552- الاشكال بان (الحكم ما حكم به اعدلهما وافقههما) من مفهوم اللقب ـ اربعة اجوبة: 1ـ الاستدلال بعقد السلب 2ـ الاستدلال بـ((آل)) في ((الحكم)) وكونها للجنس او العهد 3ـ الاستدلال بمادة (الحكم) 4ـ التفصيل في مفهوم اللقب ـ روايات اخرى استدل بها على تعين تقليد الاعلم ـ (من أمّ قوماً وفيهم من هو اعلم منه) اشكالان
الاربعاء 1 شعبان 1436هـ





بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين سيما خليفة الله في الأرضين، واللعنة الدائمة الأبدية على أعدائهم أجمعين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
تقليد الأعلم
(76)
الإشكال على المقبولة بان اللقب لا مفهوم له
وقد يستشكل على الاستدلال بقوله (عليه السلام) في المقبولة ((الْحُكْمُ مَا حَكَمَ بِهِ أَعْدَلُهُمَا وَأَفْقَهُهُمَا)) بان اللقب لا مفهوم له فهو كقولك أكرم الأفقه فانه لا يدل على عدم وجوب إكرام غير الأفقه، فقوله (عليه السلام) ((الْحُكْمُ مَا حَكَمَ بِهِ أَعْدَلُهُمَا وَأَفْقَهُهُمَا)) يدل على مضي حكم الأفقه ونفوذه لكنه ساكت عن مضي وعدم مضي حكم غيره.
الأجوبة:
والجواب من وجوه([1]):
1- المقبولة بعقدها السلبي صريحة في النفي
الأول: بان المقبولة بعقدها السلبي صريحة في عدم نفوذ حكم غير الأعلم إذ ورد فيها ((وَلَا يَلْتَفِتْ إِلَى مَا يَحْكُمُ بِهِ الْآخَر)) و((يُتْرَكُ الشَّاذُّ الَّذِي لَيْسَ بِمَشْهُور)) و((وَيُتْرَكُ مَا خَالَفَ حُكْمُهُ حُكْمَ الْكِتَابِ وَ السُّنَّةِ وَ وَافَقَ الْعَامَّة)) و((يُنْظَرُ إِلَى مَا هُمْ إِلَيْهِ أَمْيَلُ حُكَّامُهُمْ وَ قُضَاتُهُمْ فَيُتْرَكُ وَ يُؤْخَذُ بِالْآخَر)).
مادة الحكم وعلة تشريعه نافية
الثاني: ان مادة الحكم وغايته وما لأجله شُرّع تفيد النفي([2]) فان (الحكم) شرع لفصل الخصومة بل الحكم متقوّم به بحسب مادته وإلا لما كان حكماً بل نصحاً أو اقتراحاً، فقوله (عليه السلام) ((الْحُكْمُ مَا حَكَمَ بِهِ أَعْدَلُهُمَا وَأَفْقَهُهُمَا)) يدل بمادة (الحكم) والغرض من تشريعه على نفوذ حكم الأفقه ونفي نفوذ حكم غيره.
وبعبارة أخرى: السكوت والتخيير([3]) كلاهما نقيض مقتضي مادة الحكم وعِلّة تشريعه.
وبذلك ظهر ان ما يذكر من ان اللقب لا مفهوم له إنما هو فيما لو تعلق به الأمر والنهي ونظائرهما دون ما لو تعلق به (الحكم) ونظائره فتدبر جيداً.
(أل) للجنس أو العهد فتدل على الانتفاء
الثالث: ان الألف واللام في (الحكم) للجنس، وإلا فللعهد الذهني، فتدل على ان طبيعي الحكم ثابت للأفقه فينتفي الطبيعي بانتفاء كونه حكم الأفقه.
وبذلك يظهر الفرق بين الأمر بالحكم المجرد عن مثل اللام وبين الحكم([4]) المحلى بها فلو قال (ليحكم الأفقه) لأمكن القول – مع قطع النظر عن دلالة المادة والغرض والغاية من التشريع – بان اللقب لا مفهوم له فلا يدل على عدم نفوذ أو عدم وجوب – ولو التخييري – حكم غير الأفقه، عكس ما لو قال (الحكم ما حكم به الأفقه) ألا ترى الفرق بين قوله تعالى: (الحمد لله) فانه لا مجال للإشكال بان اللقب لا مفهوم له، إذ الاستدلال ليس به بـ(أل) في الحمد الدالة على ان جنس الحمد لله النافية تبعاً لذلك لكون الحمد لغيره، فان حمد غيره آلي وظلي وطريقي وبالتبع اما حمده تعالى فذاتي استقلالي فصح القول الحمد أي جنس الحمد أي الذاتي الاستقلالي الأصيل لله وحده ولا غير، عكس ما لو قال (احمد الله) فانه لا دلالة فيه على الحصر من حيث وضع اللفظ. فتدبر
والحاصل: ان مثل (اكرم الأفقه) يدور الأمر فيه وفي قسيمه بين الوجود والعدم والعدم أعم من عدم الثبوت وثبوت العدم، واما مثل (الحكم حكم الأفقه) فيدور في القسيمين([5]) بين الإثبات والنفي والنفي نفي وليس أعم من ثبوت العدم وعدم الثبوت لذا كان مفهومه السلبي مما لا ريب فيه.
الأمر منوط بالظهور العرفي ولا أصل
الرابع: ان وجود المفهوم للقب وعدمه يدور مدار المصبّ فلو كان مصبَّ الأمر أو النهي الطبيعيُّ (أي طبيعي المادة التي وردت عليها الهيئة وصيغت في قالب الأمر مثلاً، كأكرِم) لدلَّ على الانتفاء عند الانتفاء إذ الفرض انه أُثبت الطبيعي لِلّقب فبانتفاء اللقب ينتفي الطبيعي وإلا لكان إثباته للقب لغواً عرفاً.
واما لو كان مصبَّ الأمر أو النهي الفردُ من الحكم والمصداقُ لما دل إلا على انتفاء شخص الفرد عند انتفاء اللقب دون طبيعيِّه، وهو ما قالوه من ان مفهوم اللقب او الوصف يدل على انتفاء شخص الحكم الثابت لذي اللقب دون طبيعيّه، فانه خاص بهذه الصورة.
الا ترى الفرق بين قولك: (قلّد المجتهد) وبين قولك (أكرم المجتهد) فان أكرم مصبّه شخص هذا الحكم بالإكرام فلا يدل على عدم وجوب إكرام غير المجتهد بل هو ساكت عنه واما قلد المجتهد فان مصبه هو طبيعي التقليد فيدل على انتفاء طلبه أو صحته – أي صحة التقليد – بانتفاء كونه مجتهداً.
اللهم إلا ان يقال: ان ذلك بمناسبات الحكم والموضوع وشبه ذلك فهو الاستثناء الذي يؤكد الأصل من ان اللقب لا مفهوم له.
والتحقيق: ان كلا القسمين (التعلق بالطبيعي وبالشخص) ممكن في عالم الثبوت، واما في عالم الإثبات فان الأمر بكلا طرفيه منوط بالظهور العرفي فلا أصل ثمة ثم استثناء، نظير ما قاله الآخوند في آخر الكفاية من تصوير تعارض الإطلاق مع العموم؛ لمرجعية العرف فيهما وانه قد يقدم المطلق لذلك على العام خلافاً للمشهور الذين ذهبوا إلى تقدم العام على المطلق بالورود لتقوّم المطلق في مرحلة المقتضي بعدم وجود قرينة على الخلاف والعام قرينة. فتأمل
السكوت عن النفوذ مساوق لعدمه
الخامس: ان السكوت عن مضي ونفوذ حكم غيره مساوق لعدم نفوذه ولعدم حجيته إذ النفوذ خلاف الأصل والشك في النفوذ أو الحجية موضوع عدم النفوذ والحجية.
وفيه: ان النفوذ والحجية إنما هي للعمومات الدالة على حجية رأي الفقيه ونفوذ حكمه، فإذا كان مثل ((الْحُكْمُ مَا حَكَمَ بِهِ أَعْدَلُهُمَا وَأَفْقَهُهُمَا)) ساكتاً عن عقد السلب فلا مخصص له أو لا حاكم عليه، فيبقى على الحجية، نعم لو أريد إثبات حجية ونفوذ قول الأعلم بهذه الرواية لما أمكن حتى لو لم تكن نافية إذ انها ليست بمثبتة([6]) قطعاً.
روايات أخرى على تعيّن تقليد الأعلم
ثم انه استدل على تعين تقليد الأعلم بروايات أخرى سردها السيد العم في بيان الفقه:
رواية (من أمّ قوماً...)
قال([7]) (ومنها: ما في الوسائل عن النبي (صلى الله عليه وآله): ((مَنْ أَمَّ قَوْماً وَ فِيهِمْ أَعْلَمُ مِنْهُ أَوْ أَفْقَهُ مِنْهُ لَمْ يَزَلْ أَمْرُهُمْ فِي سَفَالٍ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَة))([8]))
أقول: يرد على الاستدلال بالرواية مع قطع النظر عن السند([9]):
الجواب: الإمامة غير الفتوى
أولاً: ان الإمامة غير الفتوى والتقليد لاختلافها عن الإمامة والقيادة([10]) ولا تلازم بين تعين تسليم القيادة والإمامة للأعلم وبين تعيّن تقليد الأعلم، فان التقليد صِرف استفتاء لمعرفة الحكم اما الإمامة فقيادة عملية للايصال إلى المطلوب.
وقد سبق في مباحث الاجتهاد التفكيك بين أدلة التقليد وأدلة الإمامة بالمعنى الأعم وولاية الفقيه وان ما يتوهمه العوام من ان وجوب التقليد([11]) لمرجعٍ ملازم لولايته ومولويته في الشؤون العامة أو والخاصة أيضاً، غلط([12])، فان تمامية أدلة التقليد، وهي تامة، لا تلازم تمامية أدلة الولاية والإمامة في الشؤون العامة – وهي مختلف فيها.
والحاصل: ان كلّا منهما – جواز الفتوى وجواز التقليد من جهة وجواز الإمامة وجواز الائتمام والاتباع في الشؤون العامة أو والخاصة أيضاً([13]) بحاجة إلى إقامة الدليل عليه، وأدلة التقليد بما هي لا تفي بإثبات الولاية في الموضوعات الصرفة ولا الشؤون العامة.
هذا كله لو كان المراد من (امّ) الإمامة بالمعنى الأعم، واما لو كان المراد بالمعنى الأخص فالأمر أوضح كما سيأتي.
الرواية إرشادية
ثانياً: ان ظاهر الرواية الإرشادية بناءً على مسلكِ أن ما ذكرت فيه المصلحة أو المفسدة الدنيوية فهو إرشادي، وحيث انكرنا المبنى والتزمنا في ضابط الارشادية بغير ذلك كما فصلناه في كتاب (الأوامر) فلا وقع لهذا الإشكال من هذه الجهة إلا ان يدعى ان لسانها لسان الإرشاد عرفاً وليس من الأخبار في مقام انشاء التحريم. فتأمل جيداً وللحديث صلة.
وصلى الله على محمد وآله الطاهرين
=========================
الاربعاء 1 شعبان 1436هـ
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |