• الموقع : مؤسسة التقى الثقافية .
        • القسم : الفوائد والبحوث .
              • الموضوع : 152- فائدة فقهية: صور دوران عنوان اللهوية مدار القصد .

152- فائدة فقهية: صور دوران عنوان اللهوية مدار القصد

فائدة فقهية: صور دوران عنوان اللهوية مدار القصد*

ثم إن التحقيق يسوقنا إلى أن عنوان اللهوية قد يكون دائراً مدار القصد وقد لا يكون، بل يكون لهواً وإن قصد الخلاف، فكيف بما إذا لم يقصد شيئاً، أو لا يكون لهواً وإن قصده، فرؤوس الصور ثلاثة:
الأولى: ما صدق عليه عنوان اللهو وإن لم يقصده بل وإن قصد خلافه، وذلك مثل: الغناء والرقص والشطرنج، فإنها لهو وإن قصد منها أغراضاً أخرى شخصية أو نوعية عقلائية، كما لو قصد من الغناء جمع الأموال للفقراء مثلاً، أو قصد من الرقص الرياضة، أو قصد من اللعب بالشطرنج كسر شوكة الظالم ـ وهو طرفه الذي يلعب معه فرضاً ـ فإن كل تلك القصود لا تخرج الغناء والشطرنج ونظائرها عن صدق كونها (لهواً) وذلك لأحد وجوه:
إما لدعوى كون اللهوية هو مقتضى ذاتها وطبعها، بأن يقال: إن اللهوية ذاتية لها، فلا يعقل انفكاكها بالعناوين الطارئة، أو لدعوى أن اللهو موضوع لما من شأنه اللهوية والفعلية غير مشترطة فيه[1].
أو للقول بأنها لهو حسب ارتكاز المتشرعة؛ حتى في مثل هذه الصور (وإن لم تكن اللهوية ذاتية لها ولا كانت لهواً عرفاً حينئذٍ فرضاً) وهذا الارتكاز كاشف عن تصرف الشارع في اللهو بتوسعته إلى مثل هذه الصور بوضع تعييني أو تعيني.
أو لأن ظهور الفعل في أمثالها غالب على ظهور القصد، كما في ما طرحناه في بعض البحوث من مثال السجود أمام الملك؛ فإنه تعظيم وعبادة عرفاً وإن لم يقصد التعظيم بل قصد غيره[2].
نعم، هنالك ما هو لهو اقتضاءً مع صلاحية النية لجعله غير ذلك، وذلك كبناء بيت من الرمال على شاطئ البحر؛ فإنه لهو سواءً قصد اللهوية أو لا، دون ما إذا قصد المضادَّ كما لو قصد التمرن على الهندسة والبناء، فإنه ليس بلهو حينئذٍ.
الثانية: ما كان صدق عنوان اللهو عليه وعدمه بالقصد، أي ما لم يكن بحسب طبعه الأولي لهواً ولا جداً، بل كان بالقصد والوجوه والإعتبارات، وذلك مثل التمثيلية والأعمال المسرحية؛ فإنها تكون لهواً أو لا تكون على حسب القصد والهدف والغاية منها[3]، وكذلك (الرسم) أيضاً.
نعم، قد تتزاحم مادةُ ما رَسَمَهُ أو مثّله مع ما قصده، وذلك عنوان آخر.
الثالثة: ما لا يصدق عنوان اللهو وإن قصده وتلذذ به، وذلك كما لو كان يتلذذ بتدريس الفيزياء والكيمياء أو الفلسفة حتى شهوياً، كما لو كان يدرسها لزوجته أو خطيبته المعقود عليها ملتذاً بذلك جنسياً قاصداً ذلك الالتذاذ أيضاً، فإن هذا القصد وذاك الالتذاذ لا يخرجان هذا التدريس عن عنوانه إلى عنوان اللهو، وكذلك ما لو كان يلتذ من إجراء العمليات الجراحية أو من قتال العدو أو شبه ذلك.
الثمرة: أدلة حرمة اللهو ـ على القول بإطلاقها ـ تشمل الصورة الأولى حتى لو قصد منها أمراً عقلائياً، ولا تشمل الصورة الثالثة حتى لو قصد الالتذاذ الشهوي، وهي دائرة مدار القصد في الصورة الثانية.
---------------------------------
 
 
 

 


  • المصدر : http://www.m-alshirazi.com/subject.php?id=2616
  • تاريخ إضافة الموضوع : 5 رجب 1438هـ
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 16