256- تقوية وتتمة الاشكالات السابقة ـ ادلة عديدة على ان ( الملاهي ) هي جمع المصدر الميمي ( الملهى ) وليست جمع اسم الالة ( الملهاة ) فرواية الاعمش تامة الدلالة من هذه الجهة
الاثنين 16 محرم الحرام 1436هـ





بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين سيما خليفة الله في الأرضين، واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
حرمة اللهو واللعب واللغو والعبث
(18)
تتمة
سبق ان أغلب الجموع مما كان على وزن مفاعل من الناقص الواوي أو اليائي يراد بها غير اسم الآلة، ونضيف ان ذلك لعلة شبه المستغرق وان خلافه هو النادر، فلاحظ مثلاً – إضافة إلى ما سبق – المراعي فانه يراد بها أمكنة الرعي لا آلاته، والمخازي – كمخازي الفاسق أو الظالم – إذ انه جمع للمصدر الميمي بمعنى الخزي لا اسم الآلة منه، وكذلك قوله تعالى: (مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلْ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ)([1]) إذ لا يراد آلة التثنية بل الثواني أي انه جمع المصدر الميمي فقد وردت مثنى مثنى([2]). وهكذا
وعليه فكون الملاهي جمعاً للملهى كمصدر هو الموافق للأعم الأغلب شبه المستغرق من استعمالات ما كان على وزن مفاعل من معتل اللام، وكونها جمعاً للملهاة كاسم آلة هو الشاذ في مثل هذا الجمع، وهذا وإن لم يكن دليلاً لكنه يصلح مؤيداً قد يورث مع غيره تراكم الظنون التي قد تورث باجتماعها الاطمئنان.
2- عطف ضرب الأوتار
فان (ضرب الأوتار) فعل وليس آلة، فيفيد كون (الملاهي) في الرواية يراد بها اللهو لا آلة اللهو أي انها جمع الملهى مصدراً ليكون هذا مثالاً له ومصداقاً حقيقة([3]) وإلا للزم التجوز فيه إذ كان المراد بالملاهي جمع الملهاة آلةً لكان اللازم التمثيل بالأوتار فانها الآلة لا ضرب الأوتار فانه فعل.
ومنه يظهر وجه السهو في ما ذّيل به مصباح الفقاهة كلامه إذ قال (بل ربما يرجح رفع اليد عن ظهور الغناء، كما يدل عليه عطف ضرب الأوتار على الغناء)([4]).
فانه دليل على نقيض مدعاه إذ ضرب الأوتار فعل فيؤكد ظهور الغناء في كونه فعلاً ولو كان المعطوف الأوتار لا ضرب الأوتار لكان مرجحاً لرفع اليد عن ظهور الغناء في الفعل. فتدبر
إشكالان آخران: اسم الآلة لا يبنى من اللازم و...
وهناك إشكالان آخران على عدّ الملاهي جمعاً للملهاة كاسم آلة لا الملهى مصدراً وهما:
أ- ان اسم الآلة المشتق([5]) لا يبنى إلا من الثلاثي المتعدي كالمفتاح فانه من فَتَح والمكنسة من كنس والمقطاط من قط وهكذا وكلها متعدية، ومن الواضح ان اللهو لازم وليس متعدياً.
نعم شذ بناؤه من اللازم كالمصفاة والمرقاة والمزمار فالملهاة من الشواذ.
ب- ان الغالب في معتل اللازم بناء اسم الآلة منه على وزن مِفعلة كمطواة ومشواة ومصفاة وندر غيره كالمِقلى، ومن الواضح ان الملهاة وردت بفتح الميم لا بكسرها.
والحاصل: ان كون الملاهي جمعاً للملهاة كاسم آلة يبعده ندرة بناء اسم الآلة من اللازم (كاللهو) وقلة بنائه على وزن مَفعلة بفتح الميم (كالـمَلهاة).
الجواب: (الملهاة) مستثناة
لكن يرد عليهما: ان ما ذكر وإن صح صرفياً إلا ان حاصله ندرة ورود مثل (الملهاة) – مما كان لازماً على وزن مَفعلة – كأسم آلة، لكنه لا شك ان الملهاة قد وردت كاسم آلة – وإن قل أو ندر مثل ذلك – وعليه فلا إشكال من هذه الجهة في كون الملاهي جمع للملهاة كاسم الآلة.
وبعبارة أخرى: الإشكالان لو تمّا صلحا لدفع احتمال كون الملهاة اسم آلة لو شك في كونها كذلك، لكنه لا شك في كونها اسم آلة، ولا ربط لذلك بمعضلة ان الملاهي هي جمع للملهاة أو الملهى. فتدبر
وصلى الله على محمد واله الطاهرين
([1]) الزمر: 23.
([2]) قال في مجمع البحرين (وسمي القرآن مثاني لأن الانباء والقصص تثنى فيه، أو لاقتران آية الرحمة بآية العذاب... وفي حديث أهل البيت (عليهم السلام): ((نَحْنُ الْمَثَانِي الَّتِي أَعْطَاهَا اللَّهُ نَبِيَّنَا...)) تفسير القمي ج1 ص377 وفسره الصدوق بـ(نحن الذين قرننا النبي ( صلى الله عليه وآله ) إلى القرآن...)
([3]) إذ مضى في الرواية (عد في الكبائر الملاهي التي تصد عن ذكر الله كالغناء وضرب الأوتار) فان التمثيل يراد به ذكر مصداق الممثل له.
([4]) مصباح الفقاهة ج1 ص647.
([5]) إذ اسم الآلة على قسمين جامد كـ: سكين وفأس وقدوم والوتر وجمعه أوتار، ومشتق كالمفتاح والملهاة، واما مثل مُشط ومُدهُن ومُنخُل فهي كالأسماء الجامدة وضعت لهذه المسميات من دون لحاظ الاشتقاق من الفعل.
الاثنين 16 محرم الحرام 1436هـ
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |