334- الاستدلال بوجه ثالث على الصحة ( صدق التقليد بالحمل الشائع ) ــ دعوى انصراف أدلة التقليد الى غير المتجزي طولياً الجواب بتحليل منشأ الانصراف : كثرة الاستعمال أو كثرة الوجود والنقاش صغرى وكبرى ــ السيد الصدر : توقف الاعلمية على الاعلمية في علم الأصول الجواب : 1ـ مبنى بالنقاش في ضابطها 2ـ بناء بالتعميم للقواعد الفقهية والتفسير و ...
السبت 3 صفر الخير 1435هـ





بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين سيما خليفة الله في الأرضين، واللعنة الدائمة الأبدية على أعدائهم أجمعين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
مبادئ الاستنباط
شهادة معاني التقليد الثلاثة بصحة تقليد المتجزي طولياً
كما ان لفظ (التقليد) الوارد في بعض الروايات([1])، والذي عليه بناء العقلاء وسيرتهم وسيرة المتشرعة بما هم متشرعة أيضاً، مما يشهد للتعميم وصحة تقليد المجتهد في الفروع وان كان مقلداً في بعض مبادئ الاستنباط للأعلم منه أو المساوي أو مطلقاً، على الأقوال
توضيحه: ان التقليد، وهو مصدر من باب التفعيل وماضيه قَلَّد وهو غير التقلُّد من باب التفعل والذي ماضيه تقلَّد، يعني:
1- اما جعل عملك في عنق الغير كالقلادة أي جعل مسؤولية عملك بعهدته وذمته ومنه ما جاء في الحديث (فقلدها رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) علياً عليه السلام أي جعلها في رقبته وولاه أمرها).
ولا شك في صدق هذا المعنى، عرفاً وبالحمل الشائع الصناعي، على من قلَّد مرجعاً وإن كان في بعض مبادئ الاستنباط معتمداً على الغير، فان العامي قد قلّد هذا المرجع دينه وحمّله مسؤولية أعماله مع قطع النظر عن أخذه بعض مبانيه من غيره وعدمه.
2- أو يعني محاكاة الغير ومتابعته مستنداً إليه، بان يحذو حذوه ويستند إلى قوله، ولا شك في صدقه بالحمل الشائع كذلك على مقلّد المرجع المتجزئ طولياً.
3- أو يعني الالتزام بالعمل بقول الغير، فهو كالبيعة والعهد إنشاء، والتقليد على هذا يسبق العمل عن استناد أو متابعة قول الغير أو جعله قلادةً في عنقه – فتدبر
ولا شك في صدقه كذلك عليه، لالتزامه بالعمل برأيه مع قطع النظر عن اعتماده في بعض مباديه على الغير.
دعوى انصراف أدلة التقليد عن المتجزى طوليا
لا يقال: لكن (التقليد) منصرف عن مثله، إلى خصوص من لم يعتمد حتى في المبادئ على غيره؟
الجواب: لا كثرة للاستعمال ولا للوجود و..
إذ يقال: ان الانصراف وإن كان مما ينقطع عنده الاحتجاج، كالاستظهار، لكونه أمراً ذاتياً، إلا انه يمكن النقاش فيه بالسؤال عن منشأه:
فان قيل بان منشأه كثرة الوجود، قلنا انها ليست منشأ له كما حقق في محله، إضافة إلى النقاش صغرىً بان الأكثر وجوداً هو اعتماد الفقيه في بعض مبادئ الاستنباط، كمسائل المنطق والبلاغة، على غيره من أئمة تلك العلوم وقلّ من يكون مجتهداً حقاً في كل مبادئ الاستنباط التي يتوقف عليها الاجتهاد في الفروع، وأندر منه من يكون أعلم فيها كلها.
تفرُّع (الانصراف لكثرة الاستعمال) على الالتفات
وإن قيل بأن منشأه كثرة الاستعمال، قلنا بأن كثرة الاستعمال إنما تكون منشأً للانصراف إذا أوجبت أنساً للفظ بالمعنى وانسباقاً منه إليه دون قرينة، وذلك فرع الالتفات للمعنى الجديد، أو إلى خصوص أحد صنفي معناه كي يكشف([2]) استعماله فيه كثيراً عن سبقه لأذهانهم بحيث استغنى عن القرينة.
لكن المعنى المبحوث عنه ههنا([3]) ليس مما يلتفت إليه عامة الناس لدى استعمالهم كلمة التقليد والمقلَّد والمقلِّد وقلِّد وغيرها، بل حتى عامة طلبة العلوم الدينية إلا من أُلفِتَ منهم إلى هذا المعنى الدقيق. فتأمل
هل الأعلم هو الأعلم في الأصول لأنه الأعمق والأدق؟
وقال السيد الصدر([4])ما ملخصه: ان ملاك الأعلمية هو الأدقية والأعمقية، وحيث ان (الأصول) يتميز من بين كافة مبادئ الاستنباط بالأعمقية والأدقية، لذا فان الأعلم هو الأعلم في الأصول.
المناقشة: 1- مبنى في ملاك الأعلمية: الأقوى ملكة أو الأكثر إحاطة أو ...
ويرد عليه:
أولاً: مبنى بان الأعلمية قد يقال ان ملاكها اقوائية الملكة أو أكثرية الاحاطة بالأدلة والنظائر والقواعد والمدارك، أو الأجود فهماً للأخبار والآيات.
أما الأول فلوضوح أن الأقوى ملكة، كالشيخ الانصاري مثلاً بالنسبة لمجتهد مبتدئ وإن كان أكثر تحقيقاً وتدقيقاً وتعمقاً في هذه المسألة، أعلم ويشهد له انه لو عرض عليه تحقيقه لأشكل عليه، عادة، بما ينقطع عن الإجابة عليه. فتأمل
واما الثاني، فلأن الأكثر تدقيقاً وتحقيقاً مهما حقَّق ودقق فانه يغفل عادة بل يكفي احتمال الغفلة، عن أدلة أو إشكالات أو نظائر أو مباني وقواعد ترتبط بالمسألة مما لا يلتفت إليها عادة إلا الأكثر إحاطة. فتأمل([5])
2- عدم انحصار مصداق الأعمق الأدق بالأصول بل يعمّ القواعد والتفسير و...
ثانياً: سلمنا ان الملاك هو الأكثر عمقاً ودقة، لكن ذلك لا يقتضي كون الأعلم هو الأعلم في علم الأصول فقط، بل ينبغي ان يعمم إلى:
أ- الأعلم في (القواعد الفقهية) لكثرة البحوث الدقيقة والعميقة فيها كما هو المشاهد في قاعدة لا ضرر وقاعدة الإلزام وغيرهما.
كما ينبغي ان يعمم إلى:
ب- الأعلم في (علم التفسير)
ج- و(فقه الحديث) لكثرة وعمق ودقة كثير من بحوثها المتعلقة بآيات الأحكام([6]).
كما ينبغي أن يعممّ إلى:
د- الأعلم بالمبادئ التصديقية للفقه والأصول وهي التي أفردنا لها كتاباً خاصاً، على ان مباحثها المبثوثة في الفقه والأصول والمنطق والبلاغة، تعد من أدق المباحث وأعمقها فلاحظ([7])
وصلى الله على محمد وآله الطاهرين
([1]) كقوله عليه السلام (فَلِلْعَوَامِّ أَنْ يُقَلِّدُوهُ) وسائل الشيعة ج27 ص131.
([2]) أو كي يُحدِث ذلك هجر المعنى الأول أو الأعم، ونقله للجديد أو الأخص.
([3]) أو مصداق المعنى المبحوث عنه ههنا وهو (تقليد المجتهد، الأعلم أو مطلقا، في الفروع لكن المعتمد في مسألة منطقية أو بلاغية على أعلم أو مساو غيره أو مطلقا)
([4]) (ما وراء الفقه) ج11 ص17 (أوائل كتاب الاجتهاد والتقليد)
([5]) سنبحث لاحقاً بإذن الله تعالى عند بحث مسألة حجية رأي غير الأعلم لدى تخالفه مع رأيه، عن النقاش في ذلك وما سبقه.
([6]) وقد مضى التمثيل لذلك بباء (بِالْبَاطِلِ )في الآية الشريفة ومعانيها المحتملة المختلفة والتمثيل بـ(قول الزور) و(الكذب) وانه مصدر أو اسم مصدر و(الكذب) وانه مصداق العنوان والمحصل أولا.. الخ
([7]) راجع كتاب (المبادئ التصورية والتصديقية للفقه والأصول).
السبت 3 صفر الخير 1435هـ
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |