42- انواع الاحتياط : الحسن ، المذموم ، المناقش فيه المذموم : 1-الاحتياط فيما علم من الشرع انه بشرط لا 2- الاحتياط المخالف للامارة الشرعية
الاربعاء 18 محرم الحرام 1433هـ





بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
كان الكلام في الاحتياط وتقدم أن العدالة مثال للبسيط الاعتباري.
وقد أشكل البعض على عد العدالة من البسيط الاعتباري: بأنها صفة نفسانية فهي أمر تكويني، فهي إذن بسيط تكويني وليست بسيطاً اعتبارياً؟
والجواب: العدالة يمكن أن تعدّ بسيطاً تكوينياً بهذا الاعتبار (كونها صفة نفسانية) ويمكن أن تعد في خانة البسيط الاعتباري، بلحاظ أن منشئيتها للأثر إنما هو باعتبار من الشارع، وذلك كاعتبار شهادته لدى الشارع. القسم الرابع: المركب الاعتباري مثل الصلاة بلحاظ هذه الهيئة ذات الأثر التي اعتبرها الشارع واجبة، فإن المركب هو الواجب، وإن كانت أفعالها أفعال حقيقية خارجية من مقولة الفعل والوضع (الركوع والسجود مثلاً) إذن الصلاة بلحاظ هذه الهيئة الاعتبارية المجموعية يمكن أن تكون مثالاً للمركب الاعتباري، فلو شك في محقق هذه الهيئة الاعتبارية كما لو شك في أن الرياء في مقدمات الصلاة هل هو مبطل أم لا، بعد الفراغ عن كون الرياء في أفعال الصلاة مبطلاً، فالاحتياط يقتضي ترك الرياء في المقدمات.
هذه هي أهم موارد الاحتياط.
هذا. ويمكن الدفاع عن عدم شمول تعريف (بيان الفقه) لهذه الأربعة الأخيرة بأنه كان في صدد تعريف الاحتياط الواجب، أو الاحتياط في موارد الأمر الشرعي، لا الأعم الشامل لموارد الاحتياط في المعاملات وفي مطلق محقق الأثر، فتأمل.
صور أخرى للاحتياط ولكن ذكر البعض صوراً أخرى للاحتياط غير الموارد الستة المتقدمة منها:
1) الاحتياط عند دوران الأمر بين الوجوب والحرمة، لكن هذه الصورة خارجة إذ لا يمكن فيها الاحتياط، فتأمل.
2) الاحتياط عند دوران الأمر بين الوجوب والاستحباب، لكن هذه الصورة داخلة في الصورة الأولى مما ذكرنا (الاحتياط بالاتيان بما شك في أصل وجوبه).
النسبة بين الاحتياطين الأصولي والفقهيالمبحث الثاني: ما هي النسبة بين الاحتياط الأصولي والاحتياط مورد البحث أي الاحتياط الفقهي؟وقد يقال إن النسبة هي العموم والخصوص المطلق، لأن الاحتياط الأصولي خاص بالصورة الثانية فقط (الشك في مصداقي أو مصاديق الواجب فيجب الاحتياط بالجمع بينها، لو لم يكن الأمر من مصاديق دوران الأمر بين المتباينين) من الصور الستة التي ذكرنا، أما مبحث الاحتياط في المقام فيشمل هذه الصورة وغيرها ويشمل صورة الشك في أصل التكليف وهي مجرى البراءة في الأصول وغيرها من الصور المتقدمة هذا هو الفرق الأول.
أما الفرق الثاني: إن الاحتياط الأصولي واجب وهذا الاحتياط قد يكون واجباً وقد يكون مستحباً وقد يكون محرماً، وهل لنا احتياط مباح يأتي الكلام عنه.
وفي كلا الفرقين تأمل لا يخفى ، فالفرق هو الفرق بين المسألة الفقهية والمسألة الأصولية ، كما أشرنا إليه في أول الكتاب إجمالاً وفصلناه في مباحث الأصول.
أنواع الاحتياط المذمومالمبحث الثالث: الاحتياط ينقسم إلى مذموم وممدوح وغيرهما كالمشكوك فيه، والاحتياط المذموم له موارد تصل إلى ستة عشر مورداً حسب استقرائنا، وقد ذكر السيد العم في بيان الفقه موردين منها.
وتفصيل ذلك: أن موارد الاحتياط المذموم هي:
1- الاحتياط فيما كان بشرط لا الاحتياط فيما علم من الشارع أنه بشرط لا، فإنه مذموم وقد يكون مبطلاً للعمل، كصوم الوصال، فإنا علمنا من الشارع عدم جوازه، والمد الزائد في القراءة بما يخرج الكلمة عن المتعارف فهو مذموم ومبطل للقراءة، أو الاحتياط بإقامة الحد بالزيادة كماً أو كيفاً، فإنه مذموم وفيه القصاص، أو الاحتياط في الطواف بالزيادة على السبعة فإنه مذموم ومبطل، ففي كل هذه الموارد علم من الشارع عدم جوازه فالاحتياط فيها مذموم، بل محرم، ومبطل أيضاً.
وهناك احتياط مبطل للعمل وإن لم يكن مذموماً كأن يطلق زوجته ثلاثاً ((((ولاءا)))) احتياطاً فهو باطل على قول ويقع طلقة واحدة على قول آخر.
2- الاحتياط على خلاف الأمارةالنوع الثاني: الاحتياط في موارد وجود أمارة شرعية كالبينة أو اليد أو سوق المسلمين، فالاحتياط هنا -على رأي جماعة- مذموم وإن قيده الوالد رحمه الله فيما لو كان العمل بالأمارة في نظر الشارع أهم من الاحتياط.
وقد يقال الاحتياط في موارد وجود الأمارة مذموم دون الاحتياط في مقابل الأصل فإنه غير مذموم.
أما الشيخ الانصاري فقد ارتأى أن الاحتياط ممدوح في كلا الموردين، لأنه يرى أن الاحتياط حسن على كل حال، لكن الظاهر أن الاحتياط حسن في الجملة وليس حسناً على كل حال.
استدل الوالد على مذمومية الاحتياط مع وجود الأمارة أ- بأن العقلاء لا يرون من الحسن الاستفسار من البائع عن إباحة بضاعته وعدم كونها غصباً، ولا من الحسن أن يسأل البائع من المشتري عن إباحة الثمن، بل لو فعله إنسان لذمه المتشرعة، لأنه خلاف قاعدة اليد، وهذا مما أشكل به على أبي بكر في مطالبته الزهراء عليها السلام بالبينة مع أنها صاحبة يد على فدك.
وبعبارة أخرى: إن الإسلام جاء بمنهج متكامل يبتني على أمور منها الأمارات، والاحتياط في مقام وجود الأمارة اخلال بالمنهج والنظام العام، كما يوجب هدم بنى المجتمع؛ لأن المجتمع ينبغي أن يبنى على الثقة المتبادلة وعلى التعاون، والاحتياط يهدم هذا البناء، وكذلك سيرة المتشرعة جارية على ذلك ، ب- وبالروايات ومنها (ليس عليكم المسألة... إن الخوارج ضيقوا) كما أن هناك عدداً من الروايات في النهي -أو ذم- عن سؤال المرأة عند إرادة التزويج، هل هي خلية أم لا؟ إذ قال له عليه السلام (لم سألت) وكذا النهي عن السؤال عن اللحم في أسواق المسلمين وهل هو حلال أم لا، للبناء على أصالة الحلية في سوق المسلمين. وعلى هذا فإن قول الشيخ الأنصاري (لاشك في حكم العقل والنقل برجحان الاحتياط مطلقاً حتى في ما كان هناك أمارة على الحل) محل نظر، فتأمل. وسيأتي إتمام الكلام والنقاش مع الشيخ إن شاء الله تعالى وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين...
الاربعاء 18 محرم الحرام 1433هـ
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |