هُمَا الْخَلِيفَتَانِ مِنْ بَعْدِي وَ لَنْ يَفْتَرِقَا حَتَّى يَرِدَا عَلَيَّ الْحَوْضَ)[2]..
-------------------------------------------
[1] ولا يخفى أن كلامه (دام ظله) هنا فيه إشارة إجابة على ما احتمله جمع من الأعلام : بأن مورد الآية خاص بالفروج لقرينة السياق , قال السيد الحكيم  قدس سره في المستمسك : ج14ص25: وإن كانت دلالتها لا تخلو من تأمل ، فإن غض الأبصار غير ترك النظر  ، مع أنه من المحتمل أن يكون المراد الفروج بقرينة السياق ، لا العموم ، مع أن إرادة العموم تقتضي الحمل على الحكم الأولي ، وهو غض النظر عن كل شيء ، وحمله على الغض عن المؤمنات لا قرينة عليه ، اللهم إلا أن يكون المستند في تعيين المراد الإجماع . أقول : لكن هذا الاحتمال دفع كثير من الأعلام لعموم الآية وإطلاقها والمتبادر منها ، قال الشيخ الأراكي قدس سره  : في كتاب النكاح : ص13: فلا إشكال في أنّ الأصل حرمة نظر كلّ من الرجل والمرأة إلى الآخر إلَّا ما استثني ، والدليل عليه عموم قوله تعالى : ( قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصارِهِمْ . . . )  ، وتقريب الاستدلال أنّ المنساق إلى الذهن من هذا الخطاب هو الغضّ عن خصوص أشياء يلتذّ الإنسان من النظر إليها ويهيّج الشهوة ، فلا نحتاج في دعوى العموم إلى التشبّث بذيل حذف المتعلَّق في الآية وأنّه يفيد العموم ، غاية الأمر خرج ما خرج وبقي الباقي ، حتّى يستشكل علينا أوّلا بأنّه خلاف المتفاهم عرفا من مثله ، وثانيا بأنّ ذكر الفروج عقيب قوله تعالى : ( ويَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ) شاهد على إرادة خصوص الفروج ، بل نقول كما مرّ : أنّ المنساق المتبادر إلى الذهن من الخطاب المتوجّه إلى اثنين أحدهما رجل والآخر امرأة بقولنا : غضّ كلّ منكما بصره عن صاحبه ، هو الغضّ عن المواضع الموجبة لهيجان الشهوة ، ولا يختصّ بخصوص الفرج ، بل يعمّ الوجه والصدر والساق واليد والثدي وجميع الجسد ، هذا مضافاً إلى ما ورد في الأخبار من أنّ زنا العين هو النظر ، وعلى كلّ حال لا إشكال ظاهرا في كون الأصل في الباب هو الحرمة ، مع كونه من المسلَّمات . 

 


  • المصدر : http://www.m-alshirazi.com/subject.php?id=2289
  • تاريخ إضافة الموضوع : 24 محرم الحرام 1438هـ
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 14