218- توضيح الفرق الثامن السابق 9ـ (الحقيقية ) ما كان الحكم فيها على الافراد المحققة والمقدرة الوجود معاً اما (الخارجية) فهي ماكان الحكم فيها على الافراد المحققة في احد الازمنة الثلاثة ــ كما قيل لكن الحق ان (الحقيقة )على خمسة اقسام و (الخارجية) على اربعة اقسام
الثلاثاء 24 ربيع الأول 1434هـ





بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين سيما خليفة الله في الأرضين، واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
ملخص ما تقدم
كان البحث عن الفوارق الثبوتية والاثباتية بين القضية الحقيقية والقضية الخارجية لكي نفرِّع ونرتب عليه مبحث ان أوامر المعرفة قد تكون على نحو القضية الحقيقية وهي المبحوثة عادة في الاصول وفي علم الكلام، وقد تكون على نحو القضية الخارجية وهذه هي المسألة التي عَنْونّا البحث لأجلها. ونحن الان في الكبرى الكلية.
8- نسبة المحمول للموضوع في (القضية الحقيقية) لا اقتضائية وفي (الخارجية) اقتضائية
الفرق الثامن: وهو ما اشرنا اليه وهو ان في القضية الحقيقية نسبة المحمول إلى الموضوع وضعا ورفعا لا اقتضائية، اما في القضية الخارجية فانها اقتضائية، توضيح ذلك: القضية الحقيقية يثبت فيها المحمول لطبيعيِّ الموضوع، فهو ساكت عن وجوده وعن عدمه، وبتغبير اخر موضح انه في القضية الحقيقية المحمول يثبت (على تقديرٍ) وهو ما اوضحناه سابقا من عَوْد القضية الحقيقية إلى القضية الشرطية، اذن هي قضية على تقديرٍ، واما القضية الخارجية فليست على تقديرٍ بل هي فعلية، وذلك ان القضية الخارجية يثبت فيها الموضوع لنفس الافراد الموجودة والمتحققة، والفرد الموجود المحقّق لا يعقل فيه كونه على تقديرٍ، لأنه تقديره ثابت محدد مشخّص، بعبارة أخرى (على تقديرٍ) يعني الترديد، والترديد لا مجال له في القضية الخارجية لأنها تثبت أمراً لوجودٍ واقع، توضيح ذلك بمثالين يظهر بهما الفرق جليا: اذا قال المولى(كل من توفر على النصاب فانه تجب عليه الزكاة) اي كل من كان مالكا لانعام او زرع مستجمعا للشرائط فالزكاة واجبة عليه، فهذه قضية حقيقية، والمحمول ثابت للطبيعي اي طبيعي من امتلك النصاب يجب عليه الزكاة، لكن ثبوت هذا الحكم لهذا الموضوع هل ينطق بانك مالك للنصاب او غير مالك؟ والجواب، كلا، لأن الطبيعي على تقديرٍ يتصف دون تقديرٍ آخر، أي ليس فعلياً بالضرورة، اي ينسجم مع التقديرين وهو ما تقدم من القضية الشرطية، اي كل ما كنت مالكا للنصاب فتجب عليك الزكاة وكلما لم تكن مالكا فلا تجب، وبعبارة مبسطة: وجوب الزكاة على من اجتمعت فيه الشرائط لا يدل على ان هذا قد اجتمعت فيه الشرائط ام لم تجتمع
اما لو قلنا بنحو القضية الخارجية (تجب على من في هذه الغرفة الزكاة) فهذا الوجوب اثباتُه عليهم، ينطِق بتوفرهم على الشرائط والا لما صح هذا الخطاب فاثبات الوجوب عليهم يُثبِت بالبرهان الاني كونهم في رتبة سابقة قد استجمعوا الشرائط بالفعل فلذا اوجب عليهم والا لما حق له ان يوجب عليهم ولمـّا يجمعوا الشرائط، فالمثالان يوضحان كيف ان القضية الحقيقية انما هي على تقدير دون تقدير، اما الخارجية فقد فرض فيها ثبوت احد التقديرين ووجوده وفعليته وتحققه وتشخصه فلا يعقل فيه الترديد والتقدير، وهذا الفرق بالذات سوف ينفعنا في مبحثنا اللاحق في صغرى وجوب المعرفة وكيف نخاطب بنحو القضية الحقيقية المكلفين ثم نخاطبهم بنحو القضية الخارجية، وسيأتي مزيد توضيح بإذن الله تعالى.
9- (_الحقيقية): حكم فيها على الأفراد المحققة والمقدرة
الفرق التاسع: وهذا الفرق هو المعروف لدى الطلبة عادة، والموجود في كتب المنطق كمنطق المظفر، وهو ان القضية الحقيقية هي تلك القضية التي ثبت الحكم فيها على الأفراد المحققة الوجود والمقدرة الوجود، اي كلما ثبت المحمول للافراد محققةً كانت ام مقدرةً فالقضية حقيقية واما القضية الخارجية فهي ما ثبت المحمول فيها للافراد المحققة الموجودة في احد الازمنة الثلاثة مثل (قتل من في العسكر او هدمت دور البلد) في الماضي، وكذا ما كان عن الحاضر او المستقبل
والحاصل ان: (الحقيقية هي ما كان الحكم فيها على الافراد المحققة الوجود والمقدرة الوجود معاً واما الخارجية فهي ما كان الحكم فيها على خصوص الافراد المحققة الوجود في احد الازمنة الثلاثة) ونص عبارة المظفر (وأخرى يكون وجود موضوعها في الخارج على وجه يلاحظ في القضية خصوص الأفراد الموجودة المحققة منه في احد الأزمنة الثلاثة... وثالثة: يكون وجوده في نفس الأمر والواقع، بمعنى ان الحكم على الأفراد المحققة الوجود والمقدرة الوجود معاً) ولنا ههنا معه نقاش ثم تعليق ثم تحقيق، اما النقاش فنشير إليه بعض الاشارة بما ينفع في المقام فنقول
النقاش: بل الحقيقية ما حكم فيها على الطبيعيّ بلحاظ كونه مرآة للمحققة والمقدرة
اما النقاش فهو ان القضية الحقيقية لا يعلم كونها ما ذكر، اذ قد يقال ان القضية الحقيقية هي فوق هذا وان هذه قضية خارجية لكن بالمعنى الاعم للقضية الخارجية، واما القضية الحقيقية فهي (ما ثبت فيها المحمول للطبيعيِّ على ان يكون مرآة للافراد المحققة والمقدرة معا)، والفرق بين ما نقول وما قيل جليّ، فما يقوله المظفر وبعض آخر: ان موضوع القضية الحقيقية هو نفس الافراد مقدرةً او محققةً فهو إذن يلغي واسطيّة الكلي الطبيعي، لكن نقول ان الظاهر ان الحقيقية هي ما انصب فيها الحكم على الكلي الطبيعي مثل (كل مثلث فان زواياه تساوي قائمتين) فالحكم انصب على الطبيعي ثم الطبيعي يتمصدق في الافراد المحققة والمقدرة معا، وهذا نقاش مبنائي ولا نطيل فيه وليس مهما جدا من حيث الثمرة العملية، كما ويوجد كلام حول اصل البحث وهو بحث فلسفي وان الخارج المحمول على قسمين، يقول في المنظومة:
والخارج المحمول من صميمه يغاير المحمول بالضميمة
وعلى ضوء هذا التفريق نعرف انه يوجد نوعان من القضايا، وهو بحث دقّي نتركه لمحله.
التعليق: (الخارجية) على قسمين
اما التعليق فهو حول القضية الخارجية، فان المظفر وعدد اخر ارتأوا ان القضية الخارجية هي ما تقدم تعريفه؛لكن اقول تفصيلا وتعليقا وتوضيحا اكثر ان القضية الخارجية على قسمين، وبتعبير اخر لها فيها اطلاقان:
الإطلاق الاول: القضية الخارجية بالمعنى الاخص .
الإطلاق الثاني: القضية الخارجية بالمعنى الخاص .
والقضية الخارجية بالمعنى الاخص هي ما كان فيها المحمول ثابتا للافراد المحققة في الزمن الحاضر فقط، كما في شأن الحكومات وشأن الفقيه في ما له الولاية فانه يُعمِل ولايته على الافراد الموجودة خارجا هذا الزمن، اما المظفر فقد انتخب ان القضية الخارجية هي ما كان الحكم فيها على الافراد المحققة في احد الازمنة الثلاثة، ولذا مثل بـ(السور المائل للانهدام في البلد، هدم وكل جندي في المعسكر مدرب على حمل السلاح ) وأضيف له: سيولد لهذا مولود )، اذن هذان اطلاقان ولا مشاحة بينهما فكلاهما قضية حقيقية خارجية، لكن التفريق بينهما منتج وبحثنا الصغروي اللاحق سيبتني على هذا التفريق الدقيق بين القضايا الخارجية، وهذا هو التعليق بايجاز.
التحقيق: (الحقيقية) لها خمس صور، و(الخارجية) لها أربع صور
اما التحقيق فهو ان القضية الحقيقية والخارجية تنقسمان إلى تسع صور وهذه الصور ستلاحظون انها تعد نوعاً من التطوير في هذا البحث المنطقي فنقول:
القضية الحقيقية تنقسم إلى خمسة اقسام والقضية الخارجية تنقسم إلى اربعة اقسام والذي يهمنا في بحثنا هو القضايا الخارجية ولابد من ملاحظة رؤوس الاقسام بما ينفعنا، والا فالكلام مطول ومعمق، فنقول: ان القضية الحقيقية على اقسام خمسة: فانه تارة يصب فيها المحمول على الكلي الطبيعي بما هو هو لا بلحاظ مرآتيته للافراد لكن ليس بنحو بشرط لا بل بنحو لا بشرط، ولا تخلط هذه الصورة مع القضية الذهنية فالذهنية على مبنى هي ما كان فيها الموضوع ممتنعا مثل (كل شريك للباري فانه ممتنع او كل اجتماع للنقيضين فانه مغاير لاجتماع الضدين) ونحوها من الامثلة.
اما الصورة الثانية إلى الخامسة فهي ما لوحظ الكلي الطبيعي مرآة للافراد المحققة والمقدرة اي ان الحكم اثبت للطبيعي بلحاظ كونه مرآة لها باجمعها، هذه الصورة الثانية اما الصورة الثالثة فهي ما كان الحكم او المحمول فيها قد صبّ على الكلي الطبيعي بلحاظ كونه مرآة للافراد المحققة في كل الازمنة الثلاثة، والصورة الرابعة عين الثالثة لكن في احد الازمنة الثلاثة، والصورة الخامسة بعينها لكن في الزمن الحاضر وهذه لا نتوقف عندها لذلك مشينا عليها سريعا.
صور القضية الخارجية:
اما القضية الخارجية فصورها اربعة، وهنا سنطبق الثمرة العملية لهذا التطوير للمبحث المنطقي فنقول ان القضية الخارجية على أربعة أنواع: بالمعنى الاعم، ثم العام، ثم الخاص، ثم الاخص،
النوع الأول: الخارجية بالمعنى الاعم، وهي ما ثبت المحمول للافراد المقدرة الوجود والمحققة الوجود وهو الذي اسماه المظفر القضية الحقيقية لكن لا مشاحة الان وهذا القسم الاول لو الغيناه فننتقل للمعاني الثلاثة الاخرى ومثال هذا القسم في العلوم: الهندسة والرياضيات وما اشبه من العلوم، سواء اسميتها حقيقية ام خارجية توضيحه ان هذه العلوم فيها احتمالان، الاحتمال الاول ان الهندسة ونظائرها قد صب فيها الحكم على الكلي الطبيعي بلحاظ مرآتيته للافراد المحققة والمقدرة معا وهذا ما صرنا إليه، اما المبنى الثاني ويتبناه الفلاسفة الجدد وان لم يصطلحوا عليه بهذا المصطلح وهو ظاهر عبارة المظفر أيضاً فهو ان القضية الحقيقية في مثل الهندسة والرياضيات قد صُبّ فيها الحكم مباشرة على الافراد المحققة والمقدرة معا من دون توسيط مفهوم الكلي الطبيعي.
وهذا بحث مهم فان بعض اصحاب المدرسة الكلامية الجديدة (المدرسة التفكيكية) تبنوا هذا الرأي في ما يرتبط ببحث الواجب سبحانه وتعالى، فهذا البحث له فائدة كبيرة بقطع النظر عن خصوص مسألتنا، إذ ارتأوا اجمالا الغاء وساطة المفاهيم في دلالة الالفاظ على المسميات، بادلة ذكروها وثمرات تترتب عليها،
النوع الثاني هي القضايا الخارجية بالمعنى العام وهو ما اثبت فيها المحمول للافراد المحققة الوقوع في الازمنة الثلاثة كلها، وما يقوله المظفر ليس هذا بل ما هو ادنى رتبة منه، ومثال هذا النوع علم الاجتماع وعلم النفس وكذلك بعض بحوث علم الطب، وبالتأمل في الامثلة تتضح صحة مدعانا من ان القضية الخارجية انواع وليس نوعا واحدا
النوع الثالث هي القضايا الخارجية بالمعنى الخاص وهي التي اشار إليها المظفر وهي ما ثبت فيها المحمول على الافراد المحققة الوجود في احد الازمنة الثلاثة على سبيل البدل، والفرق ان في القسم السابق اشترطنا التحقق في جميع الازمنة ومثال هذا القسم علم التاريخ فهو محمولات تثبت لموضوعاتها الماضية فقط، (والماضي أحد الأزمنة الثلاثة) والمثال الاخر علم المستقبل الذي اصبح الان كثير التداول فانه يتحدث عن المستقبل حصريا، فهذه قضية خارجية بالمعنى الخاص لا الاخص
النوع الرابع القضية الخارجية بالمعنى الاخص وهي ما ثبت المحمول فيها للافراد الموجودة في الزمن الحاضر حصريا مثاله علم الجغرافية فانها من القضايا الخارجية بالمعنى الاخص لأنه يتحدث عن الجغرافية الحالية ووضع هذا البلد وذاك البلد جغرافيا كيف هو الان والانهر والصحاري ونحوها .
اذن القضايا الخارجية على انواع اربعة والعلوم تتقسم على ضوء هذه الأنواع الأربعة.
وكبحث تطبيقي: فكروا في ان علم الاصول يندرج في اي قسم من هذه الاقسام التسعة؟ وكذا علم الفقه وعلم القواعد الفقهية؟ وكذلك علم السياسة؟ وللحديث صلة.
وصلى الله على محمد واله الطيبين الطاهرين
الثلاثاء 24 ربيع الأول 1434هـ
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |