296- الجواب 4: لادليل على كون كلامه مرادا ً بالارادة الجدية الجواب 5: الاحلام متشابهات ، ولامرجعية الجواب6: الرواية لاتوافق كتاب الله بل تخالفه الجواب 7: لايمكن لفقيه او مؤمن الالتزام بمضمونها
الأربعاء 9 شعبان 1434هـ




بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين سيما خليفة الله في الأرضين، واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
4- لا دليل على كون كلامه (صلى الله عليه وآله وسلم) مراداً بالإرادة الجدية
الجواب الرابع:
سلمنا ان المرئي هو هو (صلى الله عليه وآله) وان كلامه كلامه، ولكن نقول: انه لا دليل على كون مداليل كلماته، هي مراداته بالإرادة الجدية، بل لعلها مرادات بالإرادة الاستعمالية فحسب، وذلك لحكمه لا نعلمها.
وعليه: فقد يكون المراد هو ذو القيد، وقد أطلق في ظاهر اللفظ، أو الخاص وقد عمم، أو المجاز، أو المعنى الكنائي، أو المنسوخ، لحكمةٍ ما، أو غير ذلك.
ولا يوجد دليل على ان الضوابط العقلائية التي أمضاها الشرع، من أصالة الحقيقة والعموم وشبهها، الحاكمة في ظواهر الألفاظ في عالم اليقظة، هي ضوابط عقلائية ممضاة شرعاً في عالم المنام أيضاً[1]
5- الأحلام متشابهات، ولا مرجعية
الجواب الخامس:
بل نقول: ان بناء الأحلام على (المتشابهات)، وإذا كانت المتشابهات مما لا يمكن الاحتجاج بها في أعلى الحجج وهو القرآن الكريم[2] فما بالك بها في أضعف الحجج، وهو المنامات على فرض كونها حجة؟
قال تعالى (مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُوا الأَلْبَابِ)
بل نقول: ان الفارق بين الكتاب والأحلام هو ان متشابهات الكتاب محدودة محصورة معينة، اما متشابهات الأحلام فغير محدودة ولا معينة، ثم ان متشابهات الكتاب لها مرجعية محددة واضحة هي محكماته وروايات أهل البيت عليهم السلام، اما متشابهات الأحلام فلا مرجعية لها[3].
وفارق هذا الجواب عن سابقه ان غاية الأول عدم الثبوت – وإن كان مآله إلى عدم الحجية – ومفاد الثاني ثبوت العدم.
6- الرواية لا توافق كتاب الله بل تخالفه
الجواب السادس:
ان هذا الحديث إن أريد به حجية ولزوم إتباع كل ما قاله المعصوم في المنام، مشمول لما رواه في الكافي عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن النوفلي عن السكوني عن أبي عبد الله عليه السلام انه قال: قال رسول الله: ان على كل حق حقيقة وعلى كل صواب نوراً فما وافق كتاب الله فخذوه وما خالف كتاب الله فدعوه)[4]
ولزوم إتباع ما قاله المعصوم في المنام، مما لا نجد له أصلاً في القرآن الكريم فلا إحراز لكونه موافقاً لكتاب الله أولاً.
وثانياً: بل هو مخالف للكتاب؛ لظهور حصره الطرق إلى الأصول والفروع والشريعة والعقيدة بأمثال (أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ) و(أَفَلا تَعْقِلُونَ) أو (أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي أَنفُسِهِمْ مَا خَلَقَ اللَّهُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلاَّ بِالْحَقِّ وَأَجَلٍ مُسَمًّى وَإِنَّ كَثِيراً مِنْ النَّاسِ بِلِقَاءِ رَبِّهِمْ لَكَافِرُونَ) و(الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ)
(فَاقْصُصْ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ)
(فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) (أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ) ( وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ) وأيضاً: ( لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ)
ولا نجد في آية واحدة إرجاعاً إلى المنامات في الشؤون الاعتقادية أو الشرعية[5].
7- لا يمكن لفقيه أو مؤمن الالتزام بمضمون الرواية فيما...
الجواب السابع: ان هذا الحديث لو أريد به حجية ولزوم إتباع قول ما يعتقده النائم انه المعصوم في منامه، مما لا يمكن لفقيه الالتزام به أبداً فيما لو خالف حكماً شرعياً أو مسألة كلامية أو أسّس لأصل أو لحكم جديد لم يرد في الآيات والروايات.
أرأيت انه يمكن القول بجواز شرب الخمر أو الزنا أو بحرمة صلاة الصبح، لو فرض انه رأى في المنام من اعتقد انه الرسول فأمره بالأولين ونهاه عن الأخير؟
أو ترى انه يمكن الالتزام بصحة مثل ما لو رأى في المنام ان الرسول يخبره – فرضاً – بان الله ظالم أو جسم أو انه لا معادَ أو شبه ذلك؟
وقد جاء في الرواية[6] كما في مجالس الصدوق عن الحسين بن إبراهيم بن ناتانه[7] عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن إبراهيم الكرخي[8] قال قلت للصادق جعفر بن محمد عليهما السلام (ان رجلاً رأى ربه عز وجل في منامه فما يكون ذلك؟ قال "ذلك رجل لا دين له ان الله تبارك وتعالى لا يرى في اليقظة ولا في المنام ولا في الدنيا ولا في الآخرة)[9]
وعلى ضوء هذه الرواية نقول لمن قال انه رأى الرسول أو الإمام في المنام وهو يأمره بمعصية، كالظلم والسرقة والغصب والغيبة والتهمة، أو ينهاه عن طاعة كالعدل والإحسان والبر والصدقة والصلاة والتعاون على البر والتقوى وما إلى ذلك، أو لمن قال أنه رأى الرسول في المنام وهو يقول له أن علياً ليس هو الخليفة الأول، أو أن التبري ليس من فروع الدين، نقول له – كما قال الإمام في الرواية -: هذا رجل لا دين له! ان الرسول لا يأمر بالمحرم ولا يخالف الشرع في اليقظة ولا في المنام، ولا في الدنيا ولا في الآخرة.
وكذا نقول لمن أدعى ان الإمامة أو الوصاية والخلافة والنيابة الخاصة تثبت بالمنام وأنه رأى في المنام الرسول (صلى الله عليه وآله) أو الإمام المنتظر عجل الله فرجه الشريف ينص على كون فلان نائباً خاصاً له، نقول: (هذا رجلٌ لا دينَ له)، إذ (لله الحجة البالغة) وقال الإمام (والله لأمرنا أبين من هذه الشمس)[10] و(على مثل هذه فاشهد أو دع)[11] وليس المنام حجة الله البالغة أبداً وليس أبين من الشمس أبداً[12].
وصلى الله على محمد واله الطيبين الطاهرين
[1]- توضيحه مع إضافة: انه 1- لا يعلم أولاً كونها ضوابط اعتبرها العقلاء لعالم الأحلام أيضاً، بل ذلك معلوم العدم. 2- ثم انه لا يعلم ثانياً على فرض كونها كذلك ان الشارع قد أمضاها؛ إذ ليست على فرضها طريقة عقلائية مستقرة واضحة مبتلى بها كي يكون سكوت الشارع عنها امضاءاً، هذا إن قلنا بكفاية السكوت وعدم الحاجة إلى دليل إيجابي على الإمضاء وعدم كفاية السكوت.
[2]- إذ هل يصح الاحتجاج بـ(يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ) على جسمانيته تعالى؟
[3] - إذ لا محكمات لها تفسر متشابهاتها كما لا توجد روايات معتبرة سنداً ودلالة تصلح لتفسير حتى واحد بالألف من الأحلام المتشابهة.
[4]- قال رفيع الدين محمد بن حيدر النائيني – وهو من تلامذة الشيخ البهائي ومن أساتذة العلامة المجلسي والحر العاملي - في الحاشية على أصول الكافي ص 231 (فما وافق كتاب الله) أي ينتهي في البيان والاستدلال إليه أو إلى ما يوافقه (فخذوه) (وما خالف كتاب الله) أي ينتهي بيانه إلى ما يخالف كتاب الله ولا ينتهي إليه ولا إلى ما يوافقه (فدعوه).
[5] - ولو وجد فرضاً فهو منام نبي أو تفسير نبي لا غير.
[6]- البحار ج58 ص168.
[7]- وهو من مشايخ الصدوق، وقد ترضى عليه ولقبه (تاتانه أو ناتانه).
[8]- إبراهيم بن زياد الكرخي يروي عنه من أصحاب الإجماع: الحسن بن محبوب وابن أبي عمير وصفوان، وقد روى عنه المشايخ الثلاثة في الكتب الأربعة.
[9] - وإذا كان لا يمكن أن يتمثل الشيطان في صورة النبي والإمام فكيف يمكن أن يتمثل في صورة الله تعالى؟
[10] - وتمام الرواية كما في اكمال الدين (أَبِي وَ ابْنُ الْوَلِيدِ مَعاً عَنْ سَعْدٍ وَ الْحِمْيَرِيِّ وَ أَحْمَدَ بْنِ إِدْرِيسَ جَمِيعاً عَنِ ابْنِ عِيسَى وَ ابْنِ أَبِي الْخَطَّابِ وَ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ وَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرٍ عَنِ ابْنِ أَبِي نَجْرَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسَاوِرٍ عَنِ الْمُفَضَّلِ بْنِ عُمَرَ الْجُعْفِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ سَمِعْتُهُ يَقُولُ إِيَّاكُمْ وَ التَّنْوِيهَ أَمَا وَ اللَّهِ لَيَغِيبَنَّ إِمَامُكُمْ سِنِيناً مِنْ دَهْرِكُمْ وَ لَيُمَحَّصُ حَتَّى يُقَالَ مَاتَ أَوْ هَلَكَ بِأَيِّ وَادٍ سَلَكَ وَ لَتَدْمَعَنَّ عَلَيْهِ عُيُونُ الْمُؤْمِنِينَ وَ لَتُكْفَؤُنَّ كَمَا تُكْفَأُ السُّفُنُ فِي أَمْوَاجِ الْبَحْرِ فَلَا يَنْجُو إِلَّا مَنْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَهُ وَ كَتَبَ فِي قَلْبِهِ الْإِيمَانَ وَ أَيَّدَهُ بِرُوحٍ مِنْهُ وَ لَتُرْفَعَنَّ اثْنَتَا عَشْرَةَ رَايَةً مُشْتَبِهَةً لَا يُدْرَى أَيٌّ مِنْ أَيٍّ قَالَ فَبَكَيْتُ فَقَالَ لِي مَا يُبْكِيكَ يَا بَا عَبْدِ اللَّهِ فَقُلْتُ وَ كَيْفَ لَا أَبْكِي وَ أَنْتَ تَقُولُ تُرْفَعُ اثْنَتَا عَشْرَةَ رَايَةً مُشْتَبِهَةً لَا يُدْرَى أَيٌّ مِنْ أَيٍّ فَكَيْفَ نَصْنَعُ قَالَ فَنَظَرَ إِلَى شَمْسٍ دَاخِلَةٍ فِي الصُّفَّةِ فَقَالَ يَا بَا عَبْدِ اللَّهِ تَرَى هَذِهِ الشَّمْسَ قُلْتُ نَعَمْ قَالَ وَ اللَّهِ لَأَمْرُنَا أَبْيَنُ مِنْ هَذِهِ الشَّمْسِ) بحار الأنوار ج52 ص281.
[11] - بإطلاقها أو ملاكها.
[12] - بل ليس حتى بمثابة النجم بل ولا بمثابة الشمعة، وإلا لما انكره كافة العقلاء وكافة العلماء الأخيار الأبرار.
الأربعاء 9 شعبان 1434هـ
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |