||   بسم الله الرحمن الرحيم | اللهم كُن لوليّك الحُجَّة بن الحَسَن صَلواتُكَ عَليه وَعَلى آبائه في هذه السّاعة وفي كُلّ سَاعَة وَليّاً وَحَافِظا وَقائِداً وَ ناصراً ودَليلاً وَ عَينا حَتّى تُسكِنَه أرضَك طَوعاً وَتُمَتِعَه فيها طَوِيلاً | برحمتك يا أرحم الراحمين   ||   اهلا وسهلا بكم في الموقع   ||  


  





 124- بحث اصولي: مراتب الارادة الاستعمالية والارادة الجدية

 دراسة في كتاب "نسبية النصوص والمعرفة ... الممكن والممتنع" (8)

 الأمانة وموقعها في العلاقة بين الدولة والشعب (1)

 كثرة ترضي الجليل ـ الصدوق مثالاً ـ لبعض الرواة يفيد التعديل: (ج2)

 أطر العلاقة الحقوقية بين الدولة والشعب والمؤسسات (3)

 252- مباحث الاصول: (الحجج والأمارات) (10)

 103- بحث أصولي: مناشئ حكم العقل بالحرمة أو الوجوب

 282- فائدة تفسيرية: الفرق الشاسع بين (أجراً) و (من أجر)

 114- فلسفة قواعد التجويد - كيف يكون القرآن الكريم تبياناً لكل شيئ ؟ - (التوبة) حركة متواصلة متصاعدة الى الله تعالى

 175- ( المرابطة ) في سبيل الله في زمن الغيبة



 اقتران العلم بالعمل

 متى تصبح الأخلاق سلاحا اجتماعيا للمرأة؟

 الحريات السياسية في النظام الإسلامي

 فنّ التعامل الناجح مع الآخرين



 موسوعة الفقه للامام الشيرازي على موقع مؤسسة التقى الثقافية

 183- مباحث الاصول (مبحث الاطلاق) (1)

 351- الفوائد الاصولية: بحث الترتب (2)

 قسوة القلب

 استراتيجية مكافحة الفقر في منهج الإمام علي (عليه السلام)

 الأجوبة على مسائل من علم الدراية

 النهضة الحسينية رسالة إصلاح متجددة

 236- احياء أمر الامام المهدي (عجل الله تعالى فرجه الشريف)

 نقد الهرمينوطيقا ونسبية الحقيقة والمعرفة

 177- أعلى درجات التواتر لاخبار مولد الامام القائم المنتظر ( عجل الله تعالى فرجه الشريف )



  • الأقسام : 85

  • المواضيع : 4431

  • التصفحات : 23708559

  • التاريخ : 29/03/2024 - 09:13

 
 
  • القسم : الظن (1444هـ) .

        • الموضوع : 199- بحث عن اختيارية ولا اختيارية الإصابة في أصول الدين وعدمها .

199- بحث عن اختيارية ولا اختيارية الإصابة في أصول الدين وعدمها
الثلاثاء 7 شعبان 1444هــ



بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين سيما خليفة الله في الأرضين، واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم

(199)

سبق الكلام عن القطع كملاك للتنجيز والإعذار وعن الغفلة كملاك للإعذار، وبقي الكلام عن سائر الملاكات:

ملاك التنجيز الإصابة، وملاك الإعذار عدمها

الثالث: ان الملاك في التنجيز هو الإصابة، وفي الإعذار هو عدمها، فإن أصاب فانه يستحق العقاب بالمخالفة وإن لم يصب فهو معذور (إن كان عن قصور).

ولكن قد يناقش في ذلك بمناقشتين:

الأولى: أن الإصابة ليست من الأمور المقدورة نظراً لعدم مقدورية بعض مقدماتها.

الثانية: انها ليست بمقدورة نظراً لعدم مقدورية نقيضها وهو اللاإصابة، أو العكس.

الشبهة الأولى: إذا كانت المقدمات غير مقدورة، فالمعلول غير مقدور

وتوضيح المناقشة الأولى: أن النتيجة تتبع أخس المقدمات، فإذا كانت للشيء عشر مقدمات مثلاً، وكان أحدها غير مقدور لم يكن مقدوراً، وفي المقام فإن بعض مقدمات الإصابة غير مقدورة، بل نقول: كل أفعال العبيد غير مقدورة لهم إذ تتخللها أمور غير اختيارية، فإذا رمى زيد سهماً فأصاب غزالاً أو عصفوراً مثلاً، أو أشعل ناراً فشوى لحماً أو غرس فسيلاً فسقاه فأنتج ثمراً، فإن كل تلك النتائج غير مقدورة نظراً لتوسط مقدمات غير اختيارية وهي على أنواع فبعضها قائم بالقابل وبعضها قائم بالظرف والمحيط والمكان الوسيط وبعضها قائم بالفاعل، ففي قتله العصفور مثلاً: كان من الممكن أن يطير فجأة فلا يصيبه، فثباته في محله كان لا باختيار الرامي، غير داخل في حيطة قدرته، وكان من الممكن هبوب ريح شديدة تستوجب تحريف السهم عن مساره، وكان من الممكن أن ترتعش يده لا باختياره أو أن لا تتولد لديه رغبة في الصيد (فإن كثيراً من أنواع الرغبات قد تخطر بالبال من غير سبب يعود للمكلف) إلى غير ذلك، وعلى أي فان قتله للعصفور كان متوقفاً على مقدمات غير اختيارية (كثبات العصفور في محله.. إلخ، فليس صيده / قتله للعصفور أمراً اختيارياً مقدوراً له مادامت النتيجة تتبع أخس المقدمات ومادام انه لا يمكنه سدّ باب العدم من كل الجهات.

وكذلك حال الإصابة فلو فرضنا مجتهدين جامعين للشرائط استفرغا وسعهما في الوصول إلى الحكم الشرعي في الفروع أو لمعرفة واقع الأمر في الأصول، فأصاب أحدهما واخطأ الآخر، فلا بد أن تكون الإصابة كعدمها لا بأمر اختياري؛ إذ الفرض انهما مشتركان في الأمور الاختيارية كلها (كلاهما خبير بدرجة متساوية من الخبرة، كلاهما استفرغ وسعه بدرجة متساوية.. إلخ، بل قد يكون الأقل خبرة أو الأقل جهداً أو الأقل ذكاء هو المصيب) فيسكشف من ذلك كله أن الإصابة كقسيمها أمر غير اختياري، وإلا لما اختلفا في النتيجة رغم الاشتراك في كل المقدمات الممكنة لها.

الشبهة الثانية: الإصابة أمر غير مقدور لأن عدمها غير مقدور، وبالعكس

وتوضيح المناقشة الثانية: أن القدرة لا بد أن تتعلق بالطرفين بوِزان واحد، فإن القادر على الفعل قادر على الترك وبالعكس ولو لم يكن قادراً على أحدهما لم يكن قادراً على الآخر؛ ألا ترى أن السجين في مكان لا يمكنه أصلاً مغادرته لا يصح أن يقال: أنّه قادر على البقاء فيه مادام غير قادر على الخروج منه؟ وان الذي سقط من أعلى البناء لا يقال بانه قادر على السقوط مادام غير قادر على إمساك نفسه عنه.

وهذا الإشكال هو ما اعترض به المتكلمون على بعض الفلاسفة الذين قالوا بقِدم العالم وانه صادر عنه تعالى، لازم له دائماً أبداً سرمداً، فانه فيضه والفيض ذاتي للفياض والجود لازم للجواد، إذ اعترض عليه بانه يلزم منه كونه غير قادر على الفيض مادام غير قادر على عدمه، فانه إن لزم ذاته لم يمكن له عدمه فلم يكن عدمه له مقدوراً فلا يكون وجوده مقدوراً له، وهو خلاف العقل الحاكم بكونه فعالاً لما يشاء وانه القادر القاهر وان واجب الوجود كامل والعاجز غير كامل، كما هو معارض للنقل الذي يصرح بـ{وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} (سورة المائدة: الآية 120) وهو ما أشار الإمام الحسين (عليه السلام) في تفسيره لقوله تعالى: {لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ}

قال: (قال وهب بن وهب القرشي : وحدثني الصادق جعفر بن محمد ، عن أبيه الباقر عن أبيه عليهم‌السلام أن أهل البصرة كتبوا إلى الحسين بن علي عليهما‌السلام ، يسألونه عن (الصمد) فكتب إليهم : بسم الله الرحمن الرحيم ، أما بعد فلا تخوضوا في القرآن ، ولا تجادلوا فيه ، ولا تتكلموا فيه بغير علم ، فقد سمعت جدي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : من قال في القرآن بغير علم فليتبوء مقعده من النار ، وإن الله سبحانه قد فسر الصمد فقال : ( الله أحد. الله الصمد ) ثم فسره فقال: ( لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد). (لم يلد) لم يخرج منه شيء كثيف كالولد وسائر الأشياء الكثيفة التي تخرج من المخلوقين ، ولا شيء لطيف كالنفس ، ولا يتشعب منه البدوات كالسنة والنوم والخطرة والهم والحزن والبهجة والضحك والبكاء والخوف والرجاء والرغبة والسأمة والجوع والشبع، تعالى أن يخرج منه شيء، وأن يتولد منه شيء كثيف أو لطيف. (ولم يولد) لم يتولد من شيء ولم يخرج من شيء كما يخرج الأشياء الكثيفة من عناصرها كالشيء من الشيء والدابة من الدابة والنبات من الأرض والماء من الينابيع والثمار من الأشجار ، ولا كما يخرج الأشياء اللطيفة من مراكزها كالبصر من العين والسمع من الأذن والشم من الأنف والذوق من الفم والكلام من اللسان والمعرفة والتميز من القلب وكالنار من الحجر، لا بل هو الله الصمد الذي لا من شيء ولا في شيء ولا على شيء، مبدع الأشياء وخالقها ومنشئ الأشياء بقدرته، يتلاشى ما خلق للفناء بمشيته، ويبقى ما خلق للبقاء بعلمه فذلكم الله الصمد الذي لم يلد ولم يولد، عالم الغيب والشهادة الكبير المتعال ، ولم يكن له كفوا أحد)([1]).

وفي المقام: إذا كان المجتهد المخطئ غير المصيب، غير قادر على الإصابة لفرض ان بعض مقدماتها غير اختيارية كان غير قادر على عدمها، فكلاهما غير مقدور له بل كان مجبراً على اللاإصابة، وإذا كان المجتهد المصيب غير قادر على اللاإصابة فيما إذا اجتهد كان غير قادر على الإصابة([2])، لنفس العلة.

الجواب عن الشبهة الأولى

ويمكن الجواب عن الشبهة الأولى بجواب مبسط هو الإحالة إلى العرف وأن العرف يرى القادر على بعض المقدمات قادراً ويرى إصابة العصفور أمراً مقدوراً للرامي الحاذق مثلاً، لكنّ الجواب العرفي وإن صح فيما نرى لأنه إحالة على الفطرة والوجدان، إلا انه لا بد من الجواب عن الإشكال عليه بانه كيف يعقل أن يكون مقدوراً مع أنّ النتيجة تتبع أخس المقدمات؟ وأنّ المعلول لا يقع إلا بعد توفر جميع أجزاء علته (العرضية والطولية كلها) وأجزاء العلة ههنا بعضها غير مقدور له؟.

بعبارة أخرى: لا بد من الجواب الفني – الفلسفي على الإشكال الفني – الفلسفي، مادام البحث دقياً ومع المتخصصين، نعم إذا كان البحث مع العوام كفى الجواب بجواب ساذج عامي، نعم الجواب العرفي قد يكون منبّهاً للخواص على الأمر الارتكازي – الفطري. فتنبّه.

كما يمكننا الجواب عن الشبهة الأولي بأن بعض المقدمات إذا كانت غير مقدورة وكان بعضها مقدوراً فإن غير المقدور منها على أقسام ثلاثة:

أ- فإما أن يكون متحققاً من قبل، وقد بقيت المقدمات المقدورة، فلا شك في أن الفعل حينئذٍ مقدور له إذ كل المقدمات اللازمة فعلاً مقدورة له فالفعل مقدور له.

ب- أن لا تكون متحققة من قبل، ولكن مع كونها قهرية الحصول بأسبابها، لاحقاً، فالأمر كذلك، إذ المقدمات اللامقدورة حتمية الحصول فقد انسد باب العدم من جهتها، وبقيت المقدمات المقدورة وحيث ان سد باب العدم من جهتها يقع تحت قدرته فهي مقدورة له.

ج- أن لا تكون محققة من قبل، وكانت اختيارية لشخص آخر، فقد يقال أن الفعل حينئذٍ غير مقدور لي، ولكنّ الصحيح التفصيل:

فانه إن أعرض الآخر عن توفير المقدمات، كان الفعل غير مقدور لي.

وإن جاء بها باختياره، كان الفعل، مبنياً على ذلك، مقدوراً لي.

بعبارة أخرى: في علم الله تعالى إن كان سيأتي بها في المستقبل، كان الفعل مقدوراً لي إذ انه سوف يسد باب العدم باختياره حتماً، فيبقى أن أسد باب العدم باختياري فهو اختياري لي حينئذٍ – وسيأتي مزيد إيضاح.

وبالجواب عن الشبهة الثانية نفرِّق بين المسلم والكافر

وأما الجواب عن الشبهة الثانية فهو ما سيأتي مما نفرق به بين الكافر والمسلم والمخالف والإمامي في استحقاق الأول من كلا القسمين للعقاب في الجملة دون الآخر، خلافاً لظاهر من ارتأى أن حكمهما واحد نظراً لأن عقوبة الأول دون الأخير خلاف للعدل مادامت الإصابة لا اختيارية، قال في القوانين: (هذا، ولكن هذا الكلام لا يتفاوت فيه الحال بين الموافق والمخالف والمسلم والكافر على ما اقتضاه قواعد العدليّة. والقول بتعذيب الكفّار والمخالفين دون المسلمين والشّيعة خروج عن العدل)([3]).

وسيأتي إيضاح هذا الجواب في ضمن تفصيل صور المسألة إلى أربع صور، كما سيأتي إيضاح كلام القوانين بما يدفع عنه الإشكال، بأن كلامه ناظر بل صريح في احدى الصور الأربع الآتية التي لا يرد عليها إشكال البتة.

وصلى الله على محمد واله الطاهرين

إرساءعن الحادرث بن المغيرة أو أبيه عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: ((قُلْتُ لَهُ: مَا كانَ في وَصِيَّةِ لُقْمانَ؟ قالَ: كانَ فِيها الأعاجِيبُ، وَكانَ أعْجَبُ ما كانَ فِيها أنْ قالَ لِابْنِهِ: خَفِ اللّهَ عَزَّ وَجَلَّ خِيفَةً لَوْ جِئْتَهُ بِبِرِّ الثَّقَلَيْنِ لَعَذَّبَكَ، وَارْجُ اللّهَ رَجاءً لَوْ جِئْتَهُ بِذُنُوبِ الثَّقَ لَيْنِ لَرَحِمَكَ. ثُمَّ قالَ أبُو عَبْدِ اللّهِ (عَلَيْهِ السَّلامُ): كانَ أبي يَقُولُ: إنَّهُ لَيْسَ مِنْ عَبْدٍ مُؤْمِنٍ إلّا [وَ] في قَلْبِهِ نُورانِ: نُورُ خِيفَةٍ وَنُورُ رَجاءٍ، لَوْ وُزِنَ هذا لَمْ يَزِدْ عَلى هذا وَلَوْ وُزِنَ هذا لَمْ يَزِدْ عَلى هذا)) (الكافي: ج2 ص67).

------------------------

([1]) الشيخ الصدوق، التّوحيد، جماعة المدرّسين في الحوزة العلمية: ص90-91.

([2]) وقد ورد: (ليس العلم بكثرة التعلم، وإنما هو نور يقذفه الله تعالى في قلب من يريد الله أن يهديه) (منية المريد: ص167) (الْمَعْرِفَةُ مِنْ صُنْعِ مَنْ هِيَ؟ قَالَ: مِنْ صُنْعِ اللَّهِ لَيْسَ لِلْعِبَادِ فِيهَا صُنْعٌ) (الكافي: ج1 ص163).

([3]) الميرزا أبو القاسم القمّي، القوانين المحكمة في الأصول، إحياء الكتب الإسلامية ـ قم، ج4 ص361.

 

  طباعة  ||  أخبر صديقك  ||  إضافة تعليق  ||  التاريخ : الثلاثاء 7 شعبان 1444هــ  ||  القرّاء : 952



 
 

برمجة وإستضافة : الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net