339- القاعدة في صورة الشك في شمول العام التحتاني لأحد الاصناف ـ فرع: البحث عن جواز النميمة من باب (الالزام): 1ـ لاتشمل قاعدة الالزام المختلفين اجتهاداً او تقليداً 2ـ ولا تشمل الملتزمين بالاحكام الوضعية
الاحد 5 شعبان 1436هـ





بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين سيما خليفة الله في الأرضين، واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
النميمة
(42)
حكم صورة الشك في مشمولية الخاص للعام التحتاني
ثم انه لو شك في مورد انه من الخاص أو من العام التحتاني فان كان العام التحتاني منفصلاً عن العام الفوقاني صح التمسك في الفرد المشكوك بالعام الفوقاني لانعقاد ظهوره بعد إذ كان مخصصه وهو العام التحتاني منفصلاً فليس التمسك به لإثبات حكم الفرد المشكوك انه من العام التحتاني أو من مخصصه من التمسك بالعام في الشبهة المصداقية.
واما لو كان العام التحتاني متصلاً بالفوقاني فههنا صورتان: فانه تارة يُعنِون المتصلُ العامَّ الفوقانيَّ وأخرى لا، فان عَنْوَنه لم يصح التمسك بالعام الفوقاني لإثبات حكم الفرد المردد([1]) لأنه من التمسك بالعام في الشبهة المصداقية وإن لم يعنونه كان حكمه كحكم العام المخصَّص بمنفصل.
وتوضيح ذلك وتطبيقه على المقام: ان العام الفوقاني هو أدلة حرمة النميمة بقول مطلق (وكذلك أدلة حرمة سائر المحرمات) والعام التحتاني (المراد به هنا: المتأخر رتبة عن العمومات الأولية والحاكم عليها) هو قانون الاعتداء (وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا) واما المخصص للعام التحتاني فهو الأعراض بالمعنى الأخص إذ لا شك في خروجها عن جواز المقابلة بالمثل، وكذا حق الغير والعبادات والمحرمات الإلهية الذاتية التي علم من الشرع كراهة وقوعها كشرب الخمر والسحر وشبه ذلك واما ما هو داخل في العام التحتاني فـ: الأموال في باب التقاص والأبدان في باب القصاص، واما المشكوك خروجُه عن العام التحتاني فهو – حسب المفروض – الأعراض بالمعنى الأعم أي ما يرتبط بماء الوجه والسمعة وما أشبه ومنه النميمة في حد ذاتها([2])، ومورد الكلام هو هذه الحالة أي لو شك في استثناء النميمة في حد ذاتها التي لا تستلزم فتنة من عموم قانون الاعتداء، فههنا صور:
صورة انفصال قاعدة الاعتداء عن أدلة حرمة النميمة
1- ان يكون قانون الاعتداء – وهو العام التحتاني – منفصلاً عن أدلة حرمة النميمة – وهو العام الفوقاني – (والأمر كذلك) فلو شك في مورد (كالنميمة الموجبة للكدورة فقط) في انه مشمول لقانون الاعتداء أو لا ولم يكن دليل أو أصل ينقح الخروج أو الدخول، فانها تكون مشمولة للعام الفوقاني وهو أدلة حرمة النميمة بقول مطلق إذ الظهور منعقد له؛ حيث كان مخصِّصه (وهو العام التحتاني) منفصلاً، بل ان إدراج هذا المورد المشكوك ككونه مشمولاً لقاعدة الاعتداء في قانون الاعتداء هو من التمسك بالعام في الشبهة المصداقية.
صورتا اتصاله بأدلة حرمة النميمة – على الفرض
2-3- ان يكون قانون الاعتداء – مثلاً – متصلاً بأدلة حرمة النميمة، وهنا صورتان:
فان كان متصلاً مُعنوِناً له لم يصح التمسك في الفرد المشكوك بالعام الفوقاني لأنه تمسك بالعام في الشبهة المصداقية، وإن لم يكن مُعنوِناً له بقي العام على ظهوره في العموم فيكون كالصورة الأولى فيندرج الفرد المشكوك فيه – أي العام الفوقاني -.
وتوضيحه بالمثال: ان دليل الاعتداء لو كان متصلاً بدليل حرمة النميمة فأوجب تعنونها هكذا (النميمة الاعتدائية([3]) محرمة) فكلما شك في نميمة (كالموجبة للكدورة فقط) انها مشمولة لقانون الاعتداء (كي تخرج عن أدلة حرمة النميمة) أو غير مشمولة (كي تبقى في دائرة أدلة حرمة النميمة) فانه لا يصح القول باندراجها في أدلة حرمة النميمة إذ أدلة حرمة النميمة لم تَعُد – انعقاداً – مطلقةً بل انعقدت ضيقة معنوَنةً بـ(النميمة الاعتدائية) وحيث لا يعلم ان هذه نميمة اعتدائية أو لا فكيف يتمسك بأدلة حرمة النميمة الاعتدائية على حرمة الفرد المشكوك انه نميمة اعتدائية أو لا؟
وقد ظهر بذلك حال ما إذا لم يُعنوِن المخصصُّ المتصلُ العامَّ.
الفرع الثاني: النميمة من باب الإلزام
الفرع الآخر: انه هل تجوز النميمة على الآخر من باب قاعدة الإلزام؟ فلو التزم الطرف الآخر بجواز النميمة أصلاً([4]) أو بجواز بعض صورها (للخلاف في حدها وانها هل هي شاملة للصدق والكذب في النقل معاً؟ وهل هي شاملة للمستور والمعلن معاً؟ وهل هي شاملة لما كره نقله وما لم يكره معاً؟ وهل هي شاملة للنقص والكمال معاً، كما سبق ان ببعض هذه التفصيلات أقوالاً وعلى بعضها الاحتمال.
فنقول: ههنا مسائل:
ابتناء البحث على المبنى في قانون الإلزام
الأولى: ان الأمر مبنائي من حيث شمول قاعدة الإلزام لكافة الأبواب أو اختصاصها بأبواب النكاح والطلاق والمواريث فقط، فان قلنا بالثاني – كما ذهب إليه جمع من الأعلام – فان النميمة لا وجه عندئذٍ للقول بِحِلِّها من باب القاعدة لاختصاصها بالأبواب الثلاثة وإلا عمّت([5]).
قاعدة الإلزام غير شاملة لأتباع المذهب الحق
الثانية: ان قاعدة الإلزام بناءً على عمومها لكل الأبواب كما هو المنصور – لا تشمل أهل المذهب الحق – أي انها لا ترتبط بداخل الدائرة الشيعية بل هي خاصة بأهل الخلاف أو والكفار لا غير فلو رأى الطرف الآخر الشيعيَّ جواز بعض أصنافها اجتهاداً أو تقليداً، لم يجز لمن يراها محرمة أن ينمّ عليه إلزاماً له بما التزم به، لاختصاص قاعدة الإلزام على المشهور بالمخالفين أو المخالفين والكفار معاً خلافاً للسيد الوالد الذي على ما ببالي عمّم قاعدة الإلزام في الجملة للمختلِفَين اجتهاداً أو تقليداً.
وغير شاملة للملتزمين بالأحكام الوضعية
الثالثة: ان قاعدة الإلزام لا تشمل الملتزمين بالأحكام الوضعية من غير دين يدينون به، فلو ارتأوا حلية النميمة لكون حكمهم الوضعي – خلافاً لدينهم أو كانوا لا دين لهم - جوازها، فان النميمة عليهم لا وجه للقول بجوازها من باب قاعدة الإلزام وان امكن بوجه آخر. فتأمل وللكلام صلة
وصلى الله على محمد واله الطاهرين
==================================
الاحد 5 شعبان 1436هـ
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |