367- 4ــ المراد : المضيقات فالموسعات حسب ( تعدد المطلوب ) 5ــ المراد : المنوطية بولاية التربية والتزكية امثلة : غسل الجمعة،زيارة الامام الحسين ( عليه السلام) رواية محمد بن سنان عن الامام الصادق ( عليه السلام )
الأحد 16 ربيع الآخر 1435هـ





بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين سيما خليفة الله في الأرضين، واللعنة الدائمة الأبدية على أعدائهم أجمعين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
مبادئ الاستنباط
منتخب من روايات المعاريض
فقه حديث (ان من الأشياء أشياء ضيّقة...)
د- تعدد المطلوب في المضيقات فالموسعات
الوجه الرابع: ان المقصود هو (المضيقات فالموسعات) بنحو تعدد المطلوب. توضيحه: ان بعض الأحكام التكليفية أو الوضعية مضيقة لا بديلَ طولي لها لدى فقدِ بعض أركانها أو شرائطها، فتسقط حينئذٍ بالمرة.
وذلك عكس بعض الأحكام الأخرى فانها وإن كانت مضيقة لا بديل عرضي لها إلا ان لها بديلاً طولياً عند فقد بعض ما له المدخلية في مطلوبيتها وذلك إذا كانت بنحو تعدد المطلوب.
فمن الأول: اشتراط الشاهدين العادلين في الطلاق فانه لو فقدت العدالة أو كان شاهد واحد فلا طلاق حتى لو فرض العسر والحرج([1])، وكذلك اشتراط ان يكون الطلاق في غير طهر المواقعة واشتراط ان لا يكون مكرَهاً.
وذلك على العكس من (اللفظ) في الطلاق فانه وإن كان مضيقاً إلا ان له بديلاً طولياً بنحو تعدد المطلوب على فرض عدم قدرته على النطق، فان الأخرس تكفيه الإشارة لإيقاعه.
مثال فقهي هام: هل فاقد الطهورين تسقط صلاته؟
ولنمثل بمثال هام مختلف فيه وانه من قبيل تعدد المطلوب فهو (مضيق فموسع) أولا فهو مضيق له حد واحد ولا يجري إلا على وجه واحد:
فقد ذهب المشهور شهرة عظيمة إلى ان فاقد الطهورين تسقط عنه الصلاة إذ لا صلاة إلا بطهور، وعليه فالصلاة بالنسبة للطهورين ضيّقة ولا بديل طولي لها.
فيما ارتأى السيد الوالد ونادر من الفقهاء([2])، عدم سقوطها مستدلاً بـ(لا تسقط الصلاة بحال) فالصلاة عنده مضيّقة فموسعة أي تنتقل إلى بديل طولي.
النسبة بين دليلي (لا صلاة إلا بطهور) و(لا تترك الصلاة بحال)
لكن ما هي النسبة بين الدليلين (لا صلاة إلا بطهور) و(لا تترك الصلاة بحال)؟
الجواب: يمكن ان يستدل بان (لا صلاة إلا بطهور) واردة على (لا تترك الصلاة بحال) وذلك لأن الأصل في (لا) انها نافية للجنس فتفيد الرواية الأولى نفي ماهية الصلاة عند فقد الطهورين وانه لا يمكن تحققها أبداً فلا يبقى موضوع لـ(لا تترك الصلاة بحال) إذ تنقِّح رواية (لا صلاة إلا بطهور) موضوع (لا تترك الصلاة بحال)
وبعبارة أخرى: تفيد رواية (لا صلاة...) ان الصلاة هي سالبة بانتفاء الموضوع مع فقد الطهورين، ومع عدم إمكان وجود الموضوع لا يتحقق موضوع (لا تترك الصلاة...) – وهو الصلاة – ليشمله (لا تترك).
وبعبارة أخرى: لا بد من فرض إمكان الصلاة ليقال (لا تتركها) ومع ورود (لا صلاة إلا بطهور) يعلم ان الطهور داخل في قوام الصلاة وانه ركن لها أو فصل وانها تنتفي بانتفائه فلا يعقل إيجادها فكيف يمكن تكليف المكلف بالإتيان بها؟ خاصة بلحاظ ان الصلاة حقيقة مخترعة شارعية؟
ولمثل السيد الوالد ان يجيب بان (لا صلاة إلا بطهور) محمولة على صورة القدرة والإمكان([3]) فهي – من وجهٍ – كـ(لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب) فلو كان الطهور معسوراً أو غير مقدور فانه لا يسقط الميسور بالمعسور. والحاصل: حمل (لا) النافية للجنس على صورة إمكان الطهور
لكن قد يشكل عليه بانه خلاف الظاهر لا يصار إليه إلا بدليل؟
وقد ذكر السيد الوالد بعض الأدلة على ذلك فراجع موسوعة الفقه
وليس الغرض الآن تبني أحد الرأيين، بل الإشارة فقط إلى ان الصلاة مضيقة بدون توسعة طولية أبداً، بالنسبة لفاقد الطهورين، على المشهور وان دليلهم هو ذاك، وانها موسعّة طولياً حسب رأي الأقل من الفقهاء بدليل آخر. فتدبر
ولا يخفى ان هذا الوجه – الرابع – لا يتنافى مع الوجه الثاني بل يكمِّله ويتمِّمه.
هـ - ولاية التربية والتزكية
الوجه الخامس: ان الموسعات موسعات في دائرة ولاية التربية والتزكية ونظائرها مما سيأتي، وبها تفسر جملة كبيرة من الروايات الواردة في مسائل شتى
توضيح ذلك:
من مناصب الرسل والأوصياء: ولاية التربية
ان من مقامات الإمام ( عليه السلام ) مقام ولاية تربية الأمة وتزكيتها، كما دلت عليه الروايات وسيأتي بعضها.
هل للمعلم ولاية التربية؟
وللتقريب للذهن نمثل بالمعلم، فانه يفرض على طلابه ويلزمهم بالدرس وبالامتحان وبالنظام الخاص، وسيرة العقلاء وبناؤهم على ان له حق عقوبتهم – بقدرٍ – إذا خالفوا، وما ذلك إلا لأنهم يرون له ولاية التعليم وانه لو لم تكن له هذه الولاية لأدى الأمر إلى الفوضى وتخلف الطلاب فالأمة والبلاد. ولئن نوقش في ذلك فان النقاش هو في مدى دلالة الأدلة الشرعية على ولايته بالاستقلال أو بلحاظ تفويض الأب له أو بلحاظ تفويض المجتمع أو المؤمنين أو الدولة أو الفقيه له – على فرض قبول احدها – أو بلحاظ دخول الطالب في عقد اجتماعي مشروط عند دخوله المدرسة – على فرض تمامية أركان هذا العقد وقبول مشروعيته. أقول: لئن نوقش في المعلم فانه لا نقاش في ان هذه الولاية ثابتة للرسل والأوصياء وبالأدلة الكثيرة الآتي بعضها.
هل للفقيه ولاية التربية؟
نعم يبقى الكلام في ان هذه الولاية (أي ولاية التربية والتزكية) هل هي للفقيه أيضاً؟ ان ذلك يعتمد على تنقيح أدلة تفويض أمر التربية أو ولاية التربية حتى مع قطع النظر عن ثبوت أدلة ولاية الفقيه إذ قد يقال – كما هو المشهور – بعدم تماميتها لكن يمكن([4]) لمن ينفي ولاية الفقيه استناداً لعدم تمامية أدلته، ان يثبت ولايته التربوية فقط استناداً لسلسلة أخرى من الأدلة خاصة ببعد التربية والتزكية، إن تمّت.
تطبيقات فقهية محتملة لولاية التربية
ولنشر الآن إلى أمثلة فقهية من الروايات فيما يرتبط بالمعصومين (عليهم السلام) وإلى أمثلة أخرى مما ترتبط بالفقيه:
فمن الأول: 1- انه يمكن([5]) تفسير الروايات التي ظاهرها وجوب غسل الجمعة، والتي أفتى بها النادر من الفقهاء([6])، بذلك أي بان وجوبها كان من باب ولاية تربية الأمة، وعليه فهي ليست حكماً أولياً بل هي حكم ثانوي خاص بزمنه، وهذا التفسير هو غير التفسير الآخر الذي حملها على تأكد الاستحباب، كما لا يخفى فتدبر
2- كما يمكن تفسير عدد من الروايات الدالة على وجوب زيارة الإمام الحسين عليه السلام، بذلك أيضاً وانها كانت من باب ولاية التربية في تلك الأزمنة.
وعليه: فلو قلنا بامتداد هذه الولاية للفقيه فان له ان يفرض زيارة الإمام الحسين ( عليه السلام ) أو الرسول الأكرم([7]) (صلى الله عليه وآله وسلم)لو رأى توقف التربية والتزكية على ذلك
ومن الثاني: ان للفقيه – فيما لو قلنا بامتداد ولاية التربية له – ان يحرِّم الاختلاط في الجامعة والمدارس مثلاً، وان لم يكن بعنوانه الأولي ما لم يخالطه محرم ولم يؤدّ إلى محرم محرماً؛، وذلك إذا رأى توقف التربية عليه.
ولنختم بذكر احدى الروايات التي تفيد تفويض ولاية التربية – في ضمن تفويض أربع أمور – إلى الرسول الأعظم والأئمة الأطهار صلوات الله عليهم هو (عن محمد بن سنان قال كنت عند أبي جعفر صلوات الله عليه فذكرت اختلاف الشيعة فقال ان الله لم يزل فرداً متفرداً بالوحدانية ثم خلق محمداً (صلى الله عليه وآله وسلم)وعليا وفاطمة عليهم السلام فمكثوا ألف دهر ثم خلق الأشياء وأشهدهم خلقها وأجرى عليها طاعتهم وجاء فيهم ما شاء وفوض أمر الأشياء إليهم في الحكم والتصرف والإرشاد والأمر والنهي في الخلق لأنهم الولاة فلهم الأمر والهداية فهم أبوابه ونوّابه يحللّون ما شاؤا ويحرّمون ما شاؤا ولا يفعلون إلا ما شاء عباد مكرمون لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون فهذه الديانة التي من تقدمها غرق في بحر الإفراط ومن نقصهم عن هذه المراتب التي رتبهم فيها زهق في بحر التفريط ولم توف آل محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)حقهم فيما يجب على المؤمن من معرفتهم ثم قال خذها يا محمد فانها من مخزون العلم ومكنونه) وللحديث صلة بإذن الله تعالى
وصلى الله على محمد وآله الطاهرين
([1]) فهو مضيق من هذه الجهة، نعم لها ان ترفع أمرها للحاكم الشرعي.
([2]) كجد السيد المرتضى، كما تأمل الجواهري في سقوط الأداء في حاشية العروة.
([3]) وأجاب السيد الحكيم في المستمسك بحاكمية (لا تسقط الصلاة بحال) على (لا صلاة إلا بطهور) فراجع وتأمل
([4]) اي كاحتمال.
([5]) يلاحظ التعبير بـ(يمكن) اما الاستظهار والأدلة فمجاله تلك المباحث.
([6]) ولعل الشيخ البهائي منهم.
([7]) كما وردت بذلك روايات عديدة.
الأحد 16 ربيع الآخر 1435هـ
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |