||   بسم الله الرحمن الرحيم | اللهم كُن لوليّك الحُجَّة بن الحَسَن صَلواتُكَ عَليه وَعَلى آبائه في هذه السّاعة وفي كُلّ سَاعَة وَليّاً وَحَافِظا وَقائِداً وَ ناصراً ودَليلاً وَ عَينا حَتّى تُسكِنَه أرضَك طَوعاً وَتُمَتِعَه فيها طَوِيلاً | برحمتك يا أرحم الراحمين   ||   اهلا وسهلا بكم في الموقع   ||  


  





 الهرمينوطيقا: ملاحظات أولية سريعة على بعض كلماتهم

 269- مباحث الأصول: (الدليل العقلي) (القدرة من شرائط التكليف) (3)

 لقاء مع طلاب مدرسة الإمام الحسن العسكري عليه السلام

 154- الانذار الفاطمي المحمدي ـ للمتهاون في صلاته

 149- االعودة الى منهج رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) في الحياة ـ2 الضرائب وباء العصر

 363- (هُوَ الَّذي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتابَ مِنْهُ آياتٌ مُحْكَماتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتابِ) (12) طرق استكشاف بعض بطون القرآن

 ملامح العلاقة بين الدولة والشعب في ضوء بصائر قرآنية (2)

 185- مباحث الاصول (مبحث الاطلاق) (3)

 324- فوائد لغوية الفرق بين الكذب والافتراء

 91- فائدة أدبية صرفية: صيغ المبالغة وتجردها عن معنى المبالغة



 الحسين المحمول عليه السلام على أجنحة الملائكة صريع على أرض كربلاء

 الإِمَامُ الحُسَينُ خَليفَةُ اللهِ وَإِمَامُ الأُمَّةِ

 تعلَّمتُ مِن الإِمامِ.. شرعِيَّةُ السُّلطةِ

 اقتران العلم بالعمل



 موسوعة الفقه للامام الشيرازي على موقع مؤسسة التقى الثقافية

 183- مباحث الاصول (مبحث الاطلاق) (1)

 351- الفوائد الاصولية: بحث الترتب (2)

 310- الفوائد الأصولية: القصد (1)

 قسوة القلب

 النهضة الحسينية رسالة إصلاح متجددة

 الأجوبة على مسائل من علم الدراية

 استراتيجية مكافحة الفقر في منهج الإمام علي (عليه السلام)

 236- احياء أمر الامام المهدي (عجل الله تعالى فرجه الشريف)

 نقد الهرمينوطيقا ونسبية الحقيقة والمعرفة



  • الأقسام : 91

  • المواضيع : 4564

  • التصفحات : 29424553

  • التاريخ :

 
 
  • القسم : الطهارة (1446هـ) .

        • الموضوع : 110- أربع تفصيلات أخرى في قاعدة المقتضي والمانع .

110- أربع تفصيلات أخرى في قاعدة المقتضي والمانع
الثلاثاء 15 ذو القعدة 1446هـــ



بسم  الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين سيما خليفة الله في الأرضين، واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
 
(110)
 
4- التفصيل بحسب درجة قوة المقتضي واحتمالات المانع
الرابع: أن نفصّل بحسب درجةِ قوّةِ الـمُقتضي ودرجة احتمال المانع، فإنَّ سيرةَ العقلاء على أنَّ الـمُقتضي لو كان قوياً والمانعَ ضعيفَ الاحتمال، فالأصلُ العملُ على طبقِ قاعدةِ الـمُقتضي والمانع. وتدلُّ على كلا الطرفين السِّيَر الآتية عامّةُ الابتلاءِ في الأستاذِ والطبيبِ والعاملِ، بناءً وغيره، وسيّارةِ الأجرةِ والحافلةِ، ونظائرُها كثيرة.
فإنَّ الأستاذ الذي يحضر إلى الدرس بنسبة 90% أو 80%، أي بما دون درجة الاطمئنان[1]، يبني التلامذة على حضوره كلَّ يوم، مع أنَّ الاستصحاب يقتضي العدم، إذا كان احتمالُ وجودِ مانعٍ، كالمرض وغيره، ضعيفاً كـ 10% أو 20%، ولا يتوقف على أن يكون موهوماً كـ 1% مثلاً، وما ذلك إلا للقاعدة كأمارةٍ ومرآةٍ[2]، لا كاحتياط. وأما لو كان الـمُقتضي لحضور الأستاذ ضعيفاً، والمانع قويّاً (كاحتمال 40% مثلاً)، فإنَّهم قد يحضرون احتياطاً، لكن لا كمرآةٍ وإمارةٍ تُفيدُ الظنَّ النوعي بمجيئه.
وكذلك ذهابُنا إلى مَطَبِّ الطبيبِ أو المحامي أو صاحب الشركة، مع أنَّ الأصل عدم حضوره غداً، إذ كان غيرَ حاضرٍ قبلَه (أي في ساعات الليل وأوائل الصبح مثلاً)، وليس من الاستصحابِ الاستقبالي؛ إذ ليس متعلق اليقين والشك واحداً؛ إذ الفرض أنَّ متعلَّقَ اليقينِ هو الـمُقتضي، وهو مُتيقَّنٌ به، ومتعلَّقُ الشكِّ المانع، والـمُقتضي لمجيئه هو مثلاً رغبته في تحصيل الربح أو في خدمة الناس، أو أنَّه يريدُ إيجاد سُمعةٍ حسنةٍ له بأنَّه مُلتزِمٌ بمواعيده وشبه ذلك، والمانعُ مرضُه الـمُحتمل أو مرض بعض أهله أو سفر طارئ أو حادثٌ تعرَّض له في الطريق... إلخ.
وكذلك حالُ العامل، من صبَّاغٍ وبنَّاءٍ وحدَّادٍ ونجَّارٍ أو خيَّاطٍ و...، الذي ننتظره ونبني على مجيئه، بحسب درجات قوّة الـمُقتضي لمجيئه ودرجات احتمال المانع.
بل نقول: كلُّ التجاراتِ والاستثماراتِ والزراعاتِ والصناعاتِ مبنيّةٌ على هذه القاعدة، فإنَّ الناس يؤسّسون المعامل والمصانع ويصدّرون ويستوردون بغرض الربح، معتمدين على أنَّ الـمُقتضي للربح موجودٌ، وهو رغبة الناس في البضاعة التي يريدون إنتاجها وتصنيعها أو استيرادها أو تصديرها[3]، والمانع الأصلُ عدمُه، وهو مثلاً احتمالُ أن تحدُث حربٌ بين البلدين تمنع الاستيراد، أو يتّخذ حاكمُ ذلك البلد قراراً بمنع التصدير، أو أن يخفضَ المنافسُ أسعارَه فنخسر فيما صنعناهُ وانتجناهُ.
وهكذا الزراعة، إذ الـمُقتضي لإثمار الأشجار ونموِّ البقولاتِ وغيرِها موجودٌ، والمانعُ وهو حدوثُ آفةٍ أو غيرها، الأصلُ عدمُه. لذا يُقدِمونَ على الزراعة، لكنَّهُ، بحسبِ هذا التفصيلِ، منوطٌ بدرجات قوّة الـمُقتضي ودرجات احتمال حدوث مانعٍ، فلو كان الـمُقتضي ضعيفاً، والمانع الـمُحتمل قويّاً، لزهدوا في زراعة ما شأنه ذلك، إلّا لو اضطرّوا إليه، إذ لم يجدوا بديلاً، مثلاً.
وبعبارةٍ أخرى: هذا التفصيل مبنيٌّ على معادلات حساب الاحتمال، والناس تدركه بفطرتها، نعم تبقى مساحة برزخية.
وقد بنى الشارع على ذلك في بعض المسائل، إذ حكمَ مثلاً بعزل مقدارِ إرث ذكرٍ واحدٍ، وقيل مقدار إرث ذكرين (لو لم يُعلمِ الحال أنه انثى أو ذكر واحد أو اثنان)، وذلك في صورة العلم بانعقادِ النطفة (إذ يجب ذلك حينئذٍ، أي حتى قبل ولوج الروح). فإذا وُلِدَ حيّاً ورِثَ فأورَثَ، وإن كان حيّاً لساعةٍ، وذلك صغرى قاعدة الـمُقتضي والمانع، إذ الـمُقتضي لنموّ الجنين، ثمَّ ولوج الروح فيه، ثمَّ ولادته، موجودٌ (وهو صحّة الأمِّ واقتضاءُ الرَّحم لذلك)، والمانع، من سقطةٍ أو ضربةٍ تُصيبُ بطنها أو غير ذلك، الأصلُ عدمُهُ، فيُبنى على وجوده، والظاهر أنَّ ذلك ليس حكماً تعبُّدياً، بل هو ممَّا يحكم به العقلاء أيضاً.
نعم، قد يُقيَّد هذا التفصيل بالتفصيل الآتي[4] وهو:
 
5- التفصيل بجريان العادة ونحوها وعدمه
الخامس: وقد يُفصل بجريان القاعدة كلّما كانت هناك عادةٌ لشخصٍ أو صنفٍ أو حتى للطبيعة، دون غير ذلك، ففي الأمثلة السابقة، حيثُ جرت عادةُ الأستاذ والطبيب والعمال و... على الحضور، بنَينا على حضورهم، دون ما لو لم تجرِ عادتُهم.
وكذلك إنتاجُ الأرض الزراعية، إذ جرت عادة الطبيعة، والرَّحم و... على الإنتاجِ، ونمو الجنين فولادته... إلخ، والعادة هي المدار وإن لم يحصل اطمئنان، كما في الاستصحاب، كما سيأتي.
والظاهر أنّ على هذه القاعدة، بحسب هذا التفصيل، بنى السيد الوالد (قدس سره) فتواه بأنّ من اعتاد الوضوء كل يوم بعد استيقاظه من المنام مثلًا، فإذا شكّ يومًا أنّه توضّأ بعد استيقاظه أو لا، فله أن يبني على كونه متوضّئًا، وإن كان مُقتضى الاستصحاب العدم.
أقول: وعلى ذلك فكذا من اعتاد إخراج زكاة فطرته أو خُمسِه كل سنة، فشكّ أنّه أخرج هذا السنة أو لا... وهكذا[5]، وسبيل الاحتياط معلوم، وكذا من اعتاد تطهير يده إذا تنجّست ببول أو دم، ثم شكّ في هذه المرّة أنّه طهّر أم لا؟
 
6- التفصيل بحسب الآثار
السادس: وقد يُقال بالتفصيل بحسب الآثار، فإنَّ العقلاء في مثال ما لو رمى رصاصةً أو سهماً قاتلاً وشكَّ في وجود مانعٍ، لظلامٍ ونحوه، يُفصّلون بعدم قتل الضارب (ما لم يُعلَم إصابتُه له وقتلُه)، ولكنهم في الوقت نفسه يحكمون عليه بالسجن، مثلاً، وما ذلك إلا لأنَّ القاعدة تثمر بعض الآثار كالثاني دون الأول، بنظرهم.
لا يُقال: العقاب للتجرِّي حينئذٍ؟
إذ يُقال: كلا، إذ أولاً: لعلَّ المشهور عدم العقاب على التجرِّي، أمَّا مثل المقام فالعقاب بسجنٍ ونحوه لا شكَّ فيه ظاهراً، بوجه آخر: لا تلازم بين القول بعقاب أحدهما والقول به في الآخر.
ثانياً: إنَّ التجرِّي حتى لو قيل بالعقاب عليه، إلَّا أنَّ الظاهر أنَّ العقلاءَ يُفرِّقون بين أنواع عقابهما، فالـمُتجرِّي (كما لو رماهُ بقصد قتله فظهر أنَّ المرمي كان شجرةً) قد يُعاقَبُ بعقابٍ، لكنَّ مَن رمى بقاتلٍ واحتمل وجود مانعٍ قد نفيناه بالأصل، يُعاقَبُ بعقابٍ أشدَّ أو بنوع آخر من العقاب.
7- التفصيل بين الاقتضاء الذاتي والاقتضاء الإرادي
السابع: وهناك تفصيلٌ آخر خطر بالبال القاصر بعد التدبُّر أكثر في المطلب، وبعد التدقيق في كلام الشيخ ههنا، والذي لو صح فسيظهر منه أنَّ الشيخ لم يُناقض ههنا مَبناهُ في الفرائدِ، ولم يَغفل عنهُ، ولم يَعدل، بل لعل الظاهر أنَّهُ ههنا مُفصِّلٌ، وهو التفصيل بين الاقتضاء الذاتيِّ وبين ما نصطلح عليه بالاقتضاء الإرادي، فالقاعدة جاريةٌ في الأول دون الثاني.
توضيحه: إنَّ العقلاء في مثالِ ما لو ألقى ورقةً أو خشبةً في النار واحتمل عدم احتراقها لرطوبةٍ أو مادّةٍ كيماويّةٍ، يُجرون القاعدة بعد نفي احتمال المانع ولو بالاستصحاب، وذلك لاقتضاء النار ذاتاً الإحراق، أي هي سببٌ تكوينيٌّ له لكنّ السبب لا يكون علّةً إلا بعد انتفاء المانع ولو بالأصل (ووجود الشرط)، وأمّا في أمثلة تشريع القانون في المجلس، وقضاء القاضي، وحكم الحاكم ممّا سبقت أمثلتُه، فلا يُجرون القاعدة نظراً لتوسّط إرادة الفاعل المختار، ولذا اسميناه الاقتضاء الإرادي أو الاختياري. فمثلاً، لو كان الـمُقتضي لأن يحكم القاضي غداً بطلاقها وَلَوِيّاً (إذ فُقِد الزوج ومضت أربع سنوات وهو مجهول الحال، أو شبه ذلك كما لو كانت في عُسرٍ وحرَجٍ شديدينِ من سجن زوجها المستمر إلى أمدٍ غير معلوم، على رأيٍ)، فإذا جاء الغد ومضى، فإنّهُ لا يصحُّ الاعتمادُ على القاعدة كي تبني على أنَّها مُطلَّقةٌ (بأن تقول: الـمُقتضى لحكمه كان موجوداً، والمانعُ، كمرض القاضي ذلك اليوم أو غفلته أو حصول بداء له.. إلخ) مشكوكٌ، والأصلُ عدمُه).
ولا يبعد أنَّ الشيخ (قدس سره)، إذ نفى حجيَّةَ القاعدة، أراد فيما لو كان الاقتضاء إرادياً، وأنَّه إذ حَكَمَ في المقام بنجاسة الماء المجهول إطلاقه وإضافته إذا لاقى النَّجِس، كان وجهه: أنَّ اقتضاء ملاقاة النَّجِس للنَّجاسة ذاتيٌّ لهُ. ويشهد له تعبيره بالذَّاتي، فلاحظ كلامه: (لأنّ المركوز في أذهان المتشرّعة اقتضاء النجاسة في ذاتها للسراية، كما يظهر بتتبّع الأخبار)[6]، فقوله: (في ذاتها) هو الشاهد على ذلك، فتخرج غير هذه الصورة وتبقى على أصالة عدم حجية القاعدة.
ثمَّ إنَّ قوله (ويدلّ عليه أيضاً أنّ المستفاد من أدلّة كرّية الماء: أنّها عاصمة عن الانفعال، فعلم أنّ الانفعال مقتضى نفس الملاقاة، فإذا شكّ في إطلاق مقدار الكرّ وإضافته لم يتحقّق المانع عن الانفعال، والمفروض وجود المقتضي له، نظير الماء المشكوك في كرّيته مع جهالة حالته السابقة)[7]، مبني عليه بل هو ظاهر قوله (فعلم أنّ الانفعال مقتضى نفس الملاقاة) ومن الواضح أنّ الاقتضاء ههنا ليس إرادياً بل هو ذاتي (بناءً على أنه لا فرق بين الذاتي التكويني والذاتي الجعلي التشريعي أو كونه ذاتياً تكوينياً) وسيأتي مزيد إيضاح كما سيأتي دفع دخل على التفصيلات السابقة فانتظر.
 
قال أبو عبد الله (عليه السلام): «أَوَّلُ نَاطِقٍ مِنَ الْجَوَارِحِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ؛ الرَّحِمُ تَقُولُ يَا رَبِّ مَنْ وَصَلَنِي فِي الدُّنْيَا فَصِلِ الْيَوْمَ مَا بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ وَمَنْ قَطَعَنِي فِي الدُّنْيَا فَاقْطَعِ الْيَوْمَ مَا بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ» الكافي: ج2 ص151.
 
وصلى الله على محمد وآله الطاهرين
 

 

  طباعة  ||  أخبر صديقك  ||  إضافة تعليق  ||  التاريخ : الثلاثاء 15 ذو القعدة 1446هـــ  ||  القرّاء : 22



 
 

برمجة وإستضافة : الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net