بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين سيما خليفة الله في الأرضين، واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
(624)
سبق: (كما يمكن أن نجيب بوجه آخر وهو أنه سلّمنا ان الملكية أمر بسيط، لكن الأمر البسيط يمكن أن تكون له جهتان أو جهات (ومراتب)، فإذا كانت له جهتان أمكن تعدد علله أو معاليله أو متعلقاته بحسب تعدد جهاته، ومن ذلك أن يكون كل من الكُره والطيب علّةً له بلحاظِ جهةٍ... بوجه آخر: هو محبوب من جهة ومبغوض من جهة.
لا يقال: الجهة أمر اعتباري، فكيف تصحِّح تعدد المعلول أو العلة أو المتعلق؟)([1]).
إذ يقال: ذلك هو مبناهم على حسب قاعدة الواحد فانهم ذكروا ان الله تعالى واحد حقيقي لذا يستحيل، بزعمهم، أن يصدر منه أكثر من الواحد، فبنوا عليه انه تعالى صَدَرَ منه العقل الأول فقط، وحيث كان للعقل الأول ثلاث جهات صدرت منه ثلاث مخلوقات: إذ له جِهةُ وجودِه، وجِهةُ إمكانه الذاتي وجِهةُ وجوبه بالغير فصدر عن الأشرف منها الأشرف من تلك الثلاثة.. قالوا كما في المواقف: (المقصد الثاني: في ترتيب الموجودات على رأيهم، قالوا: إذا ثبت أن الصادر الأول عقل فله اعتبارات ثلاثة: وجوده في نفسه، ووجوبه بالغير، وإمكانه لذاته؛ فيصدر عنه بكل اعتبارٍ أمر، فباعتبار وجوده عقلٌ، وباعتبار وجوبه بالغير نفسٌ، وباعتبار إمكانه جسمٌ؛ إسناداً للإشراف إلى الجهة الأشرف، والأخس إلى الأخس؛ فانه أحرى وأخلق، وكذلك من الثاني عقل ونفس وفلك إلى العاشر، ويسمى العقل الفعال المفيض للصور والأعراض على العناصر والمركبات بسبب ما يحصل لها من الاستعدادات المسببة عن الحركات الفلكية وأوضاعها)([2]).
أقول: قاعدة الواحد متناقضة في ذاتها تنفي نفسها بنفسها ويلزم من القول بها عدمها والخلف، إذ يدور أمر هذه الجهات بين كونها حقيقية، أصيلة، وجودية وبين كونها اعتبارية (الأعم من الانتزاعية)، فان قالوا بالأول ورد عليهم انه: قد صدر من الواحد جل اسمه المتعدد الكثير، هذا خلف، وإن قالوا بالثاني وكونها اعتبارية([3]) فكيف تكون مَنشَأ للوجودات الحقيقية المتعددة (العقل الثاني، جسم الفلك الأول أو جرمه، ونفس الفلك الأول؟) ولذا قال في المواقف: (الاعتراض: هذه الاعتبارات إن كانت وجودية فلا بد لها من مصادر، وإلا بطل قولكم الواحد لا يصدر عنه إلا الواحد؛ فيبطل أصل دليلكم، وإن كانت اعتبارية امتنع أن تصير جزءَ مصدرِ الأمور الوجودية، وحديث إسناد الأشرف إلى الأشرف خطابي، وإسناد الفلك الثامن مع ما فيه من الكواكب المختلفة إلى جهة واحدة مشكل، وكذلك إسناد الصور والأعراض التي في عالمنا هذا مع كثرتها إلى العقل الفعال، وبالجملة فلا يخفى ضعف ما اعتمدوا عليه في هذا المطلب العالي)([4]).
كما يرد عليهم: ان تعقل الشيء لوجوده أو لوجوبه بالغير، لا يعقل أن يكون علّة لوجود أمر إذ التعقل إما كيفٌ أو إضافةٌ أو انفعالٌ، ولا شيء منها يصلح للعلية للجوهر وهو جرم الفلك، لكونها أعراضاً، كما لا يعقل القول بكونه جوهراً وإلّا لكان عين ذاته، فكان واجب الوجود، هذا خلف، سلّمنا لكنه إن كان جوهراً فإما مضاف إليه، فمن أوجده؟ أو عينه، فيلزم قدم الأفلاك بل والعالم، فتدبر.
كما يرد عليهم: عدم تعقل كون الإمكان الذاتي علّة، سواء بنفسه أو بتعقل العقل الأول له كما قاله بعضهم، لوجود أمر كجرم الفلك، إذ الإمكان الذاتي إن أريد به الماهوي فهو تساوي النسبة للطرفين فكيف يعقل كونه أو كون تعقله علّة؟ وإن أريد به الوجودي فهو الفقر الذاتي فكيف يكون منشأً، بنفسه أو بتعقله، لوجود أمر مهما كان في الدرجات الدنيا للوجود (كجرم الفلك؟).
ومع قطع النظر عن الإشكال المبنوي، نقول: على مبناهم من كفاية تعدد الجهة في تعدد المعلول، فان تعدد الجهة في الملكية والطلاق والحرية أو الرقية ونظائرها أولى بان تصحح تعدد علّتها (أي تركّبها من كُرْهٍ وطيب نفس) وكذا حال تعدد الجهة في العلّة، فتدبر.
إضافة إلى ذلك نقول: سلّمنا([5]) لكن لنا أن نجيب: بأن قاعدة الواحد إنما التزموا بها في الواحد الحقيقي من كل الجهات أي الواحد بالوحدة الحقة الحقيقية، فَمِن الباطل على مبناهم تطبيقها على غيره تعالى من أنواع الواحد غير الحقيقي فكيف بتطبيقها على الملكية الاعتبارية؟.
وعليه: لا يصح القول: (من المعلوم أنّ مطلق المعاملات – سواء العقود أو الإيقاعات – تعدّ من الأمور البسيطة – سواءً قلنا بأنّ حقيقة المعاملة هي المسبّبة عن سبب ما كقول الرجل (هي طالق)، ممّا يكون سبباً في تحقق حرية المرأة عن قيد الزوجية، أم لم نقل بذلك، فإنّ الحرية أو الطلاق أمرٌ بسيط – بمعنى أنّ إنشاء العقد وإن يتركّب من الإيجاب والقبول – وفي الإيقاع مجرّد الإيجاب – إلّا أنّ الـمُنشَأ بهما أمرٌ بسيط وهو الحرية أو الملكية أو الرقّية وغيرهما. وعليه فإذا صار الـمُنشَأ أمراً بسيطاً وعدّ ذلك حقيقة عرفية وعقلية، كيف يتعقّل تركّبه في صورة ما من سببين أحدهما الرضا والآخر الإكراه؟!...) إلى آخر ما سبق نقله من كلامه. هذا.
* * *
اذكر: وجهين آخرين في مناقشة قاعدة الواحد (درجتان).
سؤال تمريني: هل علاقة المخلوق بالخالق علاقة الفيض والترشح أو الصدور والولادة أو الخلق؟ اذكر دليلاً واحداً (درجة)
- اكتب بحثاً عن الفوارق بين الأقوال السابقة والردود على الوجهين الأولين عقلاً وشرعاً وأدلة الوجه الثالث عقلاً وشرعاً (10 درجات).
وصلى الله على محمد وآله الطاهرين
عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) وقد سُئل عن أعلام الجاهل: ((إن صَحِبتَهُ عَنّاكَ([6])، وإنِ اعتَزَلتَهُ شَتَمَكَ، وإن أعطاكَ مَنَّ عَلَيكَ، وإن أعطَيتَهُ كَفَرَكَ، وإن أسرَرتَ إلَيهِ خانَكَ، وإن أسَرَّ إلَيكَ اتَّهَمَكَ)) (تحف العقول: ص18).
----------------------------
([3]) سواء الاعتباري المحض الذي أمره بيد المعتبر كالملكية والرقية، أم الانتزاعي كالزوجية والفردية.
([5]) أي سلّمنا فرضاً صحة الكبرى (قاعدة الواحد).
([6]) عناك: آذاك وكلفك ما يشق عليك وأتعبك من العناء: وهو النصب والتعب.
عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) وقد سُئل عن أعلام الجاهل: ((إن صَحِبتَهُ عَنّاكَ([6])، وإنِ اعتَزَلتَهُ شَتَمَكَ، وإن أعطاكَ مَنَّ عَلَيكَ، وإن أعطَيتَهُ كَفَرَكَ، وإن أسرَرتَ إلَيهِ خانَكَ، وإن أسَرَّ إلَيكَ اتَّهَمَكَ)) (تحف العقول: ص18).