||   بسم الله الرحمن الرحيم | اللهم كُن لوليّك الحُجَّة بن الحَسَن صَلواتُكَ عَليه وَعَلى آبائه في هذه السّاعة وفي كُلّ سَاعَة وَليّاً وَحَافِظا وَقائِداً وَ ناصراً ودَليلاً وَ عَينا حَتّى تُسكِنَه أرضَك طَوعاً وَتُمَتِعَه فيها طَوِيلاً | برحمتك يا أرحم الراحمين   ||   اهلا وسهلا بكم في الموقع   ||  


  





 238- فائدة أصولية ـ وجوه علل الأحكام الواردة في النصوص الشرعية

 234- مقام التسليم والانقياد لولاة الأمر وأَبطال حول أمير المؤمنين (عليه السلام) (قيس بن سعد بن عبادة)

 278- فائدة أصولية: تقديم ذم الأقبح على القبيح

 39- التبليغ مقام الأنباء ومسؤولية الجميع

 243- مباحث الأصول: (الحجج والأمارات) (1)

 45- بحث عقائدي اصولي: الترخيص الظاهري لا يتنافى مع الدعوة للحق والواقع

 203- محاكمة اسلحة الفرق الضالة : الايحاء المغناطيسي والخدع العلمية ومغالطة الكبرى والصغرى

 331- من فقه الآيات: الاحتمالات في قوله تعالى (كَبُرَ مَقْتًا عِنْد اللَّه أَنْ تَقُولُوا ما لَا تَفْعَلُونَ)

 25- (بل كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه) ظاهرة التشكيك وأسبابها ونتائجها

 45- وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين الذين ينفقون في السراء والضراء والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس) إستراتيجيات ومجالات سعة الصدر وكظم الغيظ على ضوء حياة الإمام الحسن المجتبى عليه السلام



 الحسين المحمول عليه السلام على أجنحة الملائكة صريع على أرض كربلاء

 الإِمَامُ الحُسَينُ خَليفَةُ اللهِ وَإِمَامُ الأُمَّةِ

 تعلَّمتُ مِن الإِمامِ.. شرعِيَّةُ السُّلطةِ

 اقتران العلم بالعمل



 موسوعة الفقه للامام الشيرازي على موقع مؤسسة التقى الثقافية

 183- مباحث الاصول (مبحث الاطلاق) (1)

 351- الفوائد الاصولية: بحث الترتب (2)

 قسوة القلب

 النهضة الحسينية رسالة إصلاح متجددة

 الأجوبة على مسائل من علم الدراية

 استراتيجية مكافحة الفقر في منهج الإمام علي (عليه السلام)

 236- احياء أمر الامام المهدي (عجل الله تعالى فرجه الشريف)

 نقد الهرمينوطيقا ونسبية الحقيقة والمعرفة

 177- أعلى درجات التواتر لاخبار مولد الامام القائم المنتظر ( عجل الله تعالى فرجه الشريف )



  • الأقسام : 91

  • المواضيع : 4532

  • التصفحات : 28057141

  • التاريخ :

 
 
  • القسم : الطهارة (1446هـ) .

        • الموضوع : 038- المناقشة: النكرة لا يستفاد منها العموم، على المباني .

038- المناقشة: النكرة لا يستفاد منها العموم، على المباني
الثلاثاء 23 جمادى الأولى ١٤٤٦هـ



بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين سيما خليفة الله في الأرضين، واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم

(38)


ومن الضروري، لكي يتحرر موضع البحث والنزاع وتتضح الصورة أكثر، أن ننقل كلام الرضي بأكمله، فليتدبر فيه فإنه نافع جداً.

الرضي: النكرة أنواعها وأحكامها
قال: (قال ابن الحاجب: «والنكرة ما وضع لشيء، لا بعينه»؛
قال الرضى: حدّها، على ما ذكرنا من حدّ المعرفة: ما لم يُشر به إلى خارج إشارة وضعيّة، والاحترازات تفهم من حدّ المعرفة.
واعلم أن النكرة إذا وقعت في سياق النفي والنهي والاستفهام، استغرقت الجنس ظاهراً، مفردة كانت أو مثناة أو مجموعة، على ما ذكرنا في حدّ المعرفة،
ويحتمل ألّا تكون للاستغراق، احتمالاً مرجوحاً فلذا أتى بالقرينة نحو: ما جاءني رجل واحد، بل رجلان، أو: بل رجال، وما جاءني رجلان هما أخواك، وهل جاءك رجال هم أخوتك،
ومع الأطلاق أيضاً يحتمل عدم الاستغراق احتمالاً مرجوحاً، فلهذا كان: لا رجلٌ[1]، ظاهراً في الاستغراق، محتملاً لسواه،
وإذا دخلها «من» ظاهراً، نحو ما جاءني من رجل، أو مقدَّراً، نحو: لا رجلَ، أي لا مِن رجل، فهو نص في الاستغراق؛
و«من» هذه وإن كانت زائدة، كما ذكر النحاة، لكنها مفيدة لنص الاستغراق كأن أصلها «من» الابتدائية، لـمّا أريد استغراق الجنس ابتدئ منه بالجانب المتناهي، وهو الأحد، وترك الجانب الأعلى الذي لا يتناهى، لكونه غير محدود، كأنه قيل: ما جاءني من هذا الجنس واحد إلى ما لا يتناهى، فمن ثمَّة تقول إذا قصدت الاستغراق، ما جاءني أحد ومن أحد،
وإن وقعت النكرة لا في سياق الأشياء الثلاثة[2]، فظاهرها عدم الاستغراق،
وقد تكون للاستغراق مجازاً، كثيراً إن كانت مبتدأة، كتمرة خير من زنبور، ورجل خير من امرأة، وقليلاً في غيره كقوله تعالى: {علمت نفس ما قدَّمت}[3].
والدليل على كونها في الموجب مجازاً في العموم، بخلاف المعرّفة باللام تعريفاً لفظياً، كما في: الدينار خير من الدرهم: أن الاستغراق يتبادر إلى الفهم، بلا قرينة الخصوص، مع اللام، وعدم[4] الاستغراق بلا لام، والسبق إلى الفهم: من أقوى دلائل الحقيقة)[5]


توضيحات
وهنا تعليقات:
1- (لا رجلٌ) هي لا، وأختها ما، المشبهتان بليس، وأما (لا رجلَ) فهي لا النافية للجنس.
2- إن التاء في تمرة هي تاء الوحدة وهي التي يؤتى بها لتمييز الواحد من جنسه والتي تلحق أسماء الأجناس. ففي الأمثلة التالية (نملة، نحلة، نخلة، جمرة...) المراد بها نملة واحدة ونحلة واحدة وهكذا في مقابل ما يفيد الجمع أي (نمل، نحل، نخل، جمر) قال تعالى: {قالَتْ نَمْلَةٌ يا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَساكِنَكُمْ لا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لا يَشْعُرُون‏}[6]، و{وَالنَّخْلَ باسِقاتٍ}.
والحاصل: ان تمرة لا شك في كونها موضوعة، ببركة التاء، للوحدة، ومع ذلك قد يراد بها الجنس والجمع، لكنها مجاز لكونه[7] خلاف الموضوع له، ومنه يظهر الوجه في النكرة مع التنوين، فإنه وإن كان وضعاً يراد بهما الواحد، كأكرم رجلاً، سواءً أقلنا بأن الوحدة هي مفاد التنوين أم قلنا بأنها مفاد اسم الجنس نفسه كما سيأتي، فإنه مجاز لو أريد به الجنس.
3- يقصد الرضي من (السبق إلى الفهم) التبادر وقد صرح به في السطر السابق.


التدقيقات الفلسفية في اللغة لا تجدي مع كون التبادر على خلافها
ونقول في مناقشة رأي الشهيد الصدر (قدس سره) السابق، ان تلك البحوث والتدقيقات لا تجدي مع وجود التبادر على الخلاف، أي انه سواء أقلنا بأن التنوين للتمكين أم للتنكير وسواء أقلنا بأن الموضوع له في النكرة هو الماهية بقيد الوحدة أم لا – كما سيأتي، فإن كل تلك البحوث لا تنتج شيئاً إذا رجعنا إلى العرف العام وإلى أنفسنا فوجدنا التبادر على خلاف ما أسسناه أصولياً أو نقحناه فلسفياً.


التبادر يفيد أن النكرة في سياق الإثبات تفيد البدلية دون الشمول
والتبادر دليل واضح على كلا طرفي المسألة:
ألا ترى أن أي مولى لو قال لأي عبد له، أو أي مسؤول لموظفيه أو أي صديق لصديقه: أكرم عالماً، أو ضيّف متقياً، فهم منه العموم البدلي لا الاستغراقي ورأى العبد والموظف، وكذا عامة الناس، براءة ذمته بإكرام عالم واحد واستضافة متق واحد؟ وانه تقبح معاتبته، فكيف بمعاقبته، بعدم إكرام الثاني والثالث وهكذا.
على العكس مما لو قال: لا تكرم شاعراً أو فاسقاً أو عالماً، فرضاً، فإنه يتبادر منه حرمة إكرام جميعهم أي حرمة إكرام كل شاعر أو فاسق أو عالم.
4- ان تنوين التمكين يفيد كون الاسم متمكناً أمكن، و(المتمكن) في مقابل المبني وهو الحرف فإنه غير متمكن، و(أمكن) في مقابل الممنوع من الصرف وهو الفعل فـ (رجلاً) متمكن أي غير مبني، عكس حرف الباء الجارة مثلاً المبنية على الكسر، وأمكن أي منصرف عكس أحمد ومريم مثلاً الممنوعين من الصرف.
5- وتنوين التنكير يلحق أسماء الأفعال كـ صهٍ ومهٍ، فإن صهْ وتعني اسكت، ومهْ وتعني لا تفعل، بدون تنوين تعني اسكت الآن، وأما صهٍ ومهٍ بالتنوين فتعنيان أسكت سكوتاً ما وأترك تركاً ما.


المناقشة على كلا مبنيي تضاد تنويني التنكير والتمكين وعدمه
6- والعلاقة بين تنوين التنكير والتمكين هي علاقة التضاد فلا يجتمعان على ما ذهب إليه ابن هشام في المغني كما سبق نصه، وهو ما بنى عليه الشهيد الصدر مسلكه كله، ولذا بذل الجهد ليثبت كون تنوين النكرة كـ ماء ورجل للتمكين لا للتنكير.
ولكنّ الرضي ذهب إلى انهما لا مانعة جمع بينهما قال: (فنقول أولاً: ان التنوين في كل اسم متمكن غير عَلَم ، يفيد التمكن، والتنكير معاً[8]، ومعنى تنكير الشيء: شياعه في أمته، وكونه بعضاً مجهولاً من جملة، إلا في غير الموجَب، نحو: ما جاءني رجل، فإنه لاستغراق الجنس، فكل اسم دخله اللام، لا يكون فيه علامة كونه بعضاً من كل، إذ تلك العلامة هي التنوين، وهو لا يجامع اللام، كما مرّ في أول الكتاب)[9]، فلاحظ قوله: (يفيد التمكن والتنكير معاً) و(ومعنى تنكير الشيء...)، وان معنى التنكير كونه بعضاً من جملة.
وقال في أول الكتاب: (وأما التنوين، فاختص من جملة أقسامها الخمسة بالاسم، ما ليس للترنم، فهي إذن، أربعة أقسام:
أحدها للتنكير، نحو: صهٍ، ومهٍ، ودَجٍ[10]، وسيبويه[11]، قيل: ويختص بالصوت واسم الفعل، وأما التنوين في نحو: رب أحمدٍ، وإبراهيمٍ، فليس يتمحض للتنكير، بل هو للتمكن أيضاً، لأن الاسم ينصرف، وأنا لا أرى منعاً من أن يكون تنوين واحد للتمكن والتنكير معاً، فربَّ حرفٍ يفيد فائدتين، كالألف، والواو، في مسلمان، ومسلمون فنقول: التنوين في: رجل، يفيد التنكير أيضاً، فإذا سميت بالاسم تمحضت للتمكن.
وإنما اختص تنوين التنكير بالأسماء لمثل ما ذكرنا في لام التعريف.
وثانيها للتمكن، ومعناه كون الاسم معرباً، فلا يمكن إلا في الاسم، وإنما لم يجعل لإعراب المضارع علامة لعروضه.
وإنما حذفت علامة الاعراب من غير المنصرف مع كونه معرباً، لمشابهته للفعل الذي أصله البناء)[12].
فلاحظ قوله: (قيل: ويختص بالصوت واسم الفعل)، وقوله: (وأنا لا أرى...) وقوله: (فنقول...).
فعلى هذا المبنى فإن إثبات كون التنوين للتمكين لا ينفي كونها للتنكير بل هي لهما معاً، فإذا كانت للتنكير أفادت الوحدة[13] فتكون مانعة عن الشمول لتمام الأفراد، وعليه لا بدّ للشهيد الصدر من أن يبني على مبنى ابن هشام إذ مبنى الرضي يضاد استنتاجه، وقد فَعَل، والأمر على المبنى.


المناقشة على مبنيي الكفاية والمشكيني
وبوجه آخر: اختلف العلماء في النكرة المنونة بتنوين التنكير (والنكرة المقصود بها اسم الجنس الذي لا يكون معرفاً باللام ولا مضافاً إلى معرفة مثل أسد، شاة، إنسان، امرأة، رجل وهكذا).
فقد قال صاحب الكفاية: (ومنها: النكرة مثل (رجل) في (وجاء رجل من أقصى المدينة) أو في (جئني برجل) ولا إشكال أن المفهوم منها في الأوّل، ولو بنحو تعدَّد الدالّ والمدلول، هو الفرد المعينّ في الواقع المجهول عند المخاطب المحتمل الانطباق على غير واحد من أفراد الرجل.
كما إنّه في الثّاني، هي الطبيعة المأخوذة مع قيد الوحدة، فيكون حصة من الرجل، ويكون كلياً ينطبق على كثيرين، لا فرداً مرددا بين الأفراد[14])[15]، والشاهد هو قوله: (في الثاني...) وحيث ورد على الفرد المردد انه لا يوجد فرد مردد في الخارج ذهب (قدس سره) إلى أن ظاهر مرادهم هو: (أنَّ النكرة موضوعة للطبيعة بقيد الوحدة)[16].
ولكن المشكيني، تلميذه، اعترض عليه بأن النكرة المنوّنة بتنوين التنكير موضوعة للطبيعة لا بقيد الوحدة كما هو الحال في النكرة غير المنوّنة بتنوين التنكير أو غير المنوّنة أصلاً، غاية الأمر أنَّ الوحدة في النكرة المنوّنة بتنوين التنكير تستفاد من دال آخر هو تنوين التنكير فيكون من باب تعدد الدال والمدلول، أي ان الدال على الطبيعة هو النكرة، والدال على قيد الوحدة هو تنوين التنكير.
أقول: كلام السيد الشهيد مناقش فيه على كلا المبنيين: أما على مبنى الكفاية فواضح إذ الوحدة لم تستفد من التنوين بل من مدخولها نفسه أي من (رجل) في مثال الآخوند أو من  (ماءً) في الآية الكريمة، وأما على مبنى المحقق المشكيني فلما سلف، من ان تنوين (ماءً، رجل) وإن كان للتمكين (لا للتنكير فرضاً وان الوحدة تستفاد من تنوين التنكير) ولكن حيث وجدنا التبادر على استفاد العموم البدلي (والوحدة على سبيل البدل) من (ضيّف متقياً مثلاً) دلّ ذلك على أنّ النكرة (وإن كان تنوينها فرضاً للتمكين لا للتنكير) في سياق الإثبات لا تفيد الاستغراق بل العموم البدلي فقط وإن أريد من الكلمة نفس الماهية، إما لتركيب الجملة كلها والسياق أو لأي أمر آخر.


المناقشة (ماء) مجمل بين المحتملات الثلاثة
وبوجه آخر: سلّمنا ان (ماء) المعرّاة عن تنوين التنكير تدل على الماهية، لكن الماهية، أي الكلي الطبيعي، تصدق على الفرد وعلى الأكثر من الواحد وصولاً إلى جميع الأفراد، فما المعين لإرادة جميع الأفراد؟ وحيث لا معين فهو مجمل من هذا الحيث.
إن قلت: المعيّن هو مقدمات الحكمة.
قلت: مادام اللفظ في ذاته مجملاً صادقاً على كل الأصناف (الفرد، الكل، وما بينهما) فلا تجدي مقدمات الحكمة شيئاً، إذ المقدمة الأولى تقول: ان المولى في مقام البيان، فنقول: قد أتى المولى بلفظ صالح لكل الخيارات الثلاثة فهذا حدّ بيانه فمن اين تعيّن الخيار الثالث؟
والخيارات هي: (ماء) واحداً أي صنفاً واحداً من الماء كماء المطر النازل على البلاد الميتة والمحيي لها، ومياها كثيرة كمياه العيون والأنهار والآبار، وجميع المياه، بما يشمل حتى ماء البحر[17] أو بما يشمل جميع مياه المطر أي حتى النازل على البحر فتدبر. فمن أين تعيّن الثالث مع إتيانه لفظاً يصلح في حد ذاته لجميعها؟.


الاستدلال بقرينة سياق {لِنُحْيِيَ...}
واما استشهاده بـ (وممّا يشهد لكون التنوين في كلمة (ماء) للتمكين لا للتنكير: قوله تعالى بعد تلك الجملة: {لِنُحْيِيَ بِهِ بَلْدَةً مَيْتاً...}[18]، فإنّ المراد من هذه العبارة الامتنانية جنس البلدة، لا بلدةً واحدة، وإلّا لم تكن امتناناً على جميع الناس، وبمقتضى قرينة وحدة السياق يظهر كون المراد من التنوين في (ماء) هو التمكين أيضاً، لا التنكير. وهذا هو الجواب الصحيح عن الإشكال)[19].


جوابان
فيرد عليه أولاً: ان إرادة جنس البلدة (أي كل البلاد مآلاً) من بلدة ميتاً مجاز كما سبق نظيره في عبارة الرضي في مثل تمرة؛ فإن بلدة للمفرد إذ هي مؤنث بلد المذكر والجمع هو بلاد وبلدان وبلدات، فإذا كان مجازاً لوجود قرينته معه فإنه لا يحمل غيره (وهو ماء) على المجاز مع عدم قرينة عليه، إلا على القول بحجية السياق وظهوره عرفاً.
ثانياً: سلّمنا: لكن حتى لو اريد جنس البلدة، فإنه لا يقتضي أكثر من إرادة (مياهاً) من ماء لا (جميع المياه) إذ سبق أن المحتملات ثلاثة: 1- (ماء) أي ماء واحداً، بالصنف، هو ماء المطر، بل بعض أصنافه أي المطر النازل على البلاد الميتة ليحييها، 2- (ماءً) أي مياهاً كثيرة، 3- (ماءً) أي جميع المياه أي المياه كلها.
لكن قرينة (بلدة ميتاً) تحدّد المعنى الثاني، لبداهة أن المياه النازلة من السماء قسمان: قسم يحيي بلاداً ميتة (أو كل البلاد الميتة) وقسم لا يحييها، كمياه المطر النازلة على البحار، فهذا السياق على عكس مقصوده أدلّ إذ غاية الأمر تدل الآية الكريمة على انه تعالى أنزل من السماء مياهاً يحيي بها كل البلاد الميتة فتكون طهوراً، لكن ما حال المياه التي لا تحيي بها البلاد الميتة كالنازلة على البحر أو الصخر أو الشوارع أو أسقف العمارات.. إلخ
والحاصل: ان الامتنان على جميع الناس يتحقق بطهورية مياه المطر النازلة على الناس، جميعهم، ولا يتوقف على طهورية ما لا ينزل عليهم، كما سبق، فلا يفيد العموم لها.


ملاحظات موجزة: قوله: (وتنوين التمكين يؤتى به لإشباع...)[20] اتضح ان وجه الإتيان به هو للدلالة على انه متمكن أمكن، نعم لا مانعة جمع.
- قوله: (مبنيّ على أن يكون التنوين في كلمة (ماء) للتنكير؛ لكي تكون...)[21] فيه: أن التنوين حتى لو لم يكن للتنكير فالكلمة نكرة أي ان ماء نكرة سواء أكان تنوينها للتمكين أم للتنكير.
- قوله: (فيتمّ الإطلاق الشمولي)[22]، أقول: بل البدلي.
- قوله: (حال اللام...) أقول: إذا كانت للتزيين دون ما لو كانت للجنس أو العهد. فتأمل

أسئلة:
- راجع الجامي والمغني والكافية، واشرح على ضوئها تنوين التنكير وتنوين التمكين واذكر من أحكامها ما يرتبط بالمقام.
- ما الجواب لو اعترض معترض على أن التبادر الذي ادعاه الرضي غير منسبق من حاق اللفظ؟
- اشرح مبنى الكفاية والمشكيني وانتصر لأحدهما بالدليل.
- اشرح كيف حيّدنا مقدمات الحكمة.


قال أمير المؤمنين (عليه السلام): «الزُّهْدُ فِي الدُّنْيَا قَصْرُ الْأَمَلِ، وَشُكْرُ كُلِّ نِعْمَةٍ، وَالْوَرَعُ عَنْ كُلِّ مَا حَرَّمَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ». (الكافي: ج5 ص71)

وصلى الله على محمد وآله الطاهرين

------------------------------------

[1] في (لا رجلٌ أفضل منك) مثلاً.
[2] النفي والنهي والاستفهام.
[3] سورة الانفطار: الآية 5.
[4] أي ويتبادر.
[5] رضي الدين الاسترابادي، شرح الرضي، دار المجتبى ـ قم: ج3 ص225.
[6] سورة النمل: الآية 18.
[7] لكون هذا المراد.
[8] كـ (رجل) فإنه متمكن غير علم عكس (زيد) فإنه متمكن علم.
[9] رضي الدين الاسترابادي، شرح الرضي، دار المجتبى ـ قم: ج3 ص192.
[10] دج، بفتح الدال وسكون الجيم أو كسرها منونة وهو المراد هنا. وهو اسم صوت لزجر الدجاج، وسيأتي ذكر ذلك وغيره في أسماء الأصوات من هذا الكتاب.
[11] المراد حين يسمّى به شخص ما، فيكون نكرة.
[12] رضي الدين الاسترابادي، شرح الرضي، دار المجتبى ـ قم: ج1 ص34.
[13] على مبنى كلامه من التلازم بينها وكون التنكير مفيداً للوحدة.
[14] قال به صاحب الفصول ، الفصول / ١٦٣ ، في صيغة العموم ، عند قوله : ومدلولها فرد من الجنس لا بعينه ... الخ.
[15] الآخوند الخراساني، كفاية الأصول، مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم: ج1 ص245-246.
[16] أو موضوعة لتستعمل في الطبيعة بقيد الوحدة، فتدبر.
[17] إذ انه عرفاً لا يطلق عليه ماء المطر وإن فرض كون أصله منه، بل يقال: كان من المطر فهو مشتق منقضٍ عنه المبدأ.
[18] سورة الفرقان: الآية 49.
[19] السيد محمد باقر الصدر، بحوث في شرح العروة الوثقى، العارف للمطبوعات ـ لبنان: ج1 ص34.
[20] السيد محمد باقر الصدر، بحوث في شرح العروة الوثقى، العارف للمطبوعات ـ لبنان: ج1 ص34.
[21] المصدر.
[22] المصدر.

 

  طباعة  ||  أخبر صديقك  ||  إضافة تعليق  ||  التاريخ : الثلاثاء 23 جمادى الأولى ١٤٤٦هـ  ||  القرّاء : 299



 
 

برمجة وإستضافة : الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net