058-المختار ان العرف هو المرجع، وليس كونها عاماً ومطلقاً أو عموماً بدلياً وشمولياً.. إلخ
الأحد 4 رجب 1446هـــ





بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين سيما خليفة الله في الأرضين، واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
الاعتراض بالفرق بين مقيِّد البدلي والشمولي
وقد اعتُرض على ما ناقشنا به في البحثين الأسبقين[1] صاحبَ الجواهر الذي قيّد ما ورد فيه (اغسل) بما ورد فيه (اغسل بالماء) مستدلاً بكونهما من المطلق والمقيد والمأمور به فيهما متّحد، بأن كلام الجواهر مبني على ما ذكره كثير من الأصوليين من الفرق بين الإطلاق الشمولي (أو الاستغراقي) والإطلاق البدلي، والمقام من الإطلاق البدلي لذا يقيد بالمقيد.
الجواب
والجواب إضافة إلى ما أجبنا به دليله (لاتحاد...)[2] انه لا يصح الإشكال على مبنى أصولي بأن كثيرين لم يقبلوه؛ إذ ليس كلام الأصولي، بل ولا المشهور بينهم، دليلاً تعبدياً، بل حتى لو فرض إجماعهم على أمر، وإنما العمدة ملاحظة أدلة الطرفين ومناقشتها، وقد ناقشنا صاحب الجواهر ثم صاحب الينابيع بما مضى[3]، فإن كان هنالك إشكال على مناقشاتنا تلك فمن المطلوب بيانه لنستفيد، وأما إشكال التفريق بين البدلي والشمولي فهذا هو ما سنجيب عنه الآن بإذن الله تعالى فنقول:
مرجع القواعد الأصولية في الألفاظ، إلى العرف
ان مرجع كل القواعد الأصولية في العموم والإطلاق بقسميه، وغيرهما، إلى العرف، إذ (وَما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ بِلِسانِ قَوْمِهِ)[4]، أي أن الفقيه يشخص أن العرف يرى عند تعارض الحاكم والمحكوم، والخاص والعام، والعام والمطلق والشمولي والبدلي إلخ، أن الأوائل أظهر[5] من الثواني، أو فقل: يرى أن الأوائل قرينة على التصرف في الثواني، ولذا لو استدل الأصولي ببرهان عقلي أو فلسفي على أن كذا مقدم على كذا (كتقدم الشمولي على البدلي) ولكننا رجعنا إلى العرف فوجدناه، فرضاً، يعكس، أو يوقع المعارضة بينهما، أو يفصّل بحسب المقامات (والأخير هو الحق كما سيظهر) فإن العرف ينبغي أن يكون هو المقدم؛ إذ الكلام ملقى إليهم لا إلى العرف الخاص الفلسفي أو الأصولي، وعلى ما قلناه بنى عدد من الأعاظم كل في مورده كما سيأتي.
وعليه: فلا فرق بين كون المطلق شمولياً وكونه بدلياً، في أن المقيد (أي الأخص منه) المثبت[6] المرجع في تقييده له وعدمه هو العرف، وهو مختلف بحسب المناسبات المختلفة ولا يوجد ضابط عام عرفي بتقدم المقيد على المطلق البدلي دون الشمولي أو العكس، أو عدم التقدم مطلقاً.
المحتملات الأربع في الجمع بين المطلق البدلي والشمولي، والمقيد
ولا بد بدواً من الإشارة إلى المحتملات في جمع العرف بين المطلق الشمولي أو البدلي وبين المقيد، المتوافقين في الجهة[7] فلنتطرق أولاً إلى الأمثلة العرفية لننتقل منها إلى الأمثلة الفقهية والروائية والمقام: لو قال المولى لعبده: اشتر لي دابة (وهو إطلاق بدلي – فيطابق المقام وكلام الجواهر) وقال أيضاً: اشتر حصاناً[8] (أو قال اشتر لي سيارة وقال اشتر لي سيارة حمراء (وهو وصف معتمد على موصوف، أو قال اشتر لي رينو أو مرسيدس أو بيكان أو غيرها من أنواع السيارات أو قال: اطبخ طعاماً وقال أطبخ اللحم... وهكذا).
فتارة يكون المقيد هو المتقدم وأخرى يكون المطلق هو المتقدم:
ففي الصورة الأولى (قال اشتر حصاناً / اطبخ لحماً... إلخ) ثم قال: (اشتر دابة / اطبخ طعاماً)[9] المحتملات أربعة:
الأول: يحتمل أن يكون الأول مقيِّداً للثاني أي أن يكون الثاني مبنياً عليه، كما ذهب إليه ما لعلّه المشهور.
الثاني: أن يكون الأول محمولاً على الفرد الأفضل، وأن الواجب عنده شراء أي حصان لذا ذكره ثانياً ليفيد التخيير بين جميع أفراده (الحصان والبغل والحمار).
الثالث: أن يكون الأول محمولاً على الفرد الغالب[10] وانه إنما ذكره لأن مقتضى الطبع العرفي ذكر الفرد الغالب (كما لو لم يكن في البلد إلا الحصان غالباً وكان الحمار نادراً أو قليلاً)، وفي المقام: الغَسل بالماء هو الغالب، والغَسل بالمضاف (كماء الورد) نادر.
الرابع: أن يكون الثاني ناسخاً للأول أي انه أمر أولاً بشراء الحصان معيّناً ثم عَدَلَ عنه إلى التوسعة فنسخ التعيينية، لمصلحةِ الإرفاق أو لتجدد أمر ما.
وهذه الأربعة في الأوامر العرفية محتملة بدواً، أما في أوامر الشارع فإن رابعها منتف بين زمن النبي (صلى الله عليه وآله) وزمن الأئمة (عليهم السلام)، لكنه محتمل لو ورد كلاهما في زمنه (صلى الله عليه وآله).
يبقى الكلام في الظهور العرفي على أيها؟ وهو ما سيأتي.
وكذلك الحال في الصورة الثانية وهي ما لو ورد مطلق ثم مقيد قال: (اشتر دابة ثم قال اشتر حصاناً... وهكذا) فإن الاحتمالات الأربعة، حتى الرابع، جارية بدواً في العرف، إذ يحتمل انه نسخ بالمقيد إطلاقَ حكمه، ومن الواضح انهم قالوا ان النسخ تخصيص في الأزمان والتخصيص تخصيص في الأفراد، لكنه بلحاظ زمان النبي (صلى الله عليه وآله) وما بعده، وأما في زمنه (صلى الله عليه وآله) فيحتمل (بدواً – يلاحظ قولنا بدواً) أن يكون الخاص اللاحق ناسخاً وذلك إذا تغيرت إرادته الجدية، أو مخصصاً وذلك إذا كانت إرادته الجدية من البدء عندما ذكر العام، لا على عمومه بل على حصة منه[11].
وإنما ذكرنا الصورتين (بمحتملاتها الأربعة) لأن العرف قد يختلف نظره ويفرق بينهما، كما سيظهر.
شواهد وأمثلة
وعندما نرجع إلى عدد من أعاظم الأصوليين نجد انهم التزموا، كل في مورد أو أكثر، بمرجعية العرف، وعدم مرجعية العديد من القوالب الأصولية التي قررها عدد منهم (أو حتى مشهورهم) (كتقدم الشمولي على البدلي أو تقدم العام على المطلق أو غير ذلك مما سيأتي) ولنذكر لذلك عدة نماذج أولها ما المقام منه:
1- تعارض الشمولي مع البدلي
قال في مصباح الأصول: (منها: كون أحد الإطلاقين شمولياً والآخر بدلياً، فذكروا أنه يقدم الإطلاق الشمولي ويقيد به الإطلاق البدلي. واختاره المحقق النائيني (رحمه الله) وذكر له وجوهاً:
الأول: أن الحكم في الإطلاق الشمولي يتعدد بتعدد الأفراد، لثبوت الحكم لجميع الأفراد على الفرض المعبر عنه بتعلق الحكم بالطبيعة السارية، فينحل الحكم إلى الأحكام المتعددة على حسب تعدد الأفراد، بخلاف الإطلاق البدلي، فإن الحكم فيه واحد متعلق بالطبيعة المعبر عنه بتعلق الحكم بصرف الوجود، غاية الأمر...)[12].
وأجاب عنه السيد الخوئي: (وفيه أولاً: أنه مجرد استحسان، وقد ذكرنا أن الميزان في التقديم كون أحد الدليلين قرينة على التصرف في الآخر بحسب فهم العرف، كالدليل الحاكم بالنسبة إلى الدليل المحكوم، والمقام ليس كذلك، إذ الإطلاقان في مرتبة واحدة من الظهور، لتوقف كليهما على جريان مقدمات الحكمة، فمجرد كون تقديم أحدهما موجباً لرفع اليد عن الحكم دون الآخر، لا يوجب كون الآخر قرينة على التصرف فيه)[13]
أقول: ليس مستندنا الاستدلال بكلامه، بل إنما ذكرناه كما سنذكر غيره لرفع الوحشة عن مدعانا، وإلا فالمرجع الدليل، والدليل ما ذكرناه من مرجعية العرف[14] وأنت ترى أن المحقق النائيني استدل بدليل منطقي عقلي فراجع تمام كلامه[15].
بل ويشهد لمدعانا وعدم تمامية كلامه (أي تأسيسه القاعدة مستشهداً بذلك المثال) نفس المثال الذي ذكره (مثلاً، إذا قال المولى: أكرم عالماً ولا تكرم الفاسق، يكون الحكم في الإطلاق البدلي واحداً... إلخ)[16] والشاهد ان خصوص هذا المثال هو الذي اثّر على حكمه الكلي، ولو غيّره لوجدنا العرف يحكم بنحو آخر، وذلك لأن الفاسق له خصوصية في أنظار العرف لذا فإنهم في مادة الاجتماع يرون تقدم (لا تكرم الفاسق) على (أكرم عالماً) ولو غيّر (قدس سره) المثال إلى (أكرم عالماً، ولا تكرم الشاعر) فإنك ستجد العرف، بل ستجد نفسك لو خليتها عن المسلمات الأصولية لديك، تتحير في مادة الاجتماع وهي العالم الشاعر (أي تجده من التعارض المستقر).
والحاصل: ان (لا تكرم الشاعر) ليس قرينة على التصرف في (أكرم عالماً) بما هو مطلق شمولي وذاك بما هو بدلي، وأما تقدم (لا تكرم الفاسق) فإنما هو لقوة مادته ومناسبات الحكم والموضوع.
وقال في المصباح: (وبالجملة توقف جواز العمل بالإطلاق البدلي على عدم المانع صحيح، إلا أنه غير مختص به، فإن العمل بالإطلاق الشمولي أيضاً متوقف على عدم المانع، إذ العمل بكل دليل موقوف على عدم المانع. وكما أن الإطلاق الشمولي مانع عن العمل بالإطلاق البدلي، كذلك الإطلاق البدلي مانع عن العمل بالإطلاق الشمولي. وهو معنى التعارض)[17]
2- تعارض العام والمطلق
قال في الكفاية: (قد عرفت حكم تعارض الظاهر والأظهر وحمل الأوّل على الآخر، فلا إشكال فيما إذا ظهر أن أيهما ظاهر وأيّهما أظهر.
وقد ذُكر فيما أشتبه الحال لتمييز ذلك ما لا عبرة به أصلاً، فلا بأس بالإشارة إلى جملة منها وبيان ضعفها:
منها: ما قيل في ترجيح ظهور العموم على الإِطلاق، وتقديم التقييد على التخصيص فيما دار الأمر بينهما، من كون ظهور العام في العموم تنجيزياً، بخلاف ظهور المطلق في الإِطلاق، فإنّه معلّقٌ على عدم البيان، والعامّ يصلح بياناً، فتقديم العام حينئذ لعدم تمامية مقتضى الإِطلاق معه، بخلاف العكس، فإنّه موجب لتخصيصه بلا وجهٍ إلّا على نحو دائر؛ ومن أنّ التقييد أغلب من التخصيص.
وفيه: إنّ عدم البيان الذي هو جزء المقتضي في مقدمات الحكمة، إنّما هو عدم البيان في مقام التخاطب لا إلى الأبد. وأغلبية التقييد مع كثرة التخصيص بمثابةٍ قد قيل: ما من عام إلّا وقد خص، غير مفيد.
فلابدّ في كلّ قضية من ملاحظة خصوصياتها الموجبة لأظهرية أحدهما من الآخر، فتدبر)[18].
فلاحظ آخر كلامه.
المرجع لدى تعارض القاعدة الأصولية مع العرف
والشاهد في تعارض البدلي والشمولي وتعارض العام والمطلق، وما سيأتي من التعدية إلى المرجحات غير المنصوصة، بل ما سيأتي حتى بناءً على عدم التعدي، هو الإشارة إلى المبنى العام الذي نستظهره والذي هو كخيط المسبحة يجمع أطراف المطلب كله وهو أن المرجع هو العرف وأن تقعيد (أي مَصدَقه) الأصوليين العرف في ضمن بعض تلك القوالب، ليس فيما نراه عرفياً، وبذلك تختلف تلك المذكورات وأشباهها مما سيأتي عن أمثال الحاكم والمحكوم والخاص والعام مما كانت أظهر عرفاً بما هي هي أو كانت بنظر العرف قرينة، أي انها من التعارض البدوي غير المستقر، أما مثل تعارض العام والمطلق وتعارض البدلي والشمولي فهو من التعارض المستقر الذي يحتاج إلى مرجِّح من خارج.
تنبيه: لا يخفى ان بعض ما ذكروه من أنواع التقدم، مسلّم كتقدم الحاكم على المحكوم والخاص على العام (إذا كانا متنافيين) وكذا المقيد على المطلق المنافي له، وكذا مفهوم الشرط... إلخ ونقصد بكونه مسلّماً أن العرف الملقى إليه الكلام يرى هذه الضوابط النوعية، إنما الكلام في بعض آخر كما فيما مثّلنا به ونمثل به، والمقام (اغسل، اغسل بالماء) هو من هذا القسم الثاني. وللبحث تتمتان[19] فانتظر.
وصلى الله على محمد وآله الطاهرين
عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال أمير المؤمنين (عليه السلام): Sكَانَتِ الْفُقَهَاءُ وَالْعُلَمَاءُ إِذَا كَتَبَ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ كَتَبُوا بِثَلَاثَةٍ لَيْسَ مَعَهُنَّ رَابِعَةٌ: مَنْ كَانَتْ هِمَّتُهُ آخِرَتَهُ كَفَاهُ اللَّهُ هَمَّهُ مِنَ الدُّنْيَا، وَمَنْ أَصْلَحَ سَرِيرَتَهُ أَصْلَحَ اللَّهُ عَلَانِيَتَهُ، وَمَنْ أَصْلَحَ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَصْلَحَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّاسِR
(الكافي: ج8 ص307).
أسئلة:
- ابحث عن أدلة كلا الطرفين في تعارض الشمولي والبدلي وناقشها.
- ابحث عن أدلتهما في تعارض المطلق والعام، وناقشها.
- حقق في المقام واستدل على ما تراه.
__________________
[1] البحث (55 و56).
[2] في الدرس 55 ص6 (ج- ولكن...) مع تعديل المثال وهو (أكرم العالم) إلى (أكرم عالماً) ليطابق كلام الجواهر، على انه سيأتي في المتن ان حكم المطلق الشمولي مع حكم المطلق البدلي واحد، فلاحظ، ومع تعديل الإشكال إلى (إذا قبلنا ان المطلق البدلي كعالم في (أكرم عالماً) يراد به أحد الأفراد على سبيل البدل، فإنه غير متحد مع (أكرم زيداً العالم) لأن البدلي قابل للانطباق على مئات الأشخاص (أحدهم زيد) وأما زيد العالم فهو متشخص لا يقبل الانطباق على غيره، وما يقبل الانطباق على كثيرين على سبيل البدل مغاير للمتشخص الذي لا يقبل الانطباق على غيره.
[3] آخر الدرس (55) وأول الدرس (56).
[4] سورة إبراهيم: الآية 4.
[5] الأظهرية على مبنى، والقرينية على مبنى، وللنائيني مبنى ثالث وهنالك مبنى رابع.
[6] إذ الكلام في المثبتين.
[7] أي في الإيجاب والسلب.
[8] أو الحصان، لا فرق، كما سيظهر.
[9] وكذا لو قال: (اطبخ اللحم، اطبخ الطعام) أو بالاختلاف (اطبخ لحماً، اطبخ الطعام) أو عكسه: (اطبخ اللحم، اطبخ طعاماً).
[10] فليس فرداً أفضل.
[11] نعم الظاهر في الشارع في خصوص هذا الفرض هو الثاني.
[12] السيد محمد سرور الواعظ الحسيني البهسودي / تقرير بحث السيد أبو القاسم الخوئي، مصباح الأصول، مكتبة الداوري ـ قم: ج3 ص378.
[13] السيد محمد سرور الواعظ الحسيني البهسودي / تقرير بحث السيد أبو القاسم الخوئي، مصباح الأصول، مكتبة الداوري ـ قم: ج3 ص379.
[14] وليس الدليل لدينا حتى ما استدل (قدس سره) به من (أن الإطلاق في مرتبة واحدة من الظهور لتوقف...).
[15] وتتمة كلامه هي: (غاية الأمر أنه يصح للمكلف في مقام الامتثال تطبيق الطبيعة في ضمن أي فرد شاء وهو معنى الإطلاق البدلي، فتقديم الإطلاق البدلي يوجب رفع اليد عن الحكم في الإطلاق الشمولي بالنسبة إلى بعض الأفراد. بخلاف تقديم الإطلاق الشمولي، فانه لا يوجب رفع اليد عن الحكم في الإطلاق البدلي، إذ لا تعدد فيه بل يوجب تضييق دائرته. مثلاً، إذا قال المولى: أكرم عالماً ولا تكرم الفاسق، يكون الحكم في الإطلاق البدلي واحداً، وهو وجوب إكرام فرد من العالم. وفي الإطلاق الشمولي متعدداً، وهو حرمة إكرام كل فرد من أفراد الفاسق على فرض تمامية مقدمات الحكمة، فلو قدمنا الإطلاق البدلي في مادة الاجتماع - وهو العالم الفاسق - لرفعنا اليد عن الحكم في الإطلاق الشمولي بالنسبة إلى هذا الفرد، وهو العالم الفاسق، بخلاف ما إذا قدمنا الإطلاق الشمولي، فانه لا يوجب رفع اليد عن الحكم المذكور في الإطلاق البدلي بالنسبة إلى بعض الافراد، لأنه ليس فيه إلا حكم واحد. غاية الأمر أنه يوجب تضييق دائرته، فيجب على المكلف في مقام الامتثال تطبيق الطبيعة بالعالم غير الفاسق هذا) (مصباح الأصول: ج3 ص378-379).
[16] السيد محمد سرور الواعظ الحسيني البهسودي / تقرير بحث السيد أبو القاسم الخوئي، مصباح الأصول، مكتبة الداوري ـ قم: ج3 ص378.
[17] السيد محمد سرور الواعظ الحسيني البهسودي / تقرير بحث السيد أبو القاسم الخوئي، مصباح الأصول، مكتبة الداوري ـ قم: ج3 ص381.
[18] الآخوند الخراساني، كفاية الأصول، مجمع الفكر الإسلامي ـ قم: ج2 ص300-301.
[19] سيأتي: 1- تأكيد تنقيح حال المقام وانه من الفرد الغالب، وإن قبلنا كلام الطرف الآخر.
2- وان ملاحظة الفقيه للنظر الآخر، لازمة لوجهٍ سيأتي.
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين سيما خليفة الله في الأرضين، واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
الاعتراض بالفرق بين مقيِّد البدلي والشمولي
وقد اعتُرض على ما ناقشنا به في البحثين الأسبقين[1] صاحبَ الجواهر الذي قيّد ما ورد فيه (اغسل) بما ورد فيه (اغسل بالماء) مستدلاً بكونهما من المطلق والمقيد والمأمور به فيهما متّحد، بأن كلام الجواهر مبني على ما ذكره كثير من الأصوليين من الفرق بين الإطلاق الشمولي (أو الاستغراقي) والإطلاق البدلي، والمقام من الإطلاق البدلي لذا يقيد بالمقيد.
الجواب
والجواب إضافة إلى ما أجبنا به دليله (لاتحاد...)[2] انه لا يصح الإشكال على مبنى أصولي بأن كثيرين لم يقبلوه؛ إذ ليس كلام الأصولي، بل ولا المشهور بينهم، دليلاً تعبدياً، بل حتى لو فرض إجماعهم على أمر، وإنما العمدة ملاحظة أدلة الطرفين ومناقشتها، وقد ناقشنا صاحب الجواهر ثم صاحب الينابيع بما مضى[3]، فإن كان هنالك إشكال على مناقشاتنا تلك فمن المطلوب بيانه لنستفيد، وأما إشكال التفريق بين البدلي والشمولي فهذا هو ما سنجيب عنه الآن بإذن الله تعالى فنقول:
مرجع القواعد الأصولية في الألفاظ، إلى العرف
ان مرجع كل القواعد الأصولية في العموم والإطلاق بقسميه، وغيرهما، إلى العرف، إذ (وَما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ بِلِسانِ قَوْمِهِ)[4]، أي أن الفقيه يشخص أن العرف يرى عند تعارض الحاكم والمحكوم، والخاص والعام، والعام والمطلق والشمولي والبدلي إلخ، أن الأوائل أظهر[5] من الثواني، أو فقل: يرى أن الأوائل قرينة على التصرف في الثواني، ولذا لو استدل الأصولي ببرهان عقلي أو فلسفي على أن كذا مقدم على كذا (كتقدم الشمولي على البدلي) ولكننا رجعنا إلى العرف فوجدناه، فرضاً، يعكس، أو يوقع المعارضة بينهما، أو يفصّل بحسب المقامات (والأخير هو الحق كما سيظهر) فإن العرف ينبغي أن يكون هو المقدم؛ إذ الكلام ملقى إليهم لا إلى العرف الخاص الفلسفي أو الأصولي، وعلى ما قلناه بنى عدد من الأعاظم كل في مورده كما سيأتي.
وعليه: فلا فرق بين كون المطلق شمولياً وكونه بدلياً، في أن المقيد (أي الأخص منه) المثبت[6] المرجع في تقييده له وعدمه هو العرف، وهو مختلف بحسب المناسبات المختلفة ولا يوجد ضابط عام عرفي بتقدم المقيد على المطلق البدلي دون الشمولي أو العكس، أو عدم التقدم مطلقاً.
المحتملات الأربع في الجمع بين المطلق البدلي والشمولي، والمقيد
ولا بد بدواً من الإشارة إلى المحتملات في جمع العرف بين المطلق الشمولي أو البدلي وبين المقيد، المتوافقين في الجهة[7] فلنتطرق أولاً إلى الأمثلة العرفية لننتقل منها إلى الأمثلة الفقهية والروائية والمقام: لو قال المولى لعبده: اشتر لي دابة (وهو إطلاق بدلي – فيطابق المقام وكلام الجواهر) وقال أيضاً: اشتر حصاناً[8] (أو قال اشتر لي سيارة وقال اشتر لي سيارة حمراء (وهو وصف معتمد على موصوف، أو قال اشتر لي رينو أو مرسيدس أو بيكان أو غيرها من أنواع السيارات أو قال: اطبخ طعاماً وقال أطبخ اللحم... وهكذا).
فتارة يكون المقيد هو المتقدم وأخرى يكون المطلق هو المتقدم:
ففي الصورة الأولى (قال اشتر حصاناً / اطبخ لحماً... إلخ) ثم قال: (اشتر دابة / اطبخ طعاماً)[9] المحتملات أربعة:
الأول: يحتمل أن يكون الأول مقيِّداً للثاني أي أن يكون الثاني مبنياً عليه، كما ذهب إليه ما لعلّه المشهور.
الثاني: أن يكون الأول محمولاً على الفرد الأفضل، وأن الواجب عنده شراء أي حصان لذا ذكره ثانياً ليفيد التخيير بين جميع أفراده (الحصان والبغل والحمار).
الثالث: أن يكون الأول محمولاً على الفرد الغالب[10] وانه إنما ذكره لأن مقتضى الطبع العرفي ذكر الفرد الغالب (كما لو لم يكن في البلد إلا الحصان غالباً وكان الحمار نادراً أو قليلاً)، وفي المقام: الغَسل بالماء هو الغالب، والغَسل بالمضاف (كماء الورد) نادر.
الرابع: أن يكون الثاني ناسخاً للأول أي انه أمر أولاً بشراء الحصان معيّناً ثم عَدَلَ عنه إلى التوسعة فنسخ التعيينية، لمصلحةِ الإرفاق أو لتجدد أمر ما.
وهذه الأربعة في الأوامر العرفية محتملة بدواً، أما في أوامر الشارع فإن رابعها منتف بين زمن النبي (صلى الله عليه وآله) وزمن الأئمة (عليهم السلام)، لكنه محتمل لو ورد كلاهما في زمنه (صلى الله عليه وآله).
يبقى الكلام في الظهور العرفي على أيها؟ وهو ما سيأتي.
وكذلك الحال في الصورة الثانية وهي ما لو ورد مطلق ثم مقيد قال: (اشتر دابة ثم قال اشتر حصاناً... وهكذا) فإن الاحتمالات الأربعة، حتى الرابع، جارية بدواً في العرف، إذ يحتمل انه نسخ بالمقيد إطلاقَ حكمه، ومن الواضح انهم قالوا ان النسخ تخصيص في الأزمان والتخصيص تخصيص في الأفراد، لكنه بلحاظ زمان النبي (صلى الله عليه وآله) وما بعده، وأما في زمنه (صلى الله عليه وآله) فيحتمل (بدواً – يلاحظ قولنا بدواً) أن يكون الخاص اللاحق ناسخاً وذلك إذا تغيرت إرادته الجدية، أو مخصصاً وذلك إذا كانت إرادته الجدية من البدء عندما ذكر العام، لا على عمومه بل على حصة منه[11].
وإنما ذكرنا الصورتين (بمحتملاتها الأربعة) لأن العرف قد يختلف نظره ويفرق بينهما، كما سيظهر.
شواهد وأمثلة
وعندما نرجع إلى عدد من أعاظم الأصوليين نجد انهم التزموا، كل في مورد أو أكثر، بمرجعية العرف، وعدم مرجعية العديد من القوالب الأصولية التي قررها عدد منهم (أو حتى مشهورهم) (كتقدم الشمولي على البدلي أو تقدم العام على المطلق أو غير ذلك مما سيأتي) ولنذكر لذلك عدة نماذج أولها ما المقام منه:
1- تعارض الشمولي مع البدلي
قال في مصباح الأصول: (منها: كون أحد الإطلاقين شمولياً والآخر بدلياً، فذكروا أنه يقدم الإطلاق الشمولي ويقيد به الإطلاق البدلي. واختاره المحقق النائيني (رحمه الله) وذكر له وجوهاً:
الأول: أن الحكم في الإطلاق الشمولي يتعدد بتعدد الأفراد، لثبوت الحكم لجميع الأفراد على الفرض المعبر عنه بتعلق الحكم بالطبيعة السارية، فينحل الحكم إلى الأحكام المتعددة على حسب تعدد الأفراد، بخلاف الإطلاق البدلي، فإن الحكم فيه واحد متعلق بالطبيعة المعبر عنه بتعلق الحكم بصرف الوجود، غاية الأمر...)[12].
وأجاب عنه السيد الخوئي: (وفيه أولاً: أنه مجرد استحسان، وقد ذكرنا أن الميزان في التقديم كون أحد الدليلين قرينة على التصرف في الآخر بحسب فهم العرف، كالدليل الحاكم بالنسبة إلى الدليل المحكوم، والمقام ليس كذلك، إذ الإطلاقان في مرتبة واحدة من الظهور، لتوقف كليهما على جريان مقدمات الحكمة، فمجرد كون تقديم أحدهما موجباً لرفع اليد عن الحكم دون الآخر، لا يوجب كون الآخر قرينة على التصرف فيه)[13]
أقول: ليس مستندنا الاستدلال بكلامه، بل إنما ذكرناه كما سنذكر غيره لرفع الوحشة عن مدعانا، وإلا فالمرجع الدليل، والدليل ما ذكرناه من مرجعية العرف[14] وأنت ترى أن المحقق النائيني استدل بدليل منطقي عقلي فراجع تمام كلامه[15].
بل ويشهد لمدعانا وعدم تمامية كلامه (أي تأسيسه القاعدة مستشهداً بذلك المثال) نفس المثال الذي ذكره (مثلاً، إذا قال المولى: أكرم عالماً ولا تكرم الفاسق، يكون الحكم في الإطلاق البدلي واحداً... إلخ)[16] والشاهد ان خصوص هذا المثال هو الذي اثّر على حكمه الكلي، ولو غيّره لوجدنا العرف يحكم بنحو آخر، وذلك لأن الفاسق له خصوصية في أنظار العرف لذا فإنهم في مادة الاجتماع يرون تقدم (لا تكرم الفاسق) على (أكرم عالماً) ولو غيّر (قدس سره) المثال إلى (أكرم عالماً، ولا تكرم الشاعر) فإنك ستجد العرف، بل ستجد نفسك لو خليتها عن المسلمات الأصولية لديك، تتحير في مادة الاجتماع وهي العالم الشاعر (أي تجده من التعارض المستقر).
والحاصل: ان (لا تكرم الشاعر) ليس قرينة على التصرف في (أكرم عالماً) بما هو مطلق شمولي وذاك بما هو بدلي، وأما تقدم (لا تكرم الفاسق) فإنما هو لقوة مادته ومناسبات الحكم والموضوع.
وقال في المصباح: (وبالجملة توقف جواز العمل بالإطلاق البدلي على عدم المانع صحيح، إلا أنه غير مختص به، فإن العمل بالإطلاق الشمولي أيضاً متوقف على عدم المانع، إذ العمل بكل دليل موقوف على عدم المانع. وكما أن الإطلاق الشمولي مانع عن العمل بالإطلاق البدلي، كذلك الإطلاق البدلي مانع عن العمل بالإطلاق الشمولي. وهو معنى التعارض)[17]
2- تعارض العام والمطلق
قال في الكفاية: (قد عرفت حكم تعارض الظاهر والأظهر وحمل الأوّل على الآخر، فلا إشكال فيما إذا ظهر أن أيهما ظاهر وأيّهما أظهر.
وقد ذُكر فيما أشتبه الحال لتمييز ذلك ما لا عبرة به أصلاً، فلا بأس بالإشارة إلى جملة منها وبيان ضعفها:
منها: ما قيل في ترجيح ظهور العموم على الإِطلاق، وتقديم التقييد على التخصيص فيما دار الأمر بينهما، من كون ظهور العام في العموم تنجيزياً، بخلاف ظهور المطلق في الإِطلاق، فإنّه معلّقٌ على عدم البيان، والعامّ يصلح بياناً، فتقديم العام حينئذ لعدم تمامية مقتضى الإِطلاق معه، بخلاف العكس، فإنّه موجب لتخصيصه بلا وجهٍ إلّا على نحو دائر؛ ومن أنّ التقييد أغلب من التخصيص.
وفيه: إنّ عدم البيان الذي هو جزء المقتضي في مقدمات الحكمة، إنّما هو عدم البيان في مقام التخاطب لا إلى الأبد. وأغلبية التقييد مع كثرة التخصيص بمثابةٍ قد قيل: ما من عام إلّا وقد خص، غير مفيد.
فلابدّ في كلّ قضية من ملاحظة خصوصياتها الموجبة لأظهرية أحدهما من الآخر، فتدبر)[18].
فلاحظ آخر كلامه.
المرجع لدى تعارض القاعدة الأصولية مع العرف
والشاهد في تعارض البدلي والشمولي وتعارض العام والمطلق، وما سيأتي من التعدية إلى المرجحات غير المنصوصة، بل ما سيأتي حتى بناءً على عدم التعدي، هو الإشارة إلى المبنى العام الذي نستظهره والذي هو كخيط المسبحة يجمع أطراف المطلب كله وهو أن المرجع هو العرف وأن تقعيد (أي مَصدَقه) الأصوليين العرف في ضمن بعض تلك القوالب، ليس فيما نراه عرفياً، وبذلك تختلف تلك المذكورات وأشباهها مما سيأتي عن أمثال الحاكم والمحكوم والخاص والعام مما كانت أظهر عرفاً بما هي هي أو كانت بنظر العرف قرينة، أي انها من التعارض البدوي غير المستقر، أما مثل تعارض العام والمطلق وتعارض البدلي والشمولي فهو من التعارض المستقر الذي يحتاج إلى مرجِّح من خارج.
تنبيه: لا يخفى ان بعض ما ذكروه من أنواع التقدم، مسلّم كتقدم الحاكم على المحكوم والخاص على العام (إذا كانا متنافيين) وكذا المقيد على المطلق المنافي له، وكذا مفهوم الشرط... إلخ ونقصد بكونه مسلّماً أن العرف الملقى إليه الكلام يرى هذه الضوابط النوعية، إنما الكلام في بعض آخر كما فيما مثّلنا به ونمثل به، والمقام (اغسل، اغسل بالماء) هو من هذا القسم الثاني. وللبحث تتمتان[19] فانتظر.
وصلى الله على محمد وآله الطاهرين
عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال أمير المؤمنين (عليه السلام): Sكَانَتِ الْفُقَهَاءُ وَالْعُلَمَاءُ إِذَا كَتَبَ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ كَتَبُوا بِثَلَاثَةٍ لَيْسَ مَعَهُنَّ رَابِعَةٌ: مَنْ كَانَتْ هِمَّتُهُ آخِرَتَهُ كَفَاهُ اللَّهُ هَمَّهُ مِنَ الدُّنْيَا، وَمَنْ أَصْلَحَ سَرِيرَتَهُ أَصْلَحَ اللَّهُ عَلَانِيَتَهُ، وَمَنْ أَصْلَحَ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَصْلَحَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّاسِR
(الكافي: ج8 ص307).
أسئلة:
- ابحث عن أدلة كلا الطرفين في تعارض الشمولي والبدلي وناقشها.
- ابحث عن أدلتهما في تعارض المطلق والعام، وناقشها.
__________________
[1] البحث (55 و56).
[2] في الدرس 55 ص6 (ج- ولكن...) مع تعديل المثال وهو (أكرم العالم) إلى (أكرم عالماً) ليطابق كلام الجواهر، على انه سيأتي في المتن ان حكم المطلق الشمولي مع حكم المطلق البدلي واحد، فلاحظ، ومع تعديل الإشكال إلى (إذا قبلنا ان المطلق البدلي كعالم في (أكرم عالماً) يراد به أحد الأفراد على سبيل البدل، فإنه غير متحد مع (أكرم زيداً العالم) لأن البدلي قابل للانطباق على مئات الأشخاص (أحدهم زيد) وأما زيد العالم فهو متشخص لا يقبل الانطباق على غيره، وما يقبل الانطباق على كثيرين على سبيل البدل مغاير للمتشخص الذي لا يقبل الانطباق على غيره.
[3] آخر الدرس (55) وأول الدرس (56).
[4] سورة إبراهيم: الآية 4.
[5] الأظهرية على مبنى، والقرينية على مبنى، وللنائيني مبنى ثالث وهنالك مبنى رابع.
[6] إذ الكلام في المثبتين.
[7] أي في الإيجاب والسلب.
[8] أو الحصان، لا فرق، كما سيظهر.
[9] وكذا لو قال: (اطبخ اللحم، اطبخ الطعام) أو بالاختلاف (اطبخ لحماً، اطبخ الطعام) أو عكسه: (اطبخ اللحم، اطبخ طعاماً).
[10] فليس فرداً أفضل.
[11] نعم الظاهر في الشارع في خصوص هذا الفرض هو الثاني.
[12] السيد محمد سرور الواعظ الحسيني البهسودي / تقرير بحث السيد أبو القاسم الخوئي، مصباح الأصول، مكتبة الداوري ـ قم: ج3 ص378.
[13] السيد محمد سرور الواعظ الحسيني البهسودي / تقرير بحث السيد أبو القاسم الخوئي، مصباح الأصول، مكتبة الداوري ـ قم: ج3 ص379.
[14] وليس الدليل لدينا حتى ما استدل (قدس سره) به من (أن الإطلاق في مرتبة واحدة من الظهور لتوقف...).
[15] وتتمة كلامه هي: (غاية الأمر أنه يصح للمكلف في مقام الامتثال تطبيق الطبيعة في ضمن أي فرد شاء وهو معنى الإطلاق البدلي، فتقديم الإطلاق البدلي يوجب رفع اليد عن الحكم في الإطلاق الشمولي بالنسبة إلى بعض الأفراد. بخلاف تقديم الإطلاق الشمولي، فانه لا يوجب رفع اليد عن الحكم في الإطلاق البدلي، إذ لا تعدد فيه بل يوجب تضييق دائرته. مثلاً، إذا قال المولى: أكرم عالماً ولا تكرم الفاسق، يكون الحكم في الإطلاق البدلي واحداً، وهو وجوب إكرام فرد من العالم. وفي الإطلاق الشمولي متعدداً، وهو حرمة إكرام كل فرد من أفراد الفاسق على فرض تمامية مقدمات الحكمة، فلو قدمنا الإطلاق البدلي في مادة الاجتماع - وهو العالم الفاسق - لرفعنا اليد عن الحكم في الإطلاق الشمولي بالنسبة إلى هذا الفرد، وهو العالم الفاسق، بخلاف ما إذا قدمنا الإطلاق الشمولي، فانه لا يوجب رفع اليد عن الحكم المذكور في الإطلاق البدلي بالنسبة إلى بعض الافراد، لأنه ليس فيه إلا حكم واحد. غاية الأمر أنه يوجب تضييق دائرته، فيجب على المكلف في مقام الامتثال تطبيق الطبيعة بالعالم غير الفاسق هذا) (مصباح الأصول: ج3 ص378-379).
[16] السيد محمد سرور الواعظ الحسيني البهسودي / تقرير بحث السيد أبو القاسم الخوئي، مصباح الأصول، مكتبة الداوري ـ قم: ج3 ص378.
[17] السيد محمد سرور الواعظ الحسيني البهسودي / تقرير بحث السيد أبو القاسم الخوئي، مصباح الأصول، مكتبة الداوري ـ قم: ج3 ص381.
[18] الآخوند الخراساني، كفاية الأصول، مجمع الفكر الإسلامي ـ قم: ج2 ص300-301.
[19] سيأتي: 1- تأكيد تنقيح حال المقام وانه من الفرد الغالب، وإن قبلنا كلام الطرف الآخر.
2- وان ملاحظة الفقيه للنظر الآخر، لازمة لوجهٍ سيأتي.