039 - أربعة ثمرات للخلاف في فقه آية (وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا)
الأربعاء 24 جمادى الأولى ١٤٤٦هـ





بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين سيما خليفة الله في الأرضين، واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
(39)
ثمرات البحث في فقه {وَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً طَهُوراً}
ثم انه لا بد من البحث عن ثمرات هذا البحث المفصل عن فقه قوله تعالى {وَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً طَهُوراً}[1] وثمرة تحقيق الأقوال الثمانية السابقة في المراد بـ {طَهُوراً}، والاستناد في دعوى إطلاقها إلى دليل الامتنان أو دليل وجود المقتضي، وهو الدلالة على الماهية والطبيعة، وإنتفاء المانع، وهو تنوين التنكير، أو غير ذلك، خاصة وان عدداً من أفاضل البحث اعترضوا على البحث عن ذلك كله؛ بأن المسألة، أي كون الماء طاهراً ومطهِّراً، من الإجماعيات بل ذلك من المتسالم عليه، فما الفائدة من هذا البحث المطوّل بل الأَولى صرف هذه التحقيقات في مسائل أخرى تقع مورد الابتلاء، أو وقعت مورد الخلاف؟
ويمكن الجواب عن ذلك فنياً أولاً وباستعراض الثمرات ثانياً:
فنياً: البحث عن مختلف الأدلة لازم ولو كانت المسألة إجماعية
أما فنياً، فإن المسألة حتى لو كانت إجماعية فإن بحث الأدلة عليها لازم، إذ قد يكون الفقيه ممن لا يرى حجية الإجماع المدركي والإجماع معلوم الاستناد، أو لا يرى حجية حتى الإجماع محتمل الاستناد، بل حتى من يراه حجة فإن شأن العامي والمقلد عدم البحث أما المجتهد فإن شأنه في بحثه الاجتهادي استعراض مختلف الأدلة من كتاب وسنة وإجماع وعقل، ولذا نجدهم لا يقتصرون على ذكر رواية وإن كانت صحيحة بل يستعرضون سائر الروايات[2] بل لا يكتفون بالآية الدالة بل يشفعونها بالروايات ثم الإجماع، خاصة وان الإجماع حتى غير محتمل المدركية قد لا يقول بحجيته فقيه من باب الحدس، إذا لم يكن إجماع القدماء أو من باب اللطف للإشكال عليه صغرىً أو كبرىً أو من باب الدخول أو التشرف إذ لا يراهما، بل ولأن الإجماع دليل لبي لا إطلاق له غالباً، إلا ما كان له معقد مطلق.
ولأن الإجماع قد ينقلب بل حتى التسالم، كما في مثال بئر العلامة إذ انقلب الإجماع على نجاستها إلى شهرة عظيمة على كون مائها معتصماً إلا إذا تغير، فحالها حال الكر، ولو بنى الفقهاء على الاكتفاء بالإجماع وعدم دراسة الأدلة لما أمكن ذلك، وقريب منها مسألة المعاطاة التي انقلبت فيها الشهرة إلى كونها بيعاً مملِّكاً.. وهكذا.
ثمرات البحث في فقه آية {طَهُوراً} وتأسيس الأصل
وأما الثمرات: فمع قطع النظر عن ذلك كله، فإن تناول الآية الشريفة بذلك البحث المفصل يُستهدف منه تأسيسُ الأصل العام في المياه، فإنه بناءً على القول بعمومها الأفرادي، لكل المياه، والأحوالي والأزماني، ببركة دليل الامتنان أو كون المتعلق هو الماهية مع انتفاء المانع أو غير ذلك، وببركة دعوى أن {طَهُوراً} يعني شديد الطهارة أو لازم الطهارة فلا تنفك عن طبيعته وإن كان قليلاً أصابه المتنجس مثلاً[3] فعليه يحصل لدى الفقيه دليل جديد بل وأصل عام، يرجع إليه لدى الشك والاختلاف، وموارده كثيرة جداً إذ تبلغ عشرات المسائل التي تعد عشرين منها على الأقل من أمهات مسائل كتاب الطهارة.
والحاصل: ان تنقيح فقه الرواية، يعطي للفقيه دليلاً قوياً جديداً على مسائل هامة كثيرة بعضها موافق للمشهور وبعضها مخالف وبعضها تفرّد به بعض الفقهاء، فمن يؤمن بذلك المسلك يتمسك بهذا الدليل الجديد (أي الجديد بما فُصّل من فقهه وشُيّد من أركانه بأشباه البحوث السابقة وإن كان مستدلاً به إجمالاً أو ببعض التفصيل في كلماتهم) كما أن على المخالف ردّ هذا الدليل ورد كل ما أقيم من الأدلة على إطلاق الآية الكريمة.
وسنستعرض في هذا البحث وما يلحقه بعض الثمرات، وسنحصي منها عشرين ثمرة فقط (من أمهات المسائل)، وإن كانت الثمرات تتجاوز المائة في مختلف أبواب الطهارة.
ولا بد من التأكيد على أن طرح هذه الثمرات، إنما هو صناعي في طور البحث وليس للتبني فقهياً ولا الفتوى، بل، وكما سبق، الغرض منه أ- تقوية دليل المستدل إن لم تزحزحه أدلة المشهور، ب – وانّ على المشهور الجواب عن هذا الدليل المقوَّى.
الثمرات الثلاثة الأولى: اعتصام الماء القليل...
1- اعتصام الماء القليل، وعدم تنجسه بملاقاة عين النجاسة.
2- اعتصام الماء القليل وعدم تنجسه بالمتنجسات وإن قلنا بتنجسه بأعيان النجاسات.
3- اعتصامه عن التنجس بالمتنجس الثاني (غير المباشر) أو المتنجس الثالث فالرابع... وإن قلنا بتنجسه بأعيانها وبالمتنجسات (المباشرة).
أما المسألة الأولى، فقد افتى بها خلافاً للمشهور الذي كان أن يكون إجماعاً ابن أبي عقيل (فذهب إلی عدم انفعاله بشیء[4]، و وافقه علی ذلک المحدث الکاشانی (قدس سره)[5])[6] كما وافقه على ذلك أعلام آخرون كالمحقق التستري وغيره.
الأقوال في منجّسية المتنجّس الأول
وأما المسألة الثانية، فقد أفتى بها المحقق صاحب الكفاية كما نقله عنه السيد الحكيم في المستمسك كما أفتى بها المحقق الاصفهاني (الكمباني) وأفتى بها من المعاصرين السيد تقي القمي والسيد محمد هادي الميلاني وآخرون، واحتاط جمع كالسيد الجد المهدي والسيد عبد الهادي الشيرازي وآخرين، وفصّل بعضهم بين الجامد والمائع، كما فصّل آخرون بين المتنجس الثاني والثالث أو الوسائط القليلة والكثيرة وهكذا.
قال في العروة: (مسألة 11: الأقوى أنّ المتنجّس منجّس كالنجس)[7] وعلّق عليها أعلام بآراء تتضمن مختلف الأقوال في المسألة:
(* بل الأحوط. (مهدي الشيرازي).
* الّذي يظهر من مجموع نصوص الباب عدم كون المتنجّس منجّسا على الإطلاق. (تقي القمّي).
* على الأحوط، ويحتمل قويّا عدم تنجيس المتنجّس بالواسطة مطلقاً، لا سيّما مع جفافه أو تعدّد الواسطة، واللّه العالم. (آل ياسين).
* لا يبعد القول بأنّه مع خلوّه من عين النجاسة غير منجّس، ولكنّ الاحتياط لا ينبغي تركه. (كاشف الغطاء).
* بل الأحوط، ولا سيّما إذا كان مع الواسطة. (عبد الهادي الشيرازي).
* على الأحوط. (الرفيعي).
* يتّجه القول بأنّ المتنجّس لا سيّما إذا كان بالواسطة لا ينجّس الماء القليل، إلّا أن يمتزج به، فيلزم الاجتناب لأجله. (الميلاني).)[8]
* ولو كانت الملاقاة بالوسائط بشرط صدق السراية عند العرف، ولا ريب في عدم حكمه بها في صورة تخلّل الوسائط الكثيرة. (المرعشي).
* هذا في المتنجّس الأوّل، وأمّا المتنجّس الثاني فإن لاقى الماء أو مائعاً آخر فلا إشكال في نجاسته به ونجاسة ما يلاقيه، وهكذا كلّ ما لاقى ملاقيه من المائعات، وأمّا غير المائع ممّا يلاقي المتنجّس الثاني فضلاً عن ملاقي ملاقيه ففي نجاسته إشكال، وإن كان الاجتناب أحوط. (الخوئي).).
* في قوّته على إطلاقه إشكال، نعم هو أحوط. (حسن القمّي).
* في المائعات، وأمّا في الجوامد فالأظهر بحسب النصوص عدم المنجّسيّة، والأحوط ترتيب آثار المنجّسيّة، هذا في الواسطة الأولى، وأمّا في ما لو لاقى الملاقي للمتنجّس مع شيء آخر، فإن كان ذلك الشيء مائعاً فالأحوط لزوماً الاجتناب، وإن كان جامداً فالقول بعدم لزوم الاجتناب قويّ. (الروحاني).
* من غير فرق بين المتنجّس بلا واسطة أو معها، واحدة كانت الواسطة أو متعدّدة. (مفتي الشيعة).
* في إطلاق الحكم مع تعدّد الوسائط تأمّل، بل منع. (السيستاني).)[9] – انتهى.
الجواب عن الأدلة الدالة على انفعال القليل
لا يقال: لا يجدي تأسيس هذا الأصل، مع وجود الروايات الكثيرة الدالة على انفعال الماء القليل؟
إذ يقال: نعم لا شك في ذلك خاصة وانه قيل، على ما نقله الشيخ الأعظم في كتاب الطهارة عن بعضهم، بأن روايات الانفعال تبلغ حوالي ثلاثمائة رواية، ولكن الكلام هو في أن الفقيه لو أجاب عن تلك الروايات، خاصة في المسألة الثانية والثالثة، أو شك في دلالتها أو إطلاقها، فإنه يرجع حينئذٍ إلى الأصل المؤسّس ببركة تنقيح فقه الآية الشريفة.
جواب المحقق الاصفهاني عن «إِذَا كَانَ الْمَاءُ قَدْرَ كُرٍّ»
وفي هذا المقام، المبني على مجرد الإشارة إلى الثمرة المترتبة على تأسيس الأصل والنافعة لبعض الأقوال، دون التوغل في الأخذ والرد، نستعرض أهم دليل على انفعال القليل والذي وردت به روايات كثيرة جداً وهو قوله (عليه السلام) في صحيحة محمد بن مسلم وغيرها «إِذَا كَانَ الْمَاءُ قَدْرَ كُرٍّ لَمْ يُنَجِّسْهُ شَيْءٌ»[10] المستفاد منه أن الكر معتصم وأن القليل غير معتصم أي انه منفعل بملاقاة النجاسة، ويكفي أن نتنقل عبارة المحقق الاصفهاني في ردّ الاستدلال بها على انفعال مطلق القليل، وانه، حسب رأيه لا يستفاد منها إلا انفعال القليل، بالنجس دون المتنجس، إذ (قال المحقق الاصفهاني: في بحثه الشريف مستدلاً بأن مدرك انفعال القليل بالملاقاة:
إما هو الإجماع وهو غير متحقق في ملاقاة المتنجسات على نحو يفيد القطع بالحكم كما هو المطلوب في الأدلة اللبّية، والمقدار المتيقن منه هو خصوص ملاقاة الأعيان النجسة.
وإما الروايات الواردة في تحديد الكر، وهي وإن دلت على انفعال القليل بما لا ينفعل به الكثير، إلّا أن مدلولها تعليق العموم لا السلب العام فمفهومها أن القليل ينجسه شيء ما، فإنّ السالبة الكلية تناقضها الموجبة الجزئية وليس هذا الشيء هو التغيّر قطعاً، لأنّه ينجّس الكثير أيضاً ولا اختصاص له بالقليل، فتعيّن أن يكون هو ملاقاة النجاسات كما هي المتيقن، وإذا ثبت منجسية شيء منها ثبت منجسية غيره من الأعيان النجسة[11] أيضاً لعدم القول بالفصل، أو لما دلّ من الأخبار الخاصة على منجسية الأعيان النجسة وأمّا المتنجسات فلا يستفاد منها أنها كالنجاسات كما أسلفناه في الأصول.
وإما هو الأخبار الخاصة وهي إنما تختص بعين النجاسات من الكلب والدم والبول وغيرها من الأعيان النجسة، كما أنها المنسبق من الشيء في الأخبار العامة ولا أقل أنها القدر المتيقن منه كما أشرنا إليه آنفاً، وعلى الجملة لا دليل على انفعال القليل بالمتنجسات)[12].
رد الفقهاء على الاصفهاني
والفقهاء وإن سلّموا بانه لم ترد رواية في المتنجس وانه يتنجس ولكنهم قالوا بان في الإطلاقات الكفاية: (ولا يخفى أنه وإن لم ترد رواية في خصوص انفعال القليل بملاقاة المتنجسات إلّا أن مقتضى إطلاق غير واحد من الأخبار أن القليل ينفعل بملاقاة المتنجسات كما ينفعل بملاقاة الأعيان النجسة، وإليك جملة منها:
منها: ما رواه أبو بصير عنهم (عليهم السلام) قال: «إِذَا أَدْخَلْتَ يَدَكَ فِي الْإِنَاءِ قَبْلَ أَنْ تَغْسِلَهَا فَلَا بَأْسَ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ أَصَابَهَا قَذَرٌ بَوْلٌ أَوْ جَنَابَةٌ فَإِنْ أَدْخَلْتَ يَدَكَ فِي الْمَاءِ وَفِيهَا شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ فَأَهْرِقْ ذَلِكَ الْمَاءَ»[13] حيث دلت على أن ملاقاة اليد المصابة ببول أو مني تنجس الماء القليل مطلقاً سواء أكان فيها عين البول أو المني موجودة أم لم تكن.
ومنها: صحيحة أحمد بن محمد بن أبي نصر قال: «سَأَلْتُ أَبَا الْحَسَنِ (عليه السلام) عَنِ الرَّجُلِ يُدْخِلُ يَدَهُ فِي الْإِنَاءِ وَهِيَ قَذِرَةٌ؟ قَالَ: يُكْفِي الْإِنَاءَ»[14] ومقتضى إطلاقها عدم الفرق بين صورتي وجود عين النجاسة في اليد، وزوالها عنها.
ومنها: موثقة سماعة عن أبي عبد الله (عليه السالم) قال: «إِذَا أَصَابَتِ الرَّجُلَ جَنَابَةٌ فَأَدْخَلَ يَدَهُ فِي الْإِنَاءِ فَلَا بَأْسَ إِنْ لَمْ يَكُنْ أَصَابَ يَدَهُ شَيْءٌ مِنَ الْمَنِيِّ»[15] ومفهومها أن اليد إذا أصابها شيء من المني وأدخلها في الإناء ففيه بأس وإطلاق مفهومها يشمل ما إذا كانت عين المني موجودة في اليد، وما إذا زالت عينها)[16].
دفاعاً عن الأصفهاني
أقول: ولكن مجال البحث مفتوح في هذا الدليل، كغيره، فللاصفهاني وغيره أن يجيب: بان ظاهر رواية أبي بصير وجود عين البول أو المني (فهو ملاقٍ للنجس لا للمتنجس) لصراحة قوله (عليه السلام) «وَفِيهَا شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ» فإن ظاهر اسم الإشارة هو (ذلك البول أو الجنابة) فلا إطلاق[17].
وصحيحة أحمد خاصة بالإناء فالتعميم إلى غيره يحتاج إلى دليل وكذا موثقة سماعة، وقد لا يقبل الفقيه الأول الاستدلال على التعميم بمثل القول بعدم الفصل مثلاً.. وعلى أي فإن للفقيه أن يجيب.. وهكذا يستمر البحث.. إلا أن الشاهد أن فقيهاً كالمحقق الخراساني والأصفهاني والقمي والميلاني لو ظهر له العدم أو لم يظهر له شيء من هذه الروايات فإنه يتمسك حينئذٍ بالأصل العام الذي تأسس ببركة تنقيح فقه الآية الشريفة.
دفاعاً عن ابن أبي عقيل
بل نقول: الأمر كذلك حتى في المسألة الأولى أي انها قابلة للبحث وإن كان لدى العبد الفقير هذا القول (لابن أبي عقيل) بعيداً جداً، إذ قد يقال: ان «إِذَا كَانَ الْمَاءُ قَدْرَ كُرٍّ لَمْ يُنَجِّسْهُ شَيْءٌ»[18] لا تدل على عموم نجاسة ما لم يبلغ قدر كر، إذا أصاب أي نوع من أعيان النجاسات، بل له قدر متيقن، فقد يوجد فقيه، كالسيد المرتضى[19] مثلاً يفتي بطهارة شعر الخنزير مثلاً استناداً إلى (صحيحة زرارة عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «سَأَلْتُهُ عَنِ الْحَبْلِ يَكُونُ مِنْ شَعْرِ الْخِنْزِيرِ يُسْتَقَى بِهِ الْمَاءُ مِنَ الْبِئْرِ هَلْ يُتَوَضَّأُ مِنْ ذَلِكَ الْمَاءِ؟ قَالَ: لَا بَأْسَ»[20]، وتقريب الاستدلال بها أن شعر الخنزير نجس، والغالب أن الماء يتقاطر من الحبل على الماء الموجود في الدلو، فلو كان القليل ينفعل بملاقاة النجس لتنجس ماء الدلو بما يتقاطر عليه من الماء الملاقي لشعر الخنزير، مع أن الإمام (عليه السلام) نفى البأس عن التوضؤ به، وهذا يدل على عدم انفعال القليل)[21].
والرواية ظاهرها عدم منجّسية شعر الخنزير، والفقهاء وإن أجابوا عن ذلك بوجوه، نرى بعضها تاماً[22]، إلا أن الشاهد أن فقيهاً كالسيد المرتضى لو أحرز عدم تمامية تلك الوجوه تمسك بهذه الرواية، ولو شك رجع إلى الأصل المؤسس في قوله تعالى: {وَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً طَهُوراً}[23] على ضوء البحوث السابقة.
وكذلك الاستدلال على انفعال الماء بملاقاة الكلب بمثل (صحيحة محمد بن مسلم قال: «سَأَلْتُهُ عَنِ الْكَلْبِ يَشْرَبُ مِنَ الْإِنَاءِ قَالَ: اغْسِلِ الْإِنَاءَ»[24]، ومن الظاهر أن الكلب إنما يشرب من وسط الإناء ولا يمسه فلا وجه للحكم بغسله إلّا نجاسة الماء الموجود فيه، فإنّ الكلب نجّس الماء بإصابته وهو قد لاقى الإناء وأوجب نجاسته، وبهذا تدلنا هذه الرواية وغيرها من الأخبار الآمرة بغسل الآنية التي شرب منها الحيوان النجس على انفعال القليل بملاقاة النجس إلى غير ذلك من الأخبار)[25]، إذ قد يعترض الفقيه على الاستدلال بمثل هذه الرواية[26] بأنها أولاً خاصة بسؤر الكلب، فالتعدي، لو كنا وهذه الرواية فقط، إلى سائر أجزاء بدنه كيده ورجله تنقيح مناط بل قياس رديء إذ أن سؤره يختلط بالماء عادة عكس ما لو لامس بدنه.
وهي خاصة ثانياً: بالإناء، فمن أين التعدي إلى غير الإناء وأشباهه إلا بالقول بعدم الفصل وأشباهه مما قد يناقش فيه الفقيه الآخر.. وهكذا[27].
عدم انفعال الماء بما لا يدركه الطرف من الدم
المسألة الرابعة: أجزاء الدم التي لا ترى بالعين المجردة، وإنما ترى بالعين المسلحة الميكروسكوبية، فقد ذهب الشيخ الطوسي، وتبعه جمع من المعاصرين كالسيدين الوالد والروحاني، إلى عدم انفعال الماء القليل بالدم الذي لا يدركه الطرف.
(ومستنده في ذلك ما رواه هو (قدس سره) في مبسوطه[28] واستبصاره[29] والكليني في الكافي في الصحيح عن علي بن جعفر عن أخيه أبي الحسن موسى بن جعفر (عليه السلام) قال: «سَأَلْتُهُ عَنْ رَجُلٍ رَعَفَ فَامْتَخَطَ فَصَارَ بَعْضُ ذَلِكَ الدَّمِ قِطَعاً صِغَاراً فَأَصَابَ إِنَاءَهُ هَلْ يَصْلُحُ لَهُ الْوُضُوءُ مِنْهُ؟ فَقَالَ: إِنْ لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ يَسْتَبِينُ فِي الْمَاءِ فَلَا بَأْسَ، وَإِنْ كَانَ شَيْئاً بَيِّناً فَلَا يَتَوَضَّأْ مِنْهُ...»[30] والرواية صحيحة لا إشكال في سندها وإنما الكلام في دلالتها ومفادها وقد احتمل فيها وجوه)[31]
وفي العروة: (الراكد بلا مادّة إن كان دون الكرّ ينجس بالملاقاة، من غير فرق بين النجاسات، حتّى برأس إبرة[32] من الدم الّذي لا يدركه الطرف، سواء كان مجتمعاً أو متفرّقاً)[33] وهذه بعض التعليقات (* إذا كان التفرّق بنحو يصدق على الأجزاء عنوان الدم، وإلّا فلا يبعد دعوى عدم تنجّس ملاقيه. (الروحاني)
* مع الوحدة العرفيّة. (الفيروزآبادي).
* على الأحوط. (محمّد الشيرازي).)[34] وقد احتاط الوالد ههنا، لكنه صناعة، بل وفتوى، لولا رعاية المشهور، كان يرى عدم التنجس.
والفقهاء وإن أجابوا عن الرواية بوجوه كجواب الشيخ الأنصاري بأن المراد منها موارد العلم الإجمالي وعدم العلم بأن الدم سقط في الإناء أو خارجه مع عدم كون خارجه محل الابتلاء فالعلم الإجمالي غير منجز وغير ذلك، إلا أن الشاهد أن الفقيه لو وضح لديه ما حمله الطوسي عليه، افتى بالجواز، ولو شك رجع إلى الأصل المؤسس بالآية الشريفة المفيدة للطهارة، إلا أن يجاب بأن الأصل الثانوي نجاسة الدم ومنجسيته، وقد يرد بعدم إحراز إطلاق أدلة منجسيته لما لا يدركه الطرف، إما بدعوى عدم صدق الدم على الأجزاء غير المرئية أو بدعوى الانصراف، فحينئذٍ يرجع إلى الأصل المؤسس بالآية الشريفة. وللبحث صلة بإذن الله تعالى.
أسئلة:
- ابحث عن وجوه أخرى تدل على ضرورة بحث جميع الأدلة على المسألة وإن كانت إجماعية أو حتى ضرورية.
- حاول الانتصار أولاً لابن أبي عقيل ثم ناقشه.
- حاول الانتصار للمحققين الآخوند والأصفهاني أو ناقشهما.
- حاول الانتصار للشيخ الطوسي أو ناقشه.
قال الإمام علي الهادي (عليه السلام): «الدُّنْيَا سُوقٌ رَبِحَ فِيهَا قَوْمٌ وَخَسِرَ آخَرُونَ» تحف العقول عن آل الرسول (صلى الله عليه وآله): ص483.
وصلى الله على محمد وآله الطاهرين
------------------------------------
[1] سورة الفرقان: الآية 48.
[2] فلعل فقيهاً لا يرى تلك صحيحة، ولعله يوجد لها معارض ولعلها لا تكون دالة عنده أو مبتلاة بالجهة.
[3] كما سيأتي.
[4] المختلف 1: 13.
[5] مفاتيح الشرائع 1: 81.
[6] الشيخ مرتضى البروجردي، تقريراً لأبحاث السيد أبو القاسم الخوئي، المستند في شرح العروة الوثقى، مؤسسة إحياء آثار الإمام الخوئي ـ قم: ج2 ص119.
[7] السيد محمد كاظم الطباطبائي اليزدي، العروة الوثقى والتعليقات عليها، مؤسسة السبطين العالمية ـ قم: ج2 ص186.
[8] السيد محمد كاظم الطباطبائي اليزدي، العروة الوثقى والتعليقات عليها، مؤسسة السبطين العالمية ـ قم: ج2 ص186-187.
[9] السيد محمد كاظم الطباطبائي اليزدي، العروة الوثقى والتعليقات عليها، مؤسسة السبطين العالمية ـ قم: ج2 ص187-188.
[10] الشيخ الكليني، الكافي، دار الكتب الإسلامية ـ طهران: ج3 ص2.
[11] أي دون منجسية المتنجسات.
[12] الشيخ مرتضى البروجردي، تقريراً لأبحاث السيد أبو القاسم الخوئي، المستند في شرح العروة الوثقى، مؤسسة إحياء آثار الإمام الخوئي ـ قم: ج2 ص137.
[13] وسائل الشيعة: ج1 ص152.
[14] تهذيب الأحكام: ج1 ص39.
[15] تهذيب الأحكام: ج1 ص37.
[16] الشيخ مرتضى البروجردي، تقريراً لأبحاث السيد أبو القاسم الخوئي، المستند في شرح العروة الوثقى، مؤسسة إحياء آثار الإمام الخوئي ـ قم: ج2 ص137-138.
[17] نعم قد لا يقبل الفقيه الآخر ذلك لكن الكلام في استظهار الفقيه الأول وانه بناءً عليه فله الرجوع إلى الأصل العام وكذا لو شك في الإطلاق.
[18] الشيخ الكليني، الكافي، دار الكتب الإسلامية ـ طهران: ج3 ص2.
[19] كما في الناصريات – المسألة 19 إذ قال بطهارة شعر الكلب والخنزير.
[20] الشيخ الكليني، الكافي، دار الكتب الإسلامية ـ طهران: ج3 ص7.
[21] الشيخ مرتضى البروجردي، تقريراً لأبحاث السيد أبو القاسم الخوئي، المستند في شرح العروة الوثقى، مؤسسة إحياء آثار الإمام الخوئي ـ قم: ج2 ص128.
[22] كما فصلته في كتاب الطهارة – مخطوط.
[23] سورة الفرقان: الآية 48.
[24] تهذيب الأحكام: ج1 ص225.
[25] الشيخ مرتضى البروجردي، تقريراً لأبحاث السيد أبو القاسم الخوئي، المستند في شرح العروة الوثقى، مؤسسة إحياء آثار الإمام الخوئي ـ قم: ج2 ص120.
[26] لاحظ قولنا (بمثل) ففيه دفع دخل مقدر.
[27] أجبنا في المخطوطة عن ذلك كله، فليس الكلام بحسب ما نراه، بل في انفتاح باب البحث للفقيه المخالِف.
[28] المبسوط 1: 7.
[29] الاستبصار 1: 23/ 57.
[30] الشيخ الكليني، الكافي، دار الكتب الإسلامية ـ طهران: ج3 ص74.
[31] الشيخ مرتضى البروجردي، تقريراً لأبحاث السيد أبو القاسم الخوئي، المستند في شرح العروة الوثقى، مؤسسة إحياء آثار الإمام الخوئي ـ قم: ج2 ص144.
[32] إشارة إلى تضعيف ما اصطفاه شيخ الطائفة المحقّة في الاستبصار من عدم انفعال القليل بملاقاته الدم الغير المدرك بالطرف، ودليله قدّس سرّه مجاب عنه بوجوه تطلب من المبسوطات الفقهيّة. (المرعشي).
[33] السيد محمد كاظم الطباطبائي اليزدي، العروة الوثقى والتعليقات عليها، مؤسسة السبطين العالمية ـ قم: ج1 ص409.
[34] المصدر.
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين سيما خليفة الله في الأرضين، واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
ثمرات البحث في فقه {وَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً طَهُوراً}
ثم انه لا بد من البحث عن ثمرات هذا البحث المفصل عن فقه قوله تعالى {وَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً طَهُوراً}[1] وثمرة تحقيق الأقوال الثمانية السابقة في المراد بـ {طَهُوراً}، والاستناد في دعوى إطلاقها إلى دليل الامتنان أو دليل وجود المقتضي، وهو الدلالة على الماهية والطبيعة، وإنتفاء المانع، وهو تنوين التنكير، أو غير ذلك، خاصة وان عدداً من أفاضل البحث اعترضوا على البحث عن ذلك كله؛ بأن المسألة، أي كون الماء طاهراً ومطهِّراً، من الإجماعيات بل ذلك من المتسالم عليه، فما الفائدة من هذا البحث المطوّل بل الأَولى صرف هذه التحقيقات في مسائل أخرى تقع مورد الابتلاء، أو وقعت مورد الخلاف؟
ويمكن الجواب عن ذلك فنياً أولاً وباستعراض الثمرات ثانياً:
فنياً: البحث عن مختلف الأدلة لازم ولو كانت المسألة إجماعية
أما فنياً، فإن المسألة حتى لو كانت إجماعية فإن بحث الأدلة عليها لازم، إذ قد يكون الفقيه ممن لا يرى حجية الإجماع المدركي والإجماع معلوم الاستناد، أو لا يرى حجية حتى الإجماع محتمل الاستناد، بل حتى من يراه حجة فإن شأن العامي والمقلد عدم البحث أما المجتهد فإن شأنه في بحثه الاجتهادي استعراض مختلف الأدلة من كتاب وسنة وإجماع وعقل، ولذا نجدهم لا يقتصرون على ذكر رواية وإن كانت صحيحة بل يستعرضون سائر الروايات[2] بل لا يكتفون بالآية الدالة بل يشفعونها بالروايات ثم الإجماع، خاصة وان الإجماع حتى غير محتمل المدركية قد لا يقول بحجيته فقيه من باب الحدس، إذا لم يكن إجماع القدماء أو من باب اللطف للإشكال عليه صغرىً أو كبرىً أو من باب الدخول أو التشرف إذ لا يراهما، بل ولأن الإجماع دليل لبي لا إطلاق له غالباً، إلا ما كان له معقد مطلق.
ولأن الإجماع قد ينقلب بل حتى التسالم، كما في مثال بئر العلامة إذ انقلب الإجماع على نجاستها إلى شهرة عظيمة على كون مائها معتصماً إلا إذا تغير، فحالها حال الكر، ولو بنى الفقهاء على الاكتفاء بالإجماع وعدم دراسة الأدلة لما أمكن ذلك، وقريب منها مسألة المعاطاة التي انقلبت فيها الشهرة إلى كونها بيعاً مملِّكاً.. وهكذا.
ثمرات البحث في فقه آية {طَهُوراً} وتأسيس الأصل
وأما الثمرات: فمع قطع النظر عن ذلك كله، فإن تناول الآية الشريفة بذلك البحث المفصل يُستهدف منه تأسيسُ الأصل العام في المياه، فإنه بناءً على القول بعمومها الأفرادي، لكل المياه، والأحوالي والأزماني، ببركة دليل الامتنان أو كون المتعلق هو الماهية مع انتفاء المانع أو غير ذلك، وببركة دعوى أن {طَهُوراً} يعني شديد الطهارة أو لازم الطهارة فلا تنفك عن طبيعته وإن كان قليلاً أصابه المتنجس مثلاً[3] فعليه يحصل لدى الفقيه دليل جديد بل وأصل عام، يرجع إليه لدى الشك والاختلاف، وموارده كثيرة جداً إذ تبلغ عشرات المسائل التي تعد عشرين منها على الأقل من أمهات مسائل كتاب الطهارة.
والحاصل: ان تنقيح فقه الرواية، يعطي للفقيه دليلاً قوياً جديداً على مسائل هامة كثيرة بعضها موافق للمشهور وبعضها مخالف وبعضها تفرّد به بعض الفقهاء، فمن يؤمن بذلك المسلك يتمسك بهذا الدليل الجديد (أي الجديد بما فُصّل من فقهه وشُيّد من أركانه بأشباه البحوث السابقة وإن كان مستدلاً به إجمالاً أو ببعض التفصيل في كلماتهم) كما أن على المخالف ردّ هذا الدليل ورد كل ما أقيم من الأدلة على إطلاق الآية الكريمة.
وسنستعرض في هذا البحث وما يلحقه بعض الثمرات، وسنحصي منها عشرين ثمرة فقط (من أمهات المسائل)، وإن كانت الثمرات تتجاوز المائة في مختلف أبواب الطهارة.
ولا بد من التأكيد على أن طرح هذه الثمرات، إنما هو صناعي في طور البحث وليس للتبني فقهياً ولا الفتوى، بل، وكما سبق، الغرض منه أ- تقوية دليل المستدل إن لم تزحزحه أدلة المشهور، ب – وانّ على المشهور الجواب عن هذا الدليل المقوَّى.
الثمرات الثلاثة الأولى: اعتصام الماء القليل...
1- اعتصام الماء القليل، وعدم تنجسه بملاقاة عين النجاسة.
2- اعتصام الماء القليل وعدم تنجسه بالمتنجسات وإن قلنا بتنجسه بأعيان النجاسات.
3- اعتصامه عن التنجس بالمتنجس الثاني (غير المباشر) أو المتنجس الثالث فالرابع... وإن قلنا بتنجسه بأعيانها وبالمتنجسات (المباشرة).
أما المسألة الأولى، فقد افتى بها خلافاً للمشهور الذي كان أن يكون إجماعاً ابن أبي عقيل (فذهب إلی عدم انفعاله بشیء[4]، و وافقه علی ذلک المحدث الکاشانی (قدس سره)[5])[6] كما وافقه على ذلك أعلام آخرون كالمحقق التستري وغيره.
الأقوال في منجّسية المتنجّس الأول
وأما المسألة الثانية، فقد أفتى بها المحقق صاحب الكفاية كما نقله عنه السيد الحكيم في المستمسك كما أفتى بها المحقق الاصفهاني (الكمباني) وأفتى بها من المعاصرين السيد تقي القمي والسيد محمد هادي الميلاني وآخرون، واحتاط جمع كالسيد الجد المهدي والسيد عبد الهادي الشيرازي وآخرين، وفصّل بعضهم بين الجامد والمائع، كما فصّل آخرون بين المتنجس الثاني والثالث أو الوسائط القليلة والكثيرة وهكذا.
قال في العروة: (مسألة 11: الأقوى أنّ المتنجّس منجّس كالنجس)[7] وعلّق عليها أعلام بآراء تتضمن مختلف الأقوال في المسألة:
(* بل الأحوط. (مهدي الشيرازي).
* الّذي يظهر من مجموع نصوص الباب عدم كون المتنجّس منجّسا على الإطلاق. (تقي القمّي).
* على الأحوط، ويحتمل قويّا عدم تنجيس المتنجّس بالواسطة مطلقاً، لا سيّما مع جفافه أو تعدّد الواسطة، واللّه العالم. (آل ياسين).
* لا يبعد القول بأنّه مع خلوّه من عين النجاسة غير منجّس، ولكنّ الاحتياط لا ينبغي تركه. (كاشف الغطاء).
* بل الأحوط، ولا سيّما إذا كان مع الواسطة. (عبد الهادي الشيرازي).
* على الأحوط. (الرفيعي).
* يتّجه القول بأنّ المتنجّس لا سيّما إذا كان بالواسطة لا ينجّس الماء القليل، إلّا أن يمتزج به، فيلزم الاجتناب لأجله. (الميلاني).)[8]
* ولو كانت الملاقاة بالوسائط بشرط صدق السراية عند العرف، ولا ريب في عدم حكمه بها في صورة تخلّل الوسائط الكثيرة. (المرعشي).
* هذا في المتنجّس الأوّل، وأمّا المتنجّس الثاني فإن لاقى الماء أو مائعاً آخر فلا إشكال في نجاسته به ونجاسة ما يلاقيه، وهكذا كلّ ما لاقى ملاقيه من المائعات، وأمّا غير المائع ممّا يلاقي المتنجّس الثاني فضلاً عن ملاقي ملاقيه ففي نجاسته إشكال، وإن كان الاجتناب أحوط. (الخوئي).).
* في قوّته على إطلاقه إشكال، نعم هو أحوط. (حسن القمّي).
* في المائعات، وأمّا في الجوامد فالأظهر بحسب النصوص عدم المنجّسيّة، والأحوط ترتيب آثار المنجّسيّة، هذا في الواسطة الأولى، وأمّا في ما لو لاقى الملاقي للمتنجّس مع شيء آخر، فإن كان ذلك الشيء مائعاً فالأحوط لزوماً الاجتناب، وإن كان جامداً فالقول بعدم لزوم الاجتناب قويّ. (الروحاني).
* من غير فرق بين المتنجّس بلا واسطة أو معها، واحدة كانت الواسطة أو متعدّدة. (مفتي الشيعة).
* في إطلاق الحكم مع تعدّد الوسائط تأمّل، بل منع. (السيستاني).)[9] – انتهى.
الجواب عن الأدلة الدالة على انفعال القليل
لا يقال: لا يجدي تأسيس هذا الأصل، مع وجود الروايات الكثيرة الدالة على انفعال الماء القليل؟
إذ يقال: نعم لا شك في ذلك خاصة وانه قيل، على ما نقله الشيخ الأعظم في كتاب الطهارة عن بعضهم، بأن روايات الانفعال تبلغ حوالي ثلاثمائة رواية، ولكن الكلام هو في أن الفقيه لو أجاب عن تلك الروايات، خاصة في المسألة الثانية والثالثة، أو شك في دلالتها أو إطلاقها، فإنه يرجع حينئذٍ إلى الأصل المؤسّس ببركة تنقيح فقه الآية الشريفة.
جواب المحقق الاصفهاني عن «إِذَا كَانَ الْمَاءُ قَدْرَ كُرٍّ»
وفي هذا المقام، المبني على مجرد الإشارة إلى الثمرة المترتبة على تأسيس الأصل والنافعة لبعض الأقوال، دون التوغل في الأخذ والرد، نستعرض أهم دليل على انفعال القليل والذي وردت به روايات كثيرة جداً وهو قوله (عليه السلام) في صحيحة محمد بن مسلم وغيرها «إِذَا كَانَ الْمَاءُ قَدْرَ كُرٍّ لَمْ يُنَجِّسْهُ شَيْءٌ»[10] المستفاد منه أن الكر معتصم وأن القليل غير معتصم أي انه منفعل بملاقاة النجاسة، ويكفي أن نتنقل عبارة المحقق الاصفهاني في ردّ الاستدلال بها على انفعال مطلق القليل، وانه، حسب رأيه لا يستفاد منها إلا انفعال القليل، بالنجس دون المتنجس، إذ (قال المحقق الاصفهاني: في بحثه الشريف مستدلاً بأن مدرك انفعال القليل بالملاقاة:
إما هو الإجماع وهو غير متحقق في ملاقاة المتنجسات على نحو يفيد القطع بالحكم كما هو المطلوب في الأدلة اللبّية، والمقدار المتيقن منه هو خصوص ملاقاة الأعيان النجسة.
وإما الروايات الواردة في تحديد الكر، وهي وإن دلت على انفعال القليل بما لا ينفعل به الكثير، إلّا أن مدلولها تعليق العموم لا السلب العام فمفهومها أن القليل ينجسه شيء ما، فإنّ السالبة الكلية تناقضها الموجبة الجزئية وليس هذا الشيء هو التغيّر قطعاً، لأنّه ينجّس الكثير أيضاً ولا اختصاص له بالقليل، فتعيّن أن يكون هو ملاقاة النجاسات كما هي المتيقن، وإذا ثبت منجسية شيء منها ثبت منجسية غيره من الأعيان النجسة[11] أيضاً لعدم القول بالفصل، أو لما دلّ من الأخبار الخاصة على منجسية الأعيان النجسة وأمّا المتنجسات فلا يستفاد منها أنها كالنجاسات كما أسلفناه في الأصول.
وإما هو الأخبار الخاصة وهي إنما تختص بعين النجاسات من الكلب والدم والبول وغيرها من الأعيان النجسة، كما أنها المنسبق من الشيء في الأخبار العامة ولا أقل أنها القدر المتيقن منه كما أشرنا إليه آنفاً، وعلى الجملة لا دليل على انفعال القليل بالمتنجسات)[12].
رد الفقهاء على الاصفهاني
والفقهاء وإن سلّموا بانه لم ترد رواية في المتنجس وانه يتنجس ولكنهم قالوا بان في الإطلاقات الكفاية: (ولا يخفى أنه وإن لم ترد رواية في خصوص انفعال القليل بملاقاة المتنجسات إلّا أن مقتضى إطلاق غير واحد من الأخبار أن القليل ينفعل بملاقاة المتنجسات كما ينفعل بملاقاة الأعيان النجسة، وإليك جملة منها:
منها: ما رواه أبو بصير عنهم (عليهم السلام) قال: «إِذَا أَدْخَلْتَ يَدَكَ فِي الْإِنَاءِ قَبْلَ أَنْ تَغْسِلَهَا فَلَا بَأْسَ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ أَصَابَهَا قَذَرٌ بَوْلٌ أَوْ جَنَابَةٌ فَإِنْ أَدْخَلْتَ يَدَكَ فِي الْمَاءِ وَفِيهَا شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ فَأَهْرِقْ ذَلِكَ الْمَاءَ»[13] حيث دلت على أن ملاقاة اليد المصابة ببول أو مني تنجس الماء القليل مطلقاً سواء أكان فيها عين البول أو المني موجودة أم لم تكن.
ومنها: صحيحة أحمد بن محمد بن أبي نصر قال: «سَأَلْتُ أَبَا الْحَسَنِ (عليه السلام) عَنِ الرَّجُلِ يُدْخِلُ يَدَهُ فِي الْإِنَاءِ وَهِيَ قَذِرَةٌ؟ قَالَ: يُكْفِي الْإِنَاءَ»[14] ومقتضى إطلاقها عدم الفرق بين صورتي وجود عين النجاسة في اليد، وزوالها عنها.
ومنها: موثقة سماعة عن أبي عبد الله (عليه السالم) قال: «إِذَا أَصَابَتِ الرَّجُلَ جَنَابَةٌ فَأَدْخَلَ يَدَهُ فِي الْإِنَاءِ فَلَا بَأْسَ إِنْ لَمْ يَكُنْ أَصَابَ يَدَهُ شَيْءٌ مِنَ الْمَنِيِّ»[15] ومفهومها أن اليد إذا أصابها شيء من المني وأدخلها في الإناء ففيه بأس وإطلاق مفهومها يشمل ما إذا كانت عين المني موجودة في اليد، وما إذا زالت عينها)[16].
دفاعاً عن الأصفهاني
أقول: ولكن مجال البحث مفتوح في هذا الدليل، كغيره، فللاصفهاني وغيره أن يجيب: بان ظاهر رواية أبي بصير وجود عين البول أو المني (فهو ملاقٍ للنجس لا للمتنجس) لصراحة قوله (عليه السلام) «وَفِيهَا شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ» فإن ظاهر اسم الإشارة هو (ذلك البول أو الجنابة) فلا إطلاق[17].
وصحيحة أحمد خاصة بالإناء فالتعميم إلى غيره يحتاج إلى دليل وكذا موثقة سماعة، وقد لا يقبل الفقيه الأول الاستدلال على التعميم بمثل القول بعدم الفصل مثلاً.. وعلى أي فإن للفقيه أن يجيب.. وهكذا يستمر البحث.. إلا أن الشاهد أن فقيهاً كالمحقق الخراساني والأصفهاني والقمي والميلاني لو ظهر له العدم أو لم يظهر له شيء من هذه الروايات فإنه يتمسك حينئذٍ بالأصل العام الذي تأسس ببركة تنقيح فقه الآية الشريفة.
دفاعاً عن ابن أبي عقيل
بل نقول: الأمر كذلك حتى في المسألة الأولى أي انها قابلة للبحث وإن كان لدى العبد الفقير هذا القول (لابن أبي عقيل) بعيداً جداً، إذ قد يقال: ان «إِذَا كَانَ الْمَاءُ قَدْرَ كُرٍّ لَمْ يُنَجِّسْهُ شَيْءٌ»[18] لا تدل على عموم نجاسة ما لم يبلغ قدر كر، إذا أصاب أي نوع من أعيان النجاسات، بل له قدر متيقن، فقد يوجد فقيه، كالسيد المرتضى[19] مثلاً يفتي بطهارة شعر الخنزير مثلاً استناداً إلى (صحيحة زرارة عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «سَأَلْتُهُ عَنِ الْحَبْلِ يَكُونُ مِنْ شَعْرِ الْخِنْزِيرِ يُسْتَقَى بِهِ الْمَاءُ مِنَ الْبِئْرِ هَلْ يُتَوَضَّأُ مِنْ ذَلِكَ الْمَاءِ؟ قَالَ: لَا بَأْسَ»[20]، وتقريب الاستدلال بها أن شعر الخنزير نجس، والغالب أن الماء يتقاطر من الحبل على الماء الموجود في الدلو، فلو كان القليل ينفعل بملاقاة النجس لتنجس ماء الدلو بما يتقاطر عليه من الماء الملاقي لشعر الخنزير، مع أن الإمام (عليه السلام) نفى البأس عن التوضؤ به، وهذا يدل على عدم انفعال القليل)[21].
والرواية ظاهرها عدم منجّسية شعر الخنزير، والفقهاء وإن أجابوا عن ذلك بوجوه، نرى بعضها تاماً[22]، إلا أن الشاهد أن فقيهاً كالسيد المرتضى لو أحرز عدم تمامية تلك الوجوه تمسك بهذه الرواية، ولو شك رجع إلى الأصل المؤسس في قوله تعالى: {وَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً طَهُوراً}[23] على ضوء البحوث السابقة.
وكذلك الاستدلال على انفعال الماء بملاقاة الكلب بمثل (صحيحة محمد بن مسلم قال: «سَأَلْتُهُ عَنِ الْكَلْبِ يَشْرَبُ مِنَ الْإِنَاءِ قَالَ: اغْسِلِ الْإِنَاءَ»[24]، ومن الظاهر أن الكلب إنما يشرب من وسط الإناء ولا يمسه فلا وجه للحكم بغسله إلّا نجاسة الماء الموجود فيه، فإنّ الكلب نجّس الماء بإصابته وهو قد لاقى الإناء وأوجب نجاسته، وبهذا تدلنا هذه الرواية وغيرها من الأخبار الآمرة بغسل الآنية التي شرب منها الحيوان النجس على انفعال القليل بملاقاة النجس إلى غير ذلك من الأخبار)[25]، إذ قد يعترض الفقيه على الاستدلال بمثل هذه الرواية[26] بأنها أولاً خاصة بسؤر الكلب، فالتعدي، لو كنا وهذه الرواية فقط، إلى سائر أجزاء بدنه كيده ورجله تنقيح مناط بل قياس رديء إذ أن سؤره يختلط بالماء عادة عكس ما لو لامس بدنه.
وهي خاصة ثانياً: بالإناء، فمن أين التعدي إلى غير الإناء وأشباهه إلا بالقول بعدم الفصل وأشباهه مما قد يناقش فيه الفقيه الآخر.. وهكذا[27].
عدم انفعال الماء بما لا يدركه الطرف من الدم
المسألة الرابعة: أجزاء الدم التي لا ترى بالعين المجردة، وإنما ترى بالعين المسلحة الميكروسكوبية، فقد ذهب الشيخ الطوسي، وتبعه جمع من المعاصرين كالسيدين الوالد والروحاني، إلى عدم انفعال الماء القليل بالدم الذي لا يدركه الطرف.
(ومستنده في ذلك ما رواه هو (قدس سره) في مبسوطه[28] واستبصاره[29] والكليني في الكافي في الصحيح عن علي بن جعفر عن أخيه أبي الحسن موسى بن جعفر (عليه السلام) قال: «سَأَلْتُهُ عَنْ رَجُلٍ رَعَفَ فَامْتَخَطَ فَصَارَ بَعْضُ ذَلِكَ الدَّمِ قِطَعاً صِغَاراً فَأَصَابَ إِنَاءَهُ هَلْ يَصْلُحُ لَهُ الْوُضُوءُ مِنْهُ؟ فَقَالَ: إِنْ لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ يَسْتَبِينُ فِي الْمَاءِ فَلَا بَأْسَ، وَإِنْ كَانَ شَيْئاً بَيِّناً فَلَا يَتَوَضَّأْ مِنْهُ...»[30] والرواية صحيحة لا إشكال في سندها وإنما الكلام في دلالتها ومفادها وقد احتمل فيها وجوه)[31]
وفي العروة: (الراكد بلا مادّة إن كان دون الكرّ ينجس بالملاقاة، من غير فرق بين النجاسات، حتّى برأس إبرة[32] من الدم الّذي لا يدركه الطرف، سواء كان مجتمعاً أو متفرّقاً)[33] وهذه بعض التعليقات (* إذا كان التفرّق بنحو يصدق على الأجزاء عنوان الدم، وإلّا فلا يبعد دعوى عدم تنجّس ملاقيه. (الروحاني)
* مع الوحدة العرفيّة. (الفيروزآبادي).
* على الأحوط. (محمّد الشيرازي).)[34] وقد احتاط الوالد ههنا، لكنه صناعة، بل وفتوى، لولا رعاية المشهور، كان يرى عدم التنجس.
والفقهاء وإن أجابوا عن الرواية بوجوه كجواب الشيخ الأنصاري بأن المراد منها موارد العلم الإجمالي وعدم العلم بأن الدم سقط في الإناء أو خارجه مع عدم كون خارجه محل الابتلاء فالعلم الإجمالي غير منجز وغير ذلك، إلا أن الشاهد أن الفقيه لو وضح لديه ما حمله الطوسي عليه، افتى بالجواز، ولو شك رجع إلى الأصل المؤسس بالآية الشريفة المفيدة للطهارة، إلا أن يجاب بأن الأصل الثانوي نجاسة الدم ومنجسيته، وقد يرد بعدم إحراز إطلاق أدلة منجسيته لما لا يدركه الطرف، إما بدعوى عدم صدق الدم على الأجزاء غير المرئية أو بدعوى الانصراف، فحينئذٍ يرجع إلى الأصل المؤسس بالآية الشريفة. وللبحث صلة بإذن الله تعالى.
أسئلة:
- ابحث عن وجوه أخرى تدل على ضرورة بحث جميع الأدلة على المسألة وإن كانت إجماعية أو حتى ضرورية.
- حاول الانتصار أولاً لابن أبي عقيل ثم ناقشه.
- حاول الانتصار للمحققين الآخوند والأصفهاني أو ناقشهما.
- حاول الانتصار للشيخ الطوسي أو ناقشه.
قال الإمام علي الهادي (عليه السلام): «الدُّنْيَا سُوقٌ رَبِحَ فِيهَا قَوْمٌ وَخَسِرَ آخَرُونَ» تحف العقول عن آل الرسول (صلى الله عليه وآله): ص483.
[2] فلعل فقيهاً لا يرى تلك صحيحة، ولعله يوجد لها معارض ولعلها لا تكون دالة عنده أو مبتلاة بالجهة.
[3] كما سيأتي.
[4] المختلف 1: 13.
[5] مفاتيح الشرائع 1: 81.
[6] الشيخ مرتضى البروجردي، تقريراً لأبحاث السيد أبو القاسم الخوئي، المستند في شرح العروة الوثقى، مؤسسة إحياء آثار الإمام الخوئي ـ قم: ج2 ص119.
[7] السيد محمد كاظم الطباطبائي اليزدي، العروة الوثقى والتعليقات عليها، مؤسسة السبطين العالمية ـ قم: ج2 ص186.
[8] السيد محمد كاظم الطباطبائي اليزدي، العروة الوثقى والتعليقات عليها، مؤسسة السبطين العالمية ـ قم: ج2 ص186-187.
[9] السيد محمد كاظم الطباطبائي اليزدي، العروة الوثقى والتعليقات عليها، مؤسسة السبطين العالمية ـ قم: ج2 ص187-188.
[10] الشيخ الكليني، الكافي، دار الكتب الإسلامية ـ طهران: ج3 ص2.
[11] أي دون منجسية المتنجسات.
[12] الشيخ مرتضى البروجردي، تقريراً لأبحاث السيد أبو القاسم الخوئي، المستند في شرح العروة الوثقى، مؤسسة إحياء آثار الإمام الخوئي ـ قم: ج2 ص137.
[13] وسائل الشيعة: ج1 ص152.
[14] تهذيب الأحكام: ج1 ص39.
[15] تهذيب الأحكام: ج1 ص37.
[16] الشيخ مرتضى البروجردي، تقريراً لأبحاث السيد أبو القاسم الخوئي، المستند في شرح العروة الوثقى، مؤسسة إحياء آثار الإمام الخوئي ـ قم: ج2 ص137-138.
[17] نعم قد لا يقبل الفقيه الآخر ذلك لكن الكلام في استظهار الفقيه الأول وانه بناءً عليه فله الرجوع إلى الأصل العام وكذا لو شك في الإطلاق.
[18] الشيخ الكليني، الكافي، دار الكتب الإسلامية ـ طهران: ج3 ص2.
[19] كما في الناصريات – المسألة 19 إذ قال بطهارة شعر الكلب والخنزير.
[20] الشيخ الكليني، الكافي، دار الكتب الإسلامية ـ طهران: ج3 ص7.
[21] الشيخ مرتضى البروجردي، تقريراً لأبحاث السيد أبو القاسم الخوئي، المستند في شرح العروة الوثقى، مؤسسة إحياء آثار الإمام الخوئي ـ قم: ج2 ص128.
[22] كما فصلته في كتاب الطهارة – مخطوط.
[23] سورة الفرقان: الآية 48.
[24] تهذيب الأحكام: ج1 ص225.
[25] الشيخ مرتضى البروجردي، تقريراً لأبحاث السيد أبو القاسم الخوئي، المستند في شرح العروة الوثقى، مؤسسة إحياء آثار الإمام الخوئي ـ قم: ج2 ص120.
[26] لاحظ قولنا (بمثل) ففيه دفع دخل مقدر.
[27] أجبنا في المخطوطة عن ذلك كله، فليس الكلام بحسب ما نراه، بل في انفتاح باب البحث للفقيه المخالِف.
[28] المبسوط 1: 7.
[29] الاستبصار 1: 23/ 57.
[30] الشيخ الكليني، الكافي، دار الكتب الإسلامية ـ طهران: ج3 ص74.
[31] الشيخ مرتضى البروجردي، تقريراً لأبحاث السيد أبو القاسم الخوئي، المستند في شرح العروة الوثقى، مؤسسة إحياء آثار الإمام الخوئي ـ قم: ج2 ص144.
[32] إشارة إلى تضعيف ما اصطفاه شيخ الطائفة المحقّة في الاستبصار من عدم انفعال القليل بملاقاته الدم الغير المدرك بالطرف، ودليله قدّس سرّه مجاب عنه بوجوه تطلب من المبسوطات الفقهيّة. (المرعشي).
[33] السيد محمد كاظم الطباطبائي اليزدي، العروة الوثقى والتعليقات عليها، مؤسسة السبطين العالمية ـ قم: ج1 ص409.
[34] المصدر.