• الموقع : مؤسسة التقى الثقافية .
        • القسم : النقاش العلمي .
              • الموضوع : يوجد طبيب يأخذ أجرة أقل من بقية الأطباء فعرض عليه بقية الأطباء بنقل عيادته إلى مكان آخر مقابل مبلغ من المال، فهل يجوز له أخذ ذلك المال؟ .

يوجد طبيب يأخذ أجرة أقل من بقية الأطباء فعرض عليه بقية الأطباء بنقل عيادته إلى مكان آخر مقابل مبلغ من المال، فهل يجوز له أخذ ذلك المال؟

السؤال: يوجد طبيب يأخذ أجرة أقل من بقية الأطباء فعرض عليه بقية الأطباء بنقل عيادته إلى مكان آخر مقابل مبلغ من المال، فهل يجوز له أخذ ذلك المال[1]؟
 
الجواب: إذا تكلمنا حول أصل المسألة مع قطع النظر عن العناوين الثانوية فالمسألة لا إشكال فيها؛ حيث إنها معاملة عقلائية[2]؛ ولا تندرج في باب أكل أموال الناس بالباطل؛ فهي كما لو أن شخصاً ساكن في هذه المنطقة فقال له أهلها نعطيك مبلغاً من المال مقابل خروجك منها[3]؛ فهذه المعاملة صحيحة وليست أكلاً لأموال الناس بالباطل ومن وجوه تخريجاتها الفنية أنها عقد مستأنف[4] ولا فرق بين كون بذل المال له مقابل عمله وهو نقل عيادته أو كونه مقابل حق اختصاصه شرط أن لا يكون بيعاً على المشهور من عدم صحة بيع الحق وإن ناقشنا فيه في مباحث البيع.
 
السائل: ولكن ترك الطبيب لتلك المنطقة سيؤدي إلى الأضرار بالفقراء؛ لأنهم سيحرمون من مساعدته؟
 
الجواب: ليس كل عدم نفع ضرراً[5]؛ وهذا الطبيب لا يجب عليه مساعدة كل فقير إلا بحدود أنه واحد من آحاد المسلمين[6]؛ والوجوب الكفائي مزاحم بحاجة غيرهم أيضاً والضرر أيضاً مزاحم بتضرر غيرهم بعدمه، بل لا ضرر لبيت مثبتة للحكم على المشهور بل رافعة فقط فلا يصح القول بانه يجب عليه البقاء أو تحرم عليه المغادرة للاضرر بل قد يقال بانه إذا كان هناك ذنب و ضرر فالمباشر[7] هو من يتحمله وليس الذنب والضرر يتحمله السبب[8]؛ فلوكان في هذه المنطقة سائق سيارة للأجرة وهو صاحب أخلاق وأمانة؛ في حين كان هناك سائق آخر دونه في هذه الصفات فهل يصح أن نقول للسائق الأول: لا يجوز لك أن تترك هذه المنطقة لأنك تنفع أهلها وخروجك سوف يضرهم ؟
كلا؛ لأن السائق الثاني إذا أخل بالنظام أو القانون هو من يتحمل عاقبة عمله شرعاً وقانوناً؛ لذا فما دام السبب أضعف من المباشر فالذنب إن وجد يتحمله المباشر لا السبب إلا لو كان السبب أقوى عرفاً[9] والأولى التعبير بالأقرب للاسناد إليه كعلة معدة نعم هذا الأخير أخص من المدعى.
ثم ان ذلك لو كان من به الكفاية من الأطباء في المنطقة وإن كان بثمن أغلى وأما لو لم يكن ولم تزاحمه حاجة غيرهم في المناطق الأخرى، فانه يكون عينياً كسائر الواجبات الكفائية فتدبر.
------------------------------
 
 
[5] وفي هذه الجملة إشارة إلى مطلب أصولي لطيف ودقيق،  تتضح حقيقته ومعالمه في كلام المحقق الأصفهاني (قدس سره) في نهاية الدراية: ج2 ص475 عندما قال : ظاهر أهل اللغة أن تقابل الضرر والنفع تقابل التضاد،  وظاهر شيخنا الأستاذ (قدس سره) أن تقابلهما تقابل العدم والملكة،  ولا يخلو كلاهما عن محذور.أما الأول : فواضح إذ ليس الضرر المفسر بالنقص في النفس أو المال أو العرض أمر وجوديا ليكون مع النفع الذي هو أمر وجودي متقابلين بتقابل التضاد .وأما الثاني : فلان النفع هي الزيادة العائدة إلى من له علاقة بما فيه الفائدة العائدة إليه،  وعدمها عدم ما من شأنه أن يكون له فائدة عائدة إلا أن عدم النفع ليس بضرر،  والضرر هو النقص في الشئ وهو عدم ما من شأنه التمامية فهو عدم التمامية لا عدم الزيادة ليكون مقابلا لها بتقابل العدم والملكة وعدم الزيادة ليس بنقص حتى يرجع إلى الضرر .نعم،  النقص والزيادة متقابلان بتقابل العدم والملكة بالعرض،  لأن الزيادة تستدعي بقاء المزيد عليه على حده الوجودي فالنقص بمعنى عدم بقائه على صفة التمامية يستلزم عدم الزيادة فيقابل الزيادة بالعرض .ومثله ما ذكره السيد الخوئي (قدس سره) في دراسات في علم الأصول: ج3 ص499: الضرر اسم مصدر من ضرّ يضرّ  ضرا،  ويقابله المنفعة،  وأما النّفع فهو مصدر لا اسم مصدر،  فلا مقابلة بينه وبين الضرر كما ذكره في الكفاية،  ومادة الضرر تستعمل متعديا إذا كانت مجردة،  وأما إذا كانت من باب الأفعال فتستعمل متعدية بالباء،  فيقال : أضرّ به، ولا يقال : أضره،  وأما معنى الضرر فهو النقص في المال،  أو في العرض،  أو في البدن،  وبينه وبين المنفعة واسطة،  فإذا لم يربح التاجر في تجارته ولم يخسر لا يتحقق في مورده منفعة ولا ضرر،  ومن ذلك يظهر انه لا وجه لما ذكره في الكفاية من أن التقابل بين الضرر والنّفع تقابل العدم والملكة .

 


  • المصدر : http://www.m-alshirazi.com/subject.php?id=2518
  • تاريخ إضافة الموضوع : 10 جمادى الأولى 1438هـ
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 14