بقلم: السيد نبأ الحمامي
ورد في الروايات الشريفة تحديدات عمرية مختلفة في جواز أمر الصبي ووجوب الفرائض عليه، بين الثمان والثلاث عشرة والخمس عشرة سنة، وربما يتوهم التعارض والتنافي بينها.
وهذا الاختلاف في التحديد له نظائر في (الفقه)، كتحديد الكر من الماء، بين السبع وعشرين شبراً، وست وثلاثين شبراً، واثنين وأربعين شبراً وسبعة أثمان من الشبر، وغيرها.
وقد بينا هناك وجوهاً لحل هذا التنافي والتعارض البدوي، ومنها:
1: أنها وردت بنحو القضية الخارجية، باعتبار الاختلاف في الفهم والظروف والحالات وغيرها. كما روي مضمون ذلك في الكافي عن منصور بن حازم قال : ((قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): ما بالي أسألك عن المسألة فتجيبني فيها بالجواب، ثم يجيئك غيري فتجيبه فيها بجواب آخر؟، فقال (عليه السلام) : إنا نجيب الناس على الزيادة والنقصان)) ([1]).
2: إنها وردت للإرشاد إلى وجوه المصلحة والمفسدة وتأكد الاستحباب.
ولكن ذلك على خلاف الأصل؛ إذ الأصل أن القضية في الأحكام هي على نحو القضية الحقيقية، إلا أن يدل دليل عليه.
3: أن روايات الأكثر ـ الخمسة عشر سنة ـ تحمل على التقية؛ لموافقتها للعامة، فتأمل([2]).
ولا يتوهم: حل التعارض باعتبار أن رواية الخمس عشرة سنة لم تحصر سن التكليف بالعمر، بل جعلت له بدائل أخرى كالإنبات والاحتلام، كما روي في الكافي عن حمران، قال : ((سألت أبا جعفر (عليه السلام)، قلت له: متى يجب على الغلام أن يؤخذ بالحدود التامة وتقام عليه ويؤخذ بها؟، فقال: إذا خرج عنه اليُتم وأدرك ، قلت: فلذلك حد يعرف به؟، فقال: إذا احتلم أو بلغ خمسة عشر سنة أو أشعر أو أنبت قبل ذلك أقيمت عليه الحدود التامة وأخذ بها وأخذت له)) ([3]).
إذ يجاب: ليس هناك تعارض بين العمر وبين المحددات الأخرى، وهي الاحتلام والإنبات، بل التعارض واقع بين التحديد الرقمي للتكليف: (8) و(13) و(15) سنة، أما الاحتلام والإنبات فلا خلاف في كونهما علامة للبلوغ.
|