||   بسم الله الرحمن الرحيم | اللهم كُن لوليّك الحُجَّة بن الحَسَن صَلواتُكَ عَليه وَعَلى آبائه في هذه السّاعة وفي كُلّ سَاعَة وَليّاً وَحَافِظا وَقائِداً وَ ناصراً ودَليلاً وَ عَينا حَتّى تُسكِنَه أرضَك طَوعاً وَتُمَتِعَه فيها طَوِيلاً | برحمتك يا أرحم الراحمين   ||   اهلا وسهلا بكم في الموقع   ||  


  





 2- موقع الصلاة في حياة الحسين عليه السلام

 9- الإمام الحسين عليه السلام والأمر بالمعروف

 37- فائدة اصولية روائية: الاصل ان يكون جواب الامام عليه السلام على قدر سؤال السائل، فلا دلالة في سكوته على امضاء التفريعات

 السيدة نرجس عليها السلام مدرسة الاجيال

 187- مباحث الاصول (مبحث الاطلاق) (5)

 394- فائدة فقهية: حكم حضور المرأة الصلاة على الجنازة

 دراسة في كتاب "نسبية النصوص والمعرفة ... الممكن والممتنع" (17)

 472-فائدة فقهية: ترديد العدد في روايات جواز أمر الصبي

 257- على القادة والمسؤولين أن يعيشوا فقراء!

 426- فائدة أصولية: جريان إشكال قصد المتكلم في القيد الاحترازي



 اقتران العلم بالعمل

 متى تصبح الأخلاق سلاحا اجتماعيا للمرأة؟

 الحريات السياسية في النظام الإسلامي

 فنّ التعامل الناجح مع الآخرين



 موسوعة الفقه للامام الشيرازي على موقع مؤسسة التقى الثقافية

 183- مباحث الاصول (مبحث الاطلاق) (1)

 351- الفوائد الاصولية: بحث الترتب (2)

 قسوة القلب

 استراتيجية مكافحة الفقر في منهج الإمام علي (عليه السلام)

 الأجوبة على مسائل من علم الدراية

 النهضة الحسينية رسالة إصلاح متجددة

 236- احياء أمر الامام المهدي (عجل الله تعالى فرجه الشريف)

 نقد الهرمينوطيقا ونسبية الحقيقة والمعرفة

 177- أعلى درجات التواتر لاخبار مولد الامام القائم المنتظر ( عجل الله تعالى فرجه الشريف )



  • الأقسام : 85

  • المواضيع : 4431

  • التصفحات : 23712192

  • التاريخ : 29/03/2024 - 14:41

 
 
  • القسم : الظن (1444هـ) .

        • الموضوع : 219- تتمة فقه مناظرة زرارة مع الإمام الباقر عليه السلام .

219- تتمة فقه مناظرة زرارة مع الإمام الباقر عليه السلام
الاثنين 2 ذوالقعدة 1444هـــ



بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين سيما خليفة الله في الأرضين، واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم

(219)

الاحتمالات الأربع في {خَلَطُوا عَمَلًا صا لِحاً...}

- قوله (عليه السلام): (( {خَلَطُوا عَمَلًا صالِحاً وَآخَرَ سَيِّئاً عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ} فَلَمَّا قَالَ: عَسَى)).

أقول: الاحتمالات في {خَلَطُوا عَمَلًا صالِحاً وَآخَرَ سَيِّئاً} أربعة: كونهم مؤمنين، كونهم كفاراً، لا هذا ولا ذاك، كونهم مؤمنين – كفاراً، ونظيره (الخنثى المشكل) فإن أمره يدور بين الاحتمالات الأربع والأقوال فيه مختلفة، وكذا (السياسي) الذي يعين عدوك عليك ويعينك عليه وعلى عدوه الآخر بحسب المصالح والمفاسد الشخصية التي يراها، فهل هو صديق؟ أو عدو؟ أو كلاهما؟ ولو من جهتين، أو لا هذا ولا ذاك بل هو تاجر أو شبهه([1])، الظاهر الأخير.

وقد كان زرارة قد بنى على انهم جميعاً كفار، أو هم جميعاً مؤمنون، ويحتمل انه بنى على أن بعضهم كافر وبعضهم مؤمن، وأن الدليل في عالم الإثبات على ذلك البرهان الإنِّي، فمن دخل الجنة عُلِم انه كان مؤمناً، ومن دخل النار عُلِم انه كان كافراً، أما الإمام (عليه السلام) فقد أفاد كلامه تمامية الاحتمال الثالث وهو كونهم قسماً ثالثاً أي لا مؤمنين ولا كفاراً.

ما المراد من العمل؟

- ثم ان (العمل) في قوله تعالى: {خَلَطُوا عَمَلًا صالِحاً وَآخَرَ سَيِّئاً} إما أن يراد به الأعم من العمل الجوانحي فيعم الاعتقاد، أو يراد به خصوص عمل الجوارح.

فعلى الأول: فالمراد من الذي خلط، مَن اعتقد بالتوحيد مثلاً واعتقد بالتجسيم أيضاً أو اعتقد بخالقية الله تعالى واعتقد بقدم العالم في الوقت نفسه مدعياً عدم التنافي، أو اعتقد بعدل الله واعتقد بجبره، أو اعتقد بالرسول والأئمة (عليهم السلام) لكن نفى العصمة أو اعتقد بالرسول (صلي الله عليه وآله وسلم) دون الأئمة (عليهم السلام)، فهذا ثبوتاً يمكن كونه قسماً ثالثا، بل هو في الصورة الأخيرة قسم ثالث وفي بعض ما سبقهما كذلك.

وعلى الثاني، فالمراد مَن خَلَطَ الأعمال الصالحة بالسيئات من الكبائر فانه بناء على مدخلية تركها في الإيمان، فهو قسم ثالث: لا هو كافر؛ نظراً لسلامة معتقداته ولا هو مؤمن لسيئات عمله.

{عَسَى} ثبوتية أو إثباتية؟

- وأما {عَسَى} فلا يخلو إما أن تكون ثبوتية أو تكون إثباتية، والثاني ممتنع في حقه تعالى، فثبت الأول، وهو المطلوب؛ فإن الجاهل يقول (عسى) لأنه لا يعلم أو لكونه متردداً، أما إذا قالها العالم فانه قد يكون لإرادة الإيهام إثباتاً وقد يكون لكون الشيء ثبوتاً ذا قابلية للوجهين كالنطفة الصالحة ثبوتاً لأن تكون ذكراً أو أنثى، ويحتمل في قولك: (عسى أن اختار هذا البلد دون ذاك) الوجهان، وظاهر كلام الإمام (عليه السلام)، كما هو مقتضى الخلط الثبوتي بين الأعمال الصالحة والطالحة بحيث كانت متساوية، هو كون {عَسَى} ثبوتية لا لمجرد الإيهام الذي يراد به أن يكون العبد بين الخوف والرجاء، بل لأن واقعه، السابق رتبةً، هو كذلك([2]).

الاستدلال لا التعبد

تنبيه: التدبر في هذه المناظرة يرشدنا إلى أن الإمام (عليه السلام) لم يُرِد إسكات زرارة أو إفحامه بالتعبد بل أراد إقناعه بالبرهان وتعليمه منهج الاستدلال والأخذ والرد والسبب في ذلك عام وخاص: أما العام فهو أن المعصومين (عليهم السلام) اعتمدوا في بحوثهم الكلامية على الاستدلال في النظريات وعلى التنبيه على المستقل العقلي أو على حكم الفطرة في الضروريات، إذ لا يمكن في عمدة البحوث الكلامية التي تقع مع المخالف الإلزام بالتعبد، وأما البحوث الفقهية فحيث انها تعبدية فانه قد يلقي الإمام (عليه السلام) الحكم تعبداً وقد يذكر حكمته.

وجه غنى الروايات الكلامية عن السند

ومنه يظهر: أن الروايات الكلامية، نستغني فيها، عادة أو في معظم فقراتها، عن البحوث السندية، لأنها مبنية على الاستدلال العقلي أو التنبيه على أمر فطري أو مستقل عقلي في أصول الدين، وأما في أصول المذهب فانه إذا كان الطرف من العامة أو كان في معرض المناظرة معهم فان البحث ينبني حينئذٍ على الاستدلال بالقرآن الكريم أو بالمتواتر من الأحاديث أو بما يسلمه الخصم منها، والتدبر في هذه الرواية يقودنا إلى أن الإمام (عليه السلام) استدل على زرارة بكتاب الله تعالى في أغلب المواضع، وبالمرتكزات المتشرعية المسلمة في بعضها، كما أشرنا لذلك سابقاً.

وجه عدول الإمام (عليه السلام) عن التعبد إلى الاستدلال

ومنه يظهر أيضاً الوجه الخاص أي: الوجه في عدول الإمام (عليه السلام) في هذه الرواية عن الجواب السهل الذي أشرنا إليه في بحث ماض إلى هذا الجواب المطوّل، والجواب السهل هو: أن يقول له الإمام: (ان الإيمان والكفر ضدان لهما ثالث إذ الكفر التكذيب والإيمان التصديق فبينهما من لم يكذِّب ولم يصدِّق، وليسا من النقيضين بدعوى أن الكفر عدم الإيمان) فانه حيث بنى زرارة على الأخير، كونهما نقيضين، لم يكن يقتنع باستدلالات الإمام المتعددة بالآيات إلى أن أقنعه تراكهما بضميمة آخرها في آخر الرواية، وبدلاً عن ذلك كان من السهل أن يقول له الإمام: ليسا نقيضين ليمتنع وجود الواسطة بينهما بل هما ضدان لهما ثالث، لكن الإمام (عليه السلام) عدل عن هذا الجواب السهل إلى الإجابة باستدلالات متنوعة بآيات مختلفة، لأن الجواب السهل هو التعبد وإلا فلزرارة أن يقول من أين أن تعريفهما هو (التكذيب والتصديق) لا (الإيمان وعدمه)؟ فيجاب إِقبل ذلك تعبداً، فانه إن عاد إلى التعبد لم يصلح للاستدلال به على المخالف.

بعبارة أخرى: كان من الممكن أن يكتفى الإمام (عليه السلام) بالتعبد من أول الأمر، لكنه عدل إلى إقامة الأدلة على المدعى فأثبت بالأدلة المتعددة انهما ضدان لهما ثالث، حيث استدل على وجود القسيم الثالث بالآيات الكثيرة، ليكون حجة استدلالية على الموافق والمخالف.

إشارة إلى دفع شبهة عن جلالة زرارة

تنبيه: هذه الرواية تتضمن قدحاً في زرارة في عدة مواضع كَقَسَمِهِ في ردّ كلام الإمام (عليه السلام) مراراً، وقطعه كلامه عند كلمة {عَسَى} إذ بقيت ((فَلَمَّا)) بلا جواب، وقوله (عليه السلام) في آخرها: ((أَمَا إِنَّكَ إِنْ كَبِرْتَ رَجَعْتَ وَ تحَلَّلَتْ عَنْكَ عُقَدُكَ)) فقد يستظهر البعض من ذلك ونظائره القدح في جلالة زرارة.

ويمكن الجواب بوجوه:

الأول: ان هذه الروايات كانت في بدايات تشيعه([3])، بل الرواية هذه نص في ذلك، إذ من الطبيعي أن يتعرف الكافر إذا أسلم أو المخالف إذا تشيع، على مقامات الأئمة (عليهم السلام) بالتدريج.

ثانياً: ان جميع الروايات القادحة في زرارة ترجع، سنداً، على ما حققه الشهيد الثاني إلى شخص واحد هو محمد بن عيسى، فهي مضعفة له لا لزرارة الذي نشر علوم الصادقين (عليهما السلام) في الآفاق حتى يومنا هذا خاصة مع قول الصادق (عليه السلام) فيه: ((رَحِمَ اللَّهُ زُرَارَةَ بْنَ أَعْيَنَ، لَوْلَا زُرَارَةُ وَنُظَرَاؤُهُ لَانْدَرَسَتْ أَحَادِيثُ أَبِي (عليه السلام) ))([4])

ويوضح الجواب الثاني ويكمله أكثر ما قاله العلامة المجلسي: (وأقول: لا يخفى اشتمال هذا الخبر على قدح عظيم لزرارة، ولم يجعله وأمثالَه الأصحابُ قادحةً فيه، لإجماع العصابة على عدالته وجلالته وفضله وثقته، وورود الأخبار الكثيرة في فضله وعلو شأنه، والحق أن علو شأن هؤلاء الأجلاء وكثرة حاسديهم صار سبباً للقدح فيهم.

وأيضاً قدحوا في هذه الرواية بالإرسال، وبمحمد بن عيسى اليقطيني، وإن كان له مدح وتوثيق من بعض الأصحاب، فإنه جزم السيد الجليل ابن طاوس بضعفه، والصدوق محمد بن بابويه وشيخه ابن الوليد، وقال الشهيد الثاني (قدس سره): فقد ظهر اشتراك جميع الأخبار القادحة في استنادها إلى محمد بن عيسى وهو قرينة عظيمة على ميل وانحراف منه على زرارة مضافاً إلى ضعفه في نفسه، وقال السيد جمال الدين بن طاوس ونِعم ما قال: ولقد أكثر محمد بن عيسى من القول في زرارة حتى لو كان بمقام عدالة كادت الظنون تسرع إليه بالتهمة فكيف وهو مقدوح فيه)([5]).

وصلى الله على محمد واله الطاهرين


قال أمير المؤمنين (عليه السلام): ((إنّي سَمِعتُ رَسولَ اللّهِ يَقولُ: كَيفَ أنتُم إذا لَبَسَتكُم فِتنَةٌ يَربو فيهَا الصَّغيرُ، ويَهرَمُ فيهَا الكَبيرُ! يَجرِي النّاسُ عَلَيها ويَتَّخِذونَها سُنَّةً، فَإِذا غُيِّرَ مِنها شَيءٌ، قيلَ: قَد غُيِّرَتِ السُّنَّةُ وقَد أتَى النّاسُ مُنكَرًا، ثُمَّ تَشتَدُّ البَلِيَّةُ وتُسبَى الذُّرِّيَّةُ، وتَدُقُّهُمُ الفِتنَةُ كَما تَدُقُّ النّارُ الحَطَبَ وكَما تَدُقُّ الرَّحى بِثِفالِها، ويَتَفَقَّهونَ لِغَيرِ اللّهِ، ويَتَعَلَّمونَ لِغَيرِ العَمَلِ، ويَطلُبونَ الدُّنيا بِأَعمالِ الآخِرَةِ)) (الكافي: ج8 ص59).

------------------------

([1]) مما يصطلح عليه بالانتهازي.

([2]) أي قابل للوجهين.

([3]) أو لم تكن في كِبَرِهِ.

([4]) محمد بن عمر الكشي، رجال الكشي، مؤسسة النشر في جامعة مشهد المقدسة: ص136.

([5]) العلامة المجلسي، مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول (صلي الله عليه وآله وسلم)، دار الكتب الإسلامية ـ طهران: ج11 ص200.

 

  طباعة  ||  أخبر صديقك  ||  إضافة تعليق  ||  التاريخ : الاثنين 2 ذوالقعدة 1444هـــ  ||  القرّاء : 897



 
 

برمجة وإستضافة : الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net