409- الوجه السادس لمناقشة دعوى ( ان المجتهد والمقلد سيان في الامور الحسية ) : ان كونهما سيان اعم من عدم جواز الرجوع اليه واتباعه
الاثنين 5 رجب 1435هـ





بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين سيَّما خليفة الله في الأرضين واللعنة الدائمة الأبدية على أعدائهم أجمعين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
مبادئ الاستنباط
6- المساواة لا تستلزم عدم الحجية اوالنفوذ
سادساً: ان تساوي المجتهد والمقلد في امر، كالحسيات ، اعم من عدم حجيته او عدم نفوذه .
توضيحه: انه يرد عليٰ قوله (والمجتهد والمقلد فيها سواء) المستبطن لــ : انهما حيث كانا سواء فيها فلا يجوز رجوع احدهما للآخر[1]، ان كونهما ، ونظائرهما ، سواء في امرهو اعم من عدم الحجية او عدم النفوذ؛ اذ قد يكون شخصان متساويين في جهةٍ او أمر ومع ذلك يكون قول احدهما او فعله حجة علي الآخر او نافذاً [2].
أ– خبر الثقه حجة علي المخبَر رغم تساوي المخبِر والمخبَر في الحسّ
فمن الاول: خبر الثقه فانه حسي سواء أكان عن إبصار او سماع او عن غيرهما من الحواس ، ومع ذلك فهو حجة علي المخبَر رغم كونهما سيان في الحواس والحسيات ، فلا يصح الاستدلال علي عدم جواز التقليد في الموضوعات الصرفة بكونها تطبيقات والتطبيقات امور حسية والامور الحسية المجتهد والمقلد فيها سواء .
ب – نفوذ حكم الحاكم علي نظيره ، والأب علي الجد[3] والعكس
ومن الثاني: نفوذ حكم الفقيه الجامع للشرائط علي الفقيه الآخر المساوي له ، فمع انهما سيان الا ان حكم احدهما نافذ عليٰ الآخر بل حتيٰ لو كان الآخر اعلم ، اللهم الا لو علم خطأه او خطأ مستنده .
ومنه: الأب والجد بناء عليٰ القول باستقلال كل منهما بالولاية عليٰ البكر بمعنيٰ ان لكل منهما الولاية استقلالاً وعليٰ سبيل البدل فانهما رغم مساواتهما فان اياً منهما سبق الى تزويجها نفذ فعله او قوله ، والمقام كذلك: فان الفقيه اذا أخبر كان حجة عليٰ الآخر الذي لا يعلم [4].
والحاصل: انه لو صح الاستدلال بكون شخصين سيان في امرٍ او جهة عليٰ عدم حجيةِ او نفوذ فعلٍ او خبرِ احدهما عليٰ الآخر لصح الاستدلال بكونهما سيان عليٰ عدم نفوذ حكم احدهما عليٰ الآخر ، او على ثالث وحيلولة فعله من امتداد صلاحية الآخر لإِعمال ولايته .
الحل بالرجوع للادلة العامة لكونها مما بيد المعتبِر
والحل: ان كل تلك المصاديق امور إعتبارية امرها بيد المعتبر فلابد من البحث عن الدليل عليٰ الحجية او النفوذ ونفيه ، لا الاكتفاء بِصِرف كونهما سيان الا ان يتَّخَذَ ذلك طريقاً اليٰ النفي وهو كما تريٰ ، او يقال حيث تساوياً فلابد من الدليل فنقول: الدليل موجود وتام وسيأتي عليٰ ، انه لا تختص مطالبة الدليل بصورة المساواة بل لو كان احدهما ارجح (كالظن) لما كفيٰ في حجيته او نفوذه بل احتاج للدليل ، وعليٰ أيٍ فلا خصوصية للمساواة فتدبر .
تحقيق المراد بـ (المجتهد) وانه العارف بالموضوع او لا ، والجواب علي كلتا الصورتين
لايقال: ان المقصود من (المجتهد والمقلد فيها سواء) : المجتهد غير العارف بالموضوع[5] فانه سواء مع العامي ، فلا يجوز له اتباعه ؟
رد احتمال ان المراد هو المجتهد الجاهل بالموضوع
اذ يقال: ليس المقصود ذلك بل لا يعقل ارادته ؛ اذ من البديهي ان من يقول بصحة رجوع العامي اليٰ المجتهد في الموضوعات الصِرفة لا يقصد – بل لا مجال لأن يتوهم انه يقصد – المجتهد الجاهل بالموضوع الصرف وانه يصح ان يرجع اليه فيه لِصرف انه مجتهد في الاحكام
والحاصل: انه ليس مورد النزاع ذلك ، بل خصوص صوره ما لو علم المجتهد بالموضوع عن حس وانه هل يصح للعامي الرجوع فيه اليه كما يصح له الرجوع فيه اليه فيما لو اجتهد في الحكم ؟
اضافة اليٰ ان علم المجتهد بالموضوع هو مفروض كلامه اذ قال: (اذا رأيٰ[6] المجتهد ان المايع المعين خمر مثلاً أو أنه مما أصابته نجاسة، فهل يجب على من قلده متابعته في ذلك ويعامل مع المائع المعين معاملة الخمر أو ملاقي النجاسة ؟ لا ينبغي التوقف في عدم جواز التقليد في الموضوعات الصرفة لأن تطبيق الكبريات...)[7]
اضافة اليٰ ان مساق كل نظائرهذا المبحث علي ذلك فلاحظ قوله مثلاً في العنوان التالي :
( 3- التقليد في الموضوعات المستنبطة:
كالصلاة والصوم والزكاة مما وقع الكلام في أنها أسام للصحيحة أو الأعم، أو الموضوعات العرفية واللغوية كما في الغناء ونحوه فإذا بنى المجتهد على أن السورة لا تعتبر في مسمى الصلاة وأنها إسم للأجزاء والشرائط غير السورة، أو أن الغناء هو الصوت المطرب لا ما اشتمل على الترجيع من غير طرب ، فهل يجب على العامّي أن يقلّده فيهما ، أو أن الموضوعات المستنبطة من الشرعية والعرفية وغيرهما خارجة عن الأحكام الشرعية ولا يجري فيها التقليد بوجه؟ )[8]
فان مبنيٰ الكلام هو صورة (وصول) المجتهد اليٰ تحقيق حال الموضوع المستنبط وعلمه به او ما هو بمنزلته[9] ، اذ لا يتوهم صحة الرجوع اليه بالفعل فيما لو كان جاهلاً بالفعل بالموضوع المستنبط و صحة الاخذ بكلامه رغم عدم تحقيقه وجهله فكذلك الموضوع الصرف .
ولاحظ قوله ايضاً ( 4- التقليد في مبادئ الاستنباط :
وهي العلوم الأدبية واللغة وعلم الرجال ، وهل يجوز للمجتهد أن يقلّد عالماً من علماء الأدب أو الرجال في شئ من القواعد الادبية أو في تفسير كلمة أو فيما يرجع إلى الرجال ، حتى يرتّب على ذلك حكماً من الأحكام الشرعية عند التصدي لاستنباطها عن مداركها؟ )[10]
مناقشة احتمال ان المراد هو المجتهد العارف بالموضوع
واما ان كان مراده ( المجتهد العارف بالموضوع ) فيرد عليه انه ليس والمقلد الجاهل به سواء بالبداهة ايضاً ؛ لبداهة عدم مساواة الجاهل بالعالم وان كان الجاهل بالجاهل يمتلك ما به يخرج عن الجهل اليٰ العلم، وما به يخرج عنه اليه تارة يكون هو الحسّ بإعماله وتارة يكون هو الملكة بالحصول عليها .
والحاصل: هما سواء في القدرة[11] – كاصل ملكة الاجتهاد – لا الفعليه ، نعم ان كانا سواء في الفعلية[12] صح ذلك والا فلا .
وبكلمة : فان ( المجتهد ) الذي يرجع اليه العامي يراد به : في ( الموضوعات ) الخبير بها اي العارف ، وفي ( الاحكام ) يراد به المستنبط بالفعل لها عن ادلتها ، لا المجتهد غير العارف الخبير او غير المستنبط ، لوضوح ان غيره لايعقل احتماله فكيف القول به، ولان سياق بحثه هو المجتهد العارف نظير الموضوعات المستنبطة اللغوية[13] والعرفية[14] .
وبعبارة اخرى : اما ان يراد المجتهد العارف بالموضوع فليس بالفعل سواء مع العامي الجاهل به ، او يراد الجاهل به فعدم صحة الرجوع اليه بديهي[15] ، كغيره من الاحكام ومبادئ الاستنباط ، ولا حاجة فيه للاستدلال كما انه لم يدّعه احد .
وللحديث صلة ..
وصلى الله على محمد وآله الطاهرين
[1] - اذ سبق قوله : ( حتى يتبع فيها رأيه ونظره ) .
[2] - او يكون من وظيفته بيانه او الحكم به .
[3] - بمعنى انه ليس له نقضة .
[4] - وكذا العكس اذ الظاهر صحة رجوع كل منهما اذا جهل للآخر اذ علم .
[5] - وان شئت فقل غير الخبير ، عليٰ ان الأدق يحسبهم العارف اذ الخبير لا يطلق الا في الحدسيات
[6] - سواء أقلنا بان ( رأى ) يراد به حس او عن حدس . اذ الجامع انه علم بالموضوع .
[7] - شرح العروة –ج1، م67، ص349
[8] - شرح العروة –ج1، م67، ص350
[9] - وهو الظن المعتبر .
[10] - نفس المصدر السابق .
[11] - على استعمال الحاسة .
[12] - لكنه خارج عن المفروض .
[13] - كالصعيد .
[14] - كالغناء .
[15] - لانه رجوع جاهل الى جاهل .
الاثنين 5 رجب 1435هـ
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |