39- تتمة التحقيق : تتمة ( المدار في الصحة بمعنى الإجزاء ) المدار في الصحة بمعنى ( المعذرية )
الاحد 15 محرم الحرام 1433هـ





بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
كان الكلام في المسألة الأولى من العروة وتقدم الكلام عن أن الوجوب تكليفي وشرطي ومضى البحث عن الوجوب التكليفي ووصل الكلام إلى الوجوب الشرطي أي هل الاجتهاد والتقليد شرط لصحة العمل أم لا؟
وتقدم إن الصحة لها معاني ثلاث ويختلف الحكم فيها باختلاف تلك المعاني، فالصحة قد يراد منها الصحة الثبوتية وقد يراد بها الصحة بمعنى المعذرية وقد يراد منها الصحة بمعنى الاجزاء فلا يلزم الاعادة ولا القضاء
1- مناط الصحة الواقعية
أ- أما الصحة الواقعية فتعني المطابقة للمأمور به وهذه منوطة بمطابقة الواقع لا غير، ولا يشترط فيها مطابقة رأي المجتهد السابق ولا الحالي، كما أن المطابقة لرأيه لا تساوي ولا تستلزم الصحة الثبوتية (الواقعية).
2- مناط الصحة الظاهرية
ب- أما ما هو المناط في الصحة الظاهرية بمعنى الاجزاء؟ فالجواب أنها تناط بأحد أمور:
الأمر الأول: مطابقة الواقع ثبوتاً ولا يحرز هذا إلا بالاحتياط أو بواحد من الاجتهاد أو التقليد،
الأمر الثاني: مطابقة العمل السابق لرأي المجتهد الحالي والفرض أنه لا يرى القضاء أو الاعادة، فلا يجبان عليه،
الأمر الثالث: مطابقة العمل السابق لرأي المجتهد السابق إن كان عن استناد إليه.
توضيح الأمر الأول إن المطابقة الثبوتية، وإن نفعت للصحة بالمعنى الأول، لكنها لا تجدي للصحة بالمعنى الثالث - الإجزاء - إلا مع ثبوتها لدى المكلف، وطريق الثبوت:
أ- إما الاحتياط أو ب- رأي المجتهد الحالي، لأنه الحجة عليه الآن، فلو صلّى سابقاً بتسبيحة واحدة مقلداً لمجتهد أو من دون تقليد، ثم قلد آخر فإذا قال بكفاية واحدة أجزأه ما صلاه سابقاً لأنه - هذا الآخر - الحجة عليه الآن فلو وافقه كان مجزياً، ج- لكن لو خالفه - مع مطابقته لرأي المجتهد السابق - فهل يصح عمله ويجزي أم لا؟ (هذا الكلام بغض النظر عن حديث لا تعاد) مثلاً لو توضأ بماء لاقته النجاسة وكان كراً برأي المجتهد السابق، إذ كان يرى الكر27 شبراً، وليس بكر بحسب رأي المجتهد الحالي، لأنه يرى الكر43 شبراً إلا ثمن شبر، فعلى رأي السابق وضوءه صحيح، وهو باطل برأي الحالي، فهل مطابقة عمله للمجتهد السابق مجزء أم لا؟ هنا موضع خلاف ونقاش.
والمختار بايجاز: الأصل فيما لو كان عمله السابق مستنداً إلى رأي مجتهد هو أنه لا اعادة ولا قضاء، لأن لسان الروايات الآمرة بالتقليد لسانها لسان الاجزاء وافراغ الذمة باتباع الجامع للشرائط مثل (ما أديا إليك عني فعني يؤديان) والمستفاد منها أنه كما أن الإمام عليه السلام إذا قال شيئاً فاتبعته تبرأ ذمتك، كذلك لو اتبعت الفقيه، فإنه عليه السلام نزل كلام هذين منزلة كلامه، والتنزيل مطلق، فيقتضي أنه لو عمل برأي هذا الفقيه الجامع للشرائط فكأنما عمل برأي الإمام عليه السلام فلا اعادة ولا قضاء، وكذلك فإن سيرة المتشرعة جارية على الاجزاء وعدم الاعادة أو القضاء وغيرها من الأدلة، وسيأتي تفصيلها.
أذن الصحة بمعنى الاجزاء يكفي فيها أحد أمور إما المطابقة للواقع إذا أحرزها ولو بالاحتياط، أو الاستناد لرأي المجتهد السابق أو الحالي، لكن لا طريق للمقلد إلى مطابقة الواقع إلا الاستناد لرأي المجتهد أو الاحتياط.
3- الصحة بمعنى المعذرية
أما الصحة بمعنى المعذرية فلها صور ثلاث:
1) لو خالف عمله الواقع فإنه يستحق العقاب فيما لو خالف رأي المجتهد حين العمل، لأنه كان الحجة في حقه، ومطابقة عمله للمجتهد الحالي لا يقلب الواقع والعقاب مترتب على المخالفة في وقته، من دون استناد للحجة إلا أن يقال بالمراعاة لكنها لا دليل عليها، وإن أمكن عقلاً أن يتفضل الله على عبده بذلك.
2) لو خالف الواقع لكنه طابق رأي المجتهد حين العمل، فإنه معذور، لأن الحجة كانت تامة عليه.
3) لو طابق عمله الواقع لكنه خالف رأي المجتهد الذي كان يجب عليه الرجوع إليه حين العمل، فإنه لا يستحق العقاب إلا على مسلك حرمة التجري فيستحق العقاب على التجري لا على المخالفة.
وللكلام تتمة تاتي إن شاء الله تعالى وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين.
الاحد 15 محرم الحرام 1433هـ
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |