122- 2ـ الادلة اما هي في مقام البيان من جهة الشمول للاسقاط وعدمه مطلقاً، او لا مطلقاً، والتفريق بمناسبات الحكم والموضوع وغيرها 3ـ التفصيل بين المخصص المنفصل وغيره، وبين كون الاستصحاب لموضوع الخاص فيتقدم على العام، او لحكمه فيتقدم العام عليه.
الاثنين 5 ربيع الاول 1438هـ





بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين سيما خليفة الله في الأرضين، واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
(122)
الأدلة ليست في مقام البيان من جهة التقسيمات اللاحقة
2- سلمنا – كما هو المنصور – إمكان الإطلاق والتقييد بالنسبة للتقسيمات اللاحقة على الأمر، وكون المقام منها، إلا انه قد يعترض بما ذكره العقد النضيد ولكن بوجه آخر وهو أن الظاهر أن الأدلة – عامةً – ليست في مقام البيان من جهة التقسيمات اللاحقة فانه وإن أمكن الإطلاق والتقييد بلحاظها إلا أن المستظهر أن مثل (وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَاناً)([1]) ليس بناظر أبداً إلى جهة الإسقاط وعدمه وكذا مثل "الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَفْتَرِقَا فَإِذَا افْتَرَقَا فَلَا خِيَارَ بَعْدَ الرِّضَا مِنْهُمَا"([2]) و"مَنْ سَبَقَ إِلَى مَا لَا يَسْبِقُهُ إِلَيْهِ مُسْلِمٌ فَهُوَ أَحَقُّ بِه"([3]) حتى وإن قلنا بأن الأصل فيما شك في أن المولى – ومطلق المتكلم – هل في مقام البيان من جهته هو كونه في مقام البيان وإلا لسقطت معظم الإطلاقات عن الإطلاق لعدم إحراز كون المتكلم في مقام البيان من هذه الجهة أو تلك، فحتى لو قلنا بذلك إلا أن الظاهر أنه ليس في مقام البيان من جهة التقسيمات اللاحقة خاصة مثل الإسقاط ونظائره. نعم قد يصح التمسك بالإطلاق المقامي، لكنه غير المقصود هنا.
وعلى أي فلو تمّ هذا فبها، وإلا تمّ كلام العقد النضيد السابق، إلا أن يجاب عنه بالفرق بمناسبات الحكم والموضوع وشبهها كما سبق، فالفرق لأمرٍ خارج لا لاختلاف لسان الأدلة كي يعترض بانها بوزان واحد فتدبر.
التفريق بين المخصص المتصل والمنفصل
3- ان العمومات بالنسبة إلى مخصصاتها على نوعين، فقد تكون منفصلة عنها وقد تكون متصلة، فإن كانت منفصلة انعقد للعام العموم فلو دار أمر المخصص بين الأقل والأكثر، بأن كان مجملاً مردداً بينها، كان غير القدر المتيقن من الخاص، مشمولاً للعام دون كلام إذ انعقد عمومه واستقرّ حيث لم يتصل به المخصص.
وإن كان الخاص المجمل المردد بين الأقل والأكثر متصلاً سرى إجماله إلى العام ولم يكن العام مرجعاً ولا الخاص موئلاً، فاللازم الرجوع إلى الأصول اللاحقة.
فعلى حسب ذلك ينبغي أن يبنى البحث ويُبيَّن بهذا النحو، وإن أمكن حمل كلامه (أما إذا شك في قبوله للإسقاط فإن كان لدليله إطلاق يعمّ ثبوته فيما بعد الإسقاط جاز التمسك به كما إذا شككنا في جواز أكل المارة بعد إسقاطه فإنّه يتمسك بإطلاق دليله. وإن لم يكن لدليله إطلاق كما إذا ثبت بالإجماع ونحوه)([4]) عليه بالقول بانه أدرج المنفصل في الشق الأول([5]) والمتصل في الشق الثاني، وإن بعّده تمثيله بالإجماع خاصة مع أن الأولى التمثيل بالمتصل والمنفصل ثم بمثل الإجماع، خاصة وأن أدلة المقام على قسمين فمنها ما كان مخصصه متصلاً به مثل (لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلاَّ أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ)([6]) ومنها ما كان منفصلاً كروايات حق المارة بالنسبة إلى مثل (لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ) و"لَا يَحِلُّ مَالُ امْرِئٍ إِلَّا بِطِيبِ نَفْسٍ مِنْه"([7]) وعلى أي فانه يبعد أن يريد غير ذلك وإن استشعر من العبارة فتدبر.
التفصيل بين استصحاب موضوع الخاص واستصحاب حكمه
4- أنه ينبغي التفصيل حتى بناء على جريان الاستصحاب في الأحكام الكلية بين استصحاب الموضوع – أي موضوع الخاص – واستصحاب المحمول – أي حكمه – فإن كان الأول تقدم على العام وإن كان الثاني تقدم العام عليه.
بيانه: أنه لو ورد عام كـ(أكرم العلماء) وورد خاص كـ(لا تكرم هذا الفقيه النحوي) فتارة نشك في استمرار حكم الخاص له في الزمن اللاحق وأخرى نشك في بقائه نحوياً كما لو احتملنا نسيانه غالبه لانشغاله بالفقه لسنوات طويلة وإهماله علم النحو بالمرة:
أ- مع الشك في بقاء حكم الخاص، المرجع عموم العام
فإن شككنا في بقاء حكمه كان المرجع عموم أكرم العلماء لا استصحاب حكم الخاص وذلك لأن العام وارد على الاستصحاب إذ انه ينفي ركنه الثاني إذ قوله: "وَلَا تَنْقُضِ الْيَقِينَ أَبَداً بِالشَّكِّ وَ إِنَّمَا تَنْقُضُهُ بِيَقِينٍ آخَرَ"([8]) يفيد أن ركني الاستصحاب هما اليقين السابق والشك اللاحق بمعنى عدم وجود يقين لاحق على الخلاف والعام هو اليقين الآخر فهو وارد على دليل الاستصحاب([9]).
ب- ومع الشك في بقاء موضوعه، المرجع الخاص
وأما إن شككنا في بقاء الموضوع كان المرجع استصحابه دون العام إذ انه منقّح لموضوع العام والعام لا يتكفل بيان موضوعه إذ مفاد (أكرم العلماء) هو أكرم من كان عالماً أي بعد الفراغ عن كونه عالماً أقول لك بانه يجب إكرامه، وقد خرج منه الفقيه النحوي، والاستصحاب يفيد أن هذا فقيه نحوي فهو خارج عن العام موضوعاً فكيف يعانده العام؟.
وبذلك اتضح اندفاع شبهة الدور بين العام واستصحاب الخاص بدعوى أن عموم العام لهذا الخاص موقوف على عدم جريان الاستصحاب فيه وبالعكس، وجريان الاستصحاب موقوف على عدم عموم العام وبالعكس؛ إذ اتضح انه في إستصحاب موضوع الخاص فان الاستصحاب وارد على العام وفي إستصحاب حكمه فان العام وارد عليه..
وسيأتي تطبيق ذلك على المقام وتتمة الكلام فانتظر.
وصلى الله على محمد وآله الطاهرين
=====================
قال الإمام الصادق (عليه السلام): " رَأَيْتُ الْمَعْرُوفَ لَا يَصْلُحُ إِلَّا بِثَلَاثِ خِصَالٍ تَصْغِيرِهِ وَسَتْرِهِ وَتَعْجِيلِهِ فَإِنَّكَ إِذَا صَغَّرْتَهُ عَظَّمْتَهُ عِنْدَ مَنْ تَصْنَعُهُ إِلَيْهِ وَ إِذَا سَتَرْتَهُ تَمَّمْتَهُ وَ إِذَا عَجَّلْتَهُ هَنَّأْتَهُ وَإِنْ كَانَ غَيْرُ ذَلِكَ مَحَقْتَهُ وَنَكَّدْتَهُ" من لا يحضره الفقيه: ج2 ص57.
...............................................
الاثنين 5 ربيع الاول 1438هـ
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |