• الموقع : مؤسسة التقى الثقافية .
        • القسم : الفوائد والبحوث .
              • الموضوع : 368- فوائد فقهية: المقصود بالرشد .

368- فوائد فقهية: المقصود بالرشد

1- ذهب بعض المحققين إلى انصراف اللفظ النكرة في سياق الإثبات إلى الفرد الأكمل، وقد وجهّه المحقق العراقي بانصراف اللفظ إلى الوجود الصرِّف غير المشوب وبتطبيق ذلك على قوله تعالى: (فإنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا)، يكون المنصرف من (الرشد) في الآية الكريمة هو أعلى درجات الرشد، فلا يمكن دفع كل الأموال إلى اليتيم لو ظهر فيه الرشد في الجملة.
ويمكن الاستدلال على ذلك بمناسبات الحكم والموضوع في الآية الكريمة؛ إذ يقال: إن تتمة الآية: (فَادْفَعُوا إلَيْهِمْ أمْوالَـهُمْ) أي: جميع أموالهم؛ لأنّها جمعٌ مضاف، فإنَّ دفع جميع الأموال إلى الصبي يتناسبُ مع رشده الكامل، لا مع ظهور الرشد فيه في الجملة.
وعليه فيمكن ان يقال: إنّ ورود المال في الآية الكريمة بصيغة الجمع المضاف يستفاد منه العموم، فهو يتناسب مع حصول الرشد بأعلى درجاته لدى الصبي، فتأمل.
وبنفس ملاك مناسبات الحكم والموضوع، يُحكم بإرادة الرشد الكامل للصبي لو قالت الآية فرضا: فَادْفَعُوا إلَيْهِم المالَ الخَطيرَ؛ فإنّ دفع المال الخطير للصبي الراشد يتناسب مع الرشد الكامل له بمناسبات الحكم والموضوع.
وهذا الوجه من إرادة الرشد يتوافق في جانب منه من حيث المآل مع رأي السيد الوالد المفصِّل القائل بأنَّ مقدار ما يُدفع إلى الصبي حين رشده لابد ان يتناسب مع مقدار رشده شدةً وضعفاً، فالرشد هنا نسبي اي بنسبة المتعلق.
2- الأقرب أن ولي الصبي هو الذي عليه ان يقوم باختبار الصبي لتحديد رشده من عدمه، لقوله تعالى: (وابْتَلُوا اليَتامَى)، ويكون ذهن الولي – حينئذ – مرآةً للعرف لتحديد مصداق (الرشد)، كما يكون ذهن الفقيه مرآةً للعرف في الأمارات.
وحيث أن الكلام هو في مصداق الرشد وتشخيص الراشد، وليس في تحديد مفهوم الرشد حتى يُرجع إلى العرف، فالمناسب – حينئذ – الرجوع إلى ولي الصبي في تشخيص مصداق الرشيد، وأن هذا الصبي رشيد أو غير رشيد. ويمكن استفادة ذلك من قوله تعالى: (آنَسْتُمْ مِنْهُمْ) حيث نسب الانس إلى أولياء اليتامى والرشد إلى اليتامى.
ولا يشكل على فرض تعدد الولي عرضا، لا طولا، بحصول النزاع والخلاف بين أولياء الصبي – أي: الأب والجد إذا قيل بان ولايتهما في عرض واحد على سبيل البدل ونفوذ الأسبق كما في النكاح – في تحديد كونه رشيدا أو لا، وذلك لأن الحكمة في هذا التعدُّد لا يبعد أن تكون مراعاة الشارع الابتعاد عن المركزية المطلقة في القرار، والجنوح إلى التعددية، فهي الأنفع وإن حدث بعض الخلاف والاضطراب، فيُرجع – حينئذ - إلى الحاكم الشرعي.
 فالأصل العام: أنّ الأولياء هم الحكام إلا إذا اشتُكيَ عليهم، أو حدث خلاف بينهم.

 


  • المصدر : http://www.m-alshirazi.com/subject.php?id=4012
  • تاريخ إضافة الموضوع : 21 جمادى الأولى 1443هـ
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29