||   بسم الله الرحمن الرحيم | اللهم كُن لوليّك الحُجَّة بن الحَسَن صَلواتُكَ عَليه وَعَلى آبائه في هذه السّاعة وفي كُلّ سَاعَة وَليّاً وَحَافِظا وَقائِداً وَ ناصراً ودَليلاً وَ عَينا حَتّى تُسكِنَه أرضَك طَوعاً وَتُمَتِعَه فيها طَوِيلاً | برحمتك يا أرحم الراحمين   ||   اهلا وسهلا بكم في الموقع   ||  


  





 270- مباحث الأصول: (الدليل العقلي) (القدرة من شرائط التكليف) (4)

 406- فائدة فلسفية: الماهية والمفهوم بحسب المصطلح الفلسفي

 118- مفتاح انفتاح باب العلم و العلمي -رسالة الامام الصادق عليه السلام للزائرين و السائرين

 6-ضرورة التزام منهج التحقيق الموسع والتدقيق, وتطويع منهج فقه اللغة

 161- مفردات ومصاديق مبادئ الاستنباط (8): علم الاديان الفقهي والاصولي المقارن

 206- مباحث الاصول - (التبادر وصحة السلب والانصراف) (3)

 138- الفعل مولوي وإرشادي كـ(الأمر)

 70- (إهدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ) -4 نقد الهرمنيوطيقا ونسبية المعرفة هل المعرفة ظنية فقط؟- (إهدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ) -4 نقد الهرمنيوطيقا ونسبية المعرفة هل المعرفة ظنية فقط؟

 قراءة في كتاب (نقد الهيرمينوطيقا ونسبية الحقيقة والمعرفة واللغة)

 هل نحن خلفاء الله في الأرض ؟



 اقتران العلم بالعمل

 متى تصبح الأخلاق سلاحا اجتماعيا للمرأة؟

 الحريات السياسية في النظام الإسلامي

 فنّ التعامل الناجح مع الآخرين



 موسوعة الفقه للامام الشيرازي على موقع مؤسسة التقى الثقافية

 183- مباحث الاصول (مبحث الاطلاق) (1)

 351- الفوائد الاصولية: بحث الترتب (2)

 قسوة القلب

 استراتيجية مكافحة الفقر في منهج الإمام علي (عليه السلام)

 الأجوبة على مسائل من علم الدراية

 النهضة الحسينية رسالة إصلاح متجددة

 236- احياء أمر الامام المهدي (عجل الله تعالى فرجه الشريف)

 نقد الهرمينوطيقا ونسبية الحقيقة والمعرفة

 177- أعلى درجات التواتر لاخبار مولد الامام القائم المنتظر ( عجل الله تعالى فرجه الشريف )



  • الأقسام : 85

  • المواضيع : 4431

  • التصفحات : 23925665

  • التاريخ : 16/04/2024 - 12:20

 
 
  • القسم : البيع (1444هـ) .

        • الموضوع : 639- أدلة وجود الشريعة قبل نوح وكلام المحقق النائيني عن وحدة صيغ العقود بالمعاملات .

639- أدلة وجود الشريعة قبل نوح وكلام المحقق النائيني عن وحدة صيغ العقود بالمعاملات
الإثنين 21 رجب 1444هــ



بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين سيما خليفة الله في الأرضين، واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم

(639)

لا شريعة قبل نوح (عليه السلام)، فكيف يدعى الإمضاء؟

إن قلت: لا توجد ثمت شريعة لآدم (عليه السلام) كي يقال بانه المؤسس للإمضائيات أو المخترع لها، بل الشريعة وجدت مع نوحٍ (عليه السلام)، فكان الناس في تلك الأزمان، بين زمنيهما، يتعاملون بمختلف المعاملات، فغاية الأمر ان نوحاً (عليه السلام) هو الذي أمضاها؟

الأجوبة: ذلك مدعى بلا دليل، والاعتبار على خلافه

قلت: أولاً: ذلك مدعى بلا دليل، بل يشهد على العكس منها وأن الشريعة بدأت مع أول بشري وجد على وجه الأرض، الاعتبار والدليل، فاما الاعتبار فهو أن الأنبياء جاءوا لإسعاد البشر في الدنيا والآخرة جميعاً ولم تكن مهمتهم إسعاد البشر في الآخرة فقط، ويشهد له ما التزموا، أي العدلية، به جميعاً حيث ذهبوا إلى أن الأحكام تابعة لمصالح ومفاسد في المتعلقات، والمقصود المصالح والمفاسد الدنيوية لا الأخروية فقط؛ ألا ترى أن الخمر والميسر وقتل البريء و... ذات مفاسد دنيوية بالغة {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِن نَّفْعِهِمَا} (سورة البقرة: الآية 219) وأن الصلاة والصوم والحج و... فيها منافع بالغة {لِيَشْهُدوا مَنافِعَ لَهُمْ} (سورة الحج: الآية 28) {أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} (سورة الرعد: الآية 28) و{وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ} (سورة البقرة: الآية 179) ((صُومُوا تَصِحُّوا))([1]).

وقال تعالى: {فَعِندَ اللَّهِ ثَوَابُ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ} (سورة النساء: الآية 134) {وَمِنْهُم مَّن يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} (سورة البقرة: الآية 201) {أَنتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ} (سورة يوسف: الآية 101) والولي يراعى مصالح المولى عليه حيثما كان وليه {وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ لَمَسَّكُمْ فِي مَا أَفَضْتُمْ فِيهِ عَذَابٌ عَظِيمٌ} (سورة النور: الآية 14) {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ} (سورة الأنبياء: الآية 107).

وفي المقابل: {لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ} (سورة النور: الآية 23) وغيرها مما تدل بأجمعها إما بالدلالة المطابقية أو الالتزامية أو بدلالة الإيماء والتنبيه أو بدلالة الإشارة، على أن الشأن الدنيوي في صميم محط اهتمام الشارع ولطفه، هذا كبرى، ولا ريب أن البيع هو الحامل للمصلحة دون الربا أو السرقة والنكاح هو الحامل للمصلحة دون السفاح وهكذا.

من الأدلة على وجود الشريعة مع آدم (عليه السلام)

وأما الدليل فانه قائم على أن الشرائع بدأت مع أول بشري وجد على سطح الأرض، أي مع آدم (عليه السلام) فإن ذلك هو ما تدل عليه الأدلة العامة والخاصة:

ومنها: قوله تعالى {لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ} (سورة الحديد: الآية 25) والآية عامة تدل على أن جميع الرسل أنزل معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط، والعدل والقسط مما إذا افترقا اجتمعا فدلّ كل منهما على الآخر وإذا اجتمعا افترقا فدلّ كل منهما على أمر واختص القسط بالماليات والعدل بغيرها، كما قيل، وقيل (أَن الْقسْط هُوَ الْعدْل البين الظَّاهِر وَمِنْه سمي الْمِكْيَال قسطاً وَالْمِيزَان قسطاً لِأَنَّهُ يصور لَك الْعدْل فِي الْوَزْن حَتَّى ترَاهُ ظَاهراً، وَقد يكون من الْعدْل مَا يخفى)([2]) والمعاملات بأنواعها من بيع وإجارة وهبة وصلح ومزارعة ومساقاة وغيرها، بشروطها، من القسط والعدل دون ريب، عكس الغصب والغبن والغش والرشوة والسرقة والربا والنجش ونظائرها.

كما دلت الروايات على أن آدم (عليه السلام) كان من الرسل، ومنها: ما ورد في الاختصاص: روي عن ابن عباس أنه قال: ((أَوَّلُ الْمُرْسَلِينَ آدَمُ (عليه السلام) وَآخِرُهُمْ مُحَمَّدٌ (صلى الله عليه وآله) وَكَانَتِ الْأَنْبِيَاءُ مِائَةَ أَلْفٍ وَأَرْبَعَةً وَعِشْرِينَ أَلْفَ نَبِيٍّ الرُّسُلُ مِنْهُمْ ثَلَاثُمِائَةٍ وَخَمْسَةٌ وَمِنْهُمْ خَمْسَةٌ أُولُو الْعَزْمِ ص نُوحٌ وَإِبْرَاهِيمُ وَمُوسَى وَعِيسَى وَمُحَمَّدٌ (صلى الله عليه وآله) وَخَمْسَةٌ مِنَ الْعَرَبِ هُودٌ وَصَالِحٌ وَشُعَيْبٌ وَإِسْمَاعِيلُ وَمُحَمَّدٌ (صلى الله عليه وآله) وَخَمْسَةٌ عِبْرَانِيُّونَ‌ آدَمُ وَشَيْثٌ وَإِدْرِيسُ وَنُوحٌ وَإِبْرَاهِيمُ (عليهم السلام) وَأَوَّلُ أَنْبِيَاءِ بَنِي إِسْرَائِيلَ مُوسَى وَآخِرُهُمْ عِيسَى وَالْكُتُبُ الَّتِي أُنْزِلَتْ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ (عليهم السلام) مِائَةُ كِتَابٍ وَأَرْبَعَةُ كُتُبٍ مِنْهَا عَلَى آدَمَ خَمْسُونَ صَحِيفَةً وَعَلَى إِدْرِيسَ ثَلَاثُونَ وَعَلَى إِبْرَاهِيمَ عِشْرُونَ وَعَلَى مُوسَى التَّوْرَاةُ وَعَلَى دَاوُدَ الزَّبُورُ وَعَلَى عِيسَى الْإِنْجِيلُ وَعَلَى مُحَمَّدٍ (صلى الله عليه وآله) الْفُرْقَانُ‌))([3]) فتأمل.

ومنها: قوله تعالى: {أَيَحْسَبُ الإنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى} (سورة القيامة: الآية 36) والآية واردة مورد القضية الحقيقية، فتفيد أن الإنسان بما هو إنسان لم يترك سدى مهملاً من مطلق ما يصلح أمر دينه ودنياه، وذلك هو مقتضى إطلاقها، وقد صرح به المفسرون ففي تفسير التبيان: (‌ثم‌ ‌قال‌ ‌على وجه‌ الوعيد والتهديد للكفار {أَيَحْسَبُ الإنْسَانُ} ومعناه‌ أيظن‌ الإنسان‌ الكافر بالبعث‌ والنشور الجاحد لنعم‌ اللّه‌ {أَنْ يُتْرَكَ سُدًى} ومعناه‌ ‌أن‌ يترك‌ مهملاً ‌عن‌ الأمر والنهي‌، فالسدى همل‌ ‌من‌ ‌غير‌ أمر يؤخذ ‌به‌، ويكون ‌فيه‌ تقويم‌ ‌له‌، وإصلاح‌ ‌لما‌ ‌هو‌ أعود ‌عليه‌ ‌في‌ عاقبة أمره‌ وأجمل‌ ‌به‌ ‌في‌ دنياه‌ وآخرته‌.

و‌قال‌ ابن‌ عباس‌ ومجاهد: معني‌ {أَنْ يُتْرَكَ سُدًى} ‌أي ‌ هملا ‌لا‌ يؤمر ولا ينهي‌.

وقيل: أيحسب‌ الإنسان‌ ‌أن‌ يترك‌ مهملا ‌فلا‌ يؤمر ولا ينهى ‌مع‌ كمال‌ عقله‌ وقدرته‌)([4]) فتأمل.

ومنها: قوله تعالى: {قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعًا فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَن تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} (سورة البقرة: الآية 38) ومن الواضح أن المراد بالهدى ليس أصول الدين لبداهة علم آدم بالتوحيد والعدل وشبهها، بل المراد الشرائع.

ومنها: قوله تعالى {وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاء كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلائِكَةِ فَقَالَ أَنبِئُونِي بِأَسْمَاء هَؤُلاء إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ * قَالُواْ سُبْحَانَكَ لاَ عِلْمَ لَنَا إِلاَّ مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ} (سورة البقرة: الآيتان: 31-32) والأسماء لا شك أنها تشمل المعاملات كلها إضافة إلى العبادات، فقد ورد عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: ((سَأَلْتُهُ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ: {وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمٰاءَ كُلَّهٰا} مَاذَا عَلَّمَهُ؟ قَالَ: الْأَرَضِينَ، وَالْجِبَالَ، وَالشِّعَابَ، وَالْأَوْدِيَةَ ثُمَّ نَظَرَ إِلَى بِسَاطٍ تَحْتَهُ، فَقَالَ: وَهَذَا الْبِسَاطُ مِمَّا عَلَّمَهُ))([5]) لكنّ علمه (عليه السلام) بها مقتضٍ لإرشاد الخلق إليها أو إنشائها، فهو أعم من المدعى؛ إذ لعله (عليه السلام) أمضاها ولو بالسكوت، أو لم يكن مأموراً بشيء.

وأما الأدلة الخاصة فالروايات الكثيرة الدالة على تشريع العديد من العبادات والمعاملات في حقه، ومن العبادات الحج بما يشتمل عليه من طواف وسعي ورمي... إلخ وصلاة المغرب والعشاء والصلاة على الميت والدفن وبعض الصلوات المستحبة، والقربان، وغير ذلك، ومن المعاملات: النكاح، ومنها بالمعنى الأعم ومن الأحكام: حرمة تزويج الأخوات، وحرمة القتل وثبوت القصاص، وثبوت التقية وغيرها، فراجع الروايات الشريفة في الملحق.

سلّمنا، لكن الناس كان قائدهم الفطرة والعقلاء

ثالثاً: سلّمنا، ان الشرائع بدأت مع نوح، وأن الناس كانوا قبله يتعاملون بأنواع المعاملات ويحوزون ويتملكون.. إلخ ولكن نقول كما سبق أن المعاملات المعروفة كلها فطرية – عقلية، إذ كان قائدهم في شأنها العقل والفطرة، وإمضاء الأنبياء (نوح ومن بعده، أو آدم ومن بعده) انصبّ على تلك الفطريات – العقليات فهي إمضاء لها لا للاعتبارات العرفية بما هي عرفية، بل ان كان إمضاء لها فبما هي مرآة لتلك الفطرة والحكم العقلي، لا بما هي هي، ويشهد له: أنه لو تعارض الاعتبار العرفي مع المستقل العقلي أو الفطرة، لما كان له أدنى اعتبار.

6- اتحاد المبادلة بالصيغة فإمضاؤها إمضاؤها

تتمة: سبق ان المحتملات في المقصود من البيع في {أَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ} عديدة تبلغ سبعة محتملاً أو أكثر، وهي: أن المراد بالبيع: إنشاؤه وصيغته، أو التسبيب به إلى المبادلة، أو المبادلة، أو الملكية الحاصلة به، أو الاعتبار النفساني المبرز، ونضيف:

الاحتمال السادس: ما ذكره المحقق النائيني من أن المراد المعنى الأول والثالث معاً، بمعنى انهما حيث كانا متحدين وجوداً فالمراد من {أَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ} كلاهما؛ لأنهما وإن كانا متعددين مفهوماً لكنهما متحدان وجوداً، فامضاء أحدهما إمضاء للآخر وذلك لاتحاد الآلة بذيها والإنشاء آلة لوجود ذيه، وصيغة البيع آلة لوجود البيع بمعنى المبادلة فوجودها بوجودها فهي هي، قال المحقق النائيني (قدس سره): (أنّ نسبة صيغ العقود إلى المعاملات ليست‌ نسبة الأسباب إلى مسبباتها حتى يكونا موجودين خارجيين يترتب أحدهما على الآخر ترتباً قهرياً و الإرادة تكون متعلقة بالمسبب بتبع تعلقها بالسبب حيث ان اختياريته باختياريته كما هو الحال في جميع الأفعال التوليدية بل نسبتها إليها نسبة الآلة إلى ذيها و الإرادة متعلقة بنفس المعاملة ابتداء كما في سائر الإنشاءات (بداهة) ان قول بعت أو اضرب ليس بنفسه موجداً للملكية أو الطلب في الخارج نظير الإلقاء الموجد للإحراق (بل) الموجد هو الإرادة المتعلقة بإيجاده إنشاءً (فإذا) لم يكن من قبيل الأسباب و المسببات (فليس) هناك موجودان خارجيان حتى لا يكون إمضاء أحدهما إمضاء للآخر بل الموجود واحد (غاية الأمر) انه باختلاف الإله ينقسم إلى أقسام عديدة (فالبيع) المنشأ باللفظ العربي (قسم) و بغير العربي (قسم آخر) فإذا كان المتكلم في مقام البيان و لم يقيده بنوع دون نوع فيستكشف منه عمومه لجميع الأنواع و الأصناف كما في سائر المطلقات طبق النعل بالنعل)([6]).

وسيأتي ما فيه كما سيأتي بيان سائر المحتملات وتحقيق المقام.

*              *              *

- قد يقال: ان الاستدلال بالآيات على وجود شرائع قبل نوح وإنها تشمل الإمضائيات والمعاملات، غير تام، لأن الآيات لم تكن في مقام البيان من هذه الجهة فلا إطلاق لها، فما الجواب؟

الملحق:

أما الحج، فقد ورد في علل الشرائع: حَدَّثَنَا أَبِي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ سُلَيْمَانَ الرَّازِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ أَبِي الْخَطَّابِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ جَابِرٍ وَ عَبْدِ الْكَرِيمِ بْنِ عُمَرَ عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ أَبِي الدَّيْلَمِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) قَالَ ((إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى لَمَّا أَرَادَ أَنْ يَتُوبَ عَلَى آدَمَ (عليه السلام) أَرْسَلَ إِلَيْهِ جَبْرَئِيلَ فَقَالَ لَهُ السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا آدَمُ الصَّابِرُ عَلَى بَلِيَّتِهِ التَّائِبُ عَنْ خَطِيئَتِهِ إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى بَعَثَنِي إِلَيْكَ لِأُعَلِّمَكَ الْمَنَاسِكَ الَّتِي يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكَ بِهَا وَأَخَذَ جَبْرَئِيلُ بِيَدِهِ وَ انْطَلَقَ بِهِ حَتَّى أَتَى الْبَيْتَ فَنَزَلَتْ عَلَيْهِ غَمَامَةٌ مِنَ السَّمَاءِ فَقَالَ لَهُ جَبْرَئِيلُ خُطَّ بِرِجْلِكَ حَيْثُ أَظَلَّكَ هَذَا الْغَمَامُ ثُمَّ انْطَلَقَ بِهِ حَتَّى أَتَى بِهِ مِنًى فَأَرَاهُ مَوْضِعَ مَسْجِدِ مِنًى فَخَطَّهُ وَ خَطَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ مَا خَطَّ مَكَانَ الْبَيْتِ

ثُمَّ انْطَلَقَ بِهِ إِلَى عَرَفَاتٍ فَأَقَامَهُ عَلَى عَرَفَةَ وَ قَالَ لَهُ إِذَا غَرَبَتِ الشَّمْسُ فَاعْتَرِفْ بِذَنْبِكَ سَبْعَ مَرَّاتٍ فَفَعَلَ ذَلِكَ آدَمُ وَ لِذَلِكَ سُمِّيَ عَرَفَةَ لِأَنَّ آدَمَ (عليه السلام) اعْتَرَفَ عَلَيْهِ بِذَنْبِهِ فَجُعِلَ ذَلِكَ سُنَّةً فِي وُلْدِهِ يَعْتَرِفُونَ بِذُنُوبِهِمْ كَمَا اعْتَرَفَ أَبُوهُمْ وَ يَسْأَلُونَ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ التَّوْبَةَ كَمَا سَأَلَهَا أَبُوهُمْ آدَمُ

ثُمَّ أَمَرَهُ جَبْرَئِيلُ (عليه السلام) فَأَفَاضَ عَنْ عَرَفَاتٍ فَمَرَّ عَلَى الْجِبَالِ السَّبْعَةِ فَأَمَرَهُ أَنْ يُكَبِّرَ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ أَرْبَعَ تَكْبِيرَاتٍ فَفَعَلَ ذَلِكَ آدَمُ ثُمَّ انْتَهَى بِهِ إِلَى جَمْعٍ ثُلُثَ اللَّيْلِ فَجَمَعَ فِيهَا بَيْنَ صَلَاةِ الْمَغْرِبِ وَ بَيْنَ صَلَاةِ الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ فَلِذَلِكَ سُمِّيَ جَمْعاً لِأَنَّ آدَمَ جَمَعَ فِيهَا بَيْنَ صَلَاتَيْنِ فَوَقْتُ الْعَتَمَةِ فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ ثُلُثُ اللَّيْلِ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ ثُمَّ أَمَرَهُ أَنْ يتبطح [يَنْبَطِحَ فِي بَطْحَاءِ جَمْعٍ فاتبطح [فَانْبَطَحَ حَتَّى انْفَجَرَ الصُّبْحُ ثُمَّ أَمَرَهُ أَنْ يَصْعَدَ عَلَى الْجَبَلِ جَبَلِ جَمْعٍ وَ أَمَرَهُ إِذَا طَلَعَتِ الشَّمْسُ أَنْ يَعْتَرِفَ بِذَنْبِهِ سَبْعَ مَرَّاتٍ وَ يَسْأَلَ اللَّهَ تَعَالَى التَّوْبَةَ وَ الْمَغْفِرَةَ سَبْعَ مَرَّاتٍ فَفَعَلَ ذَلِكَ آدَمُ كَمَا أَمَرَهُ جَبْرَئِيلُ وَ إِنَّمَا جُعِلَ اعْتِرَافَيْنِ لِيَكُونَ سُنَّةً فِي وُلْدِهِ فَمَنْ لَمْ يُدْرِكْ عَرَفَاتٍ وَ أَدْرَكَ جَمْعاً فَقَدْ وَفَى بِحَجِّهِ

فَأَفَاضَ آدَمُ مِنْ جَمْعٍ إِلَى مِنًى فَبَلَغَ مِنًى ضُحًى فَأَمَرَهُ أَنْ يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ فِي مَسْجِدِ مِنًى ثُمَّ أَمَرَهُ أَنْ يُقَرِّبَ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى قُرْبَاناً لِيَتَقَبَّلَ اللَّهُ مِنْهُ وَ يَعْلَمَ أَنَّ اللَّهَ قَدْ تَابَ عَلَيْهِ وَ يَكُونَ سُنَّةً فِي وُلْدِهِ الْقُرْبَانُ فَقَرَّبَ آدَمُ (عليه السلام) قُرْبَاناً فَقَبِلَ اللَّهُ مِنْهُ قُرْبَانَهُ وَ أَرْسَلَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ نَاراً مِنَ السَّمَاءِ فَقَبَضَتْ قُرْبَانَ آدَمَ فَقَالَ لَهُ جَبْرَئِيلُ إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى قَدْ أَحْسَنَ إِلَيْكَ إِذْ عَلَّمَكَ الْمَنَاسِكَ الَّتِي تَابَ عَلَيْكَ بِهَا وَ قَبِلَ قُرْبَانَكَ فَاحْلِقْ رَأْسَكَ تَوَاضُعاً لِلَّهِ تَعَالَى إِذْ قَبِلَ قُرْبَانَكَ فَحَلَقَ آدَمُ رَأْسَهُ تَوَاضُعاً لِلَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى ثُمَّ أَخَذَ جَبْرَئِيلُ بِيَدِ آدَمَ فَانْطَلَقَ بِهِ إِلَى الْبَيْتِ فَعَرَضَ لَهُ إِبْلِيسُ عِنْدَ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ فَقَالَ لَهُ يَا آدَمُ أَيْنَ تُرِيدُ قَالَ جَبْرَئِيلُ يَا آدَمُ ارْمِهِ بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ وَ كَبِّرْ مَعَ كُلِّ حَصَاةٍ تَكْبِيرَةً فَفَعَلَ ذَلِكَ آدَمُ كَمَا أَمَرَهُ جَبْرَئِيلُ فَذَهَبَ إِبْلِيسُ ثُمَّ أَخَذَ جَبْرَئِيلُ بِيَدِهِ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي فَانْطَلَقَ بِهِ إِلَى الْجَمْرَةِ الْأُولَى فَعَرَضَ لَهُ إِبْلِيسُ فَقَالَ لَهُ جَبْرَئِيلُ ارْمِهِ بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ وَ كَبِّرْ مَعَ كُلِّ حَصَاةٍ تَكْبِيرَةً فَفَعَلَ آدَمُ ذَلِكَ فَذَهَبَ إِبْلِيسُ ثُمَّ عَرَضَ لَهُ عِنْدَ الْجَمْرَةِ الثَّانِيَةِ فَقَالَ لَهُ يَا آدَمُ أَيْنَ تُرِيدُ فَقَالَ جَبْرَئِيلُ ارْمِهِ بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ وَ كَبِّرْ مَعَ كُلِّ حَصَاةٍ فَفَعَلَ ذَلِكَ آدَمُ فَذَهَبَ إِبْلِيسُ ثُمَّ عَرَضَ لَهُ عِنْدَ الْجَمْرَةِ الثَّالِثَةِ فَقَالَ لَهُ يَا آدَمُ أَيْنَ تُرِيدُ فَقَالَ لَهُ جَبْرَئِيلُ ارْمِهِ بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ وَ كَبِّرْ مَعَ كُلِّ حَصَاةٍ تَكْبِيرَةً فَفَعَلَ ذَلِكَ آدَمُ فَذَهَبَ إِبْلِيسُ ثُمَّ فَعَلَ ذَلِكَ بِهِ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ وَ الرَّابِعِ فَذَهَبَ إِبْلِيسُ فَقَالَ لَهُ جَبْرَئِيلُ إِنَّكَ لَنْ تَرَاهُ بَعْدَ مَقَامِكَ هَذَا أَبَداً

ثُمَّ انْطَلَقَ بِهِ إِلَى الْبَيْتِ فَأَمَرَهُ أَنْ يَطُوفَ بِالْبَيْتِ سَبْعَ مَرَّاتٍ فَفَعَلَ ذَلِكَ آدَمُ فَقَالَ لَهُ جَبْرَئِيلُ إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى قَدْ غَفَرَ لَكَ وَقَبِلَ تَوْبَتَكَ وَحَلَّتْ لَكَ زَوْجَتُكَ))([7]).

وأما النكاح، فقد ورد:

1- عن أبي جعفرٍ الباقر (عليه السلام): ((إنَّ الله أنزل على آدم حوراء من الجنّة فزوَّجها أحد ابنيه وزوَّج الآخر ابنة الجان))([8]).

2- وعن أبي عبد الله (عليه السلام): ((إنَّ آدم وُلِدَ له شيث -إلى أن قال- ثمَّ وُلِدَ له يافث فلمَّا أراد اللهُ أنْ يبدأ بالنسل ما ترون وأن يكون ما جرى به القلم من تحريم ما حرَّم الله من الأخوات أنزل بعد العصر في يوم خميس حوراء اسمها نزلة، فأمر الله آدم أن يُزوِّجها من شيث فزوَّجها منه ثمَّ أنزل بعد العصر من الغد حوراء اسمها منزلة فأمر الله أنْ يزوِّجها يافث، فَوُلِدَ لِشيث غلام ولِيافث جارية، فأمر اللهُ حين أدركا أنْ يزوّج ابنة يافث من ابن شيث ففعل..))([9]).

3- وعن زرارة قال: سُئِلَ أبو عبد الله (عليه السلام) كيف بدو النسل؟ فإنَّ عندنا أُناسًا يقولون إنَّ الله أوحى إلى آدم أن يزوِّج بناته من بنيه وأنَّ أصل هذا الخلق من الأخوة والأخوات، قال أبو عبد الله (عليه السلام): ((سبحان الله وتعالى عن ذلك علوًّا كبيرًا، يقولون مَن يقول هذا؟! إنَّ الله جعل أصل صفو خلقِه وأحبائه وأنبيائه ورسولِه والمؤمنين والمؤمنات من حرام ولم يكن له من القدرة ما يخلقُهم من الحلال، وقد أخذ ميثاقهم على الحلال والطهر الطاهر الطيِّب .. ))([10]).

وفي روايةٍ أُخرى أنَّه (عليه السلام) زاد: ((إنَّ كُتُب الله كلَّها فيما جرى فيه القلم في كلِّها تحريم الأخوات على الأخوة))([11]).

4- رُوي عن أبي جعفرٍ (عليه السلام) أنَّ رجلاً قال ذكرتُ -لأبي جعفر- المجوس وإنَّهم يقولون نكاحٌ كنكاح ولد آدم وإنَّهم يحاجُّونا بذلك، فقال (عليه السلام): ((أمَّا أنتم فلا يحاجّونكم به، لمَّا أدرك هبةُ الله قال آدم: يا ربِّ زوِّج هبة الله، فأهبط الله له حوراء فولدت له أربعة أغلمة ثمَّ رفعها الله، فلمَّا أدرك ولدُ هبة الله قال: يا ربّ زوّج ولد هبة الله فأوحى الله إليه أنْ يخطب إلى رجلٍ من الجنّ وكان مسلمًا أربعَ بناتٍ له على ولد هبة الله فزوجهنَّ..))([12]).

بل ورد في الرواية أن آدم خطب حواء في بدء الخليقة ((... فَلَمَّا نَظَرَ إِلَيْهَا نَظَرَ إِلَى خَلْقٍ حَسَنٍ يُشْبِهُ صُورَتَهُ غَيْرَ أَنَّهَا أُنْثَى فَكَلَّمَهَا فَكَلَّمَتْهُ بِلُغَتِهِ فَقَالَ لَهَا مَنْ أَنْتِ قَالَتْ خَلْقٌ خَلَقَنِي اللَّهُ كَمَا تَرَى فَقَالَ آدَمُ ع عِنْدَ ذَلِكَ يَا رَبِّ مَا هَذَا الْخَلْقُ الْحَسَنُ الَّذِي قَدْ آنَسَنِي قُرْبُهُ وَ النَّظَرُ إِلَيْهِ فَقَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى يَا آدَمُ هَذِهِ أَمَتِي حَوَّاءُ أَ فَتُحِبُّ أَنْ تَكُونَ مَعَكَ تُؤْنِسُكَ وَ تُحَدِّثُكَ وَ تَكُونَ تَبَعاً لِأَمْرِكَ فَقَالَ نَعَمْ يَا رَبِّ وَ لَكَ عَلَيَّ بِذَلِكَ الْحَمْدُ وَ الشُّكْرُ مَا بَقِيتُ فَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فَاخْطُبْهَا إِلَيَ‌ فَإِنَّهَا أَمَتِي وَ قَدْ تَصْلُحُ لَكَ أَيْضاً زَوْجَةً لِلشَّهْوَةِ وَ أَلْقَى اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَيْهِ الشَّهْوَةَ وَ قَدْ عَلَّمَهُ قَبْلَ ذَلِكَ الْمَعْرِفَةَ بِكُلِّ شَيْ‌ءٍ فَقَالَ يَا رَبِّ فَإِنِّي أَخْطُبُهَا إِلَيْكَ فَمَا رِضَاكَ لِذَلِكَ فَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ رِضَايَ أَنْ تُعَلِّمَهَا مَعَالِمَ دِينِي فَقَالَ ذَلِكَ لَكَ يَا رَبِّ عَلَيَّ إِنْ شِئْتَ ذَلِكَ لِي فَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ وَقَدْ شِئْتُ ذَلِكَ وَقَدْ زَوَّجْتُكَهَا فَضُمَّهَا إِلَيْكَ فَقَالَ لَهَا آدَمُ ع إِلَيَّ فَأَقْبِلِي فَقَالَتْ لَهُ بَلْ أَنْتَ فَأَقْبِلْ إِلَيَّ فَأَمَرَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ آدَمَ ع أَنْ يَقُومَ إِلَيْهَا وَ لَوْ لَا ذَلِكَ لَكَانَ النِّسَاءُ هُنَّ يَذْهَبْنَ إِلَى الرِّجَالِ حَتَّى يَخْطُبْنَ عَلَى أَنْفُسِهِنَّ فَهَذِهِ قِصَّةُ حَوَّاءَ ص))([13]).

وأما تحريم الإخوة على الأخوات فـ((أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَمَرَ الْقَلَمَ فَجَرَى عَلَى اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ بِمَا هُوَ كَائِنٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ قَبْلَ خَلْقِ آدَمَ بِأَلْفَيْ عَامٍ وَأَنَّ كُتُبَ اللَّهِ كُلَّهَا فِيمَا جَرَى فِيهِ الْقَلَمُ فِي كُلِّهَا تَحْرِيمُ الْأَخَوَاتِ عَلَى الْإِخْوَةِ مَعَ مَا حُرِّمَ وَهَذَا نَحْنُ قَدْ نَرَى مِنْهَا هَذِهِ الْكُتُبَ الْأَرْبَعَةَ الْمَشْهُورَةَ فِي هَذَا الْعَالَمِ التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَالزَّبُورَ وَالْفُرْقَانَ أَنْزَلَهَا اللَّهُ عَنِ اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ عَلَى رُسُلِهِ (صلوات الله عليهم اجمعين) مِنْهَا التَّوْرَاةُ عَلَى مُوسَى (عليه السلام) وَالزَّبُورُ عَلَى دَاوُدَ (عليه السلام) وَالْإِنْجِيلُ عَلَى عِيسَى (عليه السلام) وَالْقُرْآنُ عَلَى مُحَمَّدٍ (صلى الله عليه وآله) وَعَلَى النَّبِيِّينَ (عليه السلام) وَلَيْسَ فِيهَا تَحْلِيلُ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ حَقّاً أَقُولُ مَا أَرَادَ مَنْ يَقُولُ هَذَا وَشِبْهَهُ إِلَّا تَقْوِيَةَ حُجَجِ الْمَجُوسِ فَمَا لَهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ ثُمَّ أَنْشَأَ يُحَدِّثُنَا كَيْفَ كَانَ بَدْءُ النَّسْلِ مِنْ آدَمَ وَكَيْفَ كَانَ بَدْءُ النَّسْلِ مِنْ ذُرِّيَّتِهِ فَقَالَ إِنَّ آدَمَ (عليه السلام) وُلِدَ لَهُ سَبْعُونَ بَطْناً فِي كُلِّ بَطْنٍ غُلَامٌ وَجَارِيَةٌ إِلَى أَنْ قُتِلَ هَابِيلُ فَلَمَّا قَتَلَ قَابِيلُ هَابِيلَ جَزِعَ آدَمُ عَلَى هَابِيلَ جَزَعاً قَطَعَهُ عَنْ إِتْيَانِ النِّسَاءِ فَبَقِيَ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَغْشَى حَوَّاءَ خَمْسَمِائَةِ عَامٍ ثُمَّ تَخَلَّى مَا بِهِ مِنَ الْجَزَعِ عَلَيْهِ فَغَشِيَ حَوَّاءَ فَوَهَبَ اللَّهُ لَهُ شَيْثاً وَحْدَهُ لَيْسَ مَعَهُ ثَانٍ وَاسْمُ شَيْثٍ هِبَةُ اللَّهِ وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ أُوصِيَ إِلَيْهِ مِنَ الْآدَمِيِّينَ فِي الْأَرْضِ ثُمَّ وُلِدَ لَهُ مِنْ بَعْدِ شَيْثٍ يَافِثُ لَيْسَ مَعَهُ ثَانٍ فَلَمَّا أَدْرَكَا وَأَرَادَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يُبْلِغَ بِالنَّسْلِ مَا تَرَوْنَ وَأَنْ يَكُونَ مَا قَدْ جَرَى بِهِ الْقَلَمُ مِنْ تَحْرِيمِ مَا حَرَّمَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مِنَ الْأَخَوَاتِ عَلَى الْإِخْوَةِ أَنْزَلَ بَعْدَ الْعَصْرِ فِي يَوْمِ الْخَمِيسِ حَوْرَاءَ مِنَ الْجَنَّةِ اسْمُهَا نَزْلَةُ فَأَمَرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ آدَمَ أَنْ يُزَوِّجَهَا مِنْ شَيْثٍ فَزَوَّجَهَا مِنْهُ ثُمَّ أَنْزَلَ بَعْدَ الْعَصْرِ مِنَ الْغَدِ حَوْرَاءَ مِنَ الْجَنَّةِ اسْمُهَا مَنْزِلَةُ فَأَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى آدَمَ أَنْ يُزَوِّجَهَا مِنْ يَافِثَ فَزَوَّجَهَا مِنْهُ فَوُلِدَ لِشَيْثٍ غُلَامٌ وَوُلِدَتْ لِيَافِثَ جَارِيَةٌ فَأَمَرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ آدَمَ حِينَ أَدْرَكَا أَنْ يُزَوِّجَ بِنْتَ يَافِثَ مِنِ ابْنِ شَيْثٍ فَفَعَلَ فَوُلِدَ الصَّفْوَةُ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالْمُرْسَلِينَ مِنْ نَسْلِهِمَا وَمَعَاذَ اللَّهِ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ عَلَى مَا قَالُوا مِنَ الْإِخْوَةِ وَالْأَخَوَاتِ))([14])

وقد يؤيد كون آدم (عليه السلام) ذا شريعة ما ن قل من انه أنزلت عليه 21 صحيفة (وقد ورد في الحديث أن الكتب المنزلة من قبل الله سبحانه وتعالى إلى رسله (104) صحيفة نزل (21) منها على آدم و(50) على شيث بن آدم، و(29) على إدريس بن يارد بن مهلائيل بن قينان بن أنوش بن شيث بن آدم وانزل على إبراهيم بن تارخ بن ناحور (20) صحيفة منها وانزل على موسى بن عمران التوراة، وعلى عيسى بن مريم الانجيل وعلى داود بن إيشا من ولد يهوذا الزبور، وانزل القرآن على خاتم الأنبياء محمد بن عبد الله بن عبد المطلب صلى الله عليه وآله وسلم، ومن هنا يظهر أن الشرائع السماوية بل الكتب المنزلة على الأنبياء والرسل جاءت احداها لتكمل الأخرى وتطورها)([15]).

وصلى الله على محمد وآله الطاهرين


قال الإمام الصادق (عليه السلام): ((أَوْحَى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَى آدَمَ (عليه السلام) أَنِّي سَأَجْمَعُ لَكَ الْكَلَامَ فِي أَرْبَعِ كَلِمَاتٍ، قَالَ يَا رَبِّ وَ مَا هُنَّ؟ قَالَ وَاحِدَةٌ لِي وَوَاحِدَةٌ لَكَ وَوَاحِدَةٌ فِيمَا بَيْنِي وَبَيْنَكَ وَوَاحِدَةٌ فِيمَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ النَّاسِ، قَالَ: يَا رَبِّ بَيِّنْهُنَّ لِي حَتَّى أَعْلَمَهُنَّ، قَالَ: أَمَّا الَّتِي لِي فَتَعْبُدُنِي‌ لا تُشْرِكْ بِي شَيْئاً، وَأَمَّا الَّتِي لَكَ فَأَجْزِيكَ بِعَمَلِكَ أَحْوَجَ مَا تَكُونُ إِلَيْهِ‌، وَأَمَّا الَّتِي بَيْنِي وَبَيْنَكَ فَعَلَيْكَ الدُّعَاءُ وَعَلَيَّ الْإِجَابَةُ، وَأَمَّا الَّتِي بَيْنَكَ وَبَيْنَ النَّاسِ فَتَرْضَى لِلنَّاسِ مَا تَرْضَى لِنَفْسِكَ وَتَكْرَهُ لَهُمْ مَا تَكْرَهُ لِنَفْسِكَ)) (الكافي: ج2 ص146).

------------------------------

([1]) بحار الأنوار: ج93، ص255.

([2]) أبو هلال العسكري، معجم الفروق اللغوية، دار العلم والثقافة للنشر والتوزيع ـ القاهرة، ص234.

([3]) الشيخ المفيد، الإختصاص، دار المفيد ـ قم، ج1 ص264.

([4]) الشيخ الطوسي، تفسير التبيان، إحياء التراث العربي ـ بيروت، ج10 ص202.

([5]) محمد بن مسعود العياشي، تفسير العيّاشي، المطبعة العلمية ـ طهران، ج1 ص32، السيد هاشم البحراني، البرهان في تفسير القرآن،  ج1 ص168.

([6]) أجود التقريرات، السيد أبو القاسم الخوئي / تقريراً لأبحاث الميرزا محمد حسين النائيني، مكتبة مصطفوي ـ قم، ج1 ص49-50.

([7]) الشيخ الصدوق، علل الشرائع، منشورات المكتبة الحيدرية ـ النجف الأشرف، ج2 ص400-401.

([8]) من لا يحضره الفقيه -الشيخ الصدوق- ج3 / ص382، وسائل الشيعة (آل البيت) -الحر العاملي- ج20 / ص364 / باب 3 من أبواب نكاح المحرم / ح1.

([9]) من لا يحضره الفقيه -الشيخ الصدوق- ج3 / ص381، وسائل الشيعة (آل البيت) -الحر العاملي- ج2 / ص364 / باب 3 من أبواب نكاح المحرم / ح1.

([10]) علل الشرائع -الشيخ الصدوق- ج1 / ص17، وسائل الشيعة (آل البيت) -الحر العاملي- ج20 / ص365 / باب 3 من أبواب نكاح المحرم / ح4.

([11]) علل الشرائع -الشيخ الصدوق- ج1 / ص19، وسائل الشيعة (آل البيت) -الحر العاملي- ج20 / ص366 / باب 3 من أبواب نكاح المحرم / ح5.

([12]) الكافي -الشيخ الكليني- ج5 / ص569، وسائل الشيعة (آل البيت) -الحر العاملي- ج20 / ص366.

([13]) الشيخ الصدوق، من لا يحضره الفقيه: ج3 ص380.

([14]) الشيخ الصدوق، علل الشرائع، منشورات المكتبة الحيدرية ـ النجف الأشرف، ج1 ص19-20.

([15]) دائرة المعارف الحسينية – الحسين والتشريع الإسلامي ج1 ص55.

 

  طباعة  ||  أخبر صديقك  ||  إضافة تعليق  ||  التاريخ : الإثنين 21 رجب 1444هــ  ||  القرّاء : 1099



 
 

برمجة وإستضافة : الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net