• الموقع : مؤسسة التقى الثقافية .
        • القسم : الفوائد والبحوث .
              • الموضوع : 96- من فقه الحديث: الوجوه المحتملة في قوله عليه السلام عن الوسوسة (لا شيء فيها) .

96- من فقه الحديث: الوجوه المحتملة في قوله عليه السلام عن الوسوسة (لا شيء فيها)

من فقه الحديث: الوجوه المحتملة في قوله عليه السلام عن الوسوسة (لا شيء فيها)*
عن محمد بن حمران قال: قال : سألت ابا عبد الله عليه السلام عن الوسوسة وان كثرت؟ فقال :لا شيء فيها تقول لا اله الا الله.)
الرواية معتبرة السند، لا لمجرد رواية الكافي لها وفي روايته الكفاية، بل لاعتبار رجال السند كلهم ايضاً، فان السند هو: 
-الحسين بن محمد عامر الاشعري، ثقة من مشائخ الكليني قدس سره
-عن معلى بن محمد البصري ، روى عنه كامل الزيارات واستظهر في معجم رجال الحديث انه ثقة، وهو من المعاريف وكثير الرواية ولم يرد فيه قدح يضر بوثاقته 
-عن الحسن بن علي بن زياد الوشاء - الثقة، - 
-عن محمد بن حمران النهدي - ثقة قاله النجاشي، -
هذه من الناحية السندية، ويبقى الكلام عن المراد من كلمة (لا شيء فيها) في الرواية ؟ ونقول بدوا ان فيها احتمالات اربعة: 
 
الاحتمال الاول: ان كل وسوسة كان وجودها ضارا او كان وجودها مشكوكا فيه، فهو منزل منزلة العدم، مثلا في الصلاة اذا شك الوسواسي بين الركعة الرابعة والخامسة فوجود الخامسة هنا ضار وهو مشكوك فيه فينزل منزلة العدم فيبني على الاربع وهذا البناء على وفق الاستصحاب. 
 
الاحتمال الثاني: عكس الاول-ولا مانعة جمع بينهما-اي ما كان عدمه ضارا فينزل منزلة الوجود – او الموجود - كما لو شك بين الركعة الثالثة والرابعة فعدم الرابعة ضار فيبني على الاربع، وهذا البناء هو على خلاف الاستصحاب وهو النافع لنا في المقام، اي: ان ما كان عدمه ضاراكعدم قصد الجزم الضار نزله الامام منزلة الوجود,واشرنا سابقا بايجازالى مشابهة ما نحن فيه لقاعدة لا ضرر، ونقول توضيحاً: ان تعبير الامام هنا (لا شيء فيها) يقال فيه ما يقال في لا ضرر،فان عددا من الاعلام ذهبوا الى ان لا ضرر تعني نفي جعل الحكم الضرري- اي الحكم الذي ينشأ من وجوده الضرر كما ذهب اليه الشيخ قدس سره ، او نفي الحكم بلسان نفي الموضوع كما ذهب اليه الاخوند قدس سره، والجامع: كون المتعلق هو الوجود (نظير الاحتمال الاول هنا)اي ان وجود الحكم الناشئ منه الضرر مرفوع والمقام مثله فوجود الركعة الخامسة فيه ضرر فيرفع بقول الامام عليه السلام: (لا شيء فيها) هذا هو الرأي الاول في لا ضرر، والرأي الثاني في لا ضرر- وهو الذي ذهب اليه البعض من الاعلام ومنهم السيد الوالد تبعا لبعض المحققين كالمحقق التوني والمرحوم الاصفهاني -: هو ان لا ضرر يشمل ايضا العدم ايضاً، فليس المراد بلا ضرر الوجود فقط، بمعنى انه ليس متعلق لا ضرر الوجود الحكمي النابع منه الضررفقط، بل ايضاً العدم النابع منه الضرر، فلا ضرر تعني: ان كل عدم حكم لزم منه الضرر فهو مرفوع - ونفي النفي اثبات – اي ذلك الحكم موضوع و ثابت، فإذا كا ن هناك عدم حكم يلزم منه الضرر فلا ضرر ترفعه, ودليلهم؛ ان الإطلاق في لا ضرر يشمل الضرر المتحقق بالوجود او العدم، ومثاله: ضمان الحابس، كما ذكره الوالد في الاصول فاذا شخص حبس آخر عن العمل والكسب إلى ان فات وقت العمل بسبب الحبس، فهل هو ضامن للكسب الذي خسره بسبب الحبس؟ -وهذه مسألة خلافية ومهمة و كثيرة الابتلاء كما في حبس الحكومات الظالمة – ان مما يصلح دليلاً من الادلة على الضمان؛ هو قاعدة لا ضرر بناءا على التعميم؛ اذ يلزم من عدم تشريع الضمان على الحابس الضرر، والرواية تقول :ُرفع لا ضرر، اي: ( عدم الحكم الضرري)(1) وهذا يعنى: تشريع الضمان، اذن لا ضرر ليست نافية للحكم الضرري فقط بل مثبتة للحكم النفعي ايضاً, وكذلك طلاق الحاكم الشرعي بالولاية فإذا المرأة غاب عنها زوجها سنين – وكانت مثلاً في عسر وحرج - فلها ان ترفع امرها إلى الحاكم الشرعي، وله ان يطلق ولاية، والحاصل: ان من ادلة الطلاق الولائي هوهذا القول، لكون عدم تشريع صحة الطلاق الولائي ضررياً، والضرر مرفوع . 
وهذا البحث في لا ضرر كثير الجدوى والفائدة، وكذلك مورد كلامنا في الوسواسي فعندما يقول الامام عليه السلام (لا شيء فيها) اي لا شيء من الضار - بوجوده او عدمه - في الوسوسة بثابت او مجعول، ومن الضار بعدمه (الجزم) فليس بمعتبر شرعاً في الوسواس، فتامل. 

الاحتمال الثالث: ان (لا شيء) تعني انها ليست مبطلة وليست مضرة، وهذا الاحتمال الثالث يتفق مع الاحتمال الثاني في النتيجة، ولكن يختلف في الاستظهار العرفي، فذاك الاحتمال قد يستشكل: انه خلاف المتفاهم العرفي وان كان دليله الإطلاق، اما هذا الاحتمال الثالث فهو سلس وبحسب المتفاهم العرفي، اذن النتيجة واحدة ولكن باختلاف المدخل. 
الاحتمال الرابع :في (لا شيء فيها) : هو انه غير مؤاخذ عليها. 
هذا وبحث الوسوسة بحث واسع ويحتاج لبحث بشكل مستوعب اذ ان كثيراً من مباحثه تحتاج لاستيعاب اكثر في بحث الادلة، مثل هل ان الوسوسة في العبادة مبطلة أم لا ؟ كأن يكرر الضالين أو القراءة ونحوها كثيراً، فان السيد العم يرى انها غير مبطلة، كما ان السيد الخوئي يذهب الى عدم وجود دليل دال على حرمتها، وهذا بحث يحتاج إلى تنقيح. 
------------------------------------------------------------

 


  • المصدر : http://www.m-alshirazi.com/subject.php?id=2250
  • تاريخ إضافة الموضوع : 30 ذي الحجة 1437هـ
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 18