165- توثيق ما نقلناه وتطبيق له ـ كلام الشيخ حول الاقوال الستة ـ واستدلال (بيان الفقه) على بعض الاقوال ، والتأمل في مصبّ البحث
الاحد 20 ذي القعدة 1433هـ





بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
كان البحث حول الطائفة الرابعة من الايات التي استدل بها على وجوب النظر والاجتهاد في اصول الدين وعدم كفاية الظن ومن هذه الطائفة قوله تعالى: (قُلْ انْظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا تُغْنِي الآيَاتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ)
وذكرنا انه ينبغي عند استعراض الأدلة ومنها الايات الشريفة تنقيح الموضوع المستدل عليه جيدا لكي نحدد مصبّ النفي والاثبات وأنهما يردان على ماذا, وذكرنا ان الصور والمحتملات والاقوال هي اربعة عشر قولا واحتمالا, وهذه اصول التشقيقات، لكنها مع تفصيلاتها اللاحقة قد تبلغ اكثر من ثلاثين قسماً, وسنشير إلى وجه التقسيمات اللاحقة
مبحث اليوم هو تتمة لمبحث الامس, وهو انه لابد من بحث توثيقي تطبيقي مزيج، عما ذكرناه, فننقل عبارة الشيخ في الرسائل ثم عبارة السيد العم في بيان الفقه لكي نرى محط البحث اين ينبغي ان يكون ولكي نلاحظ منشأ الخلط في الاستدلال الذي قد يقع أحياناً من الاعلام, وهذه الكلمات من جهة لها الموضوعية اي لها القيمة العلمية اضافة إلى كونها شاهداً على ما ذكرناه من ان موضوع البحث ليس منقحا بشكل دقيق ولذا فإن الاستدلال عليه اضحى غير دقيق أو ابتلي بانه قد يستدل بدليل على ما لا يفيد خصوص المستدل عليه وسيتضح ذلك اكثر ان شاء الله*
نص عبارة الشيخ في الرسائل (والاقوال المستفادة من تتبع كلمات العلماء في هذه المسألة من حيث وجوب مطلق المعرفة او الحاصلة عن خصوص النظر، وكفاية الظن مطلقا او في الجملة، ستة, القول الاول اعتبار العلم فيها من النظر والاستدلال) وهل المراد من كلمة (اعتبار) الحكم التكليفي ام المراد الحكم الوضعي اي المراد وجوب تحصيل العلم فيها او المراد الحجية؟ الظاهر انه الاول وليس المقام محل بيانه
هذا هو القول الاول (وهو قول الاكثر وادعى عليه العلامة في الباب الحادي عشر اجماع العلماء كافة) لكن معقد الاجماع غير معلوم , وهذا القول غير منقح اي غير معلوم مرادهم من (العلم) لأن القطع له فردان ,الاول هو المطابق للواقع وهو الذي نرى أنه يطلق عليه – ولا غير – (العلم) واخر غير المطابق للواقع وهو الجهل المركب ,هذه نقطة
النقطة الثانية: هل العلم يساوي القطع او هو اخص منه مطلقا؟ استظهرنا – على ما فصلناه سابقاً - ان العلم اخص – عرفاً وفي تعابير الآيات والروايات - من القطع لاختصاصه بالمطابق, لكن الكثير من الأصوليين والمناطقة لا يقبل هذا الكلام ويرى أن اطلاق العلم على غير المطابق للواقع، حقيقي.
اذن ما هو مراد الاعلام من هذه الكلمة التي ينقلها الشيخ عنهم (اعتبار العلم فيها من النظر والاستدلال)هل المراد بالعلم المعنى الاخص اي المطابق للواقع او العلم بالمعنى الاعم اي القطع ,وهذا غير واضح, فلنبنِ على كلا الاحتمالين: فان كان مرادهم من العلم المعنى الاخص اي المطابق للواقع اي يجب تحصيل العلم المطابق للواقع عن نظر ,فاذا كان مرادهم هذا فالصورة الثانية مهملة في كلامهم , اي من حصل على القطع غير المطابق للواقع عن نظر واستدلال ما هو حكمه؟ وقد اضفنا سابقاً هذا القسم في ضمن تقسيماتنا ,واما لو ارادوا الاعم اي القطع سواءا اكان مطابقا او غير مطابق فيكون المراد انه يجب عليك تحصيل القطع لكن هل يقصدون ان للقطع الموضوعية وأنه لو قطع ولو بالباطل فإنه معتبر ومجزئ وأما الوجوب منصبّ على القطع لا القطع الموصل للواقع، بدعوى عدم اختياريته مثلاً, فهل هذا مقصوهم؟
كلاهما محتمل, لكن المستظهر إرادتهم الاحتمال الاول
تتمة كلام الشيخ (الثاني اعتبار العلم ولو من التقليد) والكلام السابق يجري فيه(الثالث كفاية الظن مطلقا) وعدم تنقيح الموضوع هنا واضح , فهل المقصود من كفاية الظن مطلقا، بنحو القضية الحقيقية ام بنحو القضية الخارجية؟ هذا غير واضح في كلام هؤلاء الفقهاء, وهذا التساؤل جارٍ في المبحث السابق ايضا، اي أنهم عندما يقولون بكفاية الظن فهل كانوا يلاحظون المسلمين الظانين بالحق فيقولو يكفيكم الظن مطلقا, ولم يكن خطابهم للضالين والكفار والمخالفين الظانين بالباطل, اي أنهم لا يخاطبون أولئك بانه يكفيكم الظن بل يخاطبون هؤلاء ,فهل هذا مقصودهم (القضية الخارجية)؟ هذا احتمال ولعله هو الاظهر، أما الاحتمال الثاني: فهو انه لا , والقضية حقيقية وانهم لا يتحدثون لمخاطب معين , كالمطابق ظنه للواقع وانما لاحظوا الموضوع بما هو هو وقالوا يكفي الظن بنحو مطلق سواء كان ممن طابق ظنه الواقع أو ممن لم يطابق, فهل مقصودهم هذا ؟ غير معلوم, فلابد اولا من تحديد الموضوع جيدا حتى نرى الادلة عندما نستدل بها، مثل (قل انظروا) على ماذا يستدل بها وكذلك الادلة الناهية؟, فهل كفاية الظن مطلقا قضية حقيقية ,فمن اي مكلف حصل وفي اي زمن حصل فالظن في اصول الدين كاف، فيشمل الكفار ايضا, فاذا ظن الكافر كفى لأن ظنه حجة حسب هذا الرأي وكذا المخالف, أولا؟ هذا غير منقح كلمات كثير منهم.
(الرابع كفاية الظن المستفاد من النظر والاستدلال دون التقليد)هنا ايضا الكلام يجري ,فمن هو المخاطَب؟ كلاهما محتمل, فهل المخاطب من هو على الحق(الفرقة المحقة) او المخاطب الأعم والقضية حقيقية كما في حجية خبر الثقة, حيث نقول ان القضية حقيقية ونقطع النظر عن هذا الفريق وذاك الفريق ونقول خبر الثقة حجة، ثم نبحث بحثا اخر وهو هل المراد بالحجة الكاشف او المنجز او المعذر , لكن هنا في اصول الدين ما المراد؟ هذا غير واضح.
ونضيف ان الشيخ غير هنا العبارة ففي الاول والثاني استعمل كلمة اعتبار العلم اما في الثالث والرابع فحذف كلمة الاعتبار وابدلها بكفاية الظن وظاهر تلك الكلمة الحكم التكليفي بلحاظ ما سبقها من كلامه، وظاهر كلمة (كفاية) الحكم الوضعي فتأمل.
(القول الخامس كفاية الظن المستفاد من اخبار الاحاد) وهنا واضح ان الخطاب للشيعي وان القضية خارجية, اذن لا تناسق بين الأقوال
وهذا القول هو رأي الاخباريين ورأيهم صريح في ان خطابهم موجه للشيعي والكلام عن اخبارنا الموجودة في كتبنا وانهم يرون أن ظنك الحاصل من هذه الاخبار حجة ومعتبر, لكن مع ذلك يبقى ان مرادهم بالظن هل هو الظن المطابق للواقع او الظن بقول مطلق كما لعله الاظهر, فليتدبر, والقول السادس على نفس المنوال
اذن البحث لابد ان ينقح ,تبعا لذلك نلاحظ ان السيد العم في بيان الفقه لأنه جرى على ما جرى عليه الاعلام فان التداخل في الاستدلال ووروده على اي مصب من هذه المصبات اضحى واضحا وهناك شواهد عديدة على ذلك لكن للاختصار اذكر شاهدا واحد، ولعل السبب انه دام ظله اوجز البحث هنا على خلاف دأبه في استيعاب الأقوال والاراء لكن في هذا البحث اختصر جدا ولذا صدر منه نفس ما صدر من المشهور, يقول: (اصول الدين واقسام التقليد فيها... القسم الاول: التقليد غير الموجب للجزم والدليل عليه)
الاحد 20 ذي القعدة 1433هـ
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |