• الموقع : مؤسسة التقى الثقافية .
        • القسم : دروس في التفسير والتدبر ( النجف الاشرف ) .
              • الموضوع : 156- الانذار الفاطمي للعالم البشري والدليل القرآني على عصمة الصديقة الزهراء(عليها افضل السلام) .

156- الانذار الفاطمي للعالم البشري والدليل القرآني على عصمة الصديقة الزهراء(عليها افضل السلام)

 بسم الله الرحمن الرحيم 

 
الحمد لله رب العالمين، بارئ الخلائق أجمعين، باعث الأنبياء والمرسلين، ثم الصلاة والسلام على سيدنا وحبيب قلوبنا أبي القاسم المصطفى محمد وعلى أهل بيته الطيبين الطاهرين الأبرار المنتجبين، سيما خليفة الله في الارضين، واللعنة الدائمة الأبدية على أعدائهم إلى يوم الدين، ولا حول ولاقوه إلا بالله العلي العظيم. 
 
مقام الإنذار المطلق للبشر والعصمة الكبرى للسيدة الزهراء (عليها السلام) 
 
يقول الله تعالى : ( كَلاَّ وَالْقَمَرِ * وَاللَّيْلِ إِذْ أَدْبَرَ * وَالصُّبْحِ إِذَا أَسْفَرَ * إِنَّهَا لإٍحْدَى الْكُبَرِ * نَذِيراً لِلْبَشَرِ)[1] 
 
ويقول رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) متحدثا عن بضعته الزهراء (صلوات الله تعالى عليها) ((ان ابنتي فاطمة ملأ الله قلبها وجوارحها ايمانا الى مُشاشها ففرغت لطاعة الله)) 
 
وفي رواية اخرى : ((ملأ الله قلبها وجوارحها ايمانا ويقينا)) 
 
وهذه الرواية، كتلك الآية الشريفة، تصلح ان تعد من الادلة على عصمة فاطمة الزهراء (صلوات الله تعالى عليها) 
 
صحة الاحتجاج على المخالف، برواياتنا 
 
لكن قبل ذلك نقول : ان الاحتجاج تارة يكون على المخالف واخرى يكون للموافق والمؤمن، ونحن بهذه الرواية - ونظائرها وهي بالعشرات بل بالمئات - كتلك الآية وبضم رواية علي بن ابراهيم في تفسير هذه الآية، نحتج اولا على الموافق، ونحتج ثانيا – برواياتنا هذه - على المخالف أيضاً. 
 
اما احتجاجنا على الموافق فواضح لأنه مؤمن وموالي فيقبل ما يرد عن الائمة الاطهار (صلوات الله تعالى عليهم ) ويرى ان امثال علي بن ابراهيم علماء ثقاة ابرار صالحين لايكذبون فالاحتجاج بالروايات على الموافق لا كلام فيه، وذلك لأن الموافق قد لا يعلم عصمة الائمة أو لا يعلم حدود ودرجة عصمتهم؟ ولذا نحتج برواياتنا عن أئمتنا عليهم الصلاة والسلام، عليهم. 
 
وهذا هدف متوخى ومقصود ومطلوب لذاته: وهو ان نثبت للشيعي كثيرا من المعتقدات الحقة بالاستناد الى الروايات، فهذا حق ذاتي وحق لا كلام فيه ويكفي كثمرة، و لكن مع ذلك لنا ان نحتج بهذه الرواية ونظائرها على اهل العامة المسمون بـ(السنة) مع انهم لايقبلون التشيع ولا رواياته، وذلك استنادا الى: ان العقل وبناء العقلاء يلزمهم بقبول امثال هذا الاحتجاج ؛ لان وجه حجية قول الرجل او المرأة هو وثاقة اللهجة، وعلى هذا بناء العقلاء سواء أكان القائل هو الطبيب او ذلك اللغوي، أو غيرهما، وبشكل عام سواء كان المخبر أو المتكلم هو الخبير في الاخبارات الحدسية، او كان الناقل للخبر في الاخبارات الحسية، فاذا جاء المخالف الى الشيعي، او بالعكس وكان صادق اللهجة فاخبره مثلاً بسعر عملة من العملات او أخبره بحدوث حريق في مكان ما كخبر حسي، او كان طبيبا فشخّص له مرضه، فانه لا مشكلة في اخباراته الحسية او الحدسية مادام يعرفه بصدق اللهجة، سواء أكان مسيحيا أم بوذيا أم كان كافرا اذ الاعتقاد امر، ووثاقة اللهجة امر اخر. 
 
ولذا نحن نخاطب ونحتج على المخالفين (العامة) بما في كتبنا أيضاً كما صنع المرحوم السيد شرف الدين (رضوان الله تعالى عليه ) اذ احتج عليهم بما في كتبنا ايضا. 
 
نعم للمخالف ان يناقش في كون راوينا مثل (علي بن ابراهيم) هل هو ثقة ام لا ؟ أو ان زرارة بن اعين او محمد بن مسلم وامثالهم ثقات أم لا، واما كونه شيعيا فلا ربط له بصدق ووثاقة اللهجة. 
 
فمثل بن ابي عميرـ الذي اجمع الشيعة والسنة على وثاقته وجلالة قدره[2] ـ من حق المخالف ان يسأل ويحقق عن وثاقته فان كان ثقة فسيكون كلامه حجة بلا ريب 
 
وعليه، فلنا أن نحتج على المخالف برواياتنا الواردة في كتبنا حصريا وان لم ترد في كتبهم، غاية الأمر ان يبحثوا عن حال الراوي للرواية، رجاليا. 
 
والحاصل: ان هذه الاية بضميمة الرواية الواردة في تفسير علي بن ابراهيم عن الامام الباقر (عليه السلام)حيث يقول (عليه السلام)في الاية (إِنَّهَا لإٍحْدَى الْكُبَرِ * نَذِيراً لِلْبَشَرِ): هي فاطمة، فان هذه الرواية يمكننا ان نحتج بها على الاخرين ؛ لوثاقة علي بن ابراهيم ولا مطعن فيه ولا مغمز في صدق لهجته لا من القاصي ولا من الداني، هذا إضافة إلى ما سبق بيانه وسياتي ايضا من مطابقة مضمونها للقواعد والاصول وشهادة برهان التجربة والبرهان الأني التاريخي بالصدق. 
 
الاستدلال بالإطلاقات الثلاثة في الآية على عصمة الزهراء عليها السلام 
 
ونحن نستدل بالاية الكريمة، والرواية الشريفة السابقة بضميمة رواية علي بن ابراهيم على عصمة الزهراء للموافق اولا وللمخالف بما او ضحناه من الوجه. 
 
فنقول : اما الاية الشريفة فالإطلاق الاحوالي والازماني والافرادي فيها، فالاية تقول: (إِنَّهَا لإٍحْدَى الْكُبَرِ * نَذِيراً لِلْبَشَرِ) وهي لم تخصص الانذار الفاطمي ـ بلحاظ الرواية ـ بحالةٍ دون حالة، فهي (صلوات الله تعالى عليها) احدى الكُبَر وهي نذيرة من قبل الله سبحانه وتعالى للبشر، كما لم تقيد الاية ذلك الانذار بحالة دون حالة وهذا يعني الاطلاق الاحوالي، كما انها لم تقيد الانذار بزمن دون زمن وهذا هو الانذار الازماني، كما انها لم تقيد بمصداق دون مصداق وهذا يعني الاطلاق الافرادي. 
 
ومعنى ذلك ان انذارها (صلوات الله تعالى عليها) رسالة سماوية وحجة إلهية في جميع الشؤون الاجتماعية او السياسية او الحقوقية او الخارجية او الطبيعية: الجيولوجية أو غيرها، وما ذلك الا لاطلاقالاية الشريفة. 
 
خاصة اذا لاحظنا ان المنذِر الذي جعلها (صلوات الله تعالى عليها ) نذيرا للبشر في كل الحالات وفي كل الجهات، له الولاية العظمى بالدرجة الاولى وهو الله جل اسمه وليست ولايته مقتصرة على حقل دون حقل كما ليست حجيته مقتصرة على شأن دون شأن. 
 
ونمثل بمثال للتوضيح : فلو قال المولى بعثت فلانا قيما عليكم او رئيسا، فاذا لم يخصص القيمومة والرئاسة بالجانب الاقتصادي او السياسي او الاجتماعي فان له الولاية في كل هذه الجهات وغيرها. 
 
ومن ذلك يظهر انه إذا كان الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) قد جعل شخصا واليا وقيما على مدينة فان له الولاية العامة والتامة الا لو استثنى. 
 
والله تعالى يقول (إِنَّهَا لإٍحْدَى الْكُبَرِ * نَذِيراً لِلْبَشَرِ) فحيث ان الجاعل هو من حيث كافة الجهات ذو الولاية المطلقة الاحوالية، الازمانية والافرادية وحيث انه جعل شخصا نذيرا بدون ان يقيد فالانذار تتسع دائرته وحجيته لتشمل كافة الجوانب ولا يكون ذلك الا بالعصمة 
 
والقرينة الاخرى هي المضاف اليه - اللغوي وليس النحوي -: (نَذِيراً لِلْبَشَرِ) اذ تارة يجعل شخص نذيرا لشخص فتتحدّد دائرة انذاره وحجيته بالقياس الى ذلك الشخص، وتارة يجعل شخص نذيرا لطائفة معينة او قوم معينين, ولكن الله سبحانه وتعالى جعلها (صلوات الله تعالى عليها ) نذيرا للبشر كافة. 
 
ولايعقل بالنظر لقاعدة اللطف على ما فصل الكلام حولها في علم الكلام[3] وبالنظر إلى الرحمة الالهية الشاملة والحكمة الالهية ان يجعل الله بقول مطلق شخصا نذيرا بالاطلاقات الثلاثة بدون ان يكون معصوما بالعصمة الكبرى باتم معانيها. وإلا لكان إغراء بالجهل، من القادر الحكيم المتعال هذا بعض الحديث وله تتمات ستأتي لاحقاً بإذن الله تعالى. 
 
وجوه الاستدلال بالرواية على عصمة الزهراء عليها السلام 
 
اما الرواية الشريفة فهناك وجوه أيضاً لاستفادة عصمتها (صلوات الله تعالى عليها ) منها، لكن قبل ذلك نشير الى النص الكامل للرواية الشريفة : 
 
فقد اوردها العلامة المجلسي في بحاره نقلا عن كتاب (الخرائج) وغيره : ((فعن الامام الباقر (صلوات الله تعالى عليه ) يقول : بعث رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) سلمان الى فاطمة (صلوات الله تعالى عليها ) قال ـ أي سلمان ـ : 
 
فوقفت بالباب وقفة حتى سلمت فسمعت فاطمة تقرا القران من جَوَّى والرحى تدور من برّى[4] ما عندها انيس. ..الى ان يقول في اخر الخبر بعدما نقل مارأى وسمع الى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ... فتبسم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وقال : ياسلمان ان ابنتي فاطمة ملأ الله قلبها وجوارحها ايمانا الى مُشاشها[5] ففرغت لطاعة الله، فبعث الله ملكا يقال له زو فادار لها الرحى وكفاها الله مؤونة الدنيا مع مؤونة الاخرة)) وفي رواية اخرى ((ملأ الله قلبها وجوارحها ايمانا ويقيناً)) 
 
وهذه الكلمة ينطق بها رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : ((ففرغت لطاعة الله)) وهو الذي لاينطق عن الهوى ان هو الا وحي يوحى، وكل كلمة من كلماته (صلى الله عليه وآله وسلم) قد وزنت بابلغ وبادق ميزان لأدق المعاني وبدون جهل لإبعاد اطلاق مثل هذه الكلمات، كما هو جار فينا. 
 
ثم ان هذه الرواية يمكن الاستدلال بها على عصمة الزهراء (صلوات الله تعالى عليها) من جهات عديدة: 
 
1- الاستدلال بـ(ملأ الله قبلها إيماناً) على العصمة 
 
اولا: بلحاظ قوله (صلى الله عليه وآله وسلم): ((ملأ الله قلبها وجوارحها ايمانا)) فان من امتلا قلبه ايمانا حقا فانه لا يعصي الله تعالى، لان من يعصي فان ذلك بالبرهان الاني[6] يكشف عن ان هناك ثغرة في ايمانه وفي قلبه، والانسان الكامل في إيمانه لايمكن ان يعصي، والسارق او المغتاب او النمام او الحسود او غيره انما يبعثه نحو ذلك عدم امتلاء قلبه بالإيمان وإلا لما فعل ما فعل. 
 
وعليه فان من مُلئ قلبه ايمانا لا يعقل ان يكون حسودا او حقودا او متكبرا او غير ذلك اذ انه في لحظة معصيته لايكون قلبه ممتلأً ايمانا، والحاصل: ان هناك علاقة الضدية والتضاد بين الايمان الحقيقي وامتلاء القلب بالايمان، وبين ان يحسد او ان يتكبر او غير ذلك من مساوئ الاخلاق. 
 
وهنا نذِّكر أنفسنا بان علينا أن نتأسى بها (صلوات الله تعالى عليها) وان كنا لا يمكننا أن نصل الى مقامها الرفيع ومرتبتها العالية، كما هو واضح، لكن كما يقول امير المؤمنيين (صلوات الله تعالى عليه): ((الا وانكم لاتقدرون على ذلك ولكن اعينوني بورع واجتهاد وعفة وسداد)) فلنسع قدر المستطاع ان لا يترك احدنا في قلبه مجالا لغير الله او حيِّزا لغير حب الله او لغير الايمان والورع والتقوى والفضيلة. 
 
2- الاستدلال بـ(ملأ الله جوارحها إيماناً) على العصمة 
 
ثانيا: قوله (صلى الله عليه وآله وسلم): ((..وجوارحها)) والجوارح اذا امتلأت ايمانا فلا يعقل ان تصدر منها المعصية، اذ لو عصت العين مثلا بنظرة محرمة فانها ليست ممتلأة من الايمان وكذلك الاذن او غيرها. 
 
وحيث ان الزهراء (صلوات الله تعالى عليها) قد امتلأت جوارحها ايمانا بشهادة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فلا تصدر منها المعصية مطلقا بل لا يصدر منها حتى المكروه وترك الأولى؛ فإن ذلك مقتضى (الإيمان الأتمّ) الظاهر من الرواية ولو بقرينة مناسبات الحكم والموضوع وهو معنى العصمة التي نؤمن بها في مدرسة اهل البيت (صلوات الله تعالى عليهم). 
 
ولزيادة التوضيح نقول: لو ان شخصاً اطّلع على ان هذا الانسان المعيّن، في قلبه شئ من الحقد او الحسد او الكبر فهل يصح منه التعبير بـ: قد ملأ الله قلبه ايمانا؟!! ولو عبرت بذلك فانه يعلم ان عبارته ليست بدقيقة، فكيف برسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وهو يشير الى سيدة نساء العالميـــن (صلوات الله تعالى عليها)؟ 
 
وذلك كله مما يكشف عن تدخل غيبي مباشر إذ ((ملأ الله قلبها وجوارحها إيماناً)) وذلك نظرا لقابلية القابل كما اوضحناه في محل اخر، ونظراً لنجاحها (صلوات الله تعالى عليها) في امتحانات العوالم السابقة. 
 
وذلك يعني ان هذا الفيض الإلهي والعصمة الممنوحة لها (صلوات الله تعالى عليها) ولهم (صلوات الله تعالى عليهم) لم تكن جزافا وترجيحا للشئ بلا مرجح حتى يقال لِمَ لَمْ يمنح الله الاخرينَ تلك الفيوضات السامية؟. 
 
ومما يشهد لذلك ما ورد في زيارتها (صلوات الله تعالى عليها) (يا ممتحنة امتحنك الله الذي خلقك قبل ان يخلقك فوجدك لما امتحنك صابرة) وهي المروية في مصباح الشيخ الطوسي، وما ورد فيه حجة لا بالنظر لحجية مراسيل الثقات فقط، بل لتوثيقه الإجمالي لكتابه كما هو مبين في محله. 
 
أي امتحنك الذي خلقك في هذا العالم قبل ان يخلقك في هذا العالم، اذ انه خلقك في عوالم سابقة قبل خلقتك ههنا.. وقد فُصِّل هذا البحث في محله عند الحديث عن عالم الارواح والظلال والانوار، والاشباح وفيها العشرات إن لم تكن المئات من الروايات والبحث فيها يستدعي اشهراً من الكلام، فراجع بحار الأنوار وغيره. 
 
وهنالك كلّنا امتحنِّا، وعلى مدى نسبة نجاح المرء في ذلك العالم، منحه الله تعالى الدرجات والمراتب والامتيازات في هذا العالم. 
 
اذن ((ملا الله قلبها وجوارحها ايمانا. .ولمزيد التاكيد يقول صلوات الله عليه.. الى مشاشها)) وذلك حتى لا يبقى ادنى ترديد في قوة هذا الاطلاق وسعة هذه الشمولية، وان العبارة ليست عبارة مجازية بل هي حقيقة دقيقة شاملة. 
 
3- الاستدلال بـ(فرغت لطاعة الله) على العصمة 
 
ثالثا: والوجه الاخر للاستناد الى اثبات عصمتها بهذه الرواية[7]: ((ففرغت لطاعة الله)) وهي عبارة جدا دقيقة أي انها حتى وهي تدير الرحى ـ بأبي هي وأمي ـ (صلوات الله تعالى عليها) وتجري الدماء آنذاك من يديها، حتى في هذه الحالة (قد فرغت لطاعة الله): قلبها معلق بالله سبحانه وتعالى، وأيضاً حتى وهي تدير شؤون المنزل، وفي مختلف الحالات... وذلك هو حال الانسان المتيم بحب الله حقاً، فان الولهان بشيء لا يشغله شيء عن ما تُيمِّ به وفي الدعاء (وقلبي بحبك متيماً)، ويمكن رصد ذلك بوضوح من مشاهدة بعض العشاق الذين يصلون الى حالة تجدهم فيها يتحدثون اليك الا انك تشعر انه يعيش في عالم اخر، وهذا هو المتيم حقا. 
 
والزهراء (صلوات الله تعالى عليها ) كانت بشهادة أبيها المصطفى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في علاقتها بربها وبارئها سبحانه وتعالى، كانت هكذا... وهذه هي الحوراء الانسية... قد فرغت لطاعة الله في اناء ليلها واطراف نهارها... في منزلها... او في اثناء القائها خطبتها القاصعة في المسجد... أو غير ذلك.. نغم فرغت لطاعة الله، وتمحضت في طاعته سبحانه وتعالى... فهي المرأة الانموذج الأعلى... والمرأة المثالية الأسمى (صلوات الله تعالى عليها)... وهل يُعقل ممن يوصف بانه فرغ لطاعة الله ان يعصي الله طرفة عين أو حتى أن يرتكب المكروه وهو يعلم بكراهة الله تعالى له؟! 
 
والحديث حول هذه الرواية واسع مترامي الأطراف لكن نكتفي بهذا القدر في هذه العجالة. نسأل الله تعالى ان يوفقنا واياكم لكي نكون ممن يحيي الشعائر الفاطمية, ويحيي ذكرى سيدة نساء اهل الجنة, ويحيي ظلامتها, ويحيي فضائلها وينشرها على ربوع البسيطة والعالم ويكون من اولياء الله حقا والمتبرئين من اعدائهم صدقا. 
 
واخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد واله الطيبين الطاهرين 
 
 
[1] - سورة المدثر: الآيات: 32 إلى 36. 
 
[2] - قال الشيخ في الفهرست (كان من أوثق الناس عند الخاصة والعامة وأنسكهم نسكاً). 
 
[3] - كما فصل السيد الأستاذ الحديث عن قاعدة اللطف في (فقه التعاون على البر والتقوى) 
 
[4] - جوى :اي من داخل الدار، وبرى: أي من خارج الدار، أي ان سلمان كان يسمع صوت فاطمة من داخل الحجرة وهي تقرأ القران بينما يرى الرحى تدور لوحدها في صحن الدار الخارجي بيد غيبية!! وهو اعجاز واضح وكرامة ظاهرة.. وجوى وبرى مصطلحان عراقيان باللهجة الدارجة وليسا لفظين فصيحين, ولم تذكرهما كتب اللغة. 
 
[5] - المـُشاش: هي اطراف العظام اللينة سواء في المرفقين او في الركبتين او غيرهما. 
 
[6] - وهو الانتقال من المعلول الى العلة . 
 
[7] - وهنا لا بد من الإشارة إلى مطلب هام جداً، وهو: ان علماء الكلام جزاهم الله خيرا وفقهاءنا والاصوليين – عند تطرقهم لذلك بالمناسبة - لم يقصروا في اقامة الادلة على عصمة الائمة المعصومين سلام الله عليهم وقد اقامواعلى ذلك الادلة القرانية الظاهرة البينة كآية التطهير وغيرها, الا ان الكلام هو: "كم ترك الاول للاخر " فلو شمر بعض الاعلام عن ساعد الجد لدراسة المئات من الروايات الاخرى التي لم يتطرق لها السابقون والتي يمكن ان يستدل بها على عصمتهم عليه الصلاة والسلام وعلى الكثير من البحوث العقدية الاخرى لوجدتم هذا المجال بحرا واسعا من مجالات البحث والعطاء، وهذا الرواية التي بين ايدينا هي من النماذج على ذلك.

  • المصدر : http://www.m-alshirazi.com/subject.php?id=895
  • تاريخ إضافة الموضوع : الأربعاء 28 جمادى الأولى 1434هـ
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 19