277- (النجش) - تعريفه : الجامع بين ان يزيد في ثمن السلعة ليزيد غيره في ثمنها وبين ان يمدح السلعة ليزيد المشتري في ثمنها - شقوق وحالات وصور للمسألة وتعميمها للصلح والهبة المعوضة والنكاح وغيره - الادلة العامة : لا ضرر
الاثنين 20 ربيع الاول 1436هـ





بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين سيما خليفة الله في الأرضين، واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
النَجش
(مدح السلعة أو الزيادة في ثمنها ليزيد غيره)
(1)
وهو بسكون العين المصدر وبفتحها اسم المصدر حسب المستظهر، من باب قتل، تقول: نَجَش ينجُش نجْشا ونجَشَاً على وزن فلْس وفرَس.
تعريف الشيخ للنجش
وقد عرّفه الشيخ في المكاسب بتعريفين احدهما أعم من الآخر قال: (وهو كما عن جماعة: أن يزيد الرجل في ثمن السلعة وهو لا يريد شراءها، ليسمعه غيره فيزيد لزيادته، بشرط المواطاة مع البائع، أو لا بشرطها، كما حكي عن بعض. وحكي تفسيره – أيضاً – بأن يمدح السلعة في البيع لينفقها ويروجها، لمواطاة بينه وبين البائع، أو لا معها)([1]).
تعريف السيد الوالد
فيما ارتأى السيد الوالد انه موضوع للجامع بين المعنيين قال (الجامع بين زيادة الرجل في البيع ثمن السلعة وهو لا يريد شراؤها ليسمعه غيره فيزيد بزيادته، وبين مدح سلعة الغير وترويجها ليبيعها أو يذمها لئلا تنفق، وذلك حسب تفسير اللغويّين للنجش مما يقتضي ذلك.
حرام مطلقاً سواء كان بالمواطاة مع البائع أم لا، لإطلاق الرواية، نعم إذا كان مع المواطاة كان حراماً على البائع أيضاً، وإلا فعلى الناجش فقط، وذلك لأنه لا تقصير له حتى يكون ملعوناً)([2]) وإلى ذلك ذهب السيد الروحاني أيضاً.([3])
أقول: سيأتي تحقيق ذلك عند التطرق للروايات بإذن الله تعالى، فان تحقيق معناه الموضوع له بقيوده وحدوده نافع بل ضروري بناء على الاستدلال على حرمته بالروايات التي ورد فيها لفظ النجش كمتعلَّق للنهي أو لفظ الناجش أو لفظ (تناجشوا)([4]) إذ لا بد حينئذٍ من تحديد معناه المراد ليتضح مصبّ النهي وان الحرمة ما هو موضوعها.
واما لو استدللنا على حرمة النجش بالأدلة العامة ومنها دليل لا ضرر، دون الروايات، فان الأمر في أصل تحريم النجش أو أنواع منه بحدوده وقيوده يدور مدار تلك الأدلة دون صدق العنوان.
مواطن البحث والنزاع
وعلى أي حال فان ما وقع مورداً للنزاع وما يصلح ان يقع مورداً للبحث من حيث إطلاق العنوان وتقييده ومن حيث إطلاق الحرمة أو اختصاصها ببعض الأنواع، هو الموارد التالية:
الأول: هل النجش خاص بالبيع – موضوعاً، أو حكماً فقط – أم هو شامل لسائر المعاملات كالصلح والإجارة والهبة المعوضة بل وحتى النكاح([5]) خلاف وارتأى السيد الوالد التعميم.
الثاني: هل النجش خاص باللفظ أم يشمل الاشارة والكتابة؟
الثالث: هل النجش خاص بان يزيد في ثمن السلعة ليزيد غيره فيها بزيادته أو يعم مجرد مدحه لها ليزيد غيره فيها، خلاف وقد ارتأى السيد الوالد التعميم موضوعاً وحكماً وارتأى السيد الروحاني التعميم موضوعاً وعدم الحرمة إلا فيما انطبق عليه عنوان الكذب، وعلى أي فلو قلنا بتعميم الموضوع والحرمة لحرمت أعمال شركات الدعاية للبضائع وحرم أيُّ مدحٍ لها بغرض أن يزيد الغير في قيمتها لا فيما إذا كان الغرض تسويقها وزيادة الرغبة في شراءها بدون زيادة في قيمتها.
الرابع: هل النجش خاص من حيث المتعلَّق بالسلعة أم يشمل مطلق الشيء، كالمرأة في مثال النكاح فانها ليست سلعة كما هو واضح.
الخامس: هل النجش خاص بعدم إرادته شراءها، أو يعم ما لو أراد شراءها لكنه زاد لا للرغبة في شراءها، بل عناداً مع المشتري الآخر أو ليضره أو لينفع البائع أكثر أو ليظهر انه متموّل أو انه ممن لا يهتم بالمال، وقط طرح المحقق الايرواني كلا الاحتمالين في حاشيته([6]).
السادس: هل النجش خاص بزيادته – أي الناجش – على القيمة السوقية، أو يعم حتى زيادته على القيمة المقترحة والمعروضة بها البضاعة وان كانت أقل من القيمة السوقية فيزيد ليزيد المشتري فيبلغ القيمة السوقية المتداولة أو يزيد عليها، خلاف.
السابع: هل النجس خاص بصورة المواطاة مع البائع، أو يعم صورة عدم المواطاة أيضاً؟ خلافٌ وظاهر جمعٍ التعميم
الثامن: هل النجش خاص بالثالث أو يشمل البائع أيضاً؟([7]) ولا يخفى ان هذا الخلاف يجري بناء على تعميم النجش للمعنى الثاني من معنيي الشيخ فانه لا وجه له بناءاً على الاختصاص بالمعنى الأول.
التاسع: هل النجش خاص بالمزايدة – وهي ما مضى بحثه – أو يشمل – موضوعاً أو حكماً – المناقصة بمعنى ان يذم السلعة لينقص من ثمنها أو ان يعرض على البائع شراءها منه بسعر أقل كي ينقص المشتري الآخر من ما عرضه من الثمن في البداية، ظاهر السيد الوالد التعميم أيضاً.
الأدلة على التحريم
استدل على التحريم بالأدلة العامة وبالروايات فلنذكرها واحدة واحدة مع مناقشاتها:
الدليل الأول: انه إضرار
استدل بعض الإعلام على حرمة النجش بكونه إضراراً ولا ضرر ولا ضرار في الإسلام وقال تعالى: (غَيْرَ مُضَارٍّ) و(لا تُضَارُّوهُنَّ)، ونوقش بوجوه:
منها: ما ذكره المحقق الايرواني بقوله (مع انه هو الذي أقدم على الضرر باختياره)([8]) وتبعه في مصباح الفقاهة إذ قال (وفيه أولاً: ان المشتري إنما أقدم على الضرر بإرادته واختياره، وإن كان الدافع له على الإقدام هو الناجش).([9]) والتزم به في (فقه الصادق أيضاً).
فهل الإشكال تام؟ سيأتي بإذن الله
وصلى الله على محمد واله الطاهرين
([1]) المكاسب المحرمة ج2 ص61-62.
([2]) الفقه المكاسب المحرمة ج2 ص79.
([3]) فقه الصادق ج21 ص358.
([4]) في قوله (عليه السلام) (لا تناجشوا).
([5]) كأن يقدم على خطبتها بمهر أغلى مما أقدم عليه الآخر – أو مما عزم الآخر على الإقدام عليه – لكي يزيد ذلك الآخر في المهر، مع كونه غير قاصدٍ الزواجَ بها بل لمجرد ان يزيد بذلك في ما يدفع لها الخاطب الاخر من المهر.
([6]) حاشية الايرواني على المكاسب ص247.
([7]) بان يمدح سلعته لتزداد رغبة المشتري بها فيزيد من ثمنها.
([8]) حاشية الايرواني على المكاسب المحرمة ص247.
([9]) مصباح الفقاهة: ج1 ص660.
الاثنين 20 ربيع الاول 1436هـ
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |