263- طرق معرفة ما هو من اصول الدين بمعنى العقيدة او الشريعة بالمعنى الاخص او الاعم ، وما هو اصل الوجود او الصحة او القبول : 1ـ مراجعة الروايات الخاصة في كل مورد 2ـ مراجعة الروايات العامة في اصول الدين وما ذكرته من المصاديق 3ـ ملاحظة مناسبات الحكم والموضوع : مثل روايات كفر من منع قيراطا من الزكاة 4ـ ملاحطة الاثار الاخروية المذكورة ، كالخلود في النار، او الشفاعة 5ـ ملاحظة الاثار الدنيوية : كالارتداد والتوارث وجواز النكاح والنجاسة... الخ وكذا قبول الشهادة واستحقاق الزكاة وامامة الجماعة ... الخ ـ الدوائر الستة
الاثنين 11 جمادى الآخر 1434هـ





بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين سيما خليفة الله في الأرضين، واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
انتهى بنا البحث إلى بيان أن الإطلاقات في أصول الدين، كالكثير من نظائر هذه اللفظة وهذا المصطلح، هي إطلاقات متعددة, ووصلنا إلى تصوير الجامع بين هذه الإطلاقات أو الذهاب إلى القسائم الأخرى في تحديد أن الموضوع له ما هو، وذكرنا احد عشر وجهاً في الموضوع له
وأما مبحث اليوم فهو مبحث نشير لمفاتيحه فقط أيضاً, ونترك تفصيله وتحقيقه لعلم الكلام؛ وهو انه بعد الفراغ عن ثبوت وجود إطلاقات متعددة، وتصوير نحوِ الموضوع له، ننتقل إلى المبحث الجديد وهو: ما الطريق إلى تحديد وإحراز المراد من هذا الإطلاق في هذه الرواية؟ لأن الإطلاقات إذا كانت متعددة، سواء أكانت بنحو المشترك اللفظي أم بنحو المشترك المعنوي، فاللازم أن نبحث عن الطرق التي توصلنا إلى تحديد المراد بهذا المصطلح من جهة وتحديد[1]أن أصول الدين ههنا يراد بها أصول العقيدة ام يراد بها أصول الشريعة بالمعنى الأعم أم يراد بها اصول الشريعة بالمعنى الأخص؟ وأيضاً تحديد أن هذا الأصل هو أصل الوجود أو أصل الصحة أو أصل القبول أو ما أشبه ذلك، فنشير إلى مفاتيحها وبعضها نذكر له مثالاً واحداً فقط.
طرق تحديد المراد من الإطلاقات
1- الروايات الخاصة
الطريق الأول: أن نرجع إلى الروايات الخاصة الواردة في كل مورد مورد، في باب الزكاة والصلاة والولاية وما أشبه ذلك, وهذا يستدعي بحثاً مطولاً ودائرته تتسع لتشمل المئات ولعله الألوف من الروايات.
2- الروايات العامة
الطريق الثاني: ملاحظة العناوين العامة الواردة في الروايات والمصاديق التي ذكرت في تلك العناوين العامة لتلك الإطلاقات، كملاحظة مصطلح مسلم وكافر ومصطلح أصل الدين أو أصول الدين وما أشبه ذلك من المصطلحات التي أشرنا لها سابقاً هذا هو الطريق الثاني, ولا نتوقف عند هذا الطريق أيضاً.
3- مناسبات الحكم والموضوع
والطريق الثالث: ملاحظة مناسبات الحكم والموضوع؛ فمناسبات الحكم والموضوع أيضاً قد ترشدنا إلى أن هذا الإطلاق أريد بأصل الدين: اصل العقيدة أو اصل الشريعة، نذكر مثالاً واحد لهذا مثلاً السيد ابو الحسن الأصفهاني في وسيلة النجاة في كتاب الزكاة يقول:( وهي في الجملة من ضروريات الدين وان منكرها مندرج في سبيل الكافرين) أي كافر هذا؟ الكافر العقدي، أم الكافر الشَّرَعيَ نسبة إلى الشريعة كالمَدَنيَ (وان مانع قيراط منها ليس من المؤمنين ولا من المسلمين) فمن منع قيراطا من الزكاة فليس بمسلم (وليمت إن شاء يهودياً وإن شاء نصرانياً)[2] وكلام السيد الأصفهاني هو نص بعض الروايات, والرواية هكذا عن الإمام الصادق (عليه السلام) (من منع قيراطا من الزكاة فليس هو بمؤمن ولا مسلم ولا كرامة) ولعل المقصود: لا كرامة له عند الله، فلو قال مثلاً إني آمنت بالله، ولكن يقال له: أن إيمانك (ما يسوى) وغير معتد به ولا إكرام وكرامة لك به لفقد شرطه، وفي رواية أخرى ورد (من منع قيراطا من الزكاة فليمت إن شاء يهودياً أو نصرانياً) وكذلك توجد في الحج الروايات المشابهة المعروفة.
هنا ينبغي أن نتوقف في الروايات وندرس ما هو المراد من (فليس بمؤمن ولا مسلم) كما هو نص الرواية، وصرح بذلك العديد من الفقهاء أيضاً، فما هو المراد بذلك؟ هل المراد الإطلاق الأولي للكفر أم الثاني أم الثالث؟، هذا مما ينبغي ان يبحث, وبمناسبة الحكم والموضوع قد يتوصل إلى التحديد على تأمل، لكن لنفتح مجالاً للبحث بان يقال: ما يرتبط بشؤون القلب والاعتقاد فإنكاره يؤدي للكفر؛ وما يرتبط بشؤون العمل فعدم العمل به يؤدي للكفر بالإطلاق الثاني, يعني الكفر العملي أو إن شئت فقل يكون منكراً للشريعة لا للعقيدة، فقد يقال بذلك, والحديث حول هذا مطول لكن بنائنا على أن لا نتوغل في هذا البحث بل نشير لعناوين البحث إشارة، والسيد الوالد له كلام مفيد في الفقه حول ذلك يمكن أن يراجع, إذن هذا طريق ملاحظة مناسبات الحكم والموضوع.
4- الآثار الاخروية والدنيوية
الطريق الرابع: ملاحظة الآثار المذكورة في الآيات والروايات لكل ما أطلق عليه لفظ أصل الدين أو ما أطلق فيه لفظ الإسلام والمسلم وما أشبه ذلك، وهذه الآثار تنقسم إلى الآثار الأخروية والآثار الدنيوية.
أ- الآثار الاخروية
أما الآثار الأخروية فمنها ما هو معروف ومنها ما لم أجد من طرحه، فمن المعروف: ما يوجب الخلود في النار، فانه قد يقال بأنه ضابط للكفر العقدي، فكل أصل من أصول الدين بمعنى العقيدة، لو أنكره فانه مخلد في النار، كالشرك بالله سبحانه وتعالى وإلا فلا, فهذا ضابط بشكل عام قد يخصص بأدلة أخرى لكنه ضابط عام فارز بين القسمين بشكل إجمالي، فتأمل
وأما الضابط الثاني الذي لم أجد في استقراء ناقص من بحثه، وهو حري بالتأمل ولو كان مبنانا على التفصيل لدخلنا فيه, وهو ضابط عدم صلاحية المنكر لهذا أو التارك له للشفاعة بقول مطلق، فانه قد يعد من الضوابط أو الكواشف عن الكفر العقدي فمن لم يصلح للشفاعة، حسب الآيات أو الروايات، بقول مطلق فهو كافر كفراً عقدياً، نذكر آيتين شريفتين كمثال على ذلك: الاولى: قوله تعالى: (إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ) لماذا؟ إذن هذه الوساطة والشفاعة غير مجدية (ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ) فهنا إطلاق لكفروا، فهذا الإطلاق أيّ معنى يراد به؟ (ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ) هذا الذي يكفر بالله ورسوله لا يمكن بالاستغفار حتى استغفار الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) أن يغفر له، اذن هذا (عدم صلاحيته لأن يستغفر له أبداً) يمكن أن يعد ضابطاً.
الآية الثانية: التي ينبغي أن تبحث مطولاً، وقد بحثت في بعض التفاسير كالتبيان للشيخ الطوسي ومجمع البيان والصافي والتبيين فلم أجدهم بحثوا ما أشير إلى عنوانه مما ينبغي أن يبحث, قال تعالى: (مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ * قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ) البحث الأول غير المطروح هو أن (لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ) ما المراد بها؟, (لأن هذا سبب الدخول في سقر، كما ان الآية في نهايتها (فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ) وهذا بيت القصيد) هل المراد صرف تركهم الصلاة ولو طول عمرهم، أم المراد ترك الصلاة عن لا اعتقاد، والحذف خلاف الأصل لا يصار إليه إلا بدليل وكذلك الحال في سائر الأسباب المذكورة اللاحقة. بعبارة أخرى: قوله تعالى (قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ) فهل عدم كونه من المصلين ولو طوال عمره لكن مع كونه معتقداً موجب لأن لا يستحق الشفاعة بقول مطلق وأن يُسلك في نار جهنم فهو كافر بالمعنى الأخص، أم لا؟ هذا بحث، ( قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ * وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ) الأمر فيه كذلك أيضاً، والمراد الزكاة الواجبة (وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ) مع من يخوض في أمرٍ مُعادٍ للدين مستهزئاً بالله ورسوله مثلاً كنا نخوض معهم (وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ) وهذا الرابع واضح انه من أصول الدين لكن ما سبقه ينبغي النقاش فيه (حَتَّى أَتَانَا الْيَقِينُ) اليقين على احتمال الموت، وعلى احتمال ثان إذ رأوا الحقائق (فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ) ههنا بيت القصيدة, فهل يصح القول بشكل مطلق عند تتبع الآيات والروايات أن كلما صُرِّح فيه بانه لا يستحق فاقده الشفاعة بقول مطلق؛ أي لا يصلح لها ولا تنفعه أبداً، فهو من أصول الدين، أي منكره أو غير العامل به كافر بالمعنى الأخص أو لا؟ ولعل المستظهر مبدئياً بشكل عام نعم, ولكن فيه بعض الكلام مما يستدعي عقد بحث خاص له.
البحث الآخر الذي لم أجد من بحثه في هذه الآية، كسائر الآيات التي مجال البحث فيها واسع، هو أن هذه الآية عندما تقول (فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ) في رأسها[3] وفي أولها عندما تقول (مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ) هل المراد كل واحد واحد من هذه الأربعة بنحو اللا بشرط، هو سبب أن يُسلك أي يُدخل في جهنم وانه لا تنفعه شفاعة الشافعين هذا احتمال، أو المراد ان مجموعها أي بشرط شيء أي هذا المجموع لو اجتمع فهو أصل ومن لم يلتزم بهذا الأصل فهو كافر بالمعنى الأخص؟ (مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ * قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ * و) فهل هذه الواو على سبيل البدل أو على سبيل الانضمام والشرطية؟ هنا كلام، و الحديث في هذا الحقل طويل.
الآية الثالثة: (وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلَى جَهَنَّمَ وِرْداً * لا يَمْلِكُونَ الشَّفَاعَةَ إِلاَّ مَنْ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْداً )ما المراد بالعهد؟ هنا نلجأ الى الروايات، والعديد منها موجود في تفسير القمي والكافي الشريف، وقد نقل تفسير الصافي بعضها، فعن الإمام الصادق (عليه السلام) في تفسير الآية ( إِلاَّ مَنْ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْداً): (إلا من دان الله بولاية أمير المؤمنين...)، فهذا هو العهد,و هذا يعني أنه أصل من أصول الدين فلولا ذلك فلا شفاعة له (إلا من دان الله بولاية أمير المؤمنين والأئمة من بعده فهو العهد عند الله) وهذا تفسير الإمام (عليه السلام) للآية الشريفة (وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلَى جَهَنَّمَ وِرْداً * لا يَمْلِكُونَ الشَّفَاعَةَ إِلاَّ مَنْ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْداً).
والحاصل: انه قد يستفاد من هذه الآية بضميمة الروايات ان الولاية أصل من أنكرها فلا عهد له عند الله وهو ان كان عالماً عامداً أو كان مقصراً - في النار فهي أصل في الدين بالمعنى الأول، والآيات حول هذا البحث متعددة والروايات بالعشرات إن لم تكن بالمئات[4] ومن أحب من الأعلام أن يدخل في تحقيق هذا الحقل فانه حقل غني وواسع المجالات وان قسماً كبيراً منه قد بحث لكن هناك قسم من أمثال هذه مما لم يبحث.
إذن الطريق الآخر هو أن نلاحظ الآثار الأخروية المذكورة لكل مفردة مفردة، ومنها الخلود في النار ومنها عدم الصلاحية للشفاعة وعدم نفع الشفاعة له ومنها غير ذلك.
ب – الآثار الدنيوية
وأما الآثار الدنيوية فهي طريق آخر، وقد بحثها الفقهاء جيدا إنصافاً فعندما نتتبع نجد أن الفقهاء ذكروا مجموعة ضوابط، جرى بحثها إنصافاً بشكل جيد، فمن الضوابط للتفريق بين أصول الدين بالمعنى الأخص والمعنى الأعم؛ الطهارة والنجاسة، هذا ضابط فمن هو نجس ليس بمسلم ومن هو مسلم ليس بنجس, لاحظوا القضيتين وعندنا قضية ثالثة وسطى وهي: من هو طاهر فهو مسلم؟ فالكتابي على رأي طاهر, لكنه ليس بمسلم.
والحاصل: القضايا ثلاثة: (من هو مسلم فهو طاهر) هذه القضية الأولى, القضية الثانية (من هو نجس) ولم نقل من ليس بمسلم فهو نجس كي يقال بوجود خلاف كما في الكتابي، القضية الثانية (من هو نجس ليس بمسلم) النجاسة المعنوية وليس المادية، إذن هذا ضابط ذكره الفقهاء وبحثوه.
الضابط الآخر هو الارتداد الفطري والملي.
الضابط الآخر من الآثار، التوارث وعدمه فإن أهل ملتين لا يتوارثان، أما منكر الولاية بالمعنى الأخص فهو يرث, يعني ان المخالف يرث من الشيعي إذن ما هو حال المصطلح ههنا، إذ بلحاظ الآثار قد يتوهم وجود تصادم مبدئي, تلك الآية الشريفة مع الرواية (إِلاَّ مَنْ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْداً) فظاهرها ان الولاية أصل من أصول الدين بالمعنى الأخص فمنكرها يخلد في النار, أما هذه المسألة الجديدة فقد تعطي عكس ذلك، فكيف نتعامل مع المسألتين، أي السني يرث من الشيعي فإذا كان وارثاً فليس كافراً بالمعنى الأخص فكيف نجمع؟[5]
وكذلك من الآثار جواز النكاح وعدمه في الجملة، لأن الكتابية يجوز نكاحها، لكن الكلام فيمن عداها.
ومن جملة الاثار جواز النظر وعدمه, على رأي بعض, فإن البعض يرى أن غير المسلمة يجوز النظر إليها بشرط عدم الشهوة لأن النظر إلى عورة الكافر كالنظر إلى عورة الحمار[6] فلا حرمة له، والبعض لم يفت بذلك ولكن البعض الآخر أفتى بذلك, والذي أفتى إنما افتى بقيد عدم الشهوة أن لا يكون بشهوة ولا ريبة ولا خوف افتتان، والحاصل ان جواز النظر وعدمه من الضوابط في بعد الآثار، فان المخالفة لا يجوز النظر إليها كالمؤمنة، إلا (على حسب الفتوى المعروفة) قرص الوجه بشروطه والكفين وما أشبهه.
إذن هذه مجموعة ضوابط مذكورة في الفقه
ضوابط الإيمان
ثم هناك مجموعة ضوابط أخرى, عندما نلاحظها نجد ان الفقهاء حللوها، لكن هذه الضوابط الجديدة هي ضوابط للإيمان وليست للإسلام، أي ان فاقدها مسلم بالمعنى الأعم وإن لم يكن مؤمناً ولا مسلماً بالمعنى الأخص مثل الصلاحية لإمامة الجماعة، والصلاحية لمرجعية التقليد, والصلاحية للقضاء، فالمخالف لا يصلح لمرجعية التقليد، كما لا يصلح لإمامة الجماعة, ولا يصلح لأن يكون قاضياً هذه ثلاثة، كذلك قبول الشهادة، فان المخالف شهادته لا تقبل، في إطار البينة, والمخالف حسب رأي جمع من الفقهاء لا يصلح لرئاسة الحكومة .
المثال الآخر والذي هو تقريباً مجمع عليها هو استحقاق الزكاة فان المخالف لا يستحق الزكاة الواجبة، فمن عدم استحقاقه للزكاة يعرف عدم إيمانه فتأمل (طبعاً يوجد استثناء وهو: سهم المؤلفة قلوبهم ومن سهم في سبيل الله في الجملة وهذا استثناء قد يغفل عنه البعض, لأن الزكاة تقسم على ثمانية أصناف والمخالف لا تشمله الزكاة ولا يستحقها ولو دفعها إنسان له لم تبرأ ذمته إلا من هذين السهمين الأخرين, سهم المؤلفة قلوبهم لو انطبق عليه, وسهم في سبيل الله في الجملة وله تفصيل).
الدوائر الست
وهناك ضوابط أخرى تحدد الدوائر الأضيق من الإسلام وأصل الدين وقد تنفي مع الإبقاء على الدائرة الأوسع.
واختصر بشدة فأقول: فان المراتب والدوائر التي يمكن عبر التتبع في الروايات بلحاظ آثارها، هي ستة:
الدائرة الأولى: الإسلام.
الدائرة الثانية: الإيمان.
الدائرة الثالثة: العدالة.
الدائرة الرابعة: مراتب الورع والفضيلة، هذه الدوائر التي عبارة أصول الدين وردت فيها, ولا نتكلم بشكل مطلق، مثلا في رواية الكافي حيث يقول عليه السلام (وأكثروا من التهليل والتقديس والتسبيح والتضرع إليه) فهذه اعتبرت في الرواية[7] انها من أصول الدين فما المراد من ذلك؟ الظاهر انه مندرج في الدائرة الرابعة، في أصول مراتب الورع والفضيلة.
الدائرة الخامسة: دائرة قبول الأعمال، ولها بحث مفصل جداً.
الدائرة السادسة: دائرة المقدِّمية مثل الحسد، فإن الحسد إذا أطلق على من ابتلي به انه ليس بمسلم أو هو كافر[8]، أو ما أشبه فهذا بلحاظ الدائرة السادسة لأن الحسد أو الكبر كثيراً ما يجر إلى الكفر كإنكار وجود الله أو إنكار رسالة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)، كما حدث ذلك لإبليس.
النتيجة: ان الروايات ينبغي أن تلاحظ في هذه الدوائر الستة: بلحاظ الآثار وبلحاظ مناسبات الحكم والموضوع وبلحاظ الأدلة الخاصة والعامة وبلحاظ أمر آخر غداً نشير إليه إشارة، وهو: بلحاظ الجمع بين الروايات, فان الجمع بين الروايات قد يفيد تخصيص بعض عموماتها ببعض المخصصات أو المقيدات، وسنذكر له مثالاً واحد من كلام الشيخ إن شاء الله ونذكر فرعا مختصرا, ثم في النصف الثاني غدا من البحث الأول سنبدأ بحث حجية المنامات وعدمها إن شاء الله.
وصلى الله على محمد وآله الطاهرين
[1] توضيحا للجهة الاولى
[2] - وسيلة النجاة ج1 ص268.
[3]- لا يعبر عن نهاية الآية بـ(ذيلها) احتراماً، بل يقال (رأس الآية).
[4] - وقد جمع بعضها العلامة المجلسي في بحار الأنوار.
[5] - أشار الفقهاء إلى وجه الجمع فراجع (الجواهر) و(الفقه) و(مصباح الفقاهة) وغيرها.
[6] - راجع الجواهر ج2 ص5 وقد ارتأى صاحب الجواهر ضعف الروايتين وارسالهما وعدم الجابر.
[7] - على أحد الاحتمالين فراجع ما سبق.
[8] - في رواية الكافي (فان الكفر أصله الحسد) ثم ورد ان آخر الرواية (أصول الدين الله) – وقد ذكرنا الاحتمالين سابقاً في المراد من ذلك فراجع
الاثنين 11 جمادى الآخر 1434هـ
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |