375- اجوبة خمسة عن شبهة كون الاكراد من الجن ـ تحليل جواب الامام ( عليه السلام ) بثلاثة اجوبة مختلفة عن الطلاق ثلاثاً
الاربعاء 26 ربيع الآخر 1435هـ





بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين سيما خليفة الله في الأرضين، واللعنة الدائمة الأبدية على أعدائهم أجمعين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
مبادئ الاستنباط
تتمة قوله( عليه السلام ) (فان الاكراد حي من أحياء الجن)
رابعا: المراد التشبيه بالجن
الوجه الرابع : ماذكره العلامة المجلسي: ( يدل على كراهة معاملة الاكراد،وربما يأول كونهم من الجن بأنهم لسوء أخلاقهم وكثرة حيلهم أشباه الجن فكأنهم منهم كشف عنهم الغطاء )
أقول : ومثاله قولك زيد أسد أي أنه كالأسد[1]، فقوله (الاكراد حي من أحياء الجن) أي هم كحي من أحياء الجن ، ولعل المجلسي يقصد الاكراد في تلك الازمنة، وقد يقصد انهم في كل الازمنة كذلك باعتباره ذلك الطابع العام لهم، وقد سبق أننا نرى القضية الخارجية وإختصاص ذلك بمن اتصف منهم بالانقطاع والانعزال في الجبال فاخشوشنت طباعه... الخ
خامساً: (من) تعني (في) او (عند)
الوجه الخامس: أن يقال :أن قوله( عليه السلام ) (الاكراد حي من احياء الجن )تعني حي في أحياء الجن أو عند أحياء الجن ،فإن (من) لها خمسة عشر معنى منها التبعيض ومنها كونها بمعنى (في)و بمعنى (عند). قال في (المغني) :
( الثامن: ( مرادفة ((في)) نحو : ( أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ)[2] ، ( إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ)[3] ، والظاهر أنها في الاولى لبيانِ الجنس مثلها في (مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ)[4]
التاسع: موافقة ((عند)) ، نحو : (لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا)[5] قاله ابو عبيدة، وقد مضى القول بأنها في ذلك للبدل)[6].
وليس المقصود من ذكر كلامه في تفسير الايات تبتني ذلك التفسير بل القصد ان كون ( في ) و( عند ) معاني لـ( من ) امر مذكور، واما الايات فقد فسرها البعض بذلك وانها مع قطع النظر عن كونها ايات ، يمكن بل قد يرجح تفسيرها بها.
وعلى اي فإن المعنى على هذا انهم حي مجاور لاحياء الجن او في وسط احياء الجن ، وليس ذلك ببعيد لانهم يسكنون الجبال ، ومن مساكن الجن هي اعالي الاماكن ، ثم ان من الواضح ان للجن مساكن وان بعض البيوت مسكونة ومقتضى القاعدة ان لهم محلات ، فيكون وجه كراهة التعامل معهم هو: لانهم مجاورون لهم فلربما تلّبس الجن باحدهم او إصطحبه .
والجامع : انه حيث تعذر المعنى الحقيقي ، فلابد من الحمل على المجاز ، وهو صحيح باي وجهٍ من الوجوه الخمسة الماضية
سادساً : يردّ علمها الى اهلها
الوجه السادس: انه لو خفي علينا وجه كونهم من الجن ، فإنه ينبغي ان يردَّ علم الرواية الى اهلها ، لا ان تطرح، اذ ما دام يحتمل ان لها محملاً ولو بعيداً فلا يصح طرحها لما ورد من الروايات من ان علمهم صعب مستصعب وانه لا يصح طرح كلامهم ( عليهم السلام ) ، وقد جاء في الرواية ((إِنَّ حَدِيثَ آلِ مُحَمَّدٍ صَعْبٌ مُسْتَصْعَبٌ لَا يُؤْمِنُ بِهِ إِلَّا مَلَكٌ مُقَرَّبٌ أَوْ نَبِيٌّ مُرْسَلٌ أَوْ عَبْدٌ امْتَحَنَ اللَّهُ قَلْبَهُ لِلْإِيمَانِ فَمَا وَرَدَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَدِيثِ آلِ مُحَمَّدٍ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فَلَانَتْ لَهُ قُلُوبُكُمْ وَ عَرَفْتُمُوهُ فَاقْبَلُوهُ وَ مَا اشْمَأَزَّتْ مِنْهُ قُلُوبُكُمْ وَ أَنْكَرْتُمُوهُ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَ إِلَى الرَّسُولِ وَ إِلَى الْعَالِمِ مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ وَ إِنَّمَا الْهَالِكُ أَنْ يُحَدَّثَ أَحَدُكُمْ بِشَيْءٍ مِنْهُ لَا يَحْتَمِلُهُ فَيَقُولَ وَ اللَّهِ مَا كَانَ هَذَا وَ اللَّهِ مَا كَانَ هَذَا وَالْإِنْكَارُ هُوَ الْكُفْرُ))[7].
والحاصل: ان الشطر الاول ( كراهة التعامل معهم ) عليه الفتوى ، اما الشطر الثاني فامر علمي طبيعي خارجي لايرتبط بالفتوى فيرد علمه الى اهله لو لم نجد له محملاً
3ـ رواية بينونتها بطلاق الثلاث وضدّيه
ومن الروايات ماذكره في الاستبصار( 9ـــ محمد بن احمد بن يحيى عن ابي اسحاق عن ابن ابي عمير عن ابي ايوب الخزاز عن ابي عبد الله( عليه السلام ) قال : كنت عندْ فجاء رجل فسأله فقال: رجل طلق امرأته ثلاثاً قال : بانت منه ، قال فذهب ثم جاء آخر من اصحابنا فقال : رجل طلق امرأته ثلاثاً فقال : تطليقه ، وجاء آخر فقال: رجل طلق امرأته ثلاثاَ فقال : ليس بشيء ، ثم نظر الي فقال هو ماترى ، قال: قلت كيف هذا ؟ قال: فقال1ـــ هذا يرى ان من طلق امرأته ثلاثاً حرمت عليه، وانا ارى ان من طلق امرأته ثلاثاً على السنة فقد بانت منه 2ــ ورجل طلق امرأته ثلاثاً وهي على طهر فإنما هي واحدة 3ـــ ومن طلق امرأته ثلاثاً على غير طهر فليس بشيء )
بعض فقه هذا الحديث
اقول : قوله( عليه السلام ) ( هذا يرى...) اشارة الى قاعدة الالزام ، وعليه فقد اوضح الامام( عليه السلام ) ان جوابه هو صغرى هذه الكبرى الكليه فتأمل[8]
وقوله ( عليه السلام ) ( وانا ارى ...) اشارة الى المجاز في الحذف اذ حذف ( على السنة ) في الجواب
وقوله( عليه السلام ) (رجل طلق امرأته ثلاثاً وهي على طهر فإنما هي واحدة ) يحتمل فيه احد وجهين :
الاول : ان يقول : (انت طالق انت طالق انت طالق) اوشبه ذلك، ومن الواضح ان الطلاق الاول يقع اما الثاني والثالث فلايقع اذ لا محل له اذ بالطلاق الاول صارت مطلقةً ولايقع الطلاق (الثاني والثالث) على المطلقة
الثاني : ان يقول : انت طالق ثلاثاً، وهنا قولان:
القول الاول: ان يقع طلقة واحدة كما هو رأي جمع من الفقهاء ومنهم الشيخ الطوسي بل قال في ( الجواهر )[9] انه المشهور ، وتدل عليه هذه الرواية وغيرها، ووجهه وقوع الطلاق بقوله ( انت طالق ) ويكون قوله (ثلاثاً) لغواً .
القول الثاني: عدم وقوعه بالمرة وذلك اذا كان ( ثلاثاً ) قيداً لابنحو تعدد المطلوب او مطلقاً . فتأمل
وقوله( عليه السلام ) ( من طلق امرأته ثلاثاً على غير طهر فليس بشيء ) يتضمن ايضاً المجاز في الحذف...
ثم الظاهر ان الامام( عليه السلام ) اعتمد على دلالة الاقتضاء او دلالة التنبيه والايماء في تفسير تخالف كلماته الاولى بدواً . فتدبر جيداً
الاستدلال بهذه الرواية على صحة الجموع التبرعية
ولعل قوله( عليه السلام ) (هو ما ترى) ثم تفسيره( عليه السلام ) كلامه بما يتضمن المجاز في الحذف، مرشد الى صحة الجمع التبرعي في الجملة اذ اوضح ( عليه السلام ) ان الاجوبة المتخالفة هي منهجهم وان الحل اما بارجاع الاجوبة المختلفة الى الكبريات المختلفة ان كانت او تقدير محذوف به يرتفع التخالف ، وذلك هو ما صنعه الشيخ الطوسي في الاستبصار اذ كلما وجد شاهداً على الجمع من الروايات استنجد به والاذكر وجه جمع تبرعي لدفع توهم الاشكال ، فتأمل
وعلى اية حال فإن موضع هذه المسألة هو مبحث تعارض الاخبار ، والشاهد انه عند استعراض الادلة على صحة التبرعي وعدمها فإن هذه الروايات قد تصلح شاهداً على صحة الجمع التبرعي . فتأمل . وللحديث صلة بإذن الله تعالى
وصلى الله على محمد وآله الطاهرين
[1] - وكقولك فلان امريكي مثلاً مع انه عربي قاصداً ان هواه وتفكيره امريكي او بريطاني او ما اشبه
[2] - سورة فاطر:الاية 40
[3] - سورة الجمعة : الاية 9
[4] - سورة البقرة : الاية 106
[5] - سورة آل عمران : الاية 10
[6] - مغني اللبيب ج1 ص279
[7] - الكافي ج1 ص401.
[8] - اذ قد يلاحظ تفريقه ( عليه السلام ) بين (حرمت عليه ) و ( بانت منه ) فتدبر
[9] - الجواهر ج32 ص82
الاربعاء 26 ربيع الآخر 1435هـ
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |