||   بسم الله الرحمن الرحيم | اللهم كُن لوليّك الحُجَّة بن الحَسَن صَلواتُكَ عَليه وَعَلى آبائه في هذه السّاعة وفي كُلّ سَاعَة وَليّاً وَحَافِظا وَقائِداً وَ ناصراً ودَليلاً وَ عَينا حَتّى تُسكِنَه أرضَك طَوعاً وَتُمَتِعَه فيها طَوِيلاً | برحمتك يا أرحم الراحمين   ||   اهلا وسهلا بكم في الموقع   ||  


  





 النهضة الحسينية رسالة إصلاح متجددة

 290- فائدة منهجية: معادلة الظاهر والتدقيقات العقلية

 277- (اهدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ) 2 الصراط المستقيم في تحديات الحياة ومستجدات الحوادث

 170- مباحث الأصول : (مبحث المفاهيم)

 310- (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَساجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فيهَا اسْمُهُ) 4 سؤال النهضة واصلاح التعليم

 110- فائدة ادبية بلاغية: وجود قسيم اخر للصدق والكذب

 31- فائدة فقهية: ملاكات ووجوه لحكم الشارع بالرجوع للمفتي والقاضي والراوي

 289- فائدة قرآنية: نزول القرآن على سبعة أحرف وحجية القراءات

 62- أنواع تعدية الفعل

 36- (كونوا مع الصادقين)4 الجواب التاسع إلي الحادية عشر عن شبهة: لماذا لم يذكر الله اسم الإمام علي والأئمة عليهم السلام في القرآن الكريم



 اقتران العلم بالعمل

 متى تصبح الأخلاق سلاحا اجتماعيا للمرأة؟

 الحريات السياسية في النظام الإسلامي

 فنّ التعامل الناجح مع الآخرين



 موسوعة الفقه للامام الشيرازي على موقع مؤسسة التقى الثقافية

 183- مباحث الاصول (مبحث الاطلاق) (1)

 351- الفوائد الاصولية: بحث الترتب (2)

 قسوة القلب

 استراتيجية مكافحة الفقر في منهج الإمام علي (عليه السلام)

 الأجوبة على مسائل من علم الدراية

 النهضة الحسينية رسالة إصلاح متجددة

 236- احياء أمر الامام المهدي (عجل الله تعالى فرجه الشريف)

 نقد الهرمينوطيقا ونسبية الحقيقة والمعرفة

 177- أعلى درجات التواتر لاخبار مولد الامام القائم المنتظر ( عجل الله تعالى فرجه الشريف )



  • الأقسام : 85

  • المواضيع : 4431

  • التصفحات : 23702262

  • التاريخ : 28/03/2024 - 22:53

 
 
  • القسم : الظن (1444هـ) .

        • الموضوع : 216- فقه مناظرة زرارة مع الإمام الباقر (عليه السلام) .

216- فقه مناظرة زرارة مع الإمام الباقر (عليه السلام)
الاثنين 24 / شوال /1444هـ



بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين سيما خليفة الله في الأرضين، واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم

(216)

الاستدلال بمناظرة زرارة مع الإمام (عليه السلام)

ومن الروايات الشريفة التي يمكن الاستدلال بها على وجود الواسطة بين المؤمن والكافر وعلى وجود الجاهل القاصر إضافة إلى مطالب أخرى عديدة: ما رواه الكليني في الكافي عن علي بن إبراهيم بسنده (عَنْ زُرَارَةَ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عليه السلام) ((قَالَ: قُلْتُ لَهُ: فَمَا تَقُولُ فِي مُنَاكَحَةِ النَّاسِ فَإِنِّي قَدْ بَلَغْتُ مَا تَرَاهُ وَمَا تَزَوَّجْتُ قَطُّ؟ فَقَالَ: وَمَا يَمْنَعُكَ مِنْ ذَلِكَ؟ فَقُلْتُ: مَا يَمْنَعُنِي إِلَّا أَنَّنِي أَخْشَى أَنْ لَا تَحِلَّ لِي مُنَاكَحَتُهُمْ فَمَا تَأْمُرُنِي؟ فَقَالَ: فَكَيْفَ تَصْنَعُ وَأَنْتَ شَابٌّ، أَتَصْبِرُ؟ قُلْتُ: أَتَّخِذُ الْجَوَارِيَ قَالَ: فَهَاتِ الْآنَ فَبِمَا تَسْتَحِلُّ الْجَوَارِيَ؟ قُلْتُ: إِنَّ الْأَمَةَ لَيْسَتْ بِمَنْزِلَةِ الْحُرَّةِ إِنْ رَابَتْنِي بِشَيْ‏ءٍ بِعْتُهَا وَاعْتَزَلْتُهَا، قَالَ: فَحَدِّثْنِي بِمَا اسْتَحْلَلْتَهَا؟ قَالَ: فَلَمْ يَكُنْ عِنْدِي جَوَابٌ.

فَقُلْتُ لَهُ: فَمَا تَرَى أَتَزَوَّجُ؟ فَقَالَ: مَا أُبَالِي أَنْ تَفْعَلَ، قُلْتُ: أَرَأَيْتَ قَوْلَكَ: مَا أُبَالِي أَنْ تَفْعَلَ، فَإِنَّ ذَلِكَ عَلَى جِهَتَيْنِ تَقُولُ: لَسْتُ أُبَالِي أَنْ تَأْثَمَ مِنْ غَيْرِ أَنْ آمُرَكَ، فَمَا تَأْمُرُنِي أَفْعَلُ ذَلِكَ بِأَمْرِكَ؟ فَقَالَ لِي: قَدْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ (صلي الله عليه وآله) تَزَوَّجَ وَقَدْ كَانَ مِنْ أَمْرِ امْرَأَةِ نُوحٍ وَ امْرَأَةِ لُوطٍ مَا قَدْ كَانَ، إِنَّهُمَا قَدْ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَقُلْتُ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صلي الله عليه وآله) لَيْسَ فِي ذَلِكَ بِمَنْزِلَتِي إِنَّمَا هِيَ تَحْتَ يَدِهِ وَهِيَ مُقِرَّةٌ بِحُكْمِهِ مُقِرَّةٌ بِدِينِهِ، قَالَ: فَقَالَ لِي مَا تَرَى مِنَ الْخِيَانَةِ فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ {فَخانَتاهُما} مَا يَعْنِي بِذَلِكَ إِلَّا الْفَاحِشَةَ وَقَدْ زَوَّجَ رَسُولُ اللَّهِ (صلي الله عليه وآله) فُلَاناً قَالَ قُلْتُ أَصْلَحَكَ اللَّهُ مَا تَأْمُرُنِي أَنْطَلِقُ فَأَتَزَوَّجُ بِأَمْرِكَ فَقَالَ لِي إِنْ كُنْتَ فَاعِلًا فَعَلَيْكَ بِالْبَلْهَاءِ مِنَ النِّسَاءِ قُلْتُ وَ مَا الْبَلْهَاءُ قَالَ ذَوَاتُ الْخُدُورِ الْعَفَائِف...‏))([1]).

إضاءات من فقه الحديث

ولنتوقف، قبل استكمال نقل الرواية عند إشارات سريعة من فقه الحديث ثم نتوقف، في الدرس القادم عند بعض البحوث المعمقة في فقه حديثها:

هل سؤال زرارة عن الحكم الأولي أو الثانوي؟

- ((قُلْتُ لَهُ: فَمَا تَقُولُ فِي مُنَاكَحَةِ النَّاسِ)) و(( مَا يَمْنَعُنِي إِلَّا أَنَّنِي أَخْشَى أَنْ لَا تَحِلَّ لِي مُنَاكَحَتُهُمْ فَمَا تَأْمُرُنِي؟)) وذلك لأن المبنى العام الذي كان ينطلق منه زرارة في السؤال، هو ما ذكره العلامة المجلسي: (إصرار زرارة علي نفي الواسطة بين الإيمان والكفر، وأن المخالفين كلهم ولو كانوا من فرق الشيعة غير الإمامية كفّار عنده، يجري عليهم جميع أحكام الكفار في الدنيا والآخرة)([2]) في الدنيا: كعدم جواز الزواج من المخالِفة وكالقتل، والحكم ببينونة زوجته وتوزيع إرثه إن كان مؤمناً ثم صار مخالفاً. وفي الآخرة: كخلوده في النار.

ونضيف: ان سؤال زرارة إما أن يكون عن الحكم الأولي لمناكحة الناس، المقصود بهم في لغة الروايات العامة، أو عن الحكم الثانوي لمناكحتهم؟ يؤيد الثاني كون ظاهر المقطع الأول السؤال عن حالة اضطرار وجد فيها زرارة نفسه إذ قال: ((فَإِنِّي قَدْ بَلَغْتُ مَا تَرَاهُ وَمَا تَزَوَّجْتُ قَطُّ)) لكن الظاهر من مجمل الرواية ومبنى زرارة من كفر المخالفين وخصوص قوله: ((أَخْشَى أَنْ لَا تَحِلَّ لِي مُنَاكَحَتُهُمْ)) ان السؤال عن الحكم الأولي.

ويمكن الجمع بأن يكون زرارة قد ارتأى الحرمة الأولية وانها من الشدة بحيث لا يُحلها حتى الاضطرار ولذا قال: ((أَخْشَى)).

والظاهر أن زرارة إما أنه كان يرى حرمة مناكحة الكفار مطلقاً وقد شمل المخالفين بذلك لكونهم كفّاراً بنظره، أو كان يرى، كما هو المعروف عندنا، حرمة مناكحة الكفار إلا أهل الكتاب وهم المسيحي واليهودي والمجوسي، وحيث ان المخالف ليس من هذه الأصناف الثلاثة لذا وجده داخلاً في أدلة الحرمة العامة.

الحكم بحرمة الزواج بالمخالِفة حرجي

- قوله (عليه السلام): ((فَكَيْفَ تَصْنَعُ وَأَنْتَ شَابٌّ، أَتَصْبِرُ؟)) لا يبعد أن يكون منه (عليه السلام) إشارة إلى أمر وجداني مرتكز لدى كل شيعي، ومسلم، مبرهن عليه بالقرآن الكريم والسنة القطعية، وهو قوله تعالى: {رَبَّنا وَلا تُحَمِّلْنا ما لا طاقَةَ لَنا بِهِ} (سورة البقرة: الآية 286) و{يُريدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُريدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} (سورة البقرة: الآية 185) و{وَما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} (سورة الحج: الآية 78) فكيف تحرِّم الشريعة الزواج بالمخالفة مطلقاً مع استلزام ذلك العسر والحرج الشديدين على نوع الشيعة ومنهم زرارة، لكونهم أقلية مطلقة في غالب زمن الأئمة (عليهم السلام)؟. فلعله تنبيه منه (عليه السلام) على أن أمر مثله من الشباب بالصبر وعدم الزواج؛ بذريعة كفر المخالِفة، يعني تشريع الشريعة لما لا طاقة للشيعة به. فتأمل

- ((قَالَ: فَهَاتِ الْآنَ فَبِمَا تَسْتَحِلُّ الْجَوَارِيَ؟ قُلْتُ: إِنَّ الْأَمَةَ لَيْسَتْ بِمَنْزِلَةِ الْحُرَّةِ إِنْ رَابَتْنِي بِشَيْ‏ءٍ بِعْتُهَا وَاعْتَزَلْتُهَا، قَالَ: فَحَدِّثْنِي بِمَا اسْتَحْلَلْتَهَا؟ قَالَ: فَلَمْ يَكُنْ عِنْدِي جَوَابٌ)) قال العلامة المجلسي: (وقيل: لما لم يكن الجواب مطابقاً للسؤال عاد (عليه السلام) السؤال بعينه للتنبيه على خطائه)([3]). إذ البُضع لا يحل سواء في الحرة بالزواج أم في الجارية بالاستملاك أو التحليل، إلا بوجه واحد جامع، ككونها مؤمنة، أو مخالفة مسلمة غير كافرة، أو كافرة مع عدم تحريمها.

المحتملات الثلاث في ((مَا أُبَالِي أَنْ تَفْعَلَ))

- ((فَقَالَ: مَا أُبَالِي أَنْ تَفْعَلَ)) أقول: المحتملات بدواً فيه ثلاثة:

الأول: ما ذكره زرارة ورجّحه لأنه يوافق مبناه العام، قال: ((قُلْتُ: أَرَأَيْتَ قَوْلَكَ: مَا أُبَالِي أَنْ تَفْعَلَ، فَإِنَّ ذَلِكَ عَلَى جِهَتَيْنِ تَقُولُ: لَسْتُ أُبَالِي أَنْ تَأْثَمَ مِنْ غَيْرِ أَنْ آمُرَكَ)) لكن هذا الاحتمال بعيد جداً بل لا يعقل منه (عليه السلام) إرادته، وإنما ذكره زرارة لأنه كما سبق يوافق ذوقه ومبناه العام من حرمة مناكحتهم، والوجه في بُعدِهِ بل عدم تعقل إرادته من الإمام (عليه السلام) أن زرارة كان مستسلماً له (عليه السلام) ومسترشداً فكيف يقول الإمام له: ((لَسْتُ أُبَالِي أَنْ تَأْثَمَ مِنْ غَيْرِ أَنْ آمُرَكَ)) فان النهي عن المنكر، لو كان محرماً نكاحهن، واجبٌ، خاصة إذا كان الطرف مسترشداً، مؤتمراً ومُنتهياً، وحيث كان الكلام عن الحكم وكانت شبهة زرارة حكمية، بل كان قاطعاً بالخلاف وكان ممن يمكن إزالة قطعه، وجب إرشاده إلى الحكم الشرعي.

والحاصل: ليس المحرم الأمر بالمنكر فقط، بل المحرم أيضاً عدم النهي عنه فلا وجه لتصحيح حمل قوله (عليه السلام) على ((لَسْتُ أُبَالِي أَنْ تَأْثَمَ مِنْ غَيْرِ أَنْ آمُرَكَ)).

الثاني: ما أبالي؛ لأنه ليس بحرام ثبوتاً كحكم واقعي أولي.

الثالث: ما أبالي؛ لأنه ليس بحرام ثبوتاً كحكم واقعي ثانوي، لأنك مضطر، لكن الظاهر هو المعنى الثاني السابق، كما سبق.

الاستدلال بزواج الرسول (صلي الله عليه وآله) ونوح ولوط  (عليهما السلام)

- قوله: ((فَمَا تَأْمُرُنِي أَفْعَلُ ذَلِكَ بِأَمْرِكَ؟ فَقَالَ لِي: قَدْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ (صلي الله عليه وآله) تَزَوَّجَ وَقَدْ كَانَ مِنْ أَمْرِ امْرَأَةِ نُوحٍ وَ امْرَأَةِ لُوطٍ مَا قَدْ كَانَ، إِنَّهُمَا قَدْ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ))

وهنا نقاط ومطالب:

منها: ان الإمام (عليه السلام) لم يجب زرارة بالتعبد وببيان الحكم مجرداً عن الدليل بأن يقول له مثلاً: (تزوج منهن) رغم كون زرارة مسلّماً له، بل أجابه بالاستدلال، وذلك لأن الغرض من جهةٍ، تربية زرارة على الاستدلال والتفقه والاجتهاد، ومن جهةٍ: ليصل عبر زرارة الدليل إلى الفقهاء على مرّ التاريخ وبذلك وغيره أسسوا (عليهم السلام) للاجتهاد والاستدلال والأخذ والرد والاستنباط.

تمامية الاستدلال بأفعال الأنبياء السابقين، بعدة وجوه

ومنها: انه (عليه السلام) استدل بفعل رسول الله (صلي الله عليه وآله) وبفعل نوح (عليه السلام) ولوط (عليه السلام) لكنّ الثاني قد يعترض عليه بما ذكره المجلسي قال: (وذكر امرأة نوح وامرأة لوط يحتمل وجهين: أحدهما الاستدلال بفعل النبيين على الجواز، وفيه: أن شريعة من قبلنا ليست بحجة علينا)([4]) ويمكن الجواب بوجوه ثلاثة:

أ- أن شريعة من قبلنا حجة علينا، للاستصحاب، ولعله المشهور، إذ لا دليل على نسخ الشرائع السابقة كلها بل الثابت نسخ أحكامٍ منها، فغيرها يجري فيه الاستصحاب بناء على جريانه في الشبهات الحكمية كما هو الأظهر.

ب- انها حجة علينا، للإطلاق، وهو فوق الاستصحاب وأسبق رتبة، بدعوى ان الأصل في كل حكم ورد في أية شريعة كونه بنحو القضية الحقيقية مشرَّعاً للناس والبشرية فإطلاقاتها شاملة لكل الأجيال، وإنما يخرج ما يخرج بالدليل الناسخ فقط فيبقى غيره على إطلاقه، وذلك هو ما اختاره السيد الوالد u، وقد يستدل له بقوله تعالى: {شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ ما وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ وَما وَصَّيْنا بِهِ إِبْراهيمَ وَمُوسى‏ وَعيسى‏ أَنْ أَقيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكينَ ما تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللَّهُ يَجْتَبي‏ إِلَيْهِ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدي إِلَيْهِ مَنْ يُنيبُ} (سورة الشورى: الآية 13) و{لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ} (سورة البقرة: الآية 285) وفي كلا الاستدلالين، كغيرهما، كلام وأخذ ورد يترك لمحله.

ج- انها حجة علينا ببركة هذه الرواية نفسها، فلا حاجة لأن نلتمس دليلاً وراءها، إلا أن يقال انها خاصة بموردها وفيه ظهور كونها مبنية على قاعدة عامة، فالعمدة الجواب بإرسالها، وعلى أية حال لو قيل بحجيتها سنداً؛ لكونها من مراسيل الثقات المعتمدة أو لوثاقة الصادر، فانه يمكن الاستدلال بها حتى بناء على نسخ الشرائع السابقة كأصل عام إذ هذه الرواية تكون مخصصة له.

- (( فَقُلْتُ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صلي الله عليه وآله) لَيْسَ فِي ذَلِكَ بِمَنْزِلَتِي إِنَّمَا هِيَ تَحْتَ يَدِهِ وَهِيَ مُقِرَّةٌ بِحُكْمِهِ مُقِرَّةٌ بِدِينِهِ)) وحاصله عدم صحة قياس حالي على حالهم صلوات الله عليهم، وفيه: أن الإقرار بالدين والحكم لا ينفي نفاقهما وكفرهما واقعاً وكفى به رداً على زرارة. فتدبر.

معنى الخيانة في قوله {فَخانَتاهُما}

- قوله (عليه السلام): ((مَا تَرَى مِنَ الْخِيَانَةِ فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ {فَخانَتاهُما} مَا يَعْنِي بِذَلِكَ إِلَّا الْفَاحِشَةَ)).

أقول: الظاهر ان المراد الفاحشة العقائدية، أي النفاق، لا الفاحشة العملية، أي الزنا، وذلك إضافة إلى كونه هو المشهور([5])، يدل عليه: أنّ الأول هو الأوفق بجو الرواية ومساقها وسياقها والغرض منها إذ البحث عن دعوى زرارة كفر المخالف، وجواب الإمام (عليه السلام) بانه ليس بكافر لكن قد يكون منافقاً كزوجتي نوح ولوط وزوجتي النبي (صلي الله عليه وآله) فهو وسط بين المؤمن والكافر، إضافة إلى أن الفاحشة العملية أي الزنا لا ينقض الزواج إذ ليس من مبطلاته وفواسخه، فلا يصح الاستدلال به على زرارة أي لا يصح الاستدلال على جواز الزواج بالمخالفة، المنكرة لأصل من أصول الدين والتي رآها زرارة كافرة لأجل ذلك، بزواج الرسول (صلي الله عليه وآله) ممن زنت، كما ادعي، لبداهة أن الزنا لا يبطل الزواج بقاءً ولا يمنعه حدوثاً، فالمناسب لرد زرارة هو الاستدلال بكونهما قد خانتا عَقَدياً فلم تكونا مؤمنتين ومع ذلك كانتا زوجتي النبي (صلي الله عليه وآله) ومن هنا يجوز لك أن تتزوج المخالفة رغم مخالفتها لنا في العقيدة.

قال المجلسي: (قوله (عليه السلام): (( مَا يَعْنِي بِذَلِكَ إِلَّا الْفَاحِشَةَ))، يحتمل وجهين: الأول: أن يكون استفهاما إنكاريا فالمراد بالفاحشة الزنا كما هو الشائع في استعمالها، والثاني: أن يكون نفياً ويكون المراد بالفاحشة الذنب العظيم وهو الشرك والكفر([6])، كما قال المفسرون في قوله تعالى: {وَإِذا فَعَلُوا فاحِشَةً قالُوا وَجَدْنا عَلَيْها آباءَنا وَاللهُ أَمَرَنا بِها} (سورة الأعراف: الآية 28) وهو أظهر وفيه ردّ لقول زرارة: (وهي مقرة بحكمه ودينه) إذ علاقة الزوجية لا تستلزم ذلك، لظهور الفاحشة منهما)([7]) أي علاقة الزوجية لا تستلزم الإيمان القلبي خاصة وقد ظهرت الفاحشة القلبية – العقدية منهما أي ظهر ما يدل عليها. وللبحث صلة بإذن الله تعالى.

*              *              *

- اكتب بحثاً عن أدلة المشهور على عدم كون المراد من {فَخانَتاهُما} الخيانة الجنسية، واذكر أدلة الطرف الآخر وناقشها.

وصلى الله على محمد واله الطاهرين 


قال الإمام الصادق (عليه السلام): ((مَنْ غَضِبَ عَلَيْكَ مِنْ إِخْوَانِكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَلَمْ يَقُلْ فِيكَ مَكْرُوهاً فَأَعِدَّهُ لِنَفْسِكَ)) (تحف العقول: ص368).

-------------------------

([1]) ثقة الإسلام الكليني، الكافي، دار الكتب الإسلامية ـ طهران: ج2 ص402-403.

([2]) العلامة المجلسي، مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول (صلي الله عليه وآله)، دار الكتب الإسلامية ـ طهران: ج11 ص192.

([3]) المصدر.

([4]) المصدر: ص193.

([5]) لوجوه، منها: تنزيه الأنبياء من النواقص والقبائح والمنفِّرات، وإذا كان العرج والعمى والعمش وشبهها قد نُزّه عنها الأنبياء (عليهم السلام)لكونها من المنفِّرات فما بالك بزنا بعض زوجاتهم وهو من أعظم المنفرات فان انتقاص الشريف في عرضه أهم من انتقاصه بجسده بما لا قياس.

([6]) أي لا يعني بالفاحشة إلا الشرك.

([7]) العلامة المجلسي، مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول (صلي الله عليه وآله)، دار الكتب الإسلامية ـ طهران: ج11 ص194.

 

  طباعة  ||  أخبر صديقك  ||  إضافة تعليق  ||  التاريخ : الاثنين 24 / شوال /1444هـ  ||  القرّاء : 835



 
 

برمجة وإستضافة : الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net