||   بسم الله الرحمن الرحيم | اللهم كُن لوليّك الحُجَّة بن الحَسَن صَلواتُكَ عَليه وَعَلى آبائه في هذه السّاعة وفي كُلّ سَاعَة وَليّاً وَحَافِظا وَقائِداً وَ ناصراً ودَليلاً وَ عَينا حَتّى تُسكِنَه أرضَك طَوعاً وَتُمَتِعَه فيها طَوِيلاً | برحمتك يا أرحم الراحمين   ||   اهلا وسهلا بكم في الموقع   ||  


  





 58- (إِنَّ اللهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِن بَعْضٍ) من إسرار الإصطفاء الإلهي (السيدة زينب عليها سلام الله نموذجاً وشاهداً)

 187- العدل والظلم على مستوى الامم التهديدات التي تواجه الحوزات العلمية

 181- مباحث الاصول: (المستقلات العقلية) (3)

 255- مباحث الأصول: بحث الحجج (حجية قول الراوي والمفتي والرجالي واللغوي) (2)

 330- (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسانِ) (5) العدل والاحسان في توزيع الموارد المالية والمرجعية في تحديدهما.

 281- فائدة أصولية: منجزية العلم الإجمالي

 دوائر الحكم بالعدل، ومساحات حقوق الشعب (4)

 457- فائدة أصولية: إفادة تراكم الظنون القطع أحيانا

 224- مخططات الاستعمار ضد ثوابت الشريعة

 287- قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ (3) (نظرة نحو تعدد القراءات) و زيارة الأربعين بين شاكلة الجماهير وشاكلة المنتقدين



 اقتران العلم بالعمل

 متى تصبح الأخلاق سلاحا اجتماعيا للمرأة؟

 الحريات السياسية في النظام الإسلامي

 فنّ التعامل الناجح مع الآخرين



 موسوعة الفقه للامام الشيرازي على موقع مؤسسة التقى الثقافية

 183- مباحث الاصول (مبحث الاطلاق) (1)

 351- الفوائد الاصولية: بحث الترتب (2)

 قسوة القلب

 استراتيجية مكافحة الفقر في منهج الإمام علي (عليه السلام)

 الأجوبة على مسائل من علم الدراية

 النهضة الحسينية رسالة إصلاح متجددة

 236- احياء أمر الامام المهدي (عجل الله تعالى فرجه الشريف)

 نقد الهرمينوطيقا ونسبية الحقيقة والمعرفة

 177- أعلى درجات التواتر لاخبار مولد الامام القائم المنتظر ( عجل الله تعالى فرجه الشريف )



  • الأقسام : 85

  • المواضيع : 4431

  • التصفحات : 23706741

  • التاريخ : 29/03/2024 - 06:28

 
 
  • القسم : دروس في التفسير والتدبر ( النجف الاشرف ) .

        • الموضوع : 127- محاسبة النفس وتقييم الذات .

127- محاسبة النفس وتقييم الذات
الأربعاء 27 ربيع الثاني 1433هـ





 بسم الله الرحمن الرحيم 

الحمد لله رب العالمين, بارئ الخلائق أجمعين,باعث الأنبياء والمرسلين,ثم الصلاة والسلام على سيدنا وحبيب قلوبنا أبي القاسم المصطفى محمد وعلى أهل بيته الطيبين الطاهرين الأبرار المنتجبين الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا,واللعنة الدائمة الأبدية على أعدائهم إلى يوم الدين,ولاحول ولاقوه الابالله العلي العظيم 
يقول سبحانه وتعالى: ( الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا اللَّهَ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا ) 
هنالك قاعدة نعبر عنها بقاعدة ((قف ..امض)) وهي قاعدة تشكل جوهر رقي الإنسان وسموه وتعاليه وترفعه عن حضيض الحياة الدنيا . ذلك ان من رسالات الله (محاسبة النفس) و(تقييم الذات) ,وذلك مما يتجسد في هذه القاعدة , فان على الإنسان بين فترة وأخرى أن يتوقف قليلا , ليعيد دراسة نفسه ونفسياته وذاته وتقييمها ,وماهية شاكلته (قل كل يعمل على شاكلته فربكم اعلم بمن هو اهدى سبيلا) الإسراء: 84 
ومن المحبّذ للإنسان أن يقف احياناً أمام المرآة ويتأمل بعين بصيرته في نفسه وذاته : ماذا يوجد وراء هذا القناع الجميل (الوجه) ,ماذا يكمن وراء هذه التقاطيع وهذه الهيئة والشملّة ؟؟ وفي الشعر المنسوب للامام (سلام الله عليه): أ بُني إن من الرجال بهيمة في صورة الرجل السميع المبصر 
فقد يوجد وراء هذا الوجه الجميل ذئب – لا سمح الله-, أو قرد ,او خنزير ,او ثعلب ,او غير ذلك , والعياذ بالله تعالى . 
فان من كانت القوة السبعية مهيمنة عليه ,وكانت الحالة الغضبية متأججة فيه ,وطالما تفجرت لأدنى الأسباب .فهو (ذئب) في واقعه وجوهره او أقبح من ذلك، وان كان اجمل الناس وجهاً والطفهم كلاماً . 
أما من اعتاد على الخداع والتلبيس على الناس ,والاستحواذ على انفسهم او اموالهم او حقوقهم عبر المراوغة والمماكرة, فان وراء قناعه الآدمي ثعلباً مكّاراً او الاسوأ من ذلك، اما من تحكمت فيه قواه الشهوانية، فلم يتورع عن ارتكاب المحارم واجتراح المآثم، فلعله في باطنه ليس الا خنزيراً والعياذ بالله . 
وأما من كانت سجيته التنقيص من الآخرين والاستهزاء بهم , وإطلاق العبارات المخجلة بحقهم من اجل إضحاك الناس عليهم ,فلعه في الحقيقة (قرد) , فان ذلك من شأن القرد , وليس من شأن الإنسان الذي كرّمه الله تعالى . 
العقوبة من سنخ العمل: 
التقيت قبل فترة بشخص , وكانت له شخصية اجتماعيه مرموقة , ولكنني وجدت فيه صفة غير محبذة , وهي انه كان بدأب على التنقيص من الآخرين ,وعلى الاستهزاء والسخرية بهم , وحاولت نصيحته , ولكنه لم يأخذ بالنصيحة, وبعد مدة من الزمن ابتلاه الله تعالى ببلاء من سنخ فعله وطبيعته ,فقد أصيب احد أهل بيته القريبين منه بلوثة بالعقل ,شبه الجنون , فأصبح صاحب هذه الشخصية المعروفة مرمى سخرية الكثيرين , واخذ يتألم ويتساءل : لماذا ابتلاني الله بهذا البلاء ؟!!
ورغم استمراره بعد ذلك في الدعاء والصدقة لدفع هذه البلية الا انه لازال تحت وطأة هذه المصيبة المؤلمة ـ عافانا الله تعالى وإياكم ـ وفي ذلك عبرة واية عبرة، فان المعصية قد تستتبع اثاراً وضعية لا تزول ولا تمحى مهما صنع الانسان، وذلك كما القى بنفسه من شاهق فتحطمت عموده الفقري واصيب بالشلل الى اخر عمره – اجارنا الله واياكم من كل ذلك- 
لقد اكتشف حقيقته ولكن.! 
شخص آخر نقلت له قصة ذلك الشخص الذي طلب من الإمام الرضا (عليه السلام) أن يريه حقيقته فاراه اياه كما هي هي, والقصة مفصلة , وبعد ذلك نصحته أن الأولى أن يطلب الإنسان ان يبدل الله تعالى بشفاعة الأمام (عليه السلام) حقيقته مهما كانت الى أفضل حقيقة ممكنة , اما مجرد اراءة الحقيقة فقد لا يكون مجدياً في عالم تهذيب النفس, وبعد فترة رأيت هذا الشخص واخبرني انه أيضا طلب من الله تعالى بواسطة الإمام (عليه السلام) أن يريه حقيقته , غافلا عن نصيحتي له بتغيير الدعاء , يقول فرأيت في مكاشفة او رؤيا أن هاتفا يقول لي : أنت شاة ,أنت شاة ,أنت شاة.!! ( وما اقبح بالمرء ان يكون شاة او نعجة) 
وقد سألني : ما معنى ذلك ؟ فقلت له: لعل هذا مايشير إليه أمير المؤمنين (صلوات الله تعالى عليه): "....او كالبهيمة المربوطة همها علفها وشغلها تقممها " 
والكثير من الناس هكذا ,همه في الأكل والشرب والشره فيهما, وكثيرا ما توقع (البطنة) وملذات الجسد الأخرى , الإنسان في المعاصي الكبرى , إن على الانسان ان يقف قليلا – كل يوم مرة على الاقل- ويحاسب نفسه ويتأمل في أخلاقه وطبائعه مهما كانت مكانته وموقعه الاجتماعي , ويتعرف على شاكلته ,هل هي هذا الحيوان ؟ام هي ذاك الحيوان ؟ ام انه انسان رباني يتصرف بحكمة وتقوى، ويعاشر الناس بالمعروف , مرضىياً عند الله سبحانه وتعالى . 
ان هذه القاعدة (قف ..امض) قاعدة مهمة ينبغي للإنسان ان يتاملها , ويطبقها , ما استطاع الى ذلك سبيلا، بان يتوقف قليلاً ليعيد تقييم ذاته وصفاته وافعاله ثم ليمض على هدى من امره وبعزيمة ومضاء على تغيير نفسه نحو الافضل فالافضل 
ولهذه القاعدة باطن أيضا , وهو حروفها التي تتكون منها وهي (ق ,ف,أ,م,ض): القاف :ترمز الى دراسة نقاط (قوة) الإنسان . الفاء :ترمز الى دراسة (الفرص) المستقبلية. الميم: ترمز الى دراسة (المخاطر) المستقبلية. الضاد:ترمز الى دراسة نقاط (ضعف) الإنسان. أما (الألف) فهو متوسط بين هذه المعادلات الأربع لفظا وحقيقة , ليشير الى أن (أدارة) الحياة الطيبة قائمة على هذا التوازن . ومحور حديثنا الان حول (نقاط الضعف) فقط وسنرجئ الحديث عن سائر المحاور الثلاثة الى فرصة اخرى. 
كيف ضمن رسول الله صلى الله عليه واله الجنة..؟ 
وتوجد في الاخبار ظاهرة ملفتة وغريبة وهي ان: بعض الصحابة كانوا يسالون رسول الله ( صلوات الله تعالى عليه وعلى اله الاطهار) ان يضمن لهم الجنة, ولكنه بحكمته الربانية كان يشترط على السائل شرطا معينا , وأحيانا شرطين او ثلاثة، فقد اشترط يوما على احدهم ممن سأله ذلك ,أن لايطلب من احد حاجة أبدا , فكان هذا الصحابي اذا سقط من يده السوط وهو على جواده وابنه واقف الى جواره، كان ينزل من الفرس ليتناول سوطه ولا يطلب من ابنه او زوجته ذلك؛ لان في قبال ذلك ضمان الجنة , ونعم مافعل ذلك الرجل , والان لنتصور انفسنا في زمن رسول الله صلى الله عليه واله وقد طلبنا منه ضمان الجنة، فما هي نقطة ضعف او نقاط ضعفنا التي قد تجرنا الى غضب الجبار والى الخلود في النار – اعاذنا الله واياكم من ذلك- فاننا ايضاً يمكننا ان نستفيد من جواب النبي الأكرم (صلى الله عليه واله) اذا التفتنا الى علة وفلسفة اشتراط النبي الأكرم تلك الشروط . فلماذا كان النبي يشترط شرطا على ذلك السائل ؟ الذي يخطر بالبال : لعل ذلك كان بسبب أن النبي الأكرم عرف نقطة ضعف هذا الإنسان , فأراد منه أن يسد تلك الثغرة , ليفوز بعد ذلك بالجنة والنعيم المقيم 
ومثال ذلك :القلعة الحصينة , الا من ثغرة معينة في احدى جوانبها، او ثغرات محددة، فان القائد لدى ملاحظته ذلك يامر الجندي بمراقبة تلك الثغرة والحذر منها، ومحاولة ترميمها، أما بقية جوانب الحصن فهي مؤمّنة . وهكذا النفس الإنسانية قد توجد فيها بعض نقاط الضعف , فعلى الإنسان ان يعالج نفسه من تلك الجهة , بكل جد وحزم وإخلاص , فإذا علم الله تعالى منه صدق النية اخذ بيده وخلصّه من نقاط ضعفه، بحوله وقوته وكرمه ( والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا) . 
ان الكثير من الناس مبتلون بإمراض أخلاقية خطيرة قد تؤدي بهم – لا سمح الله - الى جهنم وسوء العاقبة ,فان من الناس من يبتلي بحب الرياسة او حب الشهرة او حب المال اوغير ذلك (زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والانعام والحرث، ذلك متاع الحياة الدنيا والله عنده حسن المآب) آل عمران: 14 
وكم من الناس أدخلهم الحسد او الحقد او إيقاع الفتنة بين المؤمنين او غير ذلك من الموبقات ,في نار جهنم ـ والعياذ بالله ـ 
محمد بن مسلم : لاشك أنكم تعرفون ذلك الراوي الكبير وهو محمد بن مسلم والذي عده الكشي من أصحاب الإجماع , فقد كان ثقة, عدلا ,ضابطا , تقيا ,ورعا , فقيها , وكان من وجهاء الشيعة في الكوفة ومن أثريائها ,ومن عائلة معروفة لها مكانتها في المجتمع الكوفي انذالك . 
ذهب يوما الى المدينة , والتقى هناك بالإمام الباقر (عليه السلام), فقال له الإمام كلمة واحدة وهي :تواضع . 
فرجع الى الكوفة وهو يتأمل في نصيحة الأمام (عليه السلام) , ويبحث عن السبيل الى تهذيب نفسه وإصلاحها , ولما وصل الى الكوفة واستقر به المقام , اشترى حلّة من التمر وفرش بساطه في باب المسجد المعظم , واخذ يبيع التمر , وينادي بالناس :تمر تمر من يشتري ؟ 
ولكم أن تتصوروا صعوبة هذا الأمر على شخص له مكانة اجتماعية ودينية مرموقة ومن عائلة ثرية فجاءه قومه وبعض خواصه ولاموه على ذلك وان هذا لايليق بك وأنت أنت.. ذلك العالم الجليل ..والفقيه الكبير..الذي يرجع اليه الناس في الفروع والأصول . 
فقال لهم :لقد أمرني وسيدي ومولاي بأمر وأنا ماض في تنفيذ أمره .... 
واستمر على ذلك الحال الى أن باع التمر كله , بعد ذلك اقترح عليه قومه ان يكون (طحانا) لوفائه بالغرض – التواضع- , فاشترى جملا ورحى , واخذ يطحن الشعير وينقل بواسطة الجمل الشعير او الحنطة، ولذا تجدون اسمه في كتب الرجال (محمد بن مسلم الثقفي الطحّان). 
وبذلك اعطانا أروع الدروس في تهذيب النفس وكبح جماحها , والامتثال الحقيقي لأمر إمام عصره, وقد خلد التاريخ هذا الرجل , والإنسان الفذ , ولا نجده يذكر إلا بالإعجاب والتبجيل , و هو ممن يتعلم منه على مر العصور , العلماء والصالحون والمؤمنون على اختلاف درجاتهم ومقاماتهم . 
ذلك ان الإنسان لايسمو بالعلم فقط ,بل قد يكون العلم سلاحا موجها ضد الإنسان فانه سلاح ذو حدين (وكذا الثروة والرئاسة والجمال والمكانة الاجتماعية كلها مخاطر بقدر ما هي فرص) , وإنما يسمو المرء بالعلم والعمل الصالح ومراقبة النفس والسعي الى إصلاحها وتهذيبها . 
وقد ورد عنهم (سلام الله عليهم): حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا ,و زنوها قبل أن توزنوا) .وهذه الرواية تتضمن معنيين مهمين : 
1) محاسبة النفس قبل الحساب الأكبر في ساحة المحشر 
2) معرفة وزن النفس , وقيمتها , وماهو وزنها الحقيقي في بعد التقوى والورع عن محارم الله تعالى ؟ 
لك صعب ويحتاج الى تدبر ومراقبة مستمرة ولا يوجد فيه (ضابط كمي) عكس العلم مثلاً الذي يمكن ان يقاس بالكم، فلا بد من الحذر ثم الحذر، ولا بد من اخذ الحائطة على الدين والتقوى والورع، كاشد ما يكون الاحتياط. 
حوسب سنة كاملة على شوك! 
شوهد احد الأولياء في الرؤيا , وله الآن مزار معروف, فقيل له :كيف هو حالك ؟فقال : أنا حتى الآن محبوس على قضية واحدة ومنذ سنة , وهي أني اقتطعت ذات يوم من حطاب مرّ أمامي شوكة صغيرة لأخلل بها أسناني) فإذا كان هذا حال من اخذ شوكة صغيرة لاقيمة لها بهذا الشكل من الحساب ,فكيف بمن يعمل الكبائر والموبقات؟؟ .ويصدّقه قول الله تعالى: ( فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره، ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره) 
والحمد لله رب العالمين وصلى الله تعالى على محمد واله الطيبين الطاهرين .... 

  طباعة  ||  أخبر صديقك  ||  إضافة تعليق  ||  التاريخ : الأربعاء 27 ربيع الثاني 1433هـ  ||  القرّاء : 11761



 
 

برمجة وإستضافة : الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net