491- انواع واطلاقات الطرق التكوينية ـ الطريقية بالذات ـ الكاشفية الناقصة ـ التصديقات المعلومة ( او الصادقة ) الموصولة لمجهول تصديقي ـ المحركية الذاتية او الاقتضائية
الأحد 11 ربيع الثاني 1436 هـ





بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين سيما خليفة الله في الأرضين، واللعنة الدائمة الأبدية على أعدائهم أجمعين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
تقليد الأعلم
(15)
معاني الطريقية التكوينية وأنواعها
ثم ان الكواشف الناقصة عن الواقع يمكن ان تتعارض بما هي هي لاقتضائها الكشف عنه دون العِلّية، اما جعل الحجية لها([1]) بمعنى متممية الكشف بالفعل فلا يمكن.
3- التصديقات المعلومة الموصلة إلى تصديق مجهول
الثالث:
(التصديقات المعلومة الموصلة إلى تصديق مجهول)([2]) وهي المعبر عنها بـ(الحجة) في علم المنطق والتي تقابل المعرّف الذي يوصل إلى مجهول تصوّري.
ثم ان الطريق بهذا المعنى يمكن ان يقع فيه التعارض لامكان ان تتعارض التصديقات المعلومة فان كونها معلومة للشخص يقينيةً لديه أعم من مطابقتها للواقع إلا ان يريدوا بالمعلومة المطابقة للواقع لكنه خلاف ظاهرهم وهو إرادة المقطوع بها لا خصوص العلم المطابق للواقع لظهور كونه([3]) بلحاظ عالم الإثبات لا عالم الثبوت.
وعلى أي فقد يقال بان الأدق والأصح ان يعبر بـ(التصديقات الصادقة...) فانها هي الحجة واقعاً وغيرها متوهّم الحجية.
ويشهد له([4]) أمران: احدهما ان العلة الغائية للمنطق هي الوصول للواقع لا للواقع المتوهم وذلك موقوف على ترتيب التصديقات الصادقة لا صِرف التصديقات المذعَن بها أو المقطوع بها أو المعلوم لدى الشخص كونها حقاً([5]). ثانيها: انهم جعلوا احدى الصناعات صناعة المغالطة، فلا يعتبرونها من (الحجة) التي هي موضوع علم المنطق وذلك لا يكون إلا لو بنوا على ان الحجة هي التصديقات الصادقة الموصلة إلى تصديق مجهول صادق، لا مطلق التصديقات المقطوع لها وإلا لعمَّت الحجةُ المغالطةَ. فتأمل
والحاصل: ان الأسماء موضوعة لمسمياتها الثبوتية والتصديقات الصادقة الموصلة هي الحجة بمعنى الموصل للواقع ثبوتا أو الكاشف عنه كذلك لا الأعم من الصادقة أي الشامل لمطلق المقطوع بها فانها عندئذٍ صورة برهان وليست به.
وعلى هذا فانه لا يمكن ان يتعارض الطريقان بمعنى (التصديقات الصادقة الموصِلة..) لوضوح استحالة تناقض الواقع وتضاده فكيف تكون الحجتان على النقيضين صادقتين كي تكونا طريقين؟
الرابع: المحركية الذاتية أو الاقتضائية تكوينا
والمحركية أو الزاجرية أعم من الحجج ومن الصفات ومن غيرهما، فالحجج كالعلم، والصفات كالرحمة والشجاعة فانها محرك تكويني للإحسان أو للاقدام عكس الجبن فانه زاجر تكويني عن الإقدام والبخل المانع تكوينا – اقتضاءاً – عن الإحسان.
والحاصل: ان المحرك الموصل للأمر، هو الطريق إليه، فالطريق للشيء هو المحرك نحوه الموصل إليه([6]).
إمكان التضاد في المحركات الاعتبارية والاقتضائية أو سلب محركيتها عنها
ثم ان المحرك الاقتضائي والاعتباري يمكن ان يقع التضاد فيه([7]) من جهة.
كما يمكن ان تسلب عنه – في عالم الاعتبار – محركيته، أو ان يعطى ما ليس بمحرك تكويناً، المحركية الاعتبارية. من جهة أخرى.
والأول: كالقياس والأحلام فانها محرك تكويني لكثير من الناس نحو ما حلموا به أو ما قاسوه على غيره، فأمكن للشارع الردع – وقد ردع – إذ انه محرك تكويني اقتضائي لا غير.
والثاني: كالشياع غير المفيد للعلم ولا الاطمئنان، فانه حجة على قولٍ مخالف للمشهور([8]) بمعنى ان وِزانه وِزان خبر الثقة وانه حجة نوعية موجب للظن النوعي وان لم يورث الظن الشخصي، فعلى الرغم من ان العرف لا يراه حجة مادام لا يفيد العلم ولا الاطمئنان – على فرض تسليم ذلك – فان الشارع اعتبره حجة حسب هذا الرأي بالأدلة النقلية التي استند إليها ( قدس سره ) في محلها([9]).
تنبيه: عناوين المباحث: إمكان التعارض، المرجع عنده، وسعة دائرة الحجج
ان تنويع الطريق إلى التكويني والاعتباري ثم تقسيمها إلى الأقسام الماضية والآتية، مبحث كثير الفائدة في الأصول والفقه والفلسفة والكلام والتفسير، ولا بد من ملاحظة الأقسام كلها وبحث أحكام كل منها عند طرح العناوين الثلاثة الأصولية المعهودة وهي:
1- هل التعارض ممكن بين الطرق؟ فانها ببعض أنواعها يمكن فيها التعارض وببعضها لا.
2- على فرض الإمكان والوقوع فهل يجب الترجيح بأية مزية؟ أم يجب الاقتصار في خصوص الروايات على المرجحات المنصوصة؟ أو لا بد من الالتزام بالتساقط أو التخيير حتى مع وجود المرجحات في غير الروايات مطلقا وفيها في صورة فقد المرجحات المنصوصة؟
3- هل للطرق عرض عريض يشمل أ – الدرجات ب- والمؤدّيات؟
والمراد من الدرجات درجات الظن والوثوق ومن المؤديات كونها أعم من الخطيرة أو اختصاصها ببعض مراتبها بها وهذا هو ما أشرنا إليه في البحث السابق. وللحديث صلة
وصلى الله على محمد وآله الطاهرين
([1]) أي للمتعارضات.
([2]) وفي الرسالة الشمسية ص68 صرح بان موضوع المنطق هو: (المعلومات التصورية والتصديقية من حيث انها توصل إلى مجهول تصوري أو تصديقي).
([3]) أي كون قولهم (التصديقات المعلومة).
([4]) أي لأن هذا هو الأدق والأصح.
([5]) ويدل على ذلك ما ذكره في الرسالة الشمسية ص72 ط4 انتشارات بيدار (وليس المراد انها – المعلومات التصورية والتصديقية – مطلقاً موضوع المنطق بل هي مقيدةً بصحة الإيصال، موضوع له) إذ بيان المراد لا يدفع الإيراد.
([6]) راجع (الحجة معانيها ومصاديقها) حول معاني الحجة العشرة ومناقشاتها.
([7]) كما لو دفع الخوف من الذئب مثلاً الأمَّ إلى الفرار ودفعتها – في الوقت نفسه - الشفقة على ابنها الرضيع إلى البقاء عنده والدفاع عنه فهما عاملان تكوينيان اقتضائيان متدافعان.
([8]) كما ذهب إليه السيد الوالد ( قدس سره ) صناعة، ولعله فتوى أيضاً.
([9]) وقد يلحق بهذا الرابع – أو يعد خامساً – ما كان طريقاً حقيقة كالجسر والسلّم والدفع التكويني (أي دفع شخص لشخص). فتأمل
الأحد 11 ربيع الثاني 1436 هـ
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |