475- ادلة اخرى للمجوزين - تفصيل الفقه بين التقليد بشرط شئ وبشرط لا - التفصيل بين القول بان التقليد هو العمل وبين سائر الاقوال - من ادلة المانعين
السبت 18 ربيع الاول 1436هـ





بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين سيما خليفة الله في الأرضين، واللعنة الدائمة الأبدية على أعدائهم أجمعين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
التبعيض في التقليد
(46)
عدم الدليل على تعيُّن الرجوع للأعلم
السادس: ما ذكره المحقق العراقي من (عدم الدليل على تعين الرجوع للأعلم)، وقد سبق كامل كلامه.
وتوضيحه مع إضافة: ان الدليل لا يدل على أزيد من تعين تقليد الأعلم في صورة تخالفهما، ولا دليل على تعين تقليده في صورة التوافق بل هو لغو.
وأشكل عليه في مستمسك المسائل المنتخبة بـ((مجرد عدم الدليل على تعين فتوى الأعلم لا يتولّد عن ذلك القول بحجّية فتوى غير الأعلم، ومنه يظهر أنّ البيان بهذا المقدار لا يكفي للاستدلال على المطلوب))([1])
والحاصل: ان عدم الدليل على تعين القسيم لا ينتج حجية قسيمه الآخر.
وأجاب عنه السيد العم بـ(وفيه: ان المفروض جامعية المفضول لشرائط جواز تقليده باستثناء وجود الأعلم في عرضه واحتمال تعيّن الأعلم في هذا الظرف، فإذا ارتفع هذا الاحتمال كان تقليد المفضول بأدلّة حجية فتواه، لا لمجرد عدم وجوب تقليد الأعلم)([2])
وبعبارة أخرى: ان المشكلة في تقليد غير الأعلم ليست في المقتضي بل في المانع فقط، إذ الفرض جامعية المفضول لكافة الشرائط من اجتهادٍ وعدالةٍ وغيرهما ولا مشكلة إلا من حيث توهم مانعية فتوى الاعلم عن حجية فتوى المفضول فإذا كانت مطابِقة فكيف يتوهم كونها مانعاً؟
والحاصل: ان اطلاقات أدلة الحجية تشمله لولا المانع ولا وجه متصوَّر لمانعية المطابِق الموافِق، اللهم إلا توهم المصلحة السلوكية وقد سبق جوابه.
التفصيل بين تقليد المفضول بشرط لا وبشرط شيء
وقد ذكر السيد الوالد في الفقه تفصيلاً في المسألة وهو (مع ان ذلك إنما يتم لو عمل بفتوى المفضول بشرط لا بأن يقلد المفضول في المسألة فقط، اما لو قلده بشرط شيء، أعني استند إليهما معاً كان كافياً وكان ذلك بمنزلة الاخبار المتعددة في المسألة، فانه كما يجوز الاستناد إلى بعضها يجوز الاستناد إلى جميعها)([3]).
وأجاب عنه بـ(اللهم إلا ان يقال: على فرض عدم حجية قول المفضول لا يصح الاستناد إليه ولو كان بشرط شيء، وكذلك الاخبار، فانه لو كان هناك خبر لا يصح الاستناد إليه كان ضمُّه إلى خبر يصح الاستناد إليه مثل ضم الحجر إلى الإنسان)([4]).
ولكن قد يورد عليه: ان الفاقد بمطابقته للواجد أو بضمه إليه، وان لوحظ بشرط لا، قد ينقلب فيكون واجداً؛ فان اللحاظ من عالم الإثبات فلا يغير من عالم الثبوت شيئاً، وذلك كالدواء الذي يكون علاجاً بضمه إلى دواء آخر وان كان مما لا يصلح للعلاج لو انفرد، كما انه العلاج ثبوتاً وان لاحظه بشرط لا عن الآخر إثباتاً.
والحاصل: انه إنما يكون كالحجر بجنب الإنسان، لو لم ينقلب بمجاورته للحجر أو بضمه له أو بمطابقة اللاحجة للحجة: حجة أو دواء أو متصفاً ببعض صفات الإنسان([5])! فتأمل
هذا إضافة إلى عدم تطرق هذا التفصيل للصورة الثالثة وهي تقليد المفضول بنحو اللابشرط ولعلها هي الأكثر ابتلاءاً ودورانا. فتدبر
التفصيل بين كون التقليد هو العمل أو الاستناد أو الالتزام
وقد يفصل في جواز التبعيض بين القول – مبنى – بان التقليد هو صِرف العمل([6])، أو هو العمل عن استناد([7]) أو هو الاستناد إلى فتوى الغير في العمل أو هو الالتزام بالعمل بقول الغير.
فعلى الأول فان تقليد هذا هو عين تقليد ذاك، كما ذكره الميرزا النائيني، وحيث كان هو العمل بنفسه فانه لا مدخلية للقصد فيه، لكنه خلاف مبنى الميرزا النائيني بنفسه على ما يظهر من حاشيته على العروة([8]).
وعلى الثلاثة الأخيرة ونظائرها فلا([9])، إذ تكون النسبة للمقلّد داخلة في مفهوم التقليد مقومة له فيكون تقليد هذا المفضول غير تقليد ذاك الأفضل بالمصداق بل بالصنف فتدبر
لكن الظاهر بطلان القول الأول لصحة السلب([10]) وغيره، وقد سبق أوائل البحث.
أدلة القائلين بالمنع عن التبعيض
وقد ظهرت أدلة القائلين بالمنع من مطاوي ما سبق مع أجوبتها لكن لنشر إليها إشارة:
المصلحة السلوكية في تقليد الأعلم
الأول: موضوعية الاستناد للأعلم والمصلحة السلوكية فيه، وقد مضى بيان وجه كون التقليد طريقياً – موضوعياً، واما وجه الصغرى فانه يحتمل ان الشارع أراد تكريس موقع الأعلم في الأمة كي لا تتشتت الطاقات والجهود وكي يتمكن الأعلم من مواجهة الأعداء بقوة أكبر وشبه ذلك من الحِكَم.
الجواب
لكن سيأتي في المسألة القادمة بإذن الله تعالى الجواب عن ذلك ومعاكسة الحكمة المدعاة هذه بحكمه معاكسة تفيد ان المصلحة العامة هي في التعددية في إطار التعاون قال تعالى: (وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ)([11])
وعلى أي فان صِرف احتمال جهةٍ موضوعية ومصلحة سلوكية في الطرق والامارات لا يصلح دليلاً على اعتبارها([12]) وأصالة العدم محكمة وأصالة الاشتغال([13]) محكومة بالأصل السببي على البراءة،([14]) إضافة إلى ان الحكمة لو كانت مصرحاً بها لما تعدت عن كونها حكمة فلا يدور الحكم مدارها سلباً وإيجاباً فكيف لو كانت حكمة مدعاة أو مستنبطة؟ وصلى الله على محمد وآله الطاهرين
([1]) مستمسك المسائل المنتخبة: ج1 ص272.
([2]) بيان الفقه: الاجتهاد والتقليد ج2 ص84-85.
([3]) الفقه: الاجتهاد والتقليد ج1 ص172.
([4]) المصدر نفسه.
([5]) كما في الحجر المجاور للوردة فانه يكتسب منها ريحاً عطرة وان كان في ذاته خلوا عنها.
([6]) كما لعله ظاهر السيد البروجردي حسب حاشيته على العروة.
([7]) ولعله المشهور.
([8]) العروة الوثقى م 8 ج1 ص17 من الطبعة المحشاة بـ15 حاشية – مؤسسة النشر الإسلامي وعبارته (لا إشكال في تحققه بالعمل بفتواه...) فتدبر
([9]) أي لا يجوز التبعيض.
([10]) سلب التقليد عن العمل الصرف الذي لا يقصد مطابقته ومماثلته للغير، فكيف لو لم يعلم بالمماثلة أصلاً.
([11]) الحجرات: 13.
([12]) أي تلك الجهة، في حجية ذلك الطريق.
([13]) لو سلك غير هذا الطريق.
([14]) بل بظهور حال الطرق والامارات.
السبت 18 ربيع الاول 1436هـ
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |