306- الاشكال بان ( يفسدون ) يراد به قطع السبيل لا الاعم والجواب ـ الاشكال بعدد ( اولئك ) الى من جمع الصفات الثلاثة و الجواب ـ الاشكال بان ( يفسدون ) عنوان مشير وليس عنواناً مستقلاً
الاحد 16 جمادى الاولى 1436هـ





بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين سيما خليفة الله في الأرضين، واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
النميمة
(9)
تقوية الإشكال بأن الإفساد يراد به الأخص
وقد يقوى الإشكال على الاستدلال بالآية بان الإفساد يراد به اما قطع السبيل أو الدعوة إلى الكفر، بمناسبات الحكم والموضوع أي بالجزاء المرتب في الآية فانه لا يناسب أن يرتب (وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ) المراد به دخول جهنم، على الاحتمال الثالث الذي ذكره الشيخ الطوسي وهو (كل معصية تعدّى ضررها إلى غير فاعلها) وإلا لكانت كل المعاصي من دائرة حقوق الناس من الكبائر التي أوعد الله عليها النار.
الجواب: تمامية الإشكال على ما ورد في (الرعد) لا (البقرة)
والجواب: ان ذلك إن صح وتم في آيات سورة الرعد فانه لا يتم في آيات سورة البقرة فإن الجزاء المرتب فيها هو (أُوْلَئِكَ هُمْ الْخَاسِرُونَ) فلاحظ آيات السورتين:
سورة الرعد: ( وَالَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ أُوْلَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ).
سورة البقرة: (وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلاَّ الْفَاسِقِينَ * الَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ أُوْلَئِكَ هُمْ الْخَاسِرُونَ).
ومنه يظهر الجواب عن أصل الإشكال فانه إن احتمل – بل تعين – كون (وَيُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ) الواردة في سورة الرعد خاصة بقطع السبيل أو الدعوة للكفر([1]) بمناسبة الجزاء الوارد فيها فانه لا وجه له في الآيات الواردة في سورة البقرة لوجهين:
الأول: ان الجزاء هو (الخاسرون) ومن الواضح ان كل عاص فهو خاسر إذ الخسران على درجات والمعاصي على أنواع ودرجات.
الثاني: تقدم وصف أولئك بـ(الفاسقين) فان (الَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ...) بصلاتها هي صفات للفاسقين،والفسق يتحقق بأية معصية بناء على انه عدم الاستقامة على جادة الشرع([2]) وليس مرتهناً بخصوص إحدى تينك الكبيرتين.
وبعبارة أخرى: ان ذلك الإشكال ينفي تعميم الآية للصغائر، ومع عدّ النميمة من الكبائر لا يرد الإشكال كما ان الفسق يتحقق بالواحدة منها أيضاً.
إشكال الجواهر: عَوْد أولئك لمن جمع الصفات الثلاثة
وأشكل في الجواهر – في بحث قطع صلة الرحم – على الاستدلال بالآيةبمقطع (وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ) (أقول: وهو جارٍ في الاستدلال بـ(وَيُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ) كما لا يخفى) بان اسم الإشارة (أولئك) لا يعلم عوده لمن أتصف بواحدة من الصفات الثلاثة (نقض العهد، قطع ما أمر الله أن يوصل، والإفساد في الأرض) إذ يحتمل عوده لمن جمع الصفات الثلاثة كلها وعليه: فلا يعلم حرمة خصوص قطع ما أمر الله به أن يوصل (أقول: وكذا لا يعلم حرمة خصوص الإفساد في الأرض)، قال: (وفيه أن (أولئك) في الأُولى([3]) لم يعلم كونه إشارة إلى كل واحد من النقض والقطع والافساد، والثانية([4]) مع ذلك لم تشتمل على وعيد بالعذاب، إلا أن يقال إنه يفهم من اللعن وما بعده)([5]).
الجواب: أولاً: قرينية مادة يفسدون
والجواب:
أولاً: قرينية مادة ـ(وَيُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ)فانها من القوة عقلاً وعرفاً بحيث لا يحتمل فيها غير الحرمة، أترى صحة أن يقال: الإفساد في الأرض مكروه؟ ومرجع هذا إلى دعوى ان حرمة الإفساد في الأرض هي من المستقلات العقلية أو من الضروريات الشرعية أو المتشرعية. فتأمل([6])
ثانياً: لا يعقل كون يفسدون مكروهاً والعقوبة النار!
ثانياً: - وهو العمدة – أنه لا يعقل القول بان أحد الثلاثة (النقض، القطع، الإفساد) مكروه إذ كيف يمكن ان ترتب عقوبة الدخول في النار على مكروه؟ أو على مكروه في ضمن محرمات؟ أو على محرمات ومكروه بينها مترتباً عليها جميعاً؟
والحاصل انه لا يعقل كل من: ترتيب عقوبة النار على المكروه وحده، أو ترتيب عقوبتها على مكروه وإن كان في ضمن محرمات لا بشرط عنها([7])، أو ترتيب عقوبتها على محرمات بينها مكروه على ان يكون ذا مدخلية في استحقاقه النار!.
نعم قد يقال: هذا الوجه خاص بآيات سورة الرعد إذ فيها خاصة كان الجزاء (سوء الدار) دون سورة البقرة، إذ (الخاسرون) يشمل مَن فعل المكروه.
وفيه: أولاً: الظاهر عدم إطلاقه وصفاً ولا كجزاء على من فعل المكروه إلا توسعاً.
ثانياً: ان سبق (الفاسقين) في سورة البقرة كفيل بدفع احتمال كراهته إذ لا يكون فاعل المكروه فاسقاً إذ الفاسق هو فاعل الكبيرة أو المصر على المعصية الصغيرة.
نعم لو أريد بالفسق معناه اللغوي وهو خروج شيء عن شيء كقولك فسقت الرطبة عن قشرها إذا خرجت أو هو الخروج عن الطاعة إذا أريد بها مطلق الطاعة الأعم من فعل المستحب وترك المكروه، لأمكن ذلك لكنه بعيد غايته.
واما كون الاتصاف بالفسق للصفتين الاخريين أو إحداها فبعيد عن ظاهر المتفاهم من الآية كبعد كون الاتصاف بصفة الفاسقين ناتجاً عن مجموع فعله محرمات ومكروهات. فتأمل وتدبر جيداً
الإشكال بدلالة الفعل المضارع على التكرر
لا يقال: يفسدون فعل مضارع يدل على التكرر فتدل على حرمة تكرر صدور ذلك منه دون أصل صدوره ولو مرة واحدة؟
إذ يقال: الفعل المضارع يدل على التجدد([8]) ولا دلالة له على التكرر إلا بمناسبات الحكم والموضوع أو شبهه، وفي المقام المناسب لحكم (الفاسقين) و(الخاسرون) هو الصدور مرة واحدة، واستخدم الفعل المضارع – بدل الماضي للدلالة على ديمومة الحكم بديمومة تجدد الموضوع عكس ما لو استخدم (الذين نقضوا) (الذين افسدوا) فانه يدل على أمر حدث في الماضي وعلى حكمه ولا دلالة له على حال الحاضر والمستقبل إلا بمؤونة زائدة كإلغاء الخصوصية أو ما أشبه. فتدبر
وصلى الله على محمد واله الطاهرين
(الحكمة):
من وصية الرسول صلى الله عليه وآله وسلم لأمير المؤمنين عليه السلام : "يَا عَلِيُّ إِنَّ مِنَ الْيَقِينِ أَنْ لَا تُرْضِيَ أَحَداً بِسَخَطِ اللَّهِ وَلَا تَحْمَدَ أَحَداً بِمَا آتَاكَ اللَّهُ وَلَا تَذُمَّ أَحَداً عَلَى مَا لَمْ يُؤْتِكَ اللَّهُ فَإِنَّ الرِّزْقَ لَا يَجُرُّهُ حِرْصُ حَرِيصٍ وَلَا تَصْرِفُهُ كَرَاهَةُ كَارِهٍ إِنَّ اللَّهَ بِحُكْمِهِ وَفَضْلِهِ جَعَلَ الرَّوْحَ وَالْفَرَحَ فِي الْيَقِينِ وَالرِّضَا وَجَعَلَ الْهَمَّ وَالْحَزَنَ فِي الشَّكِّ وَالسَّخَطِ يَا عَلِيُّ إِنَّهُ لَا فَقْرَ أَشَدُّ مِنَ الْجَهْلِ وَلَا مَالَ أَعْوَدُ مِنَ الْعَقْلِ وَلَا وَحْدَةَ أَوْحَشُ مِنَ الْعُجْبِ وَلَا مُظَاهَرَةَ أَحْسَنُ مِنَ الْمُشَاوَرَةِ وَلَا عَقْلَ كَالتَّدْبِيرِ وَلَا حَسَبَ كَحُسْنِ الْخُلُق..." (تحف العقول ص6)
الاحد 16 جمادى الاولى 1436هـ
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |