||   بسم الله الرحمن الرحيم | اللهم كُن لوليّك الحُجَّة بن الحَسَن صَلواتُكَ عَليه وَعَلى آبائه في هذه السّاعة وفي كُلّ سَاعَة وَليّاً وَحَافِظا وَقائِداً وَ ناصراً ودَليلاً وَ عَينا حَتّى تُسكِنَه أرضَك طَوعاً وَتُمَتِعَه فيها طَوِيلاً | برحمتك يا أرحم الراحمين   ||   اهلا وسهلا بكم في الموقع   ||  


  





 161- مفردات ومصاديق مبادئ الاستنباط (8): علم الاديان الفقهي والاصولي المقارن

 163- فقه المستقبل والمقاييس الواضحة لا كتشاف مستقبلنا الاخروي: اما الى جنة ، اما الى نار

 81- من فقه الحديث: الوجوه المتصورة في قوله عليه السلام (المصلح ليس بكذاب)

 228- مباحث الاصول (الواجب النفسي والغيري) (3)

 كثرة ترضي الجليل ـ الصدوق مثالاً ـ لبعض الرواة يفيد التعديل: (ج2)

 158- مفردات ومصاديق مبادئ الاستنباط (5): علم الاقتصاد- علم الادارة- الهرمينوطيقا

 353-(هُوَ الَّذي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتابَ مِنْهُ آياتٌ مُحْكَماتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتابِ) (2) الظاهري، الباطني، ومنهج المعطِّلة

 346- فائدة أصولية فقهية النسبة بين الاحتياط الأصولي والفقهي

 36- فائدة اصولية: اخبار الترجيح منها ما ترتبط بباب الفتوى ، ومنها ما ترتبط بباب الروايات

 458- فائدة أصولية: أقوائية السيرة على الإجماع



 اقتران العلم بالعمل

 متى تصبح الأخلاق سلاحا اجتماعيا للمرأة؟

 الحريات السياسية في النظام الإسلامي

 فنّ التعامل الناجح مع الآخرين



 موسوعة الفقه للامام الشيرازي على موقع مؤسسة التقى الثقافية

 183- مباحث الاصول (مبحث الاطلاق) (1)

 351- الفوائد الاصولية: بحث الترتب (2)

 قسوة القلب

 استراتيجية مكافحة الفقر في منهج الإمام علي (عليه السلام)

 الأجوبة على مسائل من علم الدراية

 النهضة الحسينية رسالة إصلاح متجددة

 236- احياء أمر الامام المهدي (عجل الله تعالى فرجه الشريف)

 نقد الهرمينوطيقا ونسبية الحقيقة والمعرفة

 177- أعلى درجات التواتر لاخبار مولد الامام القائم المنتظر ( عجل الله تعالى فرجه الشريف )



  • الأقسام : 85

  • المواضيع : 4431

  • التصفحات : 23697876

  • التاريخ : 28/03/2024 - 11:41

 
 
  • القسم : البيع (1442-1443هـ) .

        • الموضوع : 565-تتمة البحث السابق .

565-تتمة البحث السابق
الاثنين 13 ذي القعدة 1443هـ



بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين سيما خليفة الله في الأرضين، واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم

(565)

السواك وسنّ القانون دليلُ التفكيكِ بين عِلّة الجعل والمجعول

سبق: ان التفكيك بين العِلّة والحِكمة في نسبتهما إلى الجعل والمجعول غير صحيح، وان الصحيح انه: كلما كان علّةً للجعل كان علّةً للمجعول، ولو بالواسطة([1])، وان ما كان حِكمة للجعل كان حِكمة للمجعول، ولكن قد يشكل على ذلك بما مثلنا به في درس أسبق([2]) وهو مثال السواك ((لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ مَعَ كُلِّ صَلَاةٍ))([3]) ومثال ضرب القانون: (ويوضّح الفرق بين الأمرين: قاعدة ضرب القانون، فإن الدول تجعل القوانين، كقانون المرور والإشارة الحمراء، لمصلحة النظام وحفظاً للناس من حوادث السير، لكنها علّة للجعل ولذا لم يلزم إطّرادها في المجعول ولذا فان على كل شخصٍ التقيّد بالإشارات الحمراء وان قَطَعَ بعدم حصول حادثٍ من تجاوزه الإشارة لقطعه مثلاً بعدم وجود سيارة أخرى في أية جهة أخرى، وما ذلك إلا لأن تلك المصلحة شكّلت عِلّة الجعل لا علّة المجعول؛ لذا صار المدار النوع أو الأكثر.

ويوضحه أيضاً مثال السواك فان قوله (صلى الله عليه وآله): ((لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ مَعَ كُلِّ صَلَاةٍ)) عِلّةٌ للجعل، ولذا لا تطّرد في المجعول، فلا يجب عليه السواك وإن لم يكن فيه مشقة عليه)([4]).

الجواب: لا تفكيك أبداً

لكنّ الاستدلال بهما عليل؛ أما السواك، فلأن (المشقة على الأكثر عِلّة رفع الحكم عن الكل)، فهذا عن عِلّة الجعل (وفي المقام يراد: علّة رفع الحكم) وكذلك تماماً نقول في المجعول: (المشقة على الأكثر عِلّة عدم الوجوب على الكل) وعدم الوجوب معلول لعدم الرفع، والأخير من عالم الجعل وسابقُهُ من عالم المجعول.

بعبارة أخرى: (عدم الجعل على أي واحد، أي عدمه على الكل، لأجل أن لا يقع النوع في المشقة) فهذا عن عالم الجعل، ونظيره تماماً في عالم المجعول (عدم الوجوب على أي واحد، أي عدمه عن الكل، لأجل أن لا يقع النوع في مشقة).

وأما سنّ القانون، فيظهر الحال من وحدة حكم العالمين (عالم الجعل وعالم المجعول) من جهة كون علّة أحدهما علّة للآخر وحِكمته حِكمة للآخر من دون تفكيك، بمثال الإشارة الحمراء المستشهد به إذ نقول: (الحيلولة دون اصطدام 10% من السيارات، أو 30% أو 70% لا فرق، كان عِلّة جعل وجوب توقف الكل عند الإشارة الحمراء) فكذلك يقال عن عالم المجعول (الحيلولة دون اصطدام 10%، أو أية نسبة أخرى، كان علّة وجوب التوقف عند الإشارة الحمراء) فعلّة (جعل الوجوب) هي علّة (الوجوب) نفسه والوجوب معلول جعل الوجوب، والوجوب قائم بالمكلَّف وجعل الوجوب قائم بالجاعل والمشرع.

تنبيه: ذلك كله إن أريد من المجعول ما هو معناه الظاهر، وأما إن أريد منه (المجعول عليه) أي المكلَّف، فالجواب مع بعض التغيير جارٍ فتدبر تعرف([5]).

الضرر قد يكون حِكمة فكيف بالامتنان؟

وأخيراً: مما يؤكد ما ذكرناه من ان (الامتنان) في حديث الرفع التساعي([6]) وحديث رفع القلم الثلاثي([7]) حِكمة وليس علّة، ان (لا ضرر) رغم انه، في بناء العقلاء ومبنى الفقهاء، حاكم على كافة العناوين الأولية([8])، حتى انه يبدو كسد اسكندر، ومع وضوح دورانه مدار الأشخاص وكونه علّة لرفع الأحكام لا حِكمة، ومع ذلك فان الشارع اعتبره، في بعض الأحكام، حِكمة للجعل وذلك بحسب مبنى المحقق النائيني وجمع من الأعلام في مسالة (حق الشفعة) وفي مسألة (فضل الماء).

ويكفي ان نقتبس ههنا جزء بسيطاً مما ذكرناه في باب التزاحم قبل أكثر من سنتين:

(النائيني: (لا ضرر) حِكمةٌ للشفعة وفضل الماء

وأجاب الميرزا النائيني عن الاستدلال بروايات الشفعة وفضل الماء بقوله: (لأنا نقول: امّا مسألة "الشفعة"، ومسألة "منع فضل الماء" فليس ثبوت حقّ الشفعة وكراهة منع الماشية فيهما من باب حكومة "لا ضرر" على الأحكام العدمية، بل ثبوت هذين الحكمين إنّما هو كثبوت الطهارة للحديد؛ للحرج، فكما ان الحرج حِكمة لرفع النجاسة عن الحديد، فكذلك الضَّرر حِكمة لجعل الخيار واستحقاق صاحب المواشي للانتفاع بفاضل ماء بئر الغير. ولذا لا يدور الحكم مدار الضَّرر، فلا يمكن ان يقاس على هذين الحكمين ساير الموارد)([9]).)([10])

وذكرنا في الدرس السابق عليه: (الاستدلال بروايات الشفعة وفضل الماء على شمول لا ضرر للعدميات

ولنعُدْ إلى سائر كلمات الميرزا النائيني في عدم شمول لا ضرر للعدميات.

قال: (ولا يقال: انّ ورودها([11]) في مورد "الشفعة"، وفي مورد "منع فضل الماء"، بل في قضية "سمرة"، كاشف من حكومتها على الأحكام العدمية؛ فانّ مفادها في هذه الموارد نفي عدم ثبوت حقّ للشريك، ونفي عدم ثبوت حقّ لصاحب المواشي، ونفي عدم ثبوت حقّ للانصاري، وعدم تسلطه على قلع العذق)([12]).

وحاصل الإشكال هو انه: استدل بعض الأعلام على شمول لا ضرر للعدميات بروايات الشفعة وفضل الماء؛ إذ ان النبي (صلى الله عليه وآله) نفى عدم ثبوت حق للشريك بالأخذ بالشفعة، ببركة لا ضرر، فاثبتها به وهكذا نفى عدم حق لصاحب المواشي في فضل ماء بئر صاحبه، ببركة لا ضرر فاثبت الحق به أي رفع عدم الحق بلا ضرر، ونفيُ النفي إثبات.

ولكي يتضح هذا الاستدلال ثم جواب الميرزا عنه، ثم مناقشتنا للميرزا، لا بد من نقل نص الروايتين:

فعن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: ((قَضَى رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله) بَيْنَ أَهْلِ الْمَدِينَةِ فِي مَشَارِبِ النَّخْلِ أَنَّهُ لَا يُمْنَعُ نَفْعُ الشَّيْ‏ءِ، وَقَضَى (صلى الله عليه وآله) بَيْنَ أَهْلِ الْبَادِيَةِ أَنَّهُ لَا يُمْنَعُ فَضْلُ مَاءٍ لِيُمْنَعَ بِهِ فَضْلُ كَلَإٍ، وَقَالَ: لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ))([13]) وعن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: ((قَضَى رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله) بِالشُّفْعَةِ بَيْنَ الشُّرَكَاءِ فِي الْأَرَضِينَ وَالْمَسَاكِنِ، وَقَالَ: لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ، وَقَالَ: إِذَا رُفَّتِ الْأُرَفُ وَحُدَّتِ الْحُدُودُ فَلَا شُفْعَةَ))([14]).

وظاهر رواية فضل الماء وإطلاقها انه لو حفر بئراً أو استنبط نبعاً أو شق جدولاً إلى بستانه، فزاد ماؤها عن حاجته، فانه لا يجوز له ان يمنع فضل مائه عن جاره، وقد اختلف العلماء في هذا الحكم، فالتزم بعضهم بظاهر الروايات وحكم بحرمة منع فضل الماء ولكن هؤلاء اختلفوا إلى قولين:

الأول: انه مع حرمة منع مائه عن جاره فانه ليس له ان يأخذ مالاً مقابل بذل المال له (فالحكمان التكليفي والوضعي متطابقان)

الثاني: انه يحرم عليه منعه ولكن له أخذ ثمنه منه مقابل ذلك؛ إذ الوضعي ينفك عن التكليفي، وذلك كما لو اضطر غني إلى أكل طعام جاره وإلا مات فان جاره يجب عليه إعطاؤه له ولكن يجوز له أخذ ثمنه منه.

وذهب بعض آخر إلى حمل الروايات على النهي التنزيهي وعلى كراهة ذلك، ولعله المشهور.

وفي جامع الشرائع لابن سعيد قال: (ويستحب بذله للمحتاج بلا عوض، وقيل: يجب بذله بلا عوض، وقيل: بالعوض)([15]))([16]).

الحاصل: لا ضرر حِكمة لجعل حق الشفعة وفضل الماء

والحاصل: انه رغم ان (لا ضرر) يجب ان يكون عِلّة لثبوت حق الشفعة بمعنى انه إن كان عدم ثبوتها ضرراً على الشريك جُعِلت، وإن لم يكن ضرراً عليه لكون المشتري ممن يأنس به الشريك وبشركته المشاعة، لم تُجعَل، وكذا فضل الماء بالنسبة إلى الجار إذ قد يكون حرمانه من فاضل ماء جاره ضرراً عليه وقد لا يكون، ومع ذلك شرَّع الشارع الشفعة مطلقاً (سواء أكان عدمها ضرراً عليه أو لا، وسواء أكان الأخذ بها نفعاً له أو لا) وكذلك شرَّع كراهة (أو حرمة) منع الجار من فائض ماء جاره، مما يظهر منه ان (لا ضرر) مما لا يدور الحكم مداره بل كان حِكمة للجعل لا عِلّة.

إشكال وجواب

ولكن قد يورد على هذا بما ذكرناه هنالك: (الثالث: ان الحُكم تارة يدور مدار الضرر أو غيره، النوعي، وأخرى يدور مدار الضرر، أو غيره، الشخصي، وكلما دار مدار الضرر الشخصي كان تشخيص الملاك وانه مصداقه بيد المكلف، وكلما دار مدار النوعي كان تشخيص تحققه من غير مانع أو مزاحم وكونه منشأ لهذا الحكم الكلي، بيد الشارع، والضرر في الصوم شخصي لذا يرتفع وجوبه كالحج وغيره؛ بالضرر الشخصي وليس المدار نوع المكلفين ولذا لو صار مضراً لغالبهم بل لكلهم إلا زيداً، كان لكلٍّ حُكمهُ، واما الضرر في الشفعة فنوعي لذا كان للشارع فقط تشريع الحكم على ضوئه)([17]) فالضرر علّة للجعل النوعي فلم يتخلف ولو كان علّة للجعل الشخصي لتخلف([18])، فتأمل([19]).

والبحث والأخذ والرد ههنا طويل نكتفي منه بهذا المقدار، ولعلنا نعود له لاحقاً بمناسبة أخرى. والله الهادي العاصم.

وصلى الله على محمد وآله الطاهرين

قال الإمام الكاظم (عليه السلام): ((قَلِيلُ الْعَمَلِ مِنَ الْعَالِمِ مَقْبُولٌ مُضَاعَفٌ، وَكَثِيرُ الْعَمَلِ مِنْ أَهْلِ الْهَوَى وَالْجَهْلِ مَرْدُودٌ)) (الكافي: ج1 ص17)

---------------
([1]) فإن عِلّة العلّة عِلّة.

([2]) الدرس (562).

([3]) ثقة الإسلام الكليني، الكافي، دار الكتب الإسلامية ـ طهران: ج3 ص22.

([4]) الدرس (564).

([5]) إذ قد يقال: عِلّة الجعل غير مطردة في كل مجعول عليه؟ إذ يجاب: بل هي مطردة إذ لكلٍّ سهمٌ شأنيٌ في المجموع، فتدبر فانه دقيق.

([6]) ((رُفِعَ عَنْ أُمَّتِي تِسْعٌ:...)) (تحف العقول: ص50).

([7]) ((رَفَعَ الْقَلَمَ عَنِ ثلاثة:...)) (الإرشاد، ج1 ص203).

([8]) إلا ما ورد مورد الضرر كالجهاد.

([9]) قاعدة لا ضرر، تقريرات الخوانساري للاضرر الميرزا النائيني: ص182.

([10]) الدرس (255/ 1085)

([11]) لا ضرر.

([12]) قاعدة لا ضرر، تقريرات الخوانساري للاضرر الميرزا النائيني: ص182.

([13]) ثقة الإسلام الكليني، الكافي، دار الكتب الإسلامية ـ طهران: ج5 ص293.

([14]) ثقة الإسلام الكليني، الكافي، دار الكتب الإسلامية ـ طهران: ج5 ص280.

([15]) يحيى بن سعيد الحلي، الجامع للشرائع، مؤسسة سيد الشهداء (عليه السلام): ج1 ص376ـ 377.

([16]) الدرس (254/1084).

([17]) الدرس (255/1085).

([18]) أي فهو علّة للجعل لكنه حِكمة للمجعول.

([19]) إذ لا تفكيك رغم ذلك بين علّة الجعل وعلّة المجعول، أو حكمتهما. بل التفكيك مع المجعول له على ان له أيضاً جواباً.

 

  طباعة  ||  أخبر صديقك  ||  إضافة تعليق  ||  التاريخ : الاثنين 13 ذي القعدة 1443هـ  ||  القرّاء : 1396



 
 

برمجة وإستضافة : الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net