85- تفصيل القول في(الحسين بن احمد المالكي) ووجه الطعن فيه -والقول باهماله -بحث مبنائي حول المهملين ووجوه ثلاثة لتوثيقهم أو جرحهم
السبت 8 جمادي الاول 1433هـ





بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله الطاهرين واللعنة الدائمة على اعدائهم اجمعين ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
كان البحث حول رواية الحسين بن احمد المالكي عن عبد الله بن طاووس عن الامام الرضا عليه السلام ,وذكرنا بعض المباحث والقرائن الكلية التي يمكن الاستناد اليها لتصحيح هذه الرواية , هذا ما مضى . واما الان فالبحث يدور حول هذين الراويين ومدى امكانية توثيقهما فنقول :اما الحسين بن احمد المالكي والذي روى عنه والد الشيخ الصدوق فتوجد عدة بحوث ينبغي ان تطرح حول هذا الراوي .
البحث الاول : هل ان الحسين بن احمد المالكي متحد مع الحسن بن احمد المالكي كما نحتمله نحن 1, فلو كان متحداً معه فان الحسن هو ثقة بلا كلام ,والخطأ نشأ من عدم وجود التنقيط سابقاً,وسيأتي بحث ذلك ان شاء الله تعالى .
البحث الثاني : وفيه على فرض وجود المغايرة ,أي : ان الحسن غير الحسين ,فهل هذه الرواية هي عن الاول او الثاني ؟ إذ قد نقول حتى لو استظهرنا كونهما اخوين – على احتمال – إلا ان هذه الرواية بالذات قد يستظهر انها عن الحسن لا الحسين .
البحث الثالث : لو ثبت ان الحسين شخص اخر غير الحسن المالكي وان هذه الرواية هي عن الحسين – كما في بعض نسخ الوسائل (– وان كان عند الرجوع الى المصدر الاصل – كالعيون – نجد ان المذكور هو الحسن وليس الحسين .) فهل هناك طريق لتوثيقه.؟
البحث الرابع : وفيه اننا لو قلنا انه لا طريق لتوثيق الحسين بن احمد المالكي ولكن هل هناك طريق اخر لتوثيق خصوص هذه الرواية ؟ وان كان الحسين غير موثق . وسنبدأ بالبحث الثالث وهو مدى اعتبار الحسين على تقدير كونه شخصا اخر , فنقول : ان عدد من الرجاليين اعتبروه مهملا, ولكن قبل ذلك نذكر ان البعض قد اشار الى وجه طعن فيه؛ حيث ان هذا الشخص – أي الحسين – روى عن شخص معروف بالغلو وقد ثبتت التهمة عليه وهو احمد بن هلال العبرتائي ,
ومشكلة هذا الشخص هي من عدة جهات : المشكلة الاولى 2 : انه قد ورد فيه عن امامنا العسكري عليه السلام الذم , هذا اولا , واما ثانيا فان الامام صاحب العصر ارواحنا لتراب مقدمه الفداء قد امرنا بالبراءة منه 3 . واما ثالثا ,فان محمد بن الحسن بن الوليد قد استثناه من كتاب نوادر الحكمة 4, واضافة الى كل ذلك فان الشيخ الطوسي ذكر في الفهرست انه كان غاليا متهماً في دينه , وكذا قال في التهذيب 5 : انه مشهور بالغلو وباللعنة , ولذا فان المشكلة فيه ليست هي اتهامه بالغلو فقط, بل هناك ذم شديد في حقه ولعن وبراءة من قبل الائمة المعصومين عليهم السلام , ومن هنا فاننا نجد ان رواية الحسين بن احمد المالكي عنه فيها وجه طعن عليه ؛ لأنه يروي عن شخص مذموم لعنه الامام عليه السلام .
ولكن يمكن الجواب عن ذلك صغرى وكبرى :
توضيح : حيث ذهب بعض الاعلام 6 الى توثيق العبرتائي ؛وذلك بالاستناد الى وجوه عديدة منها: انه وقع في اسناد كامل الزيارات , هذا اولا . واما ثانيا فقد وقع كذلك في اسناد تفسير القمي , اضافة الى ان عدد من كبار الاجلاء7 قد رووا عن العبرتائي ,ولذا فمن يروي عنه فليس بمطعون عليه مادام هؤلاء الكبار قد رووا وفعلوا .ومن ذلك فان صاحب المعجم قد ذهب الى وثاقته مستدلا على ان فساد الدين والمذهب لا ينفي وثاقة اللهجة وصدق اللسان والبيان , هذا هي صغرى المقام .
ولكن نقول بايجاز :بان هذا الكلام غير تام ؛ وذلك لان الامر لو اقتصر على مجرد فساد مذهب الرجل لامكن ان يفكك بين ذلك وبين وثوق لهجته, وبالتالي يمكن ان نقول بصحة الاستناد اليه, لكن المشكلة ان هناك امرا صريحا من الامام عليه السلام بالتبري منه , ومعه فالرواية عنه لا ينسجم وهذا الامر بل تعد مخالفة له عرفاً ؛حيث جاء في توقيع الامام صاحب العصر عليه السلام الى العمري قال عليه السلام فيه : (ونحن نبرأ الى الله تعالى من ابن هلال,لا رحمه الله ,وممن لا يبرأ منه ) ,فهل ينسجم كل هذا مع الرواية عن هكذا شخص ؟ فان الرواية عنه ستكون نوع ادخال له في الدائرة العلمية, وبالتالي (اعتباره) من خلال الاستناد اليه , ونحن نرى وجدانا لو ان هكذا امر صدر الان من مرجع تقليد بحق شخص كيف ان الناس يبتعدون عنه ولا يعتمدون على قوله ولا يستندون اليه.
واما بقية نص الامام عليه السلام :(( فاعلم الاسحاقي واهل بلده ما اعلمناك من حال هذا الفاجر وجميع من كان سألك وسأل عنه ) ,فالامام عليه السلام نجده قد طلب التبليغ عنه لتعريته وفضحه وسلب شرعيته, فكيف مع كل هذا وذاك يمكن ان يقال انه ثقة ويمكن الرواية عنه ؟ ! واما رواية الاجلاء عنه ,فالظاهر انها كانت قبل انحرافه ؛ولذا فالحق هو التفصيل بالرواية عنه بما قبل الانحراف ,وعدمها بما بعد ذلك, نعم لو ثبت – وليس بثابت – ان الاجلاء قد رووا عنه بعد اللعن والبراءة ,فهنا ينبغي ان يتأمل ويقال :من جهة ان عملهم - أي الاجلاء - بالرواية عنه قرينة على انهم قد فهموا من كلام الامام عليه السلام عدم الردع عما لم يكن فيه اخلال بصدق لهجته – وهو شئون العقائد خاصة- , ولكن من جهة اخرى يمكن ان يقال : ان رواية هؤلاء الاجلاء بعد انحرافه – لو ثبتت – فلعلها لان تلك النواهي عن الامام ع عن الرواية عنه لم تكن قد وصلت اليهم ,خاصة في ذلك الوقت وظروف التقية وصعوبة التواصل .
والخلاصة : ينبغي ان يثبت ان رواية هؤلاء الاجلاء عنه كانت بعد اللعن والبراءة والانحراف اولاً, وان ذلك كان بعد بلوغ اللعن اليهم ثانياً , لتتم قرينية فهمهم، ولكن حتى لو ثبت هذان الامران فانه يمكن ان يقال : ان هؤلاء الاجلاء قد اجتهدوا في اطلاق كلام الامام عليه السلام و(ما رأوا) ليس بحجة على المجتهد الاخر واللاحق والذي يمكن ان يكون له رأي اخر في المقام بحسب استظهاره من تلك الروايات. فتامل.
والمتحصل : اننا نقول بالتفصيل بالرواية عنه بين ما قبل وبعد انحرافه إلا اذا كان هناك نص من الامام عليه السلام بخلاف ذلك كما هو الامر في بني فضال فقد ورد فيهم: (( خذوا ما رووا وذروا ما رأوا )) ؛ لانهم- أي بني فضال – مع انحرافهم ,فان العادة تقتضي تجنب الرواة والناس عنهم 8,ولكن الامام عليه السلام خصص ذلك من خلال امره بالأخذ عنهم رواية دون ما رأوا. والحديث حول هذا الرجل فيه كلام طويل نتركه لمحله .
ولكن موطن الشاهد في كلامنا ان الحسين بن احمد المالكي في روايته عن العبرتائي لم يثبت انها بعد كانت نحرافه وبعد صدور اللعنة عليه فلا مطعنة عليه في ذلك . وبتعبير اخر : ان حال راوينا كحال اولئك الاجلاء في روايتهم عن العبرتائي ,ولما كان لا مغمز عليهم في ذلك, فالامر كذلك في راوينا .
وننتقل الى بحث اخر ,وهو ما ذكره عدد من علماء الرجال حول كون الحسين بن احمد المالكي مهملاً , فما الذي نستطيع ان نقوله في المقام لرفع ذلك الاهمال؟
فائدة : هذا البحث حول الاهمال هو بحث تطبيقي ومبنائي حيث ان كثيرا من روايات التاريخ والتفسير وغيرها مبتلاة بمشكلة الاهمال فهل من مخلص وطريقة لاعتبار هكذا روايات ؟ وفي مقام الجواب نقول :ان الاهمال لا يعني التضعيف ,ولذا ليس بصحيح لمن يرى ان هناك اهمالا في سند رواية ما من الروايات ان يذهب الى طرحها مباشرة ويتركها وراءه ظهريا , فان الإهمال هو :عدم العلم لا العلم بالعدم ,وفرق بينه وبين التضعيف والذي هو علم بحال االراوي من حيث الضعف , واما الثمرة المترتبة على هذا التفريع, فانها في موارد عديدة , منها: ان المضعِّف والجارح يعارض المعدِّل و التعديل ,ولكن الاهمال ليس كذلك فلو ان فلانا كان مهملا في كتب الرجال ثم وجدنا بعد ذلك ان العلامة في الخلاصة او البهائي في الوجيزة او شخصا اخر يوثقه فهنا لنا ان نـأخذ بهذا التوثيق من دون معارضة في البين.والخلاصة : ان الاهمال امر والتضعيف امراخر.
والامر الاخر المهم : ان الاستقراء الرجالي هو استقراء ناقص فمثلا من المتقدمين توجد الكتب الخمسة المعروف , واما عند المتأخرين فكتب العلامة في الرجال وكذا ابن داوود والقهبائي والمجلسي والبهائي وما اشبه وكذلك التفريشي وغيره . فعند مراجعة هذه الكتب فغاية ذلك هو الاستقراء الناقص؛ ولذا فهو ليس بحجة بما هو هو ,مع وجود مجالات اخرى للبحث لرفع الاهمال عن شخص ما – وكما سنطبق ذلك ان شاء الله تعالى - , والحاصل: ان التوثيق لا ينحصر باستقراء تلك الكتب وانما لدينا مصادر اخرى للتوثيق , فبالاضافة الى الكتب الرجالية المذكورة وغيرها ,يمكن الرجوع الى الفهارس9,حيث ان المحور فيها هو الكتب ويمكن الاعتماد عليها في ذلك, حيث تتطرق لاحوال رواة تلك الكتب وطرقهم.
واما المصدر الاخر الذي يمكن الرجوع اليه فهي كتب الفوائد , وهي كتب ملحقة ببعض الكتب الاخرى او مستقلة ,وفيها من الفوائد الدرائية والرجالية الشيئ الكبير, وكثيرا ما تنجلي الغمة والضبابية عن الراوي بالاستعانة بها ,كما في خاتمة المستدرك للمحدث النوري حيث لديه بحوث رجالية قيمة هناك ومنتقى الجمان لصاحب المعالم و الرواشح السماوية للميرداماد قدس الله اسرارهم جميعاً.
وهنا اضافة : ان السببب في عدم احاطة كتب الرجال بجميع رجال الحديث هو :ان كثيرا من الكتب الرجالية قد ضاعت وكما ينقل ذلك اغا بزرك حيث يقول : ان ابن طاووس كان في مكتبته اكثر من 100 كتاب رجالي ولم يصل الينا إلا القليل منها , ولكن توجد مصادر اخرى منسية لو حققنا فيها اكثر لانكشف حال كثير من الرواة تضعيف او توثيقا , وللكلام تتمة .وصلى الله على محمد وال محمد الطاهرين...
الهوامش.......................................................................................................................
1) و لم نجد من طرح هذه القضية في كتب الرجال وفي بحث المشتركات سياتي بحث ذلك ان شاء الله تعالى
2) على ما ذكره النجاشي وان لم يصل الينا هذا الذم
3) كما نقله السيخ الطوسي في كتاب الغيبة
4) كتاب نوادر الحكمة لمحمد بن احمد بن يحيى ويتضمن حوالي 670 راوياً على حد احصاء بعض المحققين منهم 646 لم يستثنهم ابن الوليد وبالتالي هم ثقاة واما المستثنون فهم 24 او 26 او 27 لاشتراك بعضهم
5)كتاب الوصية التهذيب /الجزء التاسع
6) معجم رجال الحديث للسيد الخوئي
7) مثل سعد بن عبد الله و محمد بن علي بن ابن محبوب و ابراهيم بن محمد الهمداني والحسن بن علي ومحمد بن يحيى العطار وغيرهم
8)ولذا لو كان هناك انسان مؤمن ولكنه بعد ذلك قد كفر فهل يمكن ان ننقل عنه الرواية مستندين اليه في ذلك في المحافل العلمية وغيرها ؟ ! نعم يمكن ان يكون هناك نقاش علمي حول الرواية ولكن لا على نحو الاستناد ,
9) والفرق بين الفهرس وكتاب الرجال انه في علم الرجال المحور يدور حول الرجل نفسه بينما في الفهارس فالمجور هو الكتاب وبالمناسبة يتحدث عن الرواي كما في مشيخة الصدوق في من لا يحضره الفقيه , وفهرست الشيخ الطوسي ورياض العلماء للمرحوم الافندي ومعالم العلماء لابن شهر اشوب والذريعة لاقا بزرك الطهراني ونظائرها
السبت 8 جمادي الاول 1433هـ
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |