281- الثمرات الثلاثة المترتبة على كون المستند في حرمة النجش هو الروايات او لاضرر ـ الضرر اعم من كونه مصباً او مآلاً ، والمرجع العرف لاكون المصب إعدادياً او غيره
الاثنين 27 ربيع الاول 1436هـ





بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين سيما خليفة الله في الأرضين، واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
النَجش
(مدح السلعة أو الزيادة في ثمنها ليزيد غيره)
(5)
3- الشمول لصورتي الإضرار وعدم النفع
كما ان المستند لتحريم النجش لو كان هو قاعدة لا ضرر لما حرم من النجش إلا ما سبّب ضرراً على المنجوش عليه (المشتري) دون ما لو حَرَمَه من النفع فقط؛ للخروج الموضوعي حينئذٍ([1])، عكس ما لو كان المستند الروايات فان الأمر حينئذٍ لا يدور مدار كون النجش مضراً أو لا بل يدور مدار صدق النجش موضوعاً فإن صَدَق حَرُم وإلا فلا، وحيث صدق على التفسير الأول (ان يزيد في الثمن ليزيد غيره) النجشُ مطلقاً أي سواءاً أصدق الاضرار بالمشتري أم لا، حرم مطلقاً، كما اننا إذا قلنا بصدق النجش على المعنى الثاني (مدح السلعة ليزيد في ثمنها) حرم مدحها – سواء أاضر مدحُها بسائر الباعة أو بالمشتري أم سبّب صِرف عدم انتفاع احدهما – نعم يخرج ما علم بالارتكاز أو السيرة القطعية أو الإجماع جوازُه كصورة المدح المتعارف للسلعة([2]) للانصراف أو للتخصيص([3]) ويبقى ما عداه – بناء على الاستناد للروايات وشمول النجش للتفسير الثاني – على الحرمة مثل صورة الإغراق في المدح اما المبالغة فالظاهر إلحاقها بالمدح المتعارف. فتأمل
هذا كله في ما لو مدحها ليزيد في ثمنها دون ما لو مدحها لتزداد رغبة المشتري ليشتريها بقيمتها المعروضة أو المتعارفة لا غير. فتدبر
لا فرق في الإضرار بين كونه مصباً أو مآلا
ثم ان (الإضرار) مفهوم عرفي غير منوط بكونه مصبَّاً أو مآلاً ونتيجةً، أي بين وقوعه على الشيء([4]) أو على مقدماته فلا فرق بين كون فعل الضار (اسم فاعل) متعلقاً بالغير مباشرة أو به بدون توسيط إرادته أو معها، بإحدى مقدماته القريبة أو البعيدة، بل الملاك الصدق العرفي وليس شيء مما ذكر ملاكا ولا مداراً.
توضيحه: انه تارة يلقي بمتاع الآخر في البحر فانه إضرار به مباشرة والمصب – أي مصب فعله ومتعلَّقه – هو الذي أضر بالآخر.
وتارة أخرى: يقطع عليه طريق العودة إلى المرفأ مثلاً فيضطر كي لا يغرق في البحر الهائج إلى إلقاء متاعه في البحر كي تخف سفينته التي ملأتها المياه وكادت ان تغرق لثقلها، وهنا توسطت إرادة الآخر (المتضرر).
وتارة ثالثة: لا تتوسط إرادة الآخر كما لو رمى زجاج الغير فكسره فأصاب الزجاج رأس الآخر فشجه أو أصاب إناءاً آخر له أو لغيره فكسره.
وتارة رابعة: تكون المقدمة بعيدة كما صدم بسيارته – عالماً عامداً – سيارة الغير فصدمت التي أمامها وهكذا إلى عشر سيارات مثلاً فانّ فِعل الأول هو الذي أضر بالأخير (العاشر) بمقدمات وان كانت طويلة.
والحاصل: ان الملاك هو صدق الضرر والإضرار بالغير عرفاً، فمتى صدق حرم ذلك، واما الضمان فالأصل فيه ذلك إلا لو دل دليل على العكس أو قيل بالانصراف عن بعض الصور.
الاستدلال بقوله تعالى: (وَلا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَاراً)
وقد يستدل عليه بقوله تعالى: (وَإِذَا طَلَّقْتُمْ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَلا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَاراً لِتَعْتَدُوا وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ)([5])
فان إمساكهن في حد ذاته أمر والمصبّ – أي ما فعله وهو الإمساك – قد لا يكون ضرراً في حد ذاته، إنما سبّب الضرر بتوسط إرادة الفاعل المختار إذ انه أمسكها لكي يضطرها كي تهبه مهرها أو تدفع له مبلغاً من المال، فقد اضر بها بإمساكه إياها قرب انتهاء العدة فرجع كي يضطرها لهبة مهرها كي يطلقها من جديد، وإن كان الضرر بإقدامها وبإرادتها بذل المال له كي لا يمسكها – رغم انه حقه – فتأمل([6]).
قال الشيخ الطوسي في التبيان (معناه: لا تراجعوهن لا لرغبة فيهن بل لطلب الإضرار بهن إما في تطويل العدة، أو طلب المفاداة أو غير ذلك، فان ذلك غير جائز.
وقوله: ( وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ) فالظلم الضرر الذي ليس لأحد ان يضر به)([7]).
وفي كلي المسألة كبعض فروعها نقاش وبحث([8])، يوكل لمظانه.
فائدة: أنواع الإشكالات
الإشكالات التي قد تخطر ببال الطالب – أو المحقق والباحث – على أنواع فمنها: القوي المستحكم ومنها المتوسط ومنها الضعيف المستضعف.
كما ان منها الناشئ عن عدم تصور المدّعى موضوعاً أو محمولاً أو نسبةً أو الدليل.
ومنها الناشئ عن ثغرة في الدليل أو بعض مقدماته ومنها الناشئ عن وجود جهات أخرى ذات مدخلية في النتيجة وإن لم تكن ذات مدخلية في الاستنتاج من هذا الدليل نفسه.
كما ان منها ما يندفع بأدنى تدبر ومنها ما يندفع بمزيد التدبر ومنها ما لا يندفع إلا بالبحث والسؤال ومنها ما يترسخ ويتأكد بالتدبر والسؤال والمناقشة.
والأفضل لطالب العلم في أثناء الدرس ان يقتصر على طرح الإشكالات القوية إثراءاً للبحث، وتأجيل المتوسطة إلى ما بعد الدرس رعاية لحق سائر الطلاب الأكارم، والتدبر في الضعيفة منها يوماً أو أكثر كي يجد بنفسه الجواب عليها فان في ذلك ترويضاً للنفس وتنمية للملكة ثم ان لم يجد لها جواباً فليطرحها على من يتباحث معه أو على سائر نظرائه وإلا فليطرحها بعد الدرس. والله المستعان
وصلى الله على محمد واله الطاهرين
([1]) إلا لو عُدّ عدم النفع في موردٍ ضرراً. فتأمل
([2]) بما لا يكون كذباً.
([3]) انصراف دليل حرمة النجش عن المدح المتعارف الذي جرت به السيرة، أو تخصيص دليله لو لم نقل بالانصراف، بالارتكاز والسيرة، والأول أظهر.
([4]) كالشخص نفسه، أو ما يتعلق به كبعض ممتلكاته.
([5]) البقرة: 231.
([6]) إذ قد يقال ان المقصود: كون الإمساك بنفسه ضراراً فليس من حقه واما التسبيب فأمر آخر وهو مصداق (لِتَعْتَدُوا) فتأمل
([7]) التبيان ج2 ص251.
([8]) راجع الفقه ج68 ص14 في نقاشه لصاحب الجواهر وما بعده.
الاثنين 27 ربيع الاول 1436هـ
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |