280- 1ـ (تفسير الاحلام بمفردات من القران الكريم) يرِد عليه أ ـ لا دليل من الكتاب او السنة عليه ب ـ لاوجه عقلي وجيه له ، وسنن الله محددة بالقرآن او السنة او الاستقراء المعلل ج ـ ان الضوابط هذه لوهنها لم يلتزموا هم بها د ـ اختلاف الايات المرجعية هـ ـ العرش غير ثابت ، اذ الكلام في التعبير وضابطه بعد الفراغ عن صحة اصل الرؤيا المصداقية، ولادليل عليه ـ تفسير الاحلام باللغة : من حيث اشتقاق الكلمات ومعانيها واضدادها يرد عليه اضافةالى ما سبق ـ تناقض الضوابط فيما بينها الى تناقض مؤدياتها
الاثنين 16 رجب 1434هـ





بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين سيما خليفة الله في الأرضين، واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
ملخص ما تقدم
كان الحديث حول الأدلة العقلية التي أقاموها على حجية الأحلام، ومنها انها كثيرا ما تصيب، فإصابتها ليست بالأمر النادر ولا بالقليل بل الإصابة كثيرة فهي اذن حجة ولو في الجملة، وتقدم بيان ذلك وتقدمت مجموعة من الأجوبة على ذلك، إلى ان وصلنا إلى انهم ذكروا مجموعة من الضوابط تعد كأصول لعلم الأحلام فتكون هي المرجع للتمييز بين الغث والسمين وبين الصحيح والخطأ وبين الأحلام الصادقة والكاذبة
من أصولهم: مطابقة الرؤيا للقران الكريم
وكان من الاصول هو مطابقة الرؤيا للقرآن، والظاهر انهم اقتبسوا ذلك من المبحث الأصولي الشهير: ان الخبرين المتعارضين يرجح احدهما بمطابقته للكتاب، فقالوا بمثل ذلك في الاحلام بل ان اصلها يصحح بالمطابقة، واجبنا عن ذلك بوجوه، كان الأول منها: انه لا دليل من الكتاب ولا من السنة على ذلك، الوجه الثاني انه لا وجه عقلي تاما يدل على ذلك.
ونضيف: انه لم تجر عادة الله سبحانه على ذلك ولم تكن هذه سنة من سننه؟ فان لله سنناً في الحياة، وهذه السنن اما صرح بها في القرآن او الروايات او ساقنا اليها الاستقراء المعلل، وهذه الثلاثة ليست موجودة في المنامات بمعنى انه لم يدل الكتاب ولا السنة ولا الاستقراء المعلل على ان سنة الله قد جرت على ان كل ما رؤي في المنام فانه ان كان حقا يكون تفسيره مطابقا لتلك المفردة المشابهة التي وردت في الكتاب، وكمثال فان هناك سنناً إلهية مذكورة في القرآن منها قوله تعالى: (وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلاَّ بِأَهْلِهِ) فهذه سنة الهية (فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلاَّ سُنَّةَ الأَوَّلِينَ فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلاً وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَحْوِيلاً )والسنن كثيرة وهي إما مذكورة في القران او السنة واما انها اكتشفت عن طريق التتبع والاستقراء، بقيد المعلل؛ والا لما كانت حجة واما مطابقة الاحلام للكتاب فقد ثبت اختلافها وتخالفها، فاية سنة يمكن ادعاؤها مع ذلك؟، هذه تتمة موجزة للبحث السابق.
ج ـ ان الضوابط هذه لوهنها لم يلتزموا هم أيضاً بها
اما الجواب الاخر:فهو ان هذا الضابط الذي ذكروه من الوهن والضعف بحيث انهم لم يستطيعوا بانفسهم الالتزام به، مما يكشف عن ضعف هذا الضابط حتى في نظر من يقول به، فاذا راينا الفقيه مثلا لا يلتزم بحجية خبر الثقة في الفقه فيكشف ذلك عن ان قوله في الاصول (خبر الثقة حجة) لم يكن مؤصّلاً عنده أو لم تكن حدوده واضحة لديه حتى يميز بين خبر الثقة الذي ينبغي ان يتمسك به وغيره، وبالتتبع نجد ان كل اصل ذكروه لم يلتزموا به في تطبيقاتهم على مصاديق الاحلام بل انهم عدّوه مجرد وجه من الوجوه المحتملة لتعبير المنام، وسنذكر مثالا واحداً لذلك
فمثلا: ما سلف من تعبيرهم: ان البيض يفسر بالمرأة، وعليه فانه اذا رؤي في المنام فأنه يكشف مثلاً عن ان الرجل سيتزوج لقوله تعالى (كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَكْنُونٌ )لكن عندما نرجع إلى تعبيراتهم عن البيض مصداقيا نجدهم يفسرون البيض بالولد الشريف! مع ان الاية تتحدث عن البنات (كَأَنَّهُنَّ )فلا التزام لهم إذن بما اصّلوه، مما يدل على ان هذا الضابط عندهم لم يكن اصلا حقيقة، كما فسروا البيض بالذهب والفضة بوجه استحساني وهو ان بياضه يدل على الفضة وصفاره يدل على الذهب!، كما فسروا البيض بالقبر لأن البيض فيه قشر وفيه شيء مستبطن فيه!، اذن اية مرجعية للقران الكريم في تعبير الاحلام والحال ان وجوها عديدة متكثرة بادنى مناسبة تذكر للشيء الواحد؟ فأين النساء والبنات من البنين واينها من الذهب والفضة والقبور وغير ذلك؟، ولا وجه لترجيح أحدها الا فراسة المعبر[1] وهي امر غير منضبط بالمرة، فلا ضابط مرجعي إذن، بل القضية اصبحت ذوقية!، اما في (الأصول) فهناك ضوابط نوعية يتحاكم اليها مثلا خبر الثقة حجة فلكل من المتخالفين اجتهاداً ان يحتج به على الآخر، لكننا إذا قلنا ان خبر الثقة ذوقي فاذا اقتضت فراستك كونه حجة فهو حجة واذا كانت فراستك على انه ليس بحجة فهو ليس بحجة ألا يلزم من ذلك الفوضى في علم الاصول والفقه؟ وذلك هو ما يوجد في الاحلام تماماً.
د ـ اختلاف الآيات المرجعية
الوجه الرابع: ونتوقف فيه في الضابط نفسه فنقول ان هذا الضابط غير ضابط وذلك نظراً لاختلاف الايات المرجعية، إذ تارة نبحث نسبة هذا الضابط بالقياس إلى بقية الضوابط وتارة نتوقف عند نفس الضابط، فلو فرض بان هناك علاقة الاقتضاء بين المفردات القرآنية وبين ما يرى في المنام (وهو واضح البطلان إذ ليست هناك علاقة علية ومعلولية ولا دل دليل من العقل او النقل على ذلك)، لكن المشكلة هي ان الايات المرجعية مختلفة، فلو كانت الايات المرجعية في كل موضوع آية واحدة لتم هذا الكلام في الجملة، لكن الايات المرجعية مختلفة والمفردة الواحدة قد تقع في سياقات مختلفة متناقضة اي تفيد فوائد مختلفة فكيف يصح ارجاع المفردة في تعبيرها بورودها في اية، والحال انه قد وردت في كثير من الاحيان في ايات اخرى في سياق مضاد او مناقض.
توضيح ذلك ببعض الأمثلة العملية (وهي مسائل الاحلام تطبيقا لكلياتها واصولها) فمثلا فسروا النار في المنام بوقوع حرب لقوله تعالى: (كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَاراً لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ) لكن يرد عليهم ان النار وردت في سياقات اخرى ايجابية او في سياقات سلبية لكن لها دلالات اخرى مثلا قوله تعالى (أَنْ بُورِكَ مَنْ فِي النَّارِ وَمَنْ حَوْلَهَا) فاذا كان المرجع الايات فان هذه الاية تدل على البركة والخير والخصب والرخاء، او الاية (يَا نَارُ كُونِي بَرْداً وَسَلاماً عَلَى إِبْرَاهِيمَ) فلو كانت النار تفسر – كسائر المنامات – بالآيات فلو طبقت على هذه الاية لكان مفاد رؤية النار في المنام الاستقرار والامن والسلام في البلاد ولدلت هذه الرؤيا على قدوم موسم البرد مبكرا مثلا وما اشبه، وكذلك الاية القرانية الأخرى (نَاراً أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ) فالنار لو فسرت بهذه الاية فيكون المعنى ان هذا الشخص هو من اهل جهنم، ولا دلالة لها على هذا بحدوث حرب في الدنيا.
والحاصل: ان الايات المرجعية مختلفة، فالضابط غير منضبط بحد ذاته، وإذا كان كذلك فما هو الضابط لتفسير هذه النار المشاهدة في المنام، بتلك الاية لا بهذه الاية أو العكس، مع ان كلها ممكن.
ان قلت: نضم بقية الضوابط؟
قلت: الكلام يجري فيها كما يجري ههنا، فانها متخالفة في ذاتها – كما سيأتي – ومتعارضة مع سائر الضوابط، كما سيأتي.
هـ ـ العرش غير ثابت ، اذ الكلام في التعبير وضابطه بعد الفراغ عن صحة اصل الرؤيا المصداقية، ولا دليل على أصل صحتها
الاشكال الخامس :نقول ان هذا كله مبني على فرض كون هذه الرؤيا صحيحة في اصلها مطابقة للواقع في جوهرها، وكون المشكلة في تعبيرها، لكن من اين لنا تحديد ان هذه الرؤيا ليست من إلقاءات الشيطان؟ ومن اين لنا ان هذه الرؤيا من حديث النفس؟ ومن اين ان هذه الرؤيا ليست من ضغط المحيط والبيئة؟ ومن اين ان هذه الرؤيا ليست من بعض العوامل الجسمية؟ فاذا كانت كذلك فهي خاطئة من اصلها، انما لو كانت صحيحة فرضا بان لم تكن من هذه الاربعة وكانت مما شاهدتها النفس في الملأ الأعلى فعندئذ نسأل عن تفسيرها ونقول ان هذه قد تفسر بالقران الكريم مثلاً، لكن ثبِّت العرش ثم انقش وهذا اشكال عام وسيال، اذن هذا الاصل غير تام.[2]
تفسير الاحلام باللغة : من حيث اشتقاق الكلمات ومعانيها واضدادها ويرد عليه أيضاً تناقض الضوابط
الاصل الاخر من أصول تعبير الأحلام: هو (اللغة) وحسب تعبير بعضهم (معرفة اللغة من حيث اشتقاق الكلمات ومعانيها واضدادها)، وذكرنا انهم فسروا النعناع بالنعي والنارنج برؤية النار والسفرجل فسروه بالسفر والكفر فسروه بالستر.
والإشكالات على هذا الاصل كالاصول الاخرى مشتركة، لكن سنخص كل واحد منها باشكال جديد، واما الاشكالات المشتركة فهي:
ان هذا مدعى بلا دليل، فمن اين ان الرؤيا تعبر بالجذر اللغوي لتلك الكلمة او بمعنى تلك الكلمة او مضادها؟ ان ذلك مما لم يدل عليه كتاب ولا سنة ولا عقل، ومن اين ان هناك علاقة علّية او اقتضاء بين الكلمات وبين الرؤى؟ فهذا اول الكلام، وايضا الوجوه الخمسة الاخرى التي ذكرناها فانها سيالة، ومنها ان هذا فرع ثبوت الرؤيا بالاساس اما لو كانت اضغاث احلام فهي باطلة بالمرة كما قال الرسول صلى الله عليه واله وسلم (هذا ليس بشيء)[3]، اذن الإشكالات مشتركة لكن نذكر اشكالا جديدا وبه فائدة جديدة وهو اشكال لطيف [4]، فنقول:
الضوابط المرجعية التي ذكروها يرد عليها، اضافة إلى الاشكال السابق من ان الضابط في حد ذاته غير منضبط وانه قد يقتضي الشيء ونقيضه، ان هذه الضوابط متهاترة في حد ذاتها ومتناقضة ويضرب بعضها بعضا فكم هي هزالة هذه الاصول بالقياس إلى ما يذكر في علم الاصول!، توضيح ذلك: ان ما يذكر في علم الاصول من اصول فانها منضبطة اولا وغير متضاربة ثانيا، ولو وجد تضارب مبدئي فان هنالك ضوابط تحل التضارب مثلا (خبر الثقة حجة) و(الاستصحاب حجة) فلو تعارضا فنرجع للضابط المرجعي للضوابط فانه لو تعارض خبر الثقة مع الاستصحاب فهناك ضابط يفيد ان الاستصحاب محكوم بخبر الثقة وخبر الثقة حاكم عليه او وارد[5]، فهذا ضابط مرجعي للضوابط، كذلك لو تعارض خبرا ثقتين فان هناك ضوابط مرجعية مذكورة في الروايات والاصول كـ(عَنْ عُمَرَ بْنِ حَنْظَلَةَ قَالَ سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عليه الصلاة والسلام عَنْ رَجُلَيْنِ مِنْ أَصْحَابِنَا بَيْنَهُمَا مُنَازَعَةٌ فِي دَيْنٍ أَوْ مِيرَاثٍ فَتَحَاكَمَا إِلَى السُّلْطَانِ وَ إِلَى الْقُضَاةِ أَ يَحِلُّ ذَلِكَ قَالَ مَنْ تَحَاكَمَ إِلَيْهِمْ فِي حَقٍّ أَوْ بَاطِلٍ فَإِنَّمَا تَحَاكَمَ إِلَى الطَّاغُوتِ وَ مَا يَحْكُمُ لَهُ فَإِنَّمَا يَأْخُذُ سُحْتاً وَ إِنْ كَانَ حَقّاً ثَابِتاً لِأَنَّهُ أَخَذَهُ بِحُكْمِ الطَّاغُوتِ وَ قَدْ أَمَرَ اللَّهُ أَنْ يُكْفَرَ بِهِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَ قَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ قُلْتُ فَكَيْفَ يَصْنَعَانِ قَالَ يَنْظُرَانِ إِلَى مَنْ كَانَ مِنْكُمْ مِمَّنْ قَدْ رَوَى حَدِيثَنَا وَ نَظَرَ فِي حَلَالِنَا وَ حَرَامِنَا وَ عَرَفَ أَحْكَامَنَا فَلْيَرْضَوْا بِهِ حَكَماً فَإِنِّي قَدْ جَعَلْتُهُ عَلَيْكُمْ حَاكِماً فَإِذَا حَكَمَ بِحُكْمِنَا فَلَمْ يَقْبَلْهُ مِنْهُ فَإِنَّمَا اسْتَخَفَّ بِحُكْمِ اللَّهِ وَ عَلَيْنَا رَدَّ وَ الرَّادُّ عَلَيْنَا الرَّادُّ عَلَى اللَّهِ وَ هُوَ عَلَى حَدِّ الشِّرْكِ بِاللَّهِ قُلْتُ فَإِنْ كَانَ كُلُّ رَجُلٍ اخْتَارَ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِنَا فَرَضِيَا أَنْ يَكُونَا النَّاظِرَيْنِ فِي حَقِّهِمَا وَ اخْتَلَفَا فِيمَا حَكَمَا وَ كِلَاهُمَا اخْتَلَفَا فِي حَدِيثِكُمْ قَالَ الْحُكْمُ مَا حَكَمَ بِهِ أَعْدَلُهُمَا وَ أَفْقَهُهُمَا وَ أَصْدَقُهُمَا فِي الْحَدِيثِ وَ أَوْرَعُهُمَا وَ لَا يَلْتَفِتْ إِلَى مَا يَحْكُمُ بِهِ الْآخَرُ قَالَ قُلْتُ فَإِنَّهُمَا عَدْلَانِ مَرْضِيَّانِ عِنْدَ أَصْحَابِنَا لَا يُفَضَّلُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا عَلَى الْآخَرِ قَالَ فَقَالَ يُنْظَرُ إِلَى مَا كَانَ مِنْ رِوَايَتِهِمْ عَنَّا فِي ذَلِكَ الَّذِي حَكَمَا بِهِ الْمُجْمَعُ عَلَيْهِ مِنْ أَصْحَابِكَ فَيُؤْخَذُ بِهِ مِنْ حُكْمِنَا وَ يُتْرَكُ الشَّاذُّ الَّذِي لَيْسَ بِمَشْهُورٍ عِنْدَ أَصْحَابِكَ فَإِنَّ الْمُجْمَعَ عَلَيْهِ لَا رَيْبَ فِيهِ وَ إِنَّمَا الْأُمُورُ ثَلَاثَةٌ أَمْرٌ بَيِّنٌ رُشْدُهُ فَيُتَّبَعُ وَ أَمْرٌ بَيِّنٌ غَيُّهُ فَيُجْتَنَبُ وَ أَمْرٌ مُشْكِلٌ يُرَدُّ عِلْمُهُ إِلَى اللَّهِ وَ إِلَى رَسُولِهِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وآله حَلَالٌ بَيِّنٌ وَ حَرَامٌ بَيِّنٌ وَ شُبُهَاتٌ بَيْنَ ذَلِكَ فَمَنْ تَرَكَ الشُّبُهَاتِ نَجَا مِنَ الْمُحَرَّمَاتِ وَ مَنْ أَخَذَ بِالشُّبُهَاتِ ارْتَكَبَ الْمُحَرَّمَاتِ وَ هَلَكَ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُ قُلْتُ فَإِنْ كَانَ الْخَبَرَانِ عَنْكُمَا مَشْهُورَيْنِ قَدْ رَوَاهُمَا الثِّقَاتُ عَنْكُمْ قَالَ يُنْظَرُ فَمَا وَافَقَ حُكْمُهُ حُكْمَ الْكِتَابِ وَ السُّنَّةِ وَ خَالَفَ الْعَامَّةَ فَيُؤْخَذُ بِهِ وَ يُتْرَكُ مَا خَالَفَ حُكْمُهُ حُكْمَ الْكِتَابِ وَ السُّنَّةِ وَ وَافَقَ الْعَامَّةَ قُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ أَ رَأَيْتَ إِنْ كَانَ الْفَقِيهَانِ عَرَفَا حُكْمَهُ مِنَ الْكِتَابِ وَ السُّنَّةِ وَ وَجَدْنَا أَحَدَ الْخَبَرَيْنِ مُوَافِقاً لِلْعَامَّةِ وَ الْآخَرَ مُخَالِفاً لَهُمْ بِأَيِّ الْخَبَرَيْنِ يُؤْخَذُ قَالَ مَا خَالَفَ الْعَامَّةَ فَفِيهِ الرَّشَادُ فَقُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ فَإِنْ وَافَقَهُمَا الْخَبَرَانِ جَمِيعاً قَالَ يُنْظَرُ إِلَى مَا هُمْ إِلَيْهِ أَمْيَلُ حُكَّامُهُمْ وَ قُضَاتُهُمْ فَيُتْرَكُ وَ يُؤْخَذُ بِالْآخَرِ قُلْتُ فَإِنْ وَافَقَ حُكَّامُهُمُ الْخَبَرَيْنِ جَمِيعاً قَالَ إِذَا كَانَ ذَلِكَ فَأَرْجِهْ حَتَّى تَلْقَى إِمَامَكَ فَإِنَّ الْوُقُوفَ عِنْدَ الشُّبُهَاتِ خَيْرٌ مِنَ الِاقْتِحَامِ فِي الْهَلَكَات)، ولو تساوا الخبران من كلتا الجهتين أو كل الجهات فايضا هناك ضوابط مرجعية كالتساقط عقلا على رأي وروايات التخيير (إن فتخير او التوقف كما سبق)، فالأمر في علم الأصول منضبط كضوابط وكمرجع لاختلاف الضوابط، أما في الأحلام فالضوابط غير منضبطة اولا ولا توجد مرجعية عند تضارب الضوابط ثانياً، فمثلاً الكفر فسّروه بالستر فنقول حسنا: ان من ضوابطكم علم اللغة وان يُرجع للمفردة ومعناها وجذرها وضدها اللغوي كما ان من الضوابط القران الكريم لكن هذه الضوابط متخالفة في مختلف الرؤى فمثلاً لو لاحظنا معنى الكفر اللغوي فهو الستر والستر معنى حيادي بمعنى انه يمكن قد يكون ايجابيا كما لو ستر ما ينبغي ان يستر كستر العرض وقد يكون سلبيا كما لو ستر الحق، اذن الجذر اللغوي بالمعنى اللغوي للكفر حيادي يحتمل الطرفين، لكن المعنى المصطلح للكفر معناه سلبي إذ انه يعني إنكار المبدأ أو المعاد أو ما بينهما، فهل نرجع إلى المعنى اللغوي او إلى المعنى الاصطلاحي في تفسير هذه الرؤيا؟ ثم هل نرجع إلى المعنى اللغوي ام نرجع إلى الآيات الشريفة؟ فان الآيات الشريفة أحيانا تفسر بهذا المعنى وأحيانا تفسر بذاك المعنى – على فرض صحة التفسير بها -، مثلا قال بعض المعبرين: ان الكفر معناه سلبي ان رجعنا للقران الكريم اذ يقول تعالى (قُتِلَ الإِنْسَانُ مَا أَكْفَرَهُ) فنقول حسنا، لكن توجد اية اخرى في المقابل تقول (كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ) والكفار تعني الزرّاع فلِمَ فسرت هذه الكلمة بهذا المعنى لا ذاك المعنى؟ ثم نأتي إلى جذر الكلمة اللغوي فان الكفر يتركب من الكاف والفاء والكف معناه ايجابي إذ يفيد كف الاذى على حسب اصولهم – نقلناها سابقاً - فلو فسرنا الكفر بمرجعية لغوية لوجدنا ان المرجعية اللغوية مختلفة، ولو فسرناها بمرجعية قرأنية لوجدنا الايات المدعى تفسيرها بها مختلفة، ولو لاحظنا المجموع لوجدنا الاختلاف.
وختاماً فان مناقشة مثل هذه الاصول – كأصول الكشف والشهود - هو مما يحز في نفس الانسان: ان نصل لمستوى مناقشة اصول هي اوهى واوهن من بيت العنكبوت، لكن المشكلة هي ان هذه البحوث حيث لم تطرح ولم تبحث بشكل واف لذا نرى الكثير من الناس يبني عليها، من المتدينين وغيرهم، وربما تجد بعض الطلاب يتحير في طريقة الجواب عن مثل ذلك، فكان لابد من بحث ذلك قطعا لدابر أمثال تلك التوهمات، وللحديث صلة. وصلى الله على محمد واله الطيبين الطاهرين
[1] - أو سائر الوجوه التي سيأتي انها مرفوضة لوجوه عديدة.
[2]- ونؤكد ان كلامنا ليس في رؤى الانبياء والتي سيأتي الكلام فيها وان الرؤى المذكورة في القران والروايات كلها رؤى للانبياء او هي تفسيرات من الانبياء، وهذه حجة بلا شك، مثل رؤيا النبي صلى الله عليه واله وسلم (وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ) أو الرؤيا التي فسرها النبي كرؤيا فرعون مصر التي فسرها النبي يوسف عليه السلام، وكلامنا هنا في رؤانا التي يريد تفسيرها غير المعصوم وهو غير محيط بالضوابط، فان المشابهة لا تكفي لأن وجوه المشابهة متعددة بل انه نوع من القياس، ويتضح ذلك بملاحظة الامثلة المتقدمة، والحاصل: ان علم الاحلام كعلم النجوم لها ضوابط موجودة عندهم عليهم السلام وهذه الضوابط ليس بايدينا باجمعها فلا نعرف الصحيح منها من السقيم فقد اختلطت الحجة باللا حجة، وسيأتي بحث الروايات ويتضح ذلك اكثر وان ما فسره المعصوم عليه السلام واحرزت كل ملاكاته ومزاحماته ووجوهه فيمكن الاخذ به، لكن لم فسر رؤيا هذا بهذا؟ لعله لخصوصية فيه مما لا نعلمه.
[3]- وكلامنا هنا في مصداق الرؤى وليس لدينا مصداق فيه اجماع, والامثلة التي اجمع اهل الخبرة بنحو القضية الحقيقية في تفسير معناها بأمر واحد فقط قليل جدا فمن بين المئات من المفردات والرؤى، أي التي اقتصروا فيها على معنى واحد بنحو القضية الحقيقة، انما المشكلة في القضية الخارجية وهو في تفسير رؤيا هذا وذاك وهنا الخلاف قائم حتى فيما اتفق عليه. والمعبرون ببابك
[4]- وهو ايضا اشكال سيال
[5] - لو أفاد خبر الثقة القطع.
الاثنين 16 رجب 1434هـ
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |