||   بسم الله الرحمن الرحيم | اللهم كُن لوليّك الحُجَّة بن الحَسَن صَلواتُكَ عَليه وَعَلى آبائه في هذه السّاعة وفي كُلّ سَاعَة وَليّاً وَحَافِظا وَقائِداً وَ ناصراً ودَليلاً وَ عَينا حَتّى تُسكِنَه أرضَك طَوعاً وَتُمَتِعَه فيها طَوِيلاً | برحمتك يا أرحم الراحمين   ||   اهلا وسهلا بكم في الموقع   ||  


  





 39- فائدة روائية: عدم سؤال الرواي عن بعض خصوصيات المسالة لا يكشف عن عدم مدخليتها في الحكم

 283- (اهدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ) 8 الطرق إلى الله بعدد أنفاس الخلائق

 شورى الفقهاء

 109- وجوه اربعة لاستخدام مفردة (عسى) في الآية الكريمة ومعادلة (لوح المحو و الاثبات )

 152- العودة الى منهج رسول الله واهل بيته (عليهم السلام) في الحياة ـ5 الحل الاسلامي للمعضلة الاقتصادية 1ـ ترشيق مؤسسات الدولة

 244- مباحث الأصول: (الحجج والأمارات) (2)

 284- (اهدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ) 9 هل الهداية فعل الله قسراً أو هي فعل العبد؟ اتجاهات معالجة الروايات المتعارضة ظاهراً

 73- (إهدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ) -7 نقد الهرمنيوطيقا ونسبية المعرفة نظرية كانت في (النسبية الذاتية) وإجابات ستة

 284- فائدة صرفية: المراد من الأصل الغلبة لا الحقيقة

 127- من فقه الآيات في قوله: (لا تحنث) في قوله تعالى: وخذ بيدك ضغثا فاضرب به ولا تحنث انا وجدناه صابرا نعم العبد انه أواب



 اقتران العلم بالعمل

 متى تصبح الأخلاق سلاحا اجتماعيا للمرأة؟

 الحريات السياسية في النظام الإسلامي

 فنّ التعامل الناجح مع الآخرين



 موسوعة الفقه للامام الشيرازي على موقع مؤسسة التقى الثقافية

 183- مباحث الاصول (مبحث الاطلاق) (1)

 351- الفوائد الاصولية: بحث الترتب (2)

 قسوة القلب

 استراتيجية مكافحة الفقر في منهج الإمام علي (عليه السلام)

 الأجوبة على مسائل من علم الدراية

 النهضة الحسينية رسالة إصلاح متجددة

 236- احياء أمر الامام المهدي (عجل الله تعالى فرجه الشريف)

 نقد الهرمينوطيقا ونسبية الحقيقة والمعرفة

 161- مفردات ومصاديق مبادئ الاستنباط (8): علم الاديان الفقهي والاصولي المقارن



  • الأقسام : 85

  • المواضيع : 4431

  • التصفحات : 23588888

  • التاريخ : 19/03/2024 - 02:11

 
 
  • القسم : الفوائد والبحوث .

        • الموضوع : 265- مباحث الأصول: بحث الحجج (حجية الظنون) (2) .

265- مباحث الأصول: بحث الحجج (حجية الظنون) (2)
11 رجب 1439هـ

مباحث الأصول: بحث الحجج (حجية الظنون)

جمع واعداد: الشيخ عطاء شاهين*

الفائدة الثالثة: إنما يقع الخطأ في الظن ويسقط عن الحجية إذا أهملت ضوابطه وقواعده وأحكامه وحدوده ؛ كما لو حصل من أسباب وطرق غير عقلائية ، أو استخدم  في غير قضاياه كاستخدامه في القضايا التي يجب فيها القطع؛ أو لتعارضه بظن أقوى منه ؛ لأنه بانفتاح باب  العلم يسقط عن الحجية ؛ أو حصوله من قصور في مقدماته؛ حيث إن المقصر بها ليس  معذوراً  لو لم يطابق عمله ظنه؛ وكذلك هو الحال  في الظان من غير أهل الخبرة.

بحث تطبيقي:
إن الظن له ضوابط وحدود وقواعد وأحكام عقلائية وشرعية، كما أن له نتائج خاصة أيضاً[1]؛ فإن تجاوز تلك الضوابط والحدود وإهمال القواعد والأحكام أو القفز إلى نتائج أخرى يعد خطأً فادحاً وجهلاً فاضحاً.
وهذا يعني أن القول بـ(نسبية المعرفة) وتفسيرها بظنية المعرفة لا يعفينا من سلسلة من القواعد والأحكام والحدود والضوابط، كما أنه لا يعني: أنه حيث كانت المعرفة ظنية فلنا أن نستنتج من ذلك صحة تجاوز تلك المعرفة والانتقال الفوضوي إلى غيرها، أو أن نستنتج عدم حجيتها أو أن نستنتج حجيتها وحجية ما يضادها أيضاً.
توضيح ذلك: أن الظن له ضوابط من حيث مناشئه، كما له ضوابط من حيث موارد استعماله ومحطات استخدامه ، كما أنه له أحكاماً ، كما أن هناك شروطاً في الظان ، كما أن له نتائج خاصة لا يمكن تجاوزها بحجة أن سببها ظني، فلا حاجز يمنعنا من إهماله والانطلاق للتمسك بالوهمي الذي يقابله.
فمن ضوابطه من حيث المنشأ: أن يكون متولداً من الطرق والأسباب العقلائية ، وهو المسمى بالظن النوعي، ولذا لا حجية بنظر العقلاء للظن الناشئ من قراءة الكف أو الفنجان أو من قول غير الثقة أو من الأحلام.
وهذا الظن ونظائره فقط هو الذي يصح القول فيه بأنه يجوز إهماله[2] والانتقال إلى المحتملات المعرفية في الدوائر الأخرى كما سبق في التفسير الحادي عشر للنسبية.
ومن ضوابطه من حيث موارد استخدامه ومواد قضاياه: أن لا تكون مادة القضية مما يجب فيها حصول القطع، ولذا لا يصح الاعتماد على الظن في مسائل الهندسة والحساب، أو في صناعة السدود والأجهزة الحساسة، كأجهزة الملاحة والطيران وشبههما، وإن صح استخدامه في الخرائط التقريبية ـ لا العلمية ـ والرسوم الجمالية، أو في مثل صناعة الملابس أو الألعاب البسيطة أو غيرها، ولو في الجملة.
ومن أحكامه: سقوطه عن الحجية إذا تضارب مع الظن الأقوى، كما لو تعارضت البينة مع بينة أخرى أرجح منهما بالعدد[3] أو العدالة أو بسائر المرجحات[4]، وكذلك في خبر الواحد لو تعارض خبر الثقة مع خبر ثقة آخر أرجح منه بالمرجحات المنصوصة كـ((الحُكم ما حَكم به أعدلهما وأفقههما وأصدقهما في الحديث وأورعهما)) [5] أو غير المنصوصة على الرأيين.
ومن أحكامه أيضاً: كون المطلق منه حجة في باب الانسداد ، ولكنه إذا انفتح الباب ولو انفتاحاً صغيراً يسقط عن الحجية ؛ كما لو تعارض قول الفاسق غير الثقة مع قول الثقة العادل، أو كما لو تعارضت الشهرة الضعيفة جداً والمشبوهة من حيث مصدر تولدها مع المتولدة من المصادر الموثوقة بناء على حجية الشهرة الروائية أو الفتوائية.
كما أن من أحكامه: لزوم إتباعه والحركة على طبقه فيما إذا كان من الظنون النوعية العقلائية.
ومن أحكامه العقلية: كونه منجزاً ومعذراً، كذلك[6].
ومن أحكامه: حجيته في لوازمه وملزوماته...[7].
والشك أيضاً له أحكام وقواعد، فالشك في الامتثال مجرى الاشتغال؛ والشك في الاشتغال[8] مجرى البراءة؛ والشك في العنوان والمحصِّل مجرى الاحتياط؛ وكذا الشك في أطراف العلم الاجمالي في الشبهات المحصورة[9] والشك في الحجية، موضوع عدم الحجية... وهكذا.
ومن شروط الظان : أن يكون من أهل الخبرة، فإن ظن غير أهل الخبرة فيما يحتاج إليها ليس بحجة.
ومن شروطه: أن لا يكون مقصراً في المقدمات؛ فإن المقصر في المقدمات[10] لو ظن ولم يطابق الواقع وعمل على طبق ظنه لم يكن معذوراً.
ومن شروطه: أن لا يترك ولوج باب العلم مع انفتاحه له ليدخل عبر بوابة الظنون كما في أصول الدين، إلا فيما دل النص على ذلك كما في الفقه كالرجوع للراوي الثقة رغم وجود الإمام عليه السلام.
وأما من حيث النتائج فنقول: ليس[11] للعاقل أن يتخلى عن ظنونه العقلائية إذا كانت جامعة للشرائط بدعوى احتمال أن يكون الحق مع الخَصم ، أو قوله إن رأيي صحيح يحتمل  الخطأ ورأيك خطأ يحتمل الصحة.
وبعبارة أخرى: ذلك الاحتمال ملغىً في نظر العقل والعقلاء ومُنزل منزلة عدمه، فهو كاحتمالك أن تصطدم بسيارة لدى خروجك للشارع، فهل يا ترى من العقل والحكمة أن يعتكف الناس كلهم في بيوتهم لأجل ذلك؟![12].
نعم ، غاية ما يقال فيمن يحتمل مخالفة ظنه النوعي للواقع إنه يستحسن له الفحص والبحث ودراسة أدلة الطرف الآخر، فإن وصل مرة أخرى إلى نفس ظنونه وقناعاته السابقة فإنه معذور، ولا حاجة لفحصٍ وراء آخر، بل لعله قبيح مستهجن، إذ يلزم منه اختلال نظام الحياة، بل وتوقف مسيرة العلم والتقدم؛ لانشغال كل عالم (بتفحص) دائم وأبدي ومستمر لمجموعة من المسائل ـ ولنفرضها عشرة أو مائة ـ والتي لا تترك له مجالاً للتطور والتعلم والاستزادة من بحر المعارف والعلوم، نعم في النادر من المسائل (كالمسائل الخطيرة جداً أو الهامة جداً) قد يستحسن للبعض، من العلماء المتخصصين، لا للكل، إعادة الفحص مرة بعد أخرى... وهكذا... وبالحد الذي لا يجده العقلاء سفهائياً، وكذا لو استجد له ما احتمل معه احتمالاً عقلائياً، تغير اجتهاده لو أعاد البحث والدراسة والتأمل، وذلك ما لعله يدخل في باب آخر مزاحم لهذا الباب ؛ وهو منجزية الاحتمال العقلائي في الشؤون الخطيرة[13].

بحث تطبيقي آخر:
القيافة: وهي إلحاق الناس بعضهم ببعض على خلاف الموازين الشرعية في الإلحاق من أن الولد للفراش؛ بل يعتمدون على بعض الخصائص والعلامات الخارجية ؛ فإن أريد بها ترتيب الآثار الشرعية خارجاً فهي حرام بلا كلام ؛ لأنه سوف يستلزم التوريث وعدمه وحلية وحرمة الزواج من المحارم ثبوتاً أو غيرهن مع أن هذا الإلحاق خلاف موازين الشارع ، وإن أريد مجرد عقد القلب على ذلك وأن هذا ابن فلان بدون ترتيب الآثار ففيه بحث ،  فقد قال في فقه الصادق : (القيافة حرام على المشهور ونسبه صاحب الحدائق إلى الأصحاب[14] وعن المنتهى دعوى الإجماع عليه) [15]، والروايات عديدة في هذا العنوان [16].
والضابط العام أن القيافة [17] من الظنون غير المنضبطة ؛ لأن الظنون قسمان ظن معتبر وغير معتبر ، والفرق بينهما  أن الظنون المعتبرة منضبطة نوعياً ؛ كخبر الثقة والظواهر ،  وأما غير المعتبرة فغير منضبطة نوعاً ؛ كالقيافة ؛ فهي من الظن غير المعتبر ؛ إضافة إلى أن ملاكات الشارع ليست بأيدينا ؛  فلابد من إمضاء أو عدم الردع عن الطرق إليها ، وهذ بحث طويل الذيل ونافع ويحتاج إلى أشهر ليس في شرح المفردات فقط ؛ وإنما في البحث الفقهي وفي التحليل الاجتماعي والنفسي لهذه المعاني ، وليس محل بحثه هنا [18].

بحث تطبيقي ثالث:
قال تعالى: ﴿وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ﴾[19]، وهنا الذم اتباع الأكثرية للظن معلل فيدور الحكم مدار العلة وجوداً وعدماً، قال فقد بيّن تعالى العلة كون إطاعة الأكثرية مضلة لأنهم يتبعون الظن[20]، وأما لو كان الأكثرية -كأكثرية الفقهاء- متبعة للعلم والعلمي أي الظن المعتبر لما كانت مضلة ، فاتباع الأكثرية الظن غير المعتبر شرعاً وعقلاً هو سبب ضلالها وإضلالها دون ما لو اتبعت الظن المعتبر وما جعل حجة شرعاً، وكذا في قوله تعالى: (وَما يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلاَّ ظَنًّا إِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً)[21] دال على مذمومية اتباع الأكثرية للظن غير المعتبر، فلو كان اتباعهم للظن المعتبر لما كان ذم إطلاقاً كما أن في اتباع الواحد له لا ذم بل الموجود هو المدح فقط.
قال السيد الوالد قدس سره: إن الله لم يذم الأكثرية مطلقاً بل ذمهم في زمان كون الأكثرية منحرفة عن سبيل الله ولذا لم يكن الأمر كذلك فيما إذا كانت أكثرية نسبية كما في سبيل المؤمنين إذا ذهبوا إلى شيء أو كان أكثرية مطلقة، إذا كل أهل الأرض مؤمنين كما في زمان الإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف وكما في زمان نوح عليه السلام  بعد نجاته من السفينة حيث لم يبق إلا المؤمنون[22].
إذن فالقضية خارجية أو حينية شرطية لا مطلقة حقيقية بدلالة العقل لا من باب مخصصية المورد للوارد ،فتأمل.
إذ لو علم بكون الأكثرية على الحق أو على الباطل فلا كلام وليس هذا محل النزاع، أما لو جهل فإن مفاد الآية أن الأكثرية لا يتبعون إلا الظن غير المعتبر فليس رأيهم حجة، فتأمل[23].
 
الفائدة الرابعة: إذا أكتفى الشارع في باب الإطاعة بالظن فلا حاجة للسعي وراء القطع وإن تمكن المكلف من تحصيله؛ ويدل على ذلك إرجاع الأئمة عليهم السلام الناس إلى بعض الرواة رغم انفتاح باب العلم لديهم ، بل وإمكان رجوعهم إليهم مباشرة بلا عسراً ولا حرجاً ، وما ذلك إلا توسعة من الله تعالى على العباد وامتناناً منه عليهم .

بحث تطبيقي:
إن الغاية المتوخاة والهدف المحدد والمرجو من كل علم هو: الذي يحدد مدى ضرورة أن تكون براهينه وحججه[24] قطعية أو ظنية وأيهما هو الوافي بالمراد والشافي للغليل والحجة للعباد وعلى العباد.
وبعبارة أخرى: أن ما هو المتوقع من العلوم مختلف اختلافاً كبيراً؛ فإن المتوقع من المنطق أن يكون قطعياً لفرض أن المراد منه أن يكون ميزاناً للفكر ومقياساً للعلوم.
وأما المتوقع من علم الفقه فهو :المؤمِّن من العقاب والمعذِّر ، والحجة التي يحتج بها العبد على مولاه في باب الإطاعة؛ وذلك كله حاصل بالظنون النوعية التي جرى بناء العقلاء عليها وأمضاها الشارع من غير حاجة إلى حصول القطع.
ومع حصول هذا المؤمِّن لا يحق للعبد إهماله والانتقال إلى غيره، بل له أن يبني على أنه هو الحق، بل قال بعض الأصوليين: إنه قاطع حينئذٍ بأنه متمسك بأمر مولاه وإن كان المؤدَّى ظنياً، إذ الطريق قطعيّ المعذرية والحجية.
بل نقول: ما دام المولى قد اكتفى في باب الإطاعة بأمثال خبر الواحد والظواهر وأشباهها- مما تفيد الظن لا القطع عادة - فلا حاجة للسعي وراء القطع وإن أمكن ، بل لعل طلبه لغو ومضيعة للوقت، ثم إنه لو لم يمكن القطع فليس نقصاً ولا عيباً.
وتدل على ذلك أيضاً  روايات إرجاع الأئمة الأطهار عليهم سلام الله أصحابهم إلى بعض الرواة، رغم انفتاح باب العلم لديهم، وإمكان رجوعه للإمام مباشرة، بل رغم أنه لعله لم يكن عسراً وحرجاً أيضاً، كل ذلك توسعة من الله تعالى على العباد وامتناناً وجوداً وكرماً، هذا كله مع انفتاح باب العلم والعلمي.
وأما لو قلنا بالانسداد بمقدماته المعروفة، وهي: إن ههنا تكاليف كثيرة وأنه لا يعقل إهمالها، وقد انسد باب العلم والعلمي بها، وأن العمل بالاحتياط عسر وحرج، والعمل بالأصول في مواردها مستلزم للخروج عن الدين، والقرعة كذلك، وترجيح المرجوح[25] قبيح ؛ فلا محيص من القول بحجية مطلق الظن، وهذا يعني أن الشارع المقدس قد اكتفى من عبيده بالظن كمؤمِّن من العقاب ومعذِّر على فرض الخطأ، واعتبره منجزاً لتكاليفه على فرض الإصابة.
وليس ذلك خاصاً بالشارع، بل إن كل العقلاء يدركون أن الغاية من العلوم مختلفة، وأن طبيعة العلوم مختلفة.
لا يقال: ذلك وإن صح في الفقه إلا أنه لا يصح في علم الكلام والعقائد ؛ إذ أن الشارع لا يرضى فيها إلا بالقطع؟

ويجاب:
أولاً: أن أصول المعارف العقدية قطعية ولم ينسد إليها باب العلم، والمنسد إليه باب العلم هو بعض تفاصيلها الفرعية كخصوصيات القبر والبرزخ والقيامة والجنة والنار، وكبعض صفات الرسل والأئمة عليهم صلوات الله وسلامه، إلا أن الشارع قد اكتفى فيها بالظنون المعتبرة كأخبار الثقات والظواهر.
وثانياً: إنه لو فرض عجز مكلف[26] من تحصيل العلم في العقائد رغم جِّده وسعيه فهو معذور مادام لم يقصر في المقدمات، والشارع يكتفي منه بما أمكنه الوصول إليه من الظنون النوعية المعتبرة، وإلا فإنه سيكتفي منه بالظن المطلق وإن لم يمكنه فرضاً وبقي شاكاً متردداً، ولم يمكنه الاحتياط[27] فإنه سيُعاد امتحانه[28] يوم القيامة بعد أن تظهر له الحقائق وتتجلى أمامه المعارف.
وعلى أي تقدير، فإن ظنه  لو أمكنه فإن يكون مؤمِّناً له من العقاب، كما أن فحصه حتى اليأس يكون مؤمِّناً له أيضاً حتى لو لم يفتح له حتى باب الظن المطلق[29].

 
-----------------

* * هذه المباحث الاصولية تجميع لما طرحه سماحة السيد الاستاذ في مختلف كتبه وبحوثه، قام باعدادها وجمعها و ترتيبها مشكوراً فضيلة الشيخ عطاء شاهين وفقه الله تعالى
[1] كما أن الشك أيضاً كذلك، والوهم أي الاحتمال المرجوح أيضاً كذلك.
[2] الجواز هنا بالمعنى الأعم الشامل للوجوب.
[3] كما لو كانت بينتان مقابل واحدة.
[4] على القول بالترجيح بذلك.
[5] وسائل الشيعة: ج27 ص 106.
[6] أي مع كونه ظناً نوعياً عقلائياً.
[7] في مقابل عدم حجية لوازم الأصول العملية إذا كان اللازم عقلياً أو عادياً.
[8] أي الاشتغال بالتكليف.
[9] مع أي قيد آخر قيل به، كـ(كون الأطراف مورد الابتلاء، وعدم كون الأطراف تدريجية الحدوث أو زمانية).
[10] كما لو ظن أن الراوي أو المخبر ثقة لكنه كان ظناً من غير تحقيق يقتضيه شأن مثله أو كان ظناً حاصلاً من مثل طيران الغراب وجريان الميزاب مثلاً.
[11] لا يخفى أن هذا ـ كبعض آخر مما ذكر ـ يمكن إدراجه في أحكام الظن، وقد أفرد بالذكر لأهميته ولكونه هو بيت القصيد.
[12] نعم الاحتمال في خصوص الشؤون الخطيرة منجز، لو كان عقلائياً.
[13] نقد الهرمينوطيقا ونسبية المعرفة: ص140.
[14] وعبارة الحدائق هكذا : ( إلا أن الحديث المذكور لا ظهور له في التحريم كما علله الأصحاب )  فتأمل في النسبة ، وهذه النسبة نقلها أيضاً الشيخ في المكاسب : 2 ص 7 ، فقال : نسبه في الحدائق إلى الأصحاب .
[15] فقه الصادق : ج21 ص 272.
[16] فائدة: هذا وقد نقل هذه الأخبار في الحدائق : ج 18 ص 82  فقال عن الخبر الأول : إلا أن الحديث المذكور لا ظهور له في التحريم كما علله الأصحاب ، وقال عن الخبر الثاني : ظاهر هذا الخبر جوازها – القيافة -  والاعتماد عليها ، ثم قال :  وبالجملة فالدليل من الأخبار على التحريم غير ظاهر ، وليس إلا ما يدعى من الإجماع . انتهى كلام الحدائق ، أقول : ولعل بسبب  ما تقدم من حال تلك الأخبار  سلك السيد الخوئي دليلاً آخر لإثبات حرمة القيافة  ، فقال قدس سره في مصباح الفقاهة : ج1 ص 588 : تدل على حرمة العمل بقول القافة الآيات الدالة على حرمة العمل بغير علم ، وعلى حرمة إتباع الظنون وأنها لا تغني من الحق شيئا  .
[17] أقول : وحسب اطلاعنا أن والفقهاء تعرضوا إلى أحد قسمي القيافة وهو قيافة البشر الذي جاء تعريفها في المتن ، وأما قيافة الأثر فلم يتعرضوا لها ؛ وهي : تتبع آثار الأقدام والأخفاف والحوافر في المقابلة للأثر ، حتى لقد روى أن بعضهم كان يفرق بين أثر قدم الشاب والشيخ وقدم الرجل والمرأة ، والبكر والثيب ، والقريب من المستوطن ، وقيافة الأثر موجودة لحد الآن في بعض المناطق ، وقد رأينا أنهم يقيمون لها وزناً ويرتبون عليها آثاراً ، كما في معرفة آثار أقدام السارق .
[18] الاجتهاد والتقليد: ص 445.
[19] سورة الأنعام: 16.
[20] قال في الميزان: فإن الجملة أعني قوله وإن هم إلا يخرصون والتي قبلها أعني قوله إن يتبعون إلا الظن واقعتان موقع التعليل لقوله وإن تطع أكثر من في الأرض) تفسير الميزان: ج7 ص330.
[21] سورة يونس: 36.
[22] الفقه: الحكم في الإسلام، ص45.
[23] شورى الفقهاء: ص143.
[24] أو مؤديتها.
[25] وهو الوهم.
[26] لكونه في بقعة نائية من الأرض، أو لظروفه الخاصة.
[27] ويتصور الاحتياط في العقائد بأن يعقد قلبه على ما هو الحق منها اجمالاً، وأما مثل أن الله واحد أو ثلاثة، فلو فرض أن فطرته كانت مطموسة قصوراً، ولا طريق له فرضاً لتحصيل المعرفة، فإنه لا مجال للاحتياط لدوران الأمر بين المحذورين، إذ (الواحد) هو بشرط لا، وليس من دوران الأمر بين الأقل والأكثر ليحتاط بالأكثر.  
[28] حسب المستفاد من الروايات.
[29] نقد الهرمينوطقيا ونسبية المعرفة:  ص 195.

 

  طباعة  ||  أخبر صديقك  ||  إضافة تعليق  ||  التاريخ : 11 رجب 1439هـ  ||  القرّاء : 8132



 
 

برمجة وإستضافة : الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net