359- 9ـ الطوسي : المراد النوافل النهارية التي فاتته وهو في الحضر ــ ودفع اشكال على هذا الوجه 10ــ (الجواهر) : تحمل الروايات النافية على نفي التأكد ــ ومقرب له 11ـ الجواهر : تحمل الروايات المثبتة على ارادة النقل المطلق لاخصوص الرواتب
الاثنين 3 ربيع الآخر 1435هـ





بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين سيما خليفة الله في الأرضين، واللعنة الدائمة الأبدية على أعدائهم أجمعين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
مبادئ الاستنباط
الوجه التاسع: المراد من فاتته النافلة وهو حاضر فسافر
ذكر الشيخ الطوسي وجهاً آخر للجمع بين الروايات وهو (ولو كان فيه([1]) تصريح بالنوافل لم يكن فيه انه مما فاته وهو مسافر أو فاته في حال الحضر، وإذا احتمل ذلك حملناه على من فاتته النوافل وهو حاضر جاز له ان يقضيها وهو مسافر بالليل)
أقول: وتقريب كلام الشيخ الطوسي وتوضيحه وهو: ان قوله ( عليه السلام ) (ليس عليك قضاء صلاة النهار) ونظائره مطلق يشمل السفر والحضر([2]) دون ريب، فاذا حملنا قوله ( عليه السلام ) (اقضوا) وقوله ( عليه السلام ) (نعم ) - أي اقض - على صورة فوات نوافله وهو في الحضر ثم سافر وان له في هذه الصورة ان يقضي بالليل، ارتفع التضاد الظاهري
الإشكال بكونه تبرعياً وجوابه والإشكال على الجواب
ولكن قد يقال: ان هذا وجهُ جمعٍ تبرعيٍ فانه مِن حَمْل المطلق على بعض صوره – ولعلها الأقل – لأجل جمعه مع رواية مخالفة، دون شاهد فهو جمع تبرعي.
ولكن يمكن الجواب عن ذلك: بان الصورة التي حمل الشيخ عليها مطلقات قضاء النوافل، دلت عليها مؤثقة عمار ، عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) انه قال: سئل عن الرجل إذا زالت الشمس وهو في منزله ثم يخرج في سفر؟ قال: يبدأ بالزوال فيصليها ثم يصلي الأولى بتقصير ركعتين لأنه خرج من منزله قبل ان تحضر الأولى، وسئل فإن خرج بعد ما حضرت الأولى([3])؟ قال: يصلي الأولى أربع ركعات([4]) ثم يصلي بعده النوافل ثمان ركعات لأنه خرج من منزله بعد ما حضرت الأولى، فإذا حضرت العصر صلى العصر بتقصير وهي ركعتان لأنه خرج من السفر قبل ان يحضر العصر)([5]) ([6])
ولكن يرد على ذلك انه حتى لو فرض تمامية دلالة موثقة عمار وعدم إجمالها: ان المطلق والمقيد المثبتين لا يقيد احدهما الآخر فعلى فرض تمامية دلالة موثقة عمار فانها متوافقة في الجهة مع إطلاقات قضاء النوافل فلا تقيد بها الإطلاقات ليكون المراد خصوص صورة قضاء الحاضر في وقت الزوال الذي يسافر بعده، لنوافل الظهرين بالليل في السفر.
تصحيح كلام الشيخ بوجه آخر: روايات (لا) و(نعم) مجملة فلا تعارض المبينة
والظاهر ان كلام الشيخ ووجهه يمكن تصحيحه بناء على قبول اجمال روايات (نعم) أي يقضي و(لا) أي لا يقضي و(اقضوا)... الخ، دون ما لو قلنا انها مطلقة إذ لو كانت مطلقة لعارضت مثل رواية الكليني (ليس عليك قضاء صلاة النهار) بالتباين ولا يصح حل التعارض بالتباين بحمل احد المتعارضين على بعض أصنافه ليكون أخص مطلقاً من الآخر فيخصصه!
اما (الإجمال) فتوضيحه: انه لا يعلم مراد السائل من (اقضي صلاة النهار بالليل في السفر)؟ فلعله سؤال شخصي عن حالته بنحو القضية الخارجية وكما يحتمل كون سؤاله عن المسافر وقت الزوال يحتمل كون سؤاله عن الحاضر وقت الزوال ثم سافر، فهو مجمل وإذا كان مجملاً فلا يصلح لمعارضة المبين (وهو رواية الكليني)
واحتمال كون السؤال عن القضية الحقيقية وان كان وارداً إلا انه لا يعدو كونه احتمالاً كاحتمال كونه قضية خارجية ومع وجود الاحتمالين دون مرجح يبقى السؤال مجملاً وأن مراده كلتا الصورتين ومطلق قضاء نوافل النهار بالليل في السفر، سواء أكان حين وقت أداء النافلة حاضراً أو مسافراً، أم احداهما فقط وأيتهما؟ وعلى أية حال فلا يعارض المبيّن.
إشكال آخر وجواب
لا يقال: هذا التوجيه([7]) لا ينسجم مع تعليل الإمام ( عليه السلام ) الفرق بينهما بـ(ان ذلك يطيق وأنت لا تطيق) فانه ( عليه السلام ) لم يعلل بأنك لم تكن حاضراً أول الوقت ولذا قلت (لا) وهو أي معاوية بن عمار – كان حاضراً فقلت (نعم)
إذ يقال ان هذا التوجيه (التاسع) مبني على حل معضلة التخالف بين الحكمين وتعليلهما بـ(يطيق ولا يطيق) في مرتبة أخرى غير الإشكال الجديد بكون كليهما مسألته في حالة واحدة وهي: الحاضر الذي سافر بعد الزوال، فإن أطاق فليقض النوافل بالليل وإلا فلا
والحاصل: ان رواية (ليس عليك قضاء صلاة النهار) خاصة بالنوافل ويراد بها من لم يكن حاضراً أول الوقت، ورواية (لا) و(نعم) خاصة بالنوافل أيضاً ويراد بها الحاضر وقت الزوال فإن أطاق فليقض (نعم) وإلا فـ(لا). فتأمل جيداً
وبذلك كله يظهر فرق هذا الوجه عن الوجه الثامن الذي صححناه حتى على فرض ثبوت إطلاق (نعم) و(اقضوا) لإطلاقها وشمولها للفرائض والنوافل فهي أعم ورواية الكليني (ليس عليك قضاء صلاة النهار بالليل) أخص لاختصاصها بالنوافل فتخصص بها. فتدبر جيداً
الوجه العاشر: نفي تأكد الاستحباب
وهو ما ذكره صاحب الجواهر
توضيحه: ان (ليس عليك قضاء صلاة النهار) يراد به نفي تأكد استحبابها وكذا (لا تقضها) و(لا)، واما قوله (اقضوا) و(نعم) فيراد به: لانها مستحبة.
الإشكال بانه جمع تبرعي وجوابه
لا يقال: انه جمع تبرعي؟
إذ يقال: يؤيده وجهان:
الأول: العرف فانهم في موارد توهم الاستحباب المؤكد لعمل – كصلاة الجمعة مثلاً – قد يقولون لاحدهم إذا وجدوه مشغولاً بعمل مهم (ليس عليك أن تذهب) مريدين به نفي تأكد الاستحباب لا نفي أصله ويقولون للآخر ممن لم ينشغل (اذهب) وذلك لانه مستحب، ولا تنافي بين الأمرين.
لكن هذا الوجه وإن صح كبروياً إلا ان انطباقه على المقام يحتاج إلى شاهد – وهو الوجه الثاني.
الثاني: شهادة (عليك) بذلك – أي بنفي تأكد الاستحباب. توضيحه ان (ليس عليك) تستعمل في نفي الوجوب فانه معناها الحقيقي لكنه حيث تعذر في المقام – إذ قضاء النوافل غايته انها مستحبة فلا توهم للوجوب ليقال (ليس عليك) – كان أقرب المجازات هو المراد وهو (تأكد الاستحباب واشديته) فيكون هذا نفياً للآكدية واما المثبتات (أقضوا ونعم) فتبقى على ظاهرها الثانوي([8]) من إفادة الاستحباب
الوجه الحادي عشر: انها نوافل مطلقة لا رواتب
ما ذكره صاحب الجواهر (او بان المراد – بعد حمل خبرين سدير([9]) على الانكار – انه لو صلوها بنية القضاء كانت نفلاً مطلقاً إذا لم يكن القضاء مشروعاً فلعل الإمام لم ينههم عن ذلك لذلك). وسيأتي توضيحه والنقاش فيه بإذن الله تعالى
وصلى الله على محمد وآله الطاهرين
([1]) أي في الخبر.
([2]) أي من تركها وهو حاضر فسافر، أو وهو مسافر.
([3]) أي حضر وقتها.
([4]) الظاهر ان المراد أي في منزله.
([5]) الوسائل: ج3 ص62 الباب – 23 – من أبواب اعداد الفرائض ونوافلها ح1.
([6]) الفقه ج28 ص241 وراجع فيه الجواب عن إجمال متن الرواية.
([7]) احتمال إرادته صورة الحاضر الذي أدركه الزوال ثم سافر
([8]) إذ الظهور الأولي للأمر هو الوجوب اما الثانوي فهو الندب لقرينة المقام إذ يعلم انها ليست بواجبة بالضرورة بل يدور أمرها بين الاستحباب وعدمه.
([9]) الخبر هو: (كان أبي يقضي في السفر نوافل النهار بالليل ولا يتم صلاة فريضة)؟ فحمله صاحب الجواهر على انه استفهام انكاري وليس إخباراً أي هل يعقل ان يقضي نوافل النهار بالليل والحال ان الفريضة هي قصر؟ش
الاثنين 3 ربيع الآخر 1435هـ
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |