111- الاراء في الفرق بين الحق والحكم 1ـ المشهور: الفارق بصحة الاسقاط وعدمه 2ـ السيد الخوئي: لا فارق 3ـ المنصور: الفرق بكون المصب (له) او (عليه)
الاحد 21 محرم 1438هـ





بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين سيما خليفة الله في الأرضين، واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
(111)
الفرق بين الحق والحكم
سبق البحث عن تعريفات الحق وعن أقسامه، وبقيت مباحث أخرى منها: الفرق بين الحق والحكم، فنقول رؤوس الأقوال في ذلك قولان:
1- الحق مغاير للحكم، بأحد وجوه
القول الأول: ان الحق مغاير للحكم، ثم الذين ذهبوا إلى ذلك انقسموا إلى أقوال:
منها: ان المائز هو قابلية الحق للاسقاط ولا يعقل غير ذلك أما الحكم فلا يقبل الإسقاط، وهو ما ذهب إليه الميرزا النائيني وناقشناه مفصلاً في الدروس الأخيرة.
ومنها: أن ذاك هو المائز لكنه وقوعاً لا إمكاناً، كما ذهب إليه المحقق اليزدي أي أن التتبع قادنا إلى أن كل حق فهو قابل للإسقاط شرعاً([1]) لا أنه لا يمكن عقلاً غيره إذ يمكن عقلاً أن يكون الحق لازماً غير قابل للإسقاط. قال المحقق اليزدي: (ثم اعلم أنه وان كان يتصور كون الحق مما يكون لازما لا يجوز اسقاطه الا انه ليس لنا مورد نعلم بكونه من ذلك إذ كل مورد لا يجوز اسقاطه يمكن ان يكون من باب الحكم بل ليس لنا مورد يكون حقيقته معلومة مع كونه مما لا يصح نقله أو انتقاله، نعم في الحقوق المختصة بعنوانٍ لا يصح النقل إلى غير صاحب العنوان)([2]).
ومنها: المنصور، وهو أن الحق غير الحكم، لكن لفرقٍ سابقٍ رتبةً على ما ذكروه؛ فإن القابلية للإسقاط وعدمها في مرتبة الآثار والأحكام، واختلافُها يكشف عن اختلاف الذوات المتصفة بها فإن تضاد اللوازم أو تناقضها يكشف عن تخالف الملزومات بالضرورة.
الحق ما كان مصبّه (له) والحكم ما كان مصبّه (عليه)
وعليه: فلا بد من البحث عن المائز الذاتي بين الحق والحكم والمايز هو في (المصبَّ) فإن المصب لو كان (له) كان حقاً أو (عليه) في الإلزاميات والاقتضائيات كان حكماً.
وبعبارة أخرى: لو كانت جهة التشريع ومنشؤها رعاية جانب المكلف بنفسه كان حقاً له وإن كان بالمآل عليه أو تضمنه([3]) أو قارنه، وإن كان منشأ التشريع تكليف المكلف بأمر وجعله عليه رعايةٌ لحق النوع أو رعاية لحق المولى أو رعاية لحق شخص آخر كان حكماً وإن كان بالمآل (له) أيضاً أو قارنه أو تضمنه.
فليس الفارق في تمحض هذا في (له) وذاك في (عليه) بل لعله لا مورد لذلك أصلاً في الأوامر الحقيقية([4]) بل الفارق هو المصبَّ وأنه وإن اجتمع في المتعلق جهتان: له وعليه، فأن مرمى البصر الأولي ومحطه هو الملاك في أنه حق أولا.
وقولنا (بل لعله لا مورد له) لوضوح أن كل حكم وإن كان على المكلف كوجوب النفقة عليه فإنه بوجهٍ له وبمنفعته وكذا وجوب الصلاة والصوم وغيرهما وكحرمة الخمر فانه لأنه بضرره وإن كان بوجه بنفعه ( يَسْأَلُونَكَ عَنْ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا)([5]) وهكذا وذلك لوضوح تبعية الأحكام لمصالح ومفاسد في المتعلقات.
وبالعكس فإن كل حق له فإنه من جهةٍ قد يكون عليه، ويتضح ذلك بملاحظة حق القصاص وحق الخيار وحق الشفعة فان منشأ جعلها رعاية مصلحة المكلف (ذي الحق) وكونها له وقد تتضمن أو تقترن أو تؤول إلى اضرار هذا.
وسنشيد أركان هذا الرأي بإذن الله تعالى لاحقاً ونكمله بضميمةٍ هامة، وندفع ما قد يورد عليه، وذلك بعد التطرق لتحليل الرأي الآتي.
2- القول بان الحق عين الحكم
القول الثاني: أن الحق هو الحكم والحكم هو الحق، وقد ذهب إليه السيد الخوئي:
قال في التنقيح: (فالصحيح أنّ الحقّ لا يغاير الحكم بل هو حكم شرعي اختياره بيد من له الحقّ إسقاطاً وإبقاءً)([6]) وقال: (ويشهد لما ذكرناه من أن الحق هو الحكم بعينه) وقال: (فالحقّ في الاصطلاح حكم شرعي استفيد من الدليل قبوله للاسقاط وفي قباله الحكم الذي لا يقبل الاسقاط)([7])
ثم انه ارتآى بان الحق العرفي كذلك قال: (وبالجملة الحقّ الشرعي ليس إلاّ الحكم الشرعي، كما أنّ الحقوق العرفية ليست إلاّ أحكاماً عرفية)([8]).
وسيأتي غداً بإذن الله تعالى استدلاله على المدعى مع ضم دليلين آخرين إليه ثم المناقشة.
وصلى الله على محمد وآله الطاهرين
...............................................
قال الإمام الصادق (عليه السلام): "إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ نَادَى مُنَادٍ أَيْنَ زُوَّارُ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ فَيَقُومُ عُنُقٌ مِنَ النَّاسِ لَا يُحْصِيهِمْ إِلَّا اللَّهُ تَعَالَى فَيَقُولُ لَهُمْ مَا أَرَدْتُمْ بِزِيَارَةِ قَبْرِ الْحُسَيْنِ (عليه السلام) فَيَقُولُونَ يَا رَبِّ أَتَيْنَاهُ حُبّاً لِرَسُولِ اللَّهِ وَحُبّاً لِعَلِيٍّ وَفَاطِمَةَ وَرَحْمَةً لَهُ مِمَّا ارْتُكِبَ مِنْهُ فَيُقَالُ لَهُمْ هَذَا مُحَمَّدٌ وَعَلِيٌّ وَفَاطِمَةُ وَالْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ فَالْحَقُوا بِهِمْ فَأَنْتُمْ مَعَهُمْ فِي دَرَجَتِهِمْ الْحَقُوا بِلِوَاءِ رَسُولِ اللَّهِ فَيَنْطَلِقُونَ إِلَى لِوَاءِ رَسُولِ اللَّهِ فَيَكُونُونَ فِي ظِلِّهِ- وَاللِّوَاءُ فِي يَدِ عَلِيٍّ (عليه السلام) حَتَّى يَدْخُلُوا الْجَنَّةَ جَمِيعاً فَيَكُونُونَ أَمَامَ اللِّوَاءِ وَعَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ يَسَارِهِ وَمِنْ خَلْفِهِ".
كامل الزيارات: ص141.
===================
الاحد 21 محرم 1438هـ
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |