||   بسم الله الرحمن الرحيم | اللهم كُن لوليّك الحُجَّة بن الحَسَن صَلواتُكَ عَليه وَعَلى آبائه في هذه السّاعة وفي كُلّ سَاعَة وَليّاً وَحَافِظا وَقائِداً وَ ناصراً ودَليلاً وَ عَينا حَتّى تُسكِنَه أرضَك طَوعاً وَتُمَتِعَه فيها طَوِيلاً | برحمتك يا أرحم الراحمين   ||   اهلا وسهلا بكم في الموقع   ||  


  





 369- (هُوَ الَّذي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتابَ مِنْهُ آياتٌ مُحْكَماتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتابِ) (18) التفسير الاجتماعي النهضوي للقرآن الكريم

 Reviewing Hermeneutic. Relativity of Truth, Knowledge & Texts 5

 أضواء على حياة الامام علي عليه السلام

 بعض العوامل الاقتصادية لإنتاج الثروة ومكافحة الفقر

 شعاع من نور فاطمة عليها السلام

 167- احياء (شهر الغدير)

 393- فائدة فقهية: حكم عمل المسلم في بعض المهن المشكلة

 144- بحث اصولي: لا اطلاق لقبح تخصيص الأكثر، وذكر موارد لعدم قبح تخصيص الاكثر

 124- بحث اصولي: مراتب الارادة الاستعمالية والارادة الجدية

 63- التعدي بالمادة



 اقتران العلم بالعمل

 متى تصبح الأخلاق سلاحا اجتماعيا للمرأة؟

 الحريات السياسية في النظام الإسلامي

 فنّ التعامل الناجح مع الآخرين



 موسوعة الفقه للامام الشيرازي على موقع مؤسسة التقى الثقافية

 183- مباحث الاصول (مبحث الاطلاق) (1)

 351- الفوائد الاصولية: بحث الترتب (2)

 قسوة القلب

 استراتيجية مكافحة الفقر في منهج الإمام علي (عليه السلام)

 الأجوبة على مسائل من علم الدراية

 النهضة الحسينية رسالة إصلاح متجددة

 236- احياء أمر الامام المهدي (عجل الله تعالى فرجه الشريف)

 نقد الهرمينوطيقا ونسبية الحقيقة والمعرفة

 177- أعلى درجات التواتر لاخبار مولد الامام القائم المنتظر ( عجل الله تعالى فرجه الشريف )



  • الأقسام : 85

  • المواضيع : 4431

  • التصفحات : 23970974

  • التاريخ : 20/04/2024 - 03:52

 
 
  • القسم : البيع (1444هـ) .

        • الموضوع : 631- العقود إمضائية وتأسيسية خلافاً للمشهور .

631- العقود إمضائية وتأسيسية خلافاً للمشهور
الأحد 6 رجب 1444هــ



بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين سيما خليفة الله في الأرضين، واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم

(631)

سبق أن بعض الأعلام ذهب إلى أن المعاملات إمضائية، إرشادية، لا تأسيسية ولا مولوية، وانها صبّت وصيغت بحسب الارتكازات العقلائية، فهي كثوبٍ فُصّل على ما بنى عليه العقلاء فلا ينعقد لها في مرحلة المقتضي إطلاق على ما بنوا على خلافه (بل ربما يقال: انه لا ينعقد لها إطلاق على ما لم يبنوا عليه أيضاً. فتأمل)، وقد سبقت مناقشات ونضيف:

إنّ ما اشتهر من أن الإطلاقات الواردة في المعاملات إمضائية وليست تأسيسية، ليس صحيحاً على إطلاقه، بل الصحيح: أن المعاملات إمضائية - تأسيسية، ونقصد بذلك أنها إمضائية في أصلها وبعض حدودها، وتأسيسية في سائر حدودها، من قيود وشروط وموانع.

يدلنا على ذلك الاستقراء التام في روايات أبواب المعاملات وفتاوى الفقهاء فيها، توضيحه: انه يقصد بالإمضائي ما لم يشرِّعه الشارع ولم يجعله بل أمضى بناء غيره، كالمعاملات على ما قالوا، ويقصد بالتأسيس ما جعله الشارع وشرّعه وأسسه من غير (أن يكون مجعولاً لغيره ويكون دوره فقط الإشارة إليه) وذلك كالعبادات فالشارع في العبادات جاعل وفي العبادات مرشد.

لكنّ الصحيح أن الشارع أمضى أصول المعاملات، أي كلّيها الطَبَعي، فهو بهذا الحد مرشد، لكنه جعل لها حدوداً، فأبطل معاملات يراها العقلاء صحيحة وجعل لها قيوداً بدونها تبطل، أو شروطاً بدونها تنتفي عنها صفة اللزوم (وإن كان بعض الشروط إمضائياً) كما جعل لها موانع لم يجعلها العقلاء، فصح أنها إمضائية وتأسيسية، وتدلنا على ذلك الشواهد التالية:

1- بيع الصرف، وهو بيع الذهب أو الفضة بالذهب أو الفضة سواء أكانا مسكوكين أم لا:

أ- فإن الشارع اشترط التقابض فيه في المجلس وإلا بطل، بينما يعتبره العقلاء صحيحاً كسائر البيوع التي لا يتم القبض فيها في المجلس، كما ان الحكم شرعاً هو انهما لو قبضا بعضه صح فيه دون غيره، عكس حكم العقلاء.

ب- وإذا بيع الذهب بالذهب أو الفضة بالفضة وكان أحدهما أكثر من الآخر بطلت المعاملة شرعاً، وصحت عند العقلاء.

ج- ويبطل بيع تراب الذهب المعدني بالذهب المعدني وكذا تراب الفضة بالفضة، شرعاً، دون العقلاء.

2- البيع نفسه، فإنه وإن كان من العقود العرفية – العقلائية، إلا إن {أَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ}  إمضائي في أصله تأسيسي في إطلاقه وحدوده:

أ- ولذا نجد أن بيع الكالي بالكالي، وهو بيع الكلي بالكلي مع شرط تأخير كل منهما([1]) باطل شرعاً، وليس بباطل عرفاً.

ب- كذلك البيع الربوي باطل شرعاً (والمراد به الربا المعاملي) مع أن الربا المعاملي صحيح لدى كافة عقلاء العالم، فانه عقلائي تماماً؛ ألا ترى أن بيع كيلوين من الحنطة الرديئة بكيلو من الحنطة الجيدة (نظراً لمساواتهما في القيمة السوقية) عقلائي؟ وأما الربا القرضي، فان الشارع حرّمه وأبطله رغم أن بعض العقلاء لا يرون وجهاً لحرمته ولذا {قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا} (سورة البقرة: الآية 275) فأجابهم تعالى بالتعبّد وانه المالك الحقيقي فله أن يحل هذا ويحرم ذاك، ولم يجبهم بوجه الفرق الثبوتي، رغم انه متحقق بحسب قاعدة تبعية الأحكام لمصالح ومفاسد في المتعلقات، سلّمنا لكن العقلاء يفرقون بين (الربا الإنتاجي) و(الربا الاستهلاكي) إذ يرون الربا الإنتاجي عقلائياً تماماً إذ يقولون ان للمال قيمة وأجراً، فكما أنك إذا بذلت جهداً فبنيت بيتاً فلك أن تؤجره فكذا لو بذلت جهداً فحصلت نقوداً فلك أن تؤجرها أو تقرضها بأجرة محددة كأجرة أي شيء آخر، عكس الثاني (الاستهلاكي) الذي اختلفوا فيه (وقد فصّلنا في بحوث الاقتصاد الإسلامي المقارن الاقتصادي الوجه في بطلان الربا الإنتاجي، أيضاً).

3- المضاربة اشترط في صحتها الشارع شروطاً لا يراها العقلاء بل قد يرون بعضها خلاف القاعدة، لكن الشارع أبطلها من دونها، عكسهم، فمن ذلك:

(1- أن يعيّن المالك رأس المال وإلا بطلت المعاملة، نعم إذا قال: (أضاربك بأحد هذين المالين) وكانا بنفس المقدار فالمضاربة صحيحة.

2- أن يعيّن مقدار رأس المال ومواصفاته كأن يقول مثلاً: (ألف ليرة ذهباً).

3- أن يعين سهم العامل من الأرباح، فلو قال مثلاً: (تاجر بهذا المال ولك من الأرباح ما يدفعه فلان إلى عامله) فإذا لم يعرف العامل ما يأخذ العامل المشار إليه لم تصح المضاربة.

4- أن تكون حصة العامل من الأرباح مشاعاً، يعني أن يعين له النصف أو الثلث أو ما شابه، فإذا قال له المالك: (تاجر بهذا المال وخذ مائة ليرة – مثلاً – من أرباحه) لم تصح.

5- أن يكون المالك والعامل (المتعاقدان) فقط شركاء في الأرباح فلو قررا شيئاً من الأرباح لشخص آخر كان باطلاً.

6- أن يصرف العامل ذلك المال في التجارة، فلو أعطاه المالك ليصرفه العامل في الزراعة، ويكونا شريكين في الأرباح لم تكن مضاربة وإن كانت المعاملة صحيحة)([2]) وبعض تلك الشروط فتوى وبعضها احتياط، والشاهد ان العقلاء لا يعتبرون معظمها، إن لم يكن كلها.

4- الوصية: فان الوصية والتدبير رغم كونهما تعليقيين غير منجزين (إذ علقا على الوفاة) صحيحة شرعاً، عكس الهبة المعلقة على الوفاة، والوقف والصدقة وإبراء الدين المعلقة على الموت فانها باطلة.

5- الهبة: إذ شرّع الشارع صحة الفسخ حتى بعد القبض، وليس كذلك العقلاء، سلّمنا، لكنه استثنى ما لم يشرّعه العقلاء إذا استثنى الهبة لذي الرحم، والهبة للزوجة أو الزوج، والهبة إذا تصرف فيها الموهوب له، والهبة بعد التلف، فإن الشارع رأى أن الهبة لازمة في الصور السابقة، والعقلاء إما لا يرون الأصل أو لا يرون هذه التفاصيل.

6- النكاح، فانه معاملة عقلائية، وقوله: {وَأَنكِحُوا الْأَيَامَىٰ مِنكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِن يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} (سورة النور: الآية 32) إرشادي، إمضائي، لكنّ حدوده مجعولة للشارع تأسيسية، إما لأمر لم يجعله العقلاء أو لأمر جعل فيه الشارع حكمه على خلاف ما جعلوه:

أ- فالجمع بين الأختين باطل لدى الشرع {وَأَن تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ} (سورة النساء: الآية 23) لكن العقلاء لا يرون فيه محذوراً إلا من أنتمى إلى دين فإن دينه يردعه، عكس الزواج بالأخت أو الأم الذي يراه العقلاء قبيحاً.

ب- وكذا الزواج بالخامسة، فانه باطل شرعاً، لكنّ العقلاء([3]) لا يرون به بأساً.

ج- زواج البكر الرشيدة فانه مرتهن شرعاً برضى أبيها أو جدها، وليس كذلك في عرف العقلاء أو في عرف كثير منهم، وعكسه زواج غير البكر فإن أمرها بيدها وهو صحيح شرعاً، عكس بعض الأعراف. فتأمل.

د- صحة النكاح مشترطة شرعاً بالإنشاء اللفظي، وليس كذلك الحال عند العقلاء إذ يكتفون بالكتابة لدى الحاكم مثلاً، بل قد يقال بأنهم يكتفون بالمعاطاتي منه.

7- الطلاق، إذ اشترط الشارع في صحته الشاهدين، ولم يشترط ذلك العقلاء، واشترط أن يكون في غير طهر المواقعة ولم يشترطوا ذلك، كما اعتبر عدتها ثلاثة اقراء وعدة الوفاة أربعة أشهر وعشراً، وليس ذلك مما شرعه العقلاء وأسسوه.

ومنه يظهر أن الإطلاقات في أدلة المعاملات تأسيسية لكل ما لم يجعله العقلاء، فلا وجه لأن يدعى أن المعاملات إمضائية مطلقاً إلا أن يحمل كلامهم على ما ذكرناه كما نستظهره، فلا وجه للقول بأن الإطلاقات لكونها إمضائية فانها مرشدة للمرتكزات العقلائية لا مؤسسة. فتدبر.

*              *              *

- إذا كانت الإطلاقات تأسيسية في بعض حدودها، وإمضائية في بعض حدودها، ألا يلزم من ذلك استعمال اللفظ في أكثر من معنى وهو محال أو باطل؟ أجب عن هذا الإشكال.

وصلى الله على محمد وآله الطاهرين


قال أبو عبد الله (عليه السلام): ((صِلَةُ الرَّحِمِ تُهَوِّنُ الْحِسَابَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَهِيَ مَنْسَأَةٌ فِي الْعُمُرِ، وَتَقِي مَصَارِعَ السُّوءِ وَصَدَقَةُ اللَّيْلِ تُطْفِئُ غَضَبَ الرَّبِّ)) (الكافي: ج2 ص157).

----------------------------------------

([1]) قال السيد الكلبايكاني في تعليقته على وسيلة النجاة: (وأما في الكلي فاشتراط تأخير كل منهما يوجب أن يكون بيع الكالي بالكالي وهو باطل) وذلك تعليقاً على السيد أبي الحسن الاصفهاني في قوله:

(مسألة 1: يجب على المتبايعين تسليم العوضين بعد العقد لو لم يشترط التأخير؛ فلا يجوز لكل منهما التأخير مع الإمكان إلا برضى صاحبه؛ فإن امتنعا أجبرا، ولو امتنع أحدهما مع تسليم صاحبه أجبر الممتنع.

ولو اشترط كل منهما تأخير التسليم إلى مدة معينة جاز، وليس لغير مشترط التأخير الامتناع عن التسليم لعدم تسليم صاحبه الذي اشترط التأخير) (السيد أبو الحسن الموسوي الاصفهاني، وسيلة النجاة، مطبعة مهر استوار، قم، ص49

([2]) السيد محمد الحسيني الشيرازي، رسالة المسائل الإسلامية، مؤسسة المجتبى للتحقيق والنشر ـ بيروت، ص472-473.

([3]) مع قطع النظر عن إذعانهم بشريعة ما، وعلمهم بحكم الشارع.

 

  طباعة  ||  أخبر صديقك  ||  إضافة تعليق  ||  التاريخ : الأحد 6 رجب 1444هــ  ||  القرّاء : 1151



 
 

برمجة وإستضافة : الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net